محمود جراتسي: أخرجنا من «البؤساء» كوميديا توافق الجمهور والنقاد

محمود جراتسي: أخرجنا من «البؤساء» كوميديا توافق الجمهور والنقاد

العدد 811 صدر بتاريخ 13مارس2023


 المخرج المسرحي ومصمم الإضاءة محمود حسن حجاج يوسف الشهير بـ «جراتسي»، تخرج من كلية التربية جامعة عين شمس، وهو أيضًا طالب بمركز الإبداع الفني «الدفعة الثالثة»، حصل على العديد من الجوائز منها أفضل مخرج مركز ثالث وأفضل ديكور مركز ثاني عن مسرحية «البؤساء» في مهرجان جامعة عين شمس، وعن مسرحية «الجنوبي» في مهرجان جامعة القاهرة، حصل على جوائز أفضل عرض وأفضل مخرج وأفضل دراما حركية وأفضل إضاءة وأفضل موسيقى وأفضل ملابس وأفضل ديكور وثالث مكياج، وحصل على جوائز أفضل عرض وأفضل مخرج مركز ثاني وأفضل إضاءة وموسيقى مركز ثالث وجوائز التميز في العرائس وخيال الظل بمهرجان جامعة عين شمس ثم على جائزة المخرج عصام السيد بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي من خلال مسرحية «دون كيشوت»، وحصل من خلال عرض «كيفية تحضير بيضة مسلوقة» على أفضل ممثل وأفضل عرض مركز ثاني بمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما ثم حصل على جائزة التميز في مهرجان كيميت، له العديد من العروض المسرحية منها «باب الفتوح» و«فصيلة على طريق الموت» و«كيفية تحضير بيضة مسلوقة»  و«دون كيشوت» و«البؤساء» التي قدمت على مسرح نهاد صليحة، عن العرض وأسئلة أخرى كان لنا معه هذا الحوار.

- حدثنا عن عرض «البؤساء» منذ أن كان فكرة حتى تقديمه على خشبة المسرح؟
لقد استهوتني فكرة العرائس منذ فترة، العام الماضي كنت أقوم بإخراج عرض مسرحي في كلية التربية جامعة عين شمس، كنت أرغب في تقديم نص درامي مُتعارف عليه «جماهيريًّا»، بدأت في البحث فكرت بالفعل في هاملت وروميو وجوليت ومكبث وفاوست، ومع البحث جاءت الفكرة لماذا لا نُقدّم البؤساء؟، وكان هُناك تأييد على ذلك، لم تكن رؤية كاملة ولكن كان إحساسي أن هذا العمل يخرج منه عمل للعرائس، ولا تكون مقحمة وتوافق دراما العرض، وبالفعل رمزنا للأشياء السيئة بالعرائس، كل حاولنا تسليط الضوء على أفعال الناس وكم هم قادرين على أن يحولوا شخصا صالحا لشخص سيء أو العكس، هذا خط درامي مهم جدًا في العرض.
الموضوع يذهب لجانب تعبيري بعض الشيء، بدأنا في التفكير في أشياء غير موجودة في النص مثل أنه يخرج ببطاقة من السجن مكتوب فيها أنه كان مسجونا، ولأنني أقدم العرض بشكل أشبه بـ «الكارتون» فقد بدأت تجسيد الأشياء في هيئة شخصيات، البطاقة أصبحت شخصية تلازمه في هيئة عروسة، فكرت أنا ومصممة العرائس رنا شامل عن أحلامي، فبدأت التفكير في تصميم العروسة ومواصفات الشخصية، وأنها أشبه بـ»فرقع لوز» ودراما الشخصية ترسم تخيلاتها وتفاصيلها، وهكذا باقي العرض نختار ما بين السطور، على سبيل المثال مرض ما، نبدأ في تخيل شكل المرض وتجسيده على شكل عروسة وماذا سيفعل ويؤثر على باقي عناصر العرض.
أول مرة قدمنا فيها العرض في الجامعة في مهرجان جامعة عين شمس، اللجنة كان لديها بعض الاعتراضات وشعرت أن الخطوط الإخراجية طاغية على التمثيل بعض الشيء، العرض يحتاج إلى مزيد من التوازن، حصلنا على جائزة إخراج المركز الثالث، العرض تطور بعض الشيء عندما قدمناه خارج الجامعة، «البؤساء» من العروض ذات الرزق الواسع، حاولت أن أحصل على مسرح خاص ولكن الإمكانيات لم تكفي، ثم فكرنا في مسرح نهاد صليحة والحمد الله، الإمكانيات كانت عائقا، ولكن مسرح نهاد صليحة قدم لنا كل التسهيلات، ود. محمود فؤاد صدقي متعاون جدًا، سمعت أنه يجب الأفكار المختلفة والحمد الله كان داعما حقيقيا لنا، عرضنا يوما واحدا ثم بعدها عرضنا أسبوعا كاملا على المسرح، والعرض الحمد الله حقق إقبالا جماهيريا كبيرا، وهذه النوعية من العروض تحتاج إلى دعم وأن يشاهدها الجمهور حتى يتعرف عليها، البؤساء قد يراه الجمهور عرضا عن البؤس كما هو معروف عن القصة، ونحن حاليا لم نعد في حاجة إلى الحزن والضغوط، الجمهور في حاجة إلى الضحك ولكن بشكل هادف، وقد استطعنا أن نحول العرض من تراجيدي إلى كوميدي. كان هناك شيء من الكوميديا، وهذا ما جعلنا نكمل في هذا الخط الدرامي الكوميدي، هي فكرة أن تخرج من البؤساء كوميديا يحبها النقاد والجمهور معًا، أن يكون العرض قريب من الناس دون أن يتهمك النقاد بأنك قمت بتغيير دراما النص بشكل عبثي.

- ما معايير اختيارك لفريق عمل العرض؟
كنت أرغب في دمج العرائس بالعناصر البشرية، في البداية حاولت أن اعتمد على نفسي في تصميم العرائس ولكنني فشلت تمامًا، بعدها بدأت أبحث عن مصممين للعرائس ومن قابلتهم كان تفكيرهم يذهب إلى الطفل وأن العرائس مرتبطة بالطفل، كنت أرغب أن تكون الرؤية موجهة للكبار، إلى أن قابلت رشا شامل واستطعنا أن نتفق على رؤية واحدة، أحلم بالشيء وهي تنفذ، رؤيتها متوافقة تماما مع رؤيتي الإخراجية، هي مصممة مبدعة ومختلفة جدًا، السينوغرافيا في العرائس تعتمد على أن يتم «بروزة» العروسة وأن يكون هناك تجانس في عناصر الرؤية، الملابس والديكور يذهبان إلى الأسود حتى تكون العروسة هي البطل، وهذا يجعلنا نذهب إلى الممثلين، صعب جدًا أن تقنع احدًا أن يمثل وراء عروسة، ولكن التجربة أثبتت لي أن التمثيل مع العروسة متعة لا تنتهي، حيث أمثل في العرض إلى جانب الإخراج، وأقدم جزءًا بالعروسة وجزءًا بدونها، الجزء الذي امثل فيه باستخدام العروسة ممتع لدرجة أنني لا أرغب في أن ينتهي. أن تقنع أحدا بذلك كان مرهقا في البداية ولكن التجربة نجحت لأنني بدأتها مع فريق تربية جامعة عين شمس، من الطلبة، لذا كان متاحا لأن يستوعبوا ذلك في البداية والتجربة بعد ذلك تشدهم، كان صعب جدًا أن أبدأ هذه التجربة بمحترفين «نجوم»، لقد نجحت مع مسرح الهواة «الطلبة»، الراغبين في اكتشاف أنفسهم وخوض تجربة جديدة، ولكن بعد التجربة ونجاحها لا أتخيل أن أحدًا يقدم هذه التجربة غير هؤلاء الموهوبين.

- لماذا تم تغيير ديكور العرض عندما قدمته على مسرح نهاد صليحة؟ هل طبيعة المسرح تحتاج ذلك؟
هناك فجوة بين الطلبة والكليات، إنهم يتعاملون مع الطلبة على أنهم هواة، والطلبة يتعاملون مع المسرح على أنه حياة، عندما قررنا العرض أسبوعًا على مسرح نهاد صليحة، وكيلة الكلية كانت ترى أنها مدة كبيرة ويكفي يومين لانشغال الطلبة بالدراسة، هناك فجوة بين الطرفين، لقد عرضنا في أول أسبوع دراسة، والطلبة حلم حياتهم أن يعرضوا خارج أسوار الجامعة مثل هذه المدة، وعندما صممنا على ذلك وجدنا مشكلة إضافية حيث لم تسمح الجامعة بخروج الديكور حتى لا نعرض، ف كل الشكر لمسرح نهاد صليحة الذي تبنى العرض، وبتعاون  د. محمود فؤاد استطعنا في أقل من 48 ساعة أن نصنع ديكورا جديدا ونعرض في المدة المقررة، يجب أن نعيد التفكير في من يديروا النشاط الفني في الكليات، لهم كل الاحترام والتقدير، ولكن يجب أن ينظر المسئول من الناحية الفنية قبل الإدارية وأن يكون مرنا أكثر من ذلك، إدارة الكليات عندها استعداد للدعم، ولكنها  تحتاج  إلى رؤية مختلفة تتوافق مع الرؤية الفنية، شيئًا ما بين الإدارة والفن معًا.

- ما رأي النقاد والمسرحيين والجمهور في العرض؟
رأي الجمهور داخل الجامعة وخارجها كان إيجابيا جدًا، وفكرة إرضاء الجمهور والنقاد معًا أمر صعب، وفكرة أن تخرج من «البؤساء» كوميديا يحبها الجمهور وتكون قريبة منه دون أن يتهمك النقاد بأنك كسرت دراما النص بشكل لا يصح أو لا يليق بالنص المقدم.

- ما نقاط القوة والضعف في المسرح الجامعي؟
المسرح الجامعي في تدهور للأسف، النقاد أو لجان التحكيم يرون أن ذلك بسبب ضعف الممثلين وأنهم في حاجة إلى ورش فنية والطلبة ليسوا على وعي كاف، ولكن التدهور من وجهة نظري ليس له علاقة بالجانب الفني، بالعكس الجوانب الفنية أكبر، هناك تجارب جيدة كثيرة ولكن تحتاج إلى مزيد من الدعم، كما فعل معنا د. محمود فؤاد، الفرق الجامعية تحتاج إلى دعم حقيقي من الجامعات حتى لا يضطروا إلى الاستقلال، المسرح الجامعي خرج منه عمالقة فيجب أن ننظر له بعينٍ أخرى وندعمه أكثر من ذلك.


إيناس العيسوي