عشر نصائح من ألكسندر دين لإنتاج عمل فني مبدع

عشر نصائح من ألكسندر دين لإنتاج عمل فني مبدع

العدد 809 صدر بتاريخ 27فبراير2023

ان العمل الفني ليس مجرد نسق متكامل من المعلومات أو النظريات بل هو عمل يفيض بالإبداع، والإبداع يختلف من شخص لأخر كلاً على حسب ما يمتلكه من خيال ووجهة نظر. محصلة خبرات وقدراته على استخدام أدواته، والمبدع شخص خلاق بالمعنى الدقيق للكلمة قد يستفيد من تجارب الأخرين إلا انه يضيف إليها. ونحن هنا لا ننكر دور العلم أو النظريات بل بالعكس نحن نؤكد عليها وعلى تطويرها وعلى استخدامها بأشكال أو طرق مختلفة. 
وباختلاف الأعمال الفنية إلا أن هناك أسس عامة للعمل الفني، وهنا نتناول عشر نصائح لإنتاج عمل فني مبدع من الكاتب الكسندر دين الذي ترك لنا أرث فني عظيم يعد من الكُتب الأساسية لدراسة الإخراج المسرحي وهو كتاب (أسس الإخراج المسرحي. .
واعتقد ان المخرجين مسرحيين المبتدئين فى حاجة شديدة لقراءة هذا الكتاب حيث يركز الكتاب على عناصر الإخراج الخمسة (التكوين، والتفسير الصوري، والحركة، والايقاع، والتعبيرات الصامتة) ونعرض هنا بالتفصيل عشر نصائح لتكوين عمل فني مبدع من وجه نظر الكسندر دين حيث يبدأ :
التصور 
على الفنان الخلاق اولاً أن يكون في ذهنه صورة شيء خارجي ثم يلحق به انطباعا أو فكرة أو أي انتاج آخر للذاكرة أو الخيال، هذا هو التصور أو الخلق أو الموضوع، ويتولد هذا الشيء لدى الفنان من تجربة عميقة اهتز لها الوجدان في حياته الخاصة. وهذه التجربة، ليست خاصة به وحده وانما هي تجربة عامة، وفي الدراما بصفة خاصة تكون تجربة مشتركة لمجموعة من الناس.
ومؤلف الدراما قد يتصور مخلوقا أدميا أو شخصية كما قد يستعرض حادثا أو قصة أو قد تكون لديه فكرة. ومهما يكن هذا التصور فلابد أن يتناول أساسا الانسان في علاقته بقوى اعظم مثل القوانين السماوية والوضعية. 

التكنيك والحرفية
ان الخيال البحت وحده غير قادر على أن يثير حالات الانفعال لدى الآخرين. والفنان علاوة على احساسه بما يتصوره عليه أن يعرف المواد التي يستخدمها حتى يجد هذا التصور. واحساس الفنان معبرا عنه بأي مادة. سواء بالصلصال او الجرانيت أو الألوان أو الكلمات أو الآلات الموسيقية. يفشل تماما في تحقيق غايته بإثارة المشاهد ما لم يتحقق الشكل .
والنقل المجرد للتصور لا يجعل العمل الفني عملا کاملا. فلو كان هذا كافيا لما كان على المؤلف المسرحي إلا أن ينقل الطبيعة او جانيا من الحياة حرفيا وفوتوغرافيا وطبق الأصل، لكن عمل ذلك ليس من الفن في شيء. فالنقل الحرفي فوق خشبة المسرح لا ينجح قط.
 إنما على فناني المسرح أن يعيدوا رتيب فقرات الحياة الفعلية الى كل قد يبدو وكأنه عادة تصوير للحياة ولكنه في حقيقته ليس كذلك، فالفن ليس من خلق الطبيعة لكنه من إبداع الإنسان. 
ما هي مكونات إعادة الترتيب هذه. قبل الاجابة على هذا السؤال علينا أولا أن نطلق عليها اسما إعادة ترتيب التصور أو الطبيعة تتم من خلال التكنيك. الحرفية. ـ المعروف في الدراما بالشكل أو البناء. كل فن له حرفيته الخاصة به، ومبادئه الأساسية، وهذه المبادئ في كل الكتابات عن الفنون هي اشد ما يتعسر وصفه وتوضيحه وترتيب ما فيه من تناقض الزمن وحده هو الذي طورها، والتجربة والخطأ هما اللذان جعلاها واقعية، في بداية اى فن لم تكن له هناك سوى قلة من القواعد. الفنانون هم الذين أضافوا بدرجات متفاوتة هذه القواعد من خلال تجربتهم.
ستناقش الآن تلك القواعد المتفق على أنها مشتركة في كل الفنون. الوحدة، الترابط، التأكيد ،الانتقاء، التناسب، اعادة الترتيب ثم التكثيف 

الوحـدة 
الوحدة هي أحد المبادئ المشتركة في كل الفنون. ليست وحدة الزمان والمكان والمزاج كما أعلن الفرنسيون أخيرا ولكن وحدة الموضوع والتقيد به. بواكير الأدب مثل الالياذه والأوديسة وبيرولف وكذا المسرحيات القديمة في كل البلاد تنقصها صفة الوحدة هذه. الوحدة في كل فن كانت من أولى علامات التكنيك المكتسبة. مع مضى الزمن اندثر ذلك التجميع المخلخل المتشعب غير المتناسق لموضوعات لا ترابط او وصل بينها .وانفتح المجال أمام الموضوع الموحد. وعامل الوحدة هذا يستخدم على نطاق أوسع مما يبدو ممكنا لأول وهلة. فمشهد البواب في مسرحية ماكبث ليس دخيلا لأنه منسوج تكنيكيا بالأسلوب المثير الذي يركز على ماكبث عند قتله لدنكان .. هل سيضبطه أو لا يضبطه ماكدوف الذي كان يقرع الباب مستئذنا في الدخول.
ان وجود أكثر من عقدة في مسرحية واحدة لا يعني حرق وحدتها ما دامت تؤدي في النهاية الى موقف موحد كبير. 
والأسلوب الطبيعي في الكتابة الذي مارسه تشيكوف والروس بصفة عامة والذي اتبعه اوکاسي في مسرحية جونو والطاووس، وكذا الكتاب الدراميون الأمريكيون في مسرحيات. مشهد في الطريق . الطريق المسدود. اه من الفقر) يلتزم بالوحدة المحددة رغم ما قد يبدو عند النظرة الأول العابرة. ان عدم مراعاة الوحدة في أي فن من الفنون يرهق المتفرج ويربكه. 

الترابط 
الترابط مرتبط تماما بالوحدة، بمعنى أن كل جزء من الكل لا يجب ان يكون مربوطا بسابقه فحسب، بل يجب ان يكون تطويرا للجزء السابق او نابعا منه. 
فالترابط يتطلب علاقة منطقية ومحتملة بين الأجزاء هذه العلاقة في المسرحية قد تكون علاقة الشخصية النفسانية بالفعل أو الدافع للشخصية والفعل.

 التأكيد والانتقاء 
التأكيد عنصر أساسي في كل الفنون، فهو التعبير عن اللب والجوهر، عن القلب والروح لكل تصور .. وليس في الطبيعة تأكيد ولكن لا مناص من وجوده في تعبير الانسان عنها، وعن طريق التأكيد يستطيع الفنان أن يضفي على اهم اجزاء ابداعه الفنى الصدارة فتبدو بارزة حية بالنسبة لخليفتها الأقل شأنا حتى يستطيع المشاهد أن يتعرف على أهميتها بسهولة ووضوح .. والتأكيد يضم في ثناياه الانتقاء والحقيقة أن من أيسر وسائل التأكيد، هي أن تقوم بالحذف لعناصر تشتت من وحدة الكل وترابطه، بل ان اختفاء هذه الأجزاء يساعد على تركيز انتباه المتفرج ترکيزا دقيقا على العامل الهام .. كما أن الانتقاء يؤدي الى مزيد من الجمال اذ أن الفوضى وعدم النظام الموجودين باستمرار في الطبيعة لا تتفق مع فكرتنا عن الأثر الذي يبعث على السرور. 

التناسب 
يرتبط التناسب ارتباطا وثيقا بالتأكيد. ومع أن التأكيد يتطلب قدرا معينا من الحذف، الا انه لا يمكن ان يدعو الى استبعاد كل شيء ماعدا الجزء الهام. ففي الفن. بناء على ذلك. تدرج عناصر أخرى، ولكنها تجئ فى المقام الثاني بالنسبة للأجزاء الهامة، الحيز الذي تشغله والوقت الذي تستغرقه اقل. قد تحدث في نفس الوقت مثل الجزء الهام ولكنها أقل فى الأهمية أو تنزوي في الخلفية. 

إعادة الترتيب 
تأكيد الجزء الهام لا يتم بحجمه الفعلى في المكان أو الزمان فحسب، بل بإعادة تنظيمه حتى يتعرف عليه المتفرج بيسر بفضل وضعه الجديد. ولا يتأكد وضع الجزء الهام من خلال وضع الأجزاء الأخرى في مكان أقل أهمية فحسب، بل ايضا بوضع هذه الأجزاء الأقل أهمية بشكل يؤدي إلى الجزء الهام أو المهيمن. 

التكثيف
لا شك أن إعادة الترتيب تتحدث تأثيرا مكثفا. والتأثير الدرامي او المسرحي انما هو نتيجة التكثيف؛ وفي الواقع أن هذين الاصطلاحين يستعملان في الغالب کمترادفين، فباستخدام وسائل فنية من التضاد وغير المتوقع. والحركة والأحداث. والنغمة أو نبض اللون يزداد التأثير العمل الفنى وكذلك قدرته على خلب الألباب وديناميته، كما يعظم الأثر النهائي له. 
سنضرب مثلا بسيطة على استخدام التكنيك وضرورة تطبيقه واضافته للعمل الفني الذي يصور الحياة وذلك من وجهة نظر المشاهدين، هذا المثل تجربته وقعت بالفعل منذ بضع سنوات كنت أقوم بإخراج مسرحية في موقع على ناصيتي الشارع الثاني والأربعين وبرودواي في نيويورك، كان الجو حارا والنافذة مفتوحة. وكان بالمسرحية حوار طويل عن الضجيج في الخارج قمنا بتسجيل الضجيج الخارجي في تلك الناصية كمؤثر صوتي، 
ولقد أسعدت نتيجة التسجيل أولئك الذين نسوا معرفتهم بالنظرية. وعند إجراء أول بروفة بالملابس استخدما التسجيل دون علم الممثلين أو الحاضرين، فلم يفهم احد ممن كانوا فوق خشبة المسرح أو من بين الحاضرين تلك الضوضاء التي جاءت من خلف المسرح. أوقفنا البروفة وبدأت التساؤلات تتري. أن التصوير الفعلي المطابق للأصل
أي للطبيعة لم يكن من الميسور التعرف عليه. فهو لم يوحى بضوضاء الشارع، كانت جلبة جنونية غير متناسقة ولا تدل على شيء .
 جربنا السرعات المختلفة الممكنة لجهاز التسجيل، لكن ذلك لم يجد فتيلا ولم يحسن صفة المؤثر، وأخيراً قامت مجموعة من أحد عشر شخصاً بإنتاج العناصر الغالبة أو البارزة، ثم اختيار الأصـوات وتنسيقها في تناسب، وترتيبها في تأثير متصاعد ثم قمنا بالتوقيت وأحدثنا التضاد المطلوب والتنويع. وفي النهاية كان الذي قدم المؤثر أوركسترا قامت بأداء الترتيب الفني لضوضاء الشارع. 

المزاج او الجو النفسي 
للتصور أو الفكرة عند إبرازها القدرة على توصيل قدر معين من الشعور الى المشاهد. هذا الموضوع ذاته إذا ما أعيد ترتيبه وفقا لمبادئ الفن، فانه قادرا على الايحاء بشيء اكثر من المدلول، فبوسعه أن يوصل جوهر ذاته الذي هو عبارة عن جماع صفاته وخواصه. هذا هو ما نعنيه بالمزاج فمثلا قد يرسم شخص ما لوحة زيتية لنيران مشتعلة يمكن للمراقب أن يميز فيها اللهب وكتل الخشب والفحم. اما الفنان الحقيقي يصور النار المشتعلة بحيث لا ترى هذه الأشياء ولكنك تحس بدلاً من ذلك شعورا بالدفء والطمأنينة والأمان في أحضان الأسرة، قوة الفن تكمن في ابراز جوهر الموضوع بهـده الصورة. فاذا كانت التفاصيل في لوحة المعركة هى سفك الدماء والهجمات الرهيبة فسوف يتلقى المشاهد انطباعات محدد بماهية الحرب. أما اذا كان الفنان في معالجته للمشهد قام بترتيب الحرب والفئوس والخوذات وشخوص المحاربين بحيث يقفون في خطوط ومواقع متقابلة ومتجاورة فمن المؤكد أن شعورا بالحرب اشد حدة سوف ينتقل الى المشاهد، يستطيع الشكل أو البناء في المسرحية أن ينقل الهياج والخوف والحياة النابضة أو الراحة والتمعن والحزن أو الهشاشة، والظرف والسطحية.

الهدف من التكنيك 
التكنيك في كل الفنون واحد، ونعنى به جعل التصور أو المضمون أكثر وضوحاً وتأثيراً واقناعاً وإثارة وأن يرسل مزاج هذا المضمون الى المشاهد أو المستمع باستخدام عناصر الفن التي تعمل على تنسيق صفاته المزاجية الكامنة والتعبير عنها.
ونستخدم كلمة تكنيك بطرق عديدة ومختلفة، فلكل فن تعريفه الخاص لهذا المصطلح. لكن على الرغم من ان التعاريف تختلف في مختلف الفنون الا انها عند التحليل متشابهة في الأسس، وفضلا عن ذلك فلكل فن من الفنون نقاطه التقنية الصغيرة التي يتقنها. وهذه عادة تناول الأداء التفصيلي الذي دل الزمن كما أوضحت التجربة على انه الطريقة المباشرة المثلى للتنفيذ او اسمى وسيلة للحصول على التأكيد .ثم انها تنظم في بعض الأحيان ضبط الاعتبارات البصرية فيما يتعلق بالجمهور أو ضبط التوقيت أو الإلقاء المفصح أو غير ذلك من العوامل الكثيرة الأخرى التي تفضي إلى أفضل تعبير .
والتكنيك عرضة للتغير من عصر لعصر ففي كل فن نجد طرائق عفا عليها الدهر، ففي التأليف المسرحي مثلا لم تعد المواقف الجانبية ومناجاة النفس تستعمل الآن وفي التمثيل تغير وضع الجسم كله في علاقته بالمشاهد من مواجهة الصف الأمامي للبلكون مباشرة الى علاقة تقوم على أساس أكثر اتجاها الى الممثلين الموجودين على المسرح وامتزاجا بهم وكان مصمم المناظر فيما مضى ينفذ عملة بمنظور مرسوم ملون. أما الآن فقد أصبح التكنيك يعتمد على التعامل مع كتل معمارية.
وعلى الرغم من أن التكنيك يتغير من عصر لعصر، فان مبادئ، الفن التي وضعها التكنيك على مر الزمن قد بقيت على أنها حقائق أساسية وحتى فيما يتعلق بالتكنيك ذاته، فان قدرا كبيرا من التكنيك الماضي لا يمكن ادخال التحسين عليه، ومن ثم فإن ميراث العصور يجب ألا تقومه بوصفه المكتشف العظيم لمبادئ الفن الاساسية فحسب ولكن أيضا باعتباره اعظم مُعلم للتكتيك والتنفيذ. 
قد يكون العمل الذي يبتكره الفنان قليل القدر أو رديئا ولكن يكون التكنيك على جانب كبير من التألق بحيث يدفع للقيام بدوره هو ودور الابتكار ايضا. وعكس ذلك صحيح أيضا فقد يكون العمل المبتكر مؤثرا ومحركا للعواطف ومنيرا للفكر حتى لو أهمل التكنيك بحيث نجد في النهاية أن التأثير الكلى يبلغ مرتبة الجلال. القليل منا من لا يعرف مسرحيات ذات موضوعات تافهة وتقليدية ولا روح فيها يمكن أن تتحول بمجرد البراعة في تنفيذها الى شيء منعش وجديد وكأنما دبت فيها الحياة على نحو مقنع. وعلى العكس هناك الكثير من المسرحيات ذات الموضوعات النبيلة الغامرة ومع ذلك تبدو ككتلة صماء تعج بالأحداث المشوشة.

التناسب في التصور أو الفكرة والتكنيك 
من الواضح أن الخلق المثالي هو الذي ينطوي على تناسب تام بين التصور والتكنيك. كنا نجتاز حقبة من المسرحيات كانت في الغالب منجزات تكنيكية تعتمد على فكرة بسيطة ذات أهمية عابرة. واليوم فان الاقبال على شباك التذاكر يستلزم افکارا حيوية ومؤثرة ومكتوبة بشكل يعبر عن جوهرها وخصائصها.
 فلو استعرضنا باختصار بواكير المسرحيات الانجليزية حتى درايدن، تجد هذا الصراع بين الابداع والتكنيك خلال مختلف عصور الدراما وفي مسرحيات الأسرار الدينية mystery plays الأولى نجد أن فن الكتابة الدرامية عبارة عن تعبير خلاق لا يعوقه أو يقيده شيء، وقد وجد هذا التعبير كفيض طبيعي لوجدان غمره احساس يريد أن يقاسمه الآخرون فيه. ولم يكن ثمة اسلاف لهؤلاء المؤلفين يمكن أن يلقنوهم كيف يكتبون، ومن ثم فقد اكتفوا بالاعتماد على مشاعرهم وأحاسيسهم. وكانت النتيجة ابداعا ملهما لا ينطوي على وحدة أو تماسك او تأكيد أو انتفاء او تناسب أو إعادة ترتيب او تكثيف. هذه المسرحيات مفككة وغير مرتبطة بموضوعاتها ومفتقرة إلى السمات الدرامية، لكن التصور فيها ينطوي على جمال رفيع. 
ولان ما هو درامي في المسرح أكثر اقناعا بالنسبة للمشاهد من النص الخالى من الحوادث والوقائع فقد أضاف كتاب الدراما الذين اقتفوا اثر الكُتاب الأوائل عناصر تكنيكية، فكان للأحداث التي ضمنوها بداية ونهاية وتدريجا لما الوسط. ومن خلال الرغبة الداعية في تحقيق التأثير، وضع الكُتاب المحدثون مزيدا من الهياكل والقوالب في مسرحياتهم حتى أدت جهودهم في نهاية الأمر إلى مسرحية جيدة من الناحية الفنية
ومع الكاتب المسرحي مارلو نجد بداية النظرية التراجيدية فمسرحياته تتخللها تأملات في موضوعات او أفكار تتناول الانسان في علاقته بغيره من الناس وبالحياة وبالله. مثل هذه المسرحيات تقتضي شكلا أكثر تعقيدا وتكنيكا أكثر تدقيقا. لكن تلقائية الإلهام الإلهي كان ما يزال ماثلا على الرغم من أن الخلق الخالص كان يتلاشى مع تحسن التكنيك. ثم أعطانا شكسبير وهو في ذروة فنه التناسب الكامل خلق عظيم وشكل عظيم، وبعد شكسبير ذبل الالهام والخيال ثم اختفيا بالتدريج. وحل محلهما المؤثرات التكنيكية ولقد بلغ التحليل النقدى مدى كبيرا حتى انتهى العقل والنظرية الى تدمير الخيال .
 وعند (درايدن. نصل الى استاذ النظام والعقل الخالصين. ثم تختفى الدراما عشرات عديدة من السنين .
 مثل هذه الدورة للتصور أو الفكرة والتكنيك يمكن ملاحظتها في الأدب العام وكذا في الدراما ان سيطرة التكنيك سوف تدمر بالضرورة روعة التعبير التلقائي لكن وأنا أكرر هذا وأؤكده لا قيمة تذكر لواحد منهما بدون الآخر.
..............................................................................
المرجع: أسس الإخراج المسرحي تأليف الكسندر دين 


هاجر سلامة