المملكة الزرقاء - نص من العراق يقدمه مسرح أطفال الأقاليم بمحافظة الشرقية

المملكة الزرقاء - نص من العراق يقدمه مسرح أطفال الأقاليم بمحافظة الشرقية

العدد 829 صدر بتاريخ 17يوليو2023

عن نص مسرحي عراقي وبرؤية إخراجية مصرية وهذا يحدث لأول مرة علي حد علمي إستقبل مسرح أطفال الأقاليم في مصر مسرحية من تأليف غير مصري والحقيقة أنها مبادرة جيدة تفتح أبواب جديدة لمسرح الطفل في مصر وتجاوز للإجراءات القديمة التي كانت تحول دون ذلك حيث دائما ما كانت تتحكم في مجريات إنتاج مسرحيات الاطفال إجراءات معينة تتعلق بلجان القراءة والاختيار والمشاهدة وكذلك الإجراءات الإدارية وعمليا طلب من كاتبة النص (د. إيمان الكبيس) وهي كاتبة أطفال وأكاديمية مسرحية عراقية أن تتنازل عن الحقوق المادية مع حقوق الملكية الفكرية لكي يمضي العرض نحو التنفيذ وقد جرت أحداث العرض المسرحي كما هو بادي من عنوانه تحت سطح الماء وهذا أمر هام في عروض الأطفال التي تجنح إلي البساطة  وتبتعد عن التعقيد ، وابطال هذه المسرحية من الكائنات المائية العائشة بالبحار مع وجود مدخل برمائي وحيد هو عروسة البحر التي ترتكز عليها الأحداث حيث هي مهددة من قبل الأسماك المتوحشة والكائنات المائية الشريرة بقيادة الساحرة الشريرة الذي جسدته (نعمت الله رؤوف) والتي في عملها المسرحي أفسدت صغارها بالتدليل حتي أصبحوا كائنات شريرة يريدون الحصول علي ما يشتهون من دون ضابط أو رابط ويتحالف مع عصابة (الأوركة) ثعبان البحر وحوت العنبر وغيرها من الكائنات البحرية العائشة في مملكة البحار ممن تم تصنيفهم علي أساس الشكل أنهم أشرار بينما ارتكزت الكائنة في معالجتها إلي حقائق معينة حول كائنات أخري فجعلتها في الجانب الطيب من العرض لتفرق في مملكتها الزرقاء بين الكائنات الطيبة والأخرى الشريرة كي تصنع صراع درامي سينتهي مهما طال الوقت إلي انتصار الطيبين علي الأشرار ونجاة عروس البحر مما هدد وجودها في المملكة الزرقاء وعودة الإمور إلي وضعها الطبيعي المستقر وقد قدم المخرج ترجمة طبيعية للنص كما هو الحال في عروض الأطفال التي يستحب أن يقل فيها التدخل أو فرد العضلات التي تخل بهذا النوع من التجارب المسرحية وكان أميز شيء في هذا العرض هو مشاركة عدد كبير جداً من الأطفال في أداء جماعي جيد سمح لهذا العدد من الأطفال بالمشاركة بالغناء والتعبير الحركي إلي جانب التمثيل في بعض الأدوار القصيرة وكالعادة في عروض الطفل المصرية تم تحويل النص من العربية الفصحي إلي العامية المصرية كي يتحقق عنصر الجذب وينخرط الأطفال في المشاركة بالمسرحية سواء كممثلين أو كمشاهدين وتمكنت التجربة من اجتذاب عدد كبير من الأطفال منهم (جني أحمد، وجيسي إسلام، وجوليا إسلام، وكارمن هاني ، وأحمد ماهر ونادين إيهاب، وريتال أحمد واصف، وحبيبة أحمد ماهر ومحمد إيهاب ومالك أحمد ومحمد نصر وياسين تامر) فيما شارك الكبار بأدوار هامة تساعد علي دوران عجلة المسرحية وربط الأحداث الدرامية مثل (أشرف خليل) الذي قام بدور السندباد البحري بينما جسدت (مريم إيهاب) دور حورية البحر ببساطة وتلقائية فيما تفوق (إسلام أيمن) في أداءه لدور (بائع الفريسكا) وقام (أحمد وجيه) بدور الأخطبوط الملك وحجازي السيد في دور الدولفين وستا شريف في دور الدولفينة أيضاَ و(نضال محمود) في دور (الورنك) وهو أحد كائنات المملكة الزرقاء ومن ضمن مميزات هذا العرض أيضاً إلقاء الضوء علي صفات وأسماء قطاع كبير من الكائنات البحرية التي حاول (أشرف خليل) في تقديمه للديكور أن يهيء المنظر المناسب لتواجدها وانتشارها في الفضاء المسرحي وكانت الصورة المكونة جيدة مع الإضاءات التي أكدت المكان إلا أن الأسماك والكائنات البحرية التي كانت مثبته ضمن المنظر المسرحي لم تكن تتناسب مع المكان والملابس التي استخدمها الممثلين في أداء نفس الأدوار كأنك عندك سمكة فسفورية ملونة كرتونية جميلة وأخري فقيرة عبارة عن طفل يرتدي موتيف لسمكة كان من الضروري الاستغناء عن أحدهما لصالح الآخر أو الاتفاق علي اتجاه واحد لكي يكون لدينا صفاء في النوع المسرحي وتكون كل العناصر خارجة من فكر واحد لتصب في اتجاه واحد وقد كان ذلك الفقر والافتقار سيد الموقف في كثير من العناصر المسرحية التي مالت إلي السهولة والتبسيط في أغلب مجرياتها فكانت الموسيقي أيضاً معدة وفقيرة يسودها الاستسهال ورغم ذلك هناك مجهود بذل وتجربة جيدة قدمت علي مسرح قصر ثقافة الزقازيق في ظل الظروف شديدة القسوة التي يمر بها مسرح أطفال الأقاليم في مصر والتي حالت دون إنتاج العروض في الوقت المناسب لها وقد استوعبت مسرحية المدينة الزرقاء بمضمونها الموق طاقات بشرية كبيرة من أطفال المدينة ، والتجربة برمتها تحسب لفريق العمل وإدارة المسرح الإقليمي التي حرصت علي البقاء في ظل تلك الظروف المرتجلة التي يجربها المشهد الثقافي والفني الإقليمي خصوصاً في تلك التجربة التي جاوزت الحدود المحلية واتخذت من ذلك النص العراقي الجيد مدخل إلي عالم مسرح أطفال الأقاليم في مصر للعام المسرحي 2023 بقي أن نقول أن هذا العرض الجيد من إخراج «محمد الطاروطي» واحد من أبناء المسرح المدرسي والمسرح اللإقليمي بمحافظة الرقية. 


محمود كحيلة