الحكاية روح مسرح الشمس وصناعة الأمل

الحكاية روح مسرح الشمس وصناعة الأمل

العدد 590 صدر بتاريخ 17ديسمبر2018

من خلال فرقة مسرح الشمس لذوي الاحتياجات الخاصة، التي تقدم عروضها على مسرح (الحديقة الدولية) قدم العرض المسرحي “الحكاية روح” تأليف مصطفى عباس، إخراج محمد متولي، بمشاركة مترجم الإشارة حمادة محمد حسن، في رحلة تصحب المتلقي فيها إيناس نور في دور (الملاك) يمكن معرفة رموز كبيرة أثرت بشكل هام في تاريخ مصر الفكري والفني، ومن خلال شخصية “شمس” التي تقدمها رحمة ممدوح وهي من ذوي القدرات، وتجسد شخصية الطالبة التي لا ترغب في الذهاب إلى المدرسة للتعلم، وبرفضها المبرر بعدم التأقلم تظهر شخصية الملاك، التي تصحبنا في عالم من الخيال في إطاره نقابل (الأديب طه حسين، والملحن عمار الشريعي، والمغني الملحن سيد مكاوي) ويشتركون جميعا في أنهم بدون نعمة البصر ومع ذلك فإنهم يمثلون علامة فارقة في التاريخ المصري، وفى إطار مجموعة من الاستعراضات بمشاركة فريق مسرح الشمس، يتم الولوج إلى رحلة المعرفة بالتاريخ الفني والأدبي لمصر، بمشاركة الأراجوز ومواقفه المضحكة تعليقا على الأحداث الدرامية يمكن إلقاء بعض الأسئلة التي توضح للأطفال والمتلقي أهمية وتأثير تلك القامات الفنية والأدبية وتاريخها، وذلك كنوع من التحفيز للأطفال وذويهم ومساعدتهم على اجتياز الصعاب التي يمرون بها نظرا لظروفهم الخاصة التي لا يقدرها البعض.
يتم تقديم هذه الشخصيات في إطار بعض من التأمل في أن هؤلاء العظام في نظر البعض من غير المدركين لأهميتهم الأدبية والفنية، فاقدون للبصر في حين أنهم يملكون مواهب فذة استطاعت أن تغير من وجه الفن والأدب المصري كل في تخصصه.
تستمر الرحلة وصولا إلى اقتناع رحمة بطلة العرض بأهمية ذهابها إلى المدرسة، والتصديق بأن لا أحد فاقد لكل شيء، فقد يهبك الله نعما كثيرة، لا توهب لغيرك حتى ولو كنت في نظر بعض الأشخاص فاقدا لأحد النعم، وشخصية رحمة تعد نموذجا لأطفال كُثر على ذات الشاكلة، وفي النهاية يتم التأكيد على رسالة المسرحية وهي أن “الحكاية هي روحك التي تضفيها على الأشياء” التي بدونها لا يمكن تحقيق أي شيء.
مسرحية ذات صبغة تعليمية تقدم الكثير من الأمل، خصوصا أنها تصاغ في إطار من البهجة سواء من الأطفال أو من الأبطال الأصحاء المشاركين في هذا العرض.
على مستوى الأداء التمثيلي قدم ماهر محمود دور “سيد مكاوي” وساعدته قدرته على العزف على آلة العود، في إجادة مفردات الشخصية الدرامية وجودة التعبير عنها. كذلك فإن وائل أبو السعود قام بدور “عمار الشريعي” واستطاع تقديم حالة فقدان البصر بشكل موفق، هذا إلى جوار بعض الكوميديا التي تميزت بها شخصية عمار الشريعي. كما قام بأداء دور “طه حسين” الفنان يوسف أبو زيد، وهو ممثل ممتلك لأدواته ذو خبرة واضحة مما جعله يؤدي الدور بسهولة ويسر وإتقان. وقدمت “الأرجوز” نوران علاء، وأدته بخفة دم، وتوافق مع بقية شخصيات العرض.
من ناحية أخرى، تميز أداء الراقصين في العرض «حبيبة محمد، رانيا عاطف، شهد كمال، عنان موافي، أحمد معتز، يوسف شعبان، إسلام يوسف، زياد أحمد». كذلك تميز الأطفال المشاركون في العرض “يمنى محمود، رحمة خالد، حبيبة محمد، يوسف محمود، حبيبة تامر، ريماس محمود، رضا محمود، شهد محمود، ملك عبد العظيم، عمر سعد”.
الديكور لـ”محمد هاشم” وهو ديكور بسيط يحتوي على ألوان مبهجة تتناسب مع حالة الفرحة، المراد إيصالها للمتلقي، يتكون الديكور من مستويين: الأول يمثل عليه الجميع “الشخصيات الفنية والأدبية المستدعاة وبقية فريق المسرحية والرقصات”، في إطار الزمن الفانتازي. والمستوى الأعلى منطقة ظهور الملاك وبطلة العرض في البداية، في زمن الواقع بعيدا عن الزمن الفانتازي، المقدمة في إطاره الحكاية. ملابس ناهد السيد، وتتوافق مع كل شخصية، وتتناسب مع طبيعة أن العرض للأطفال، مما يدعم فكرة بهجة الألوان.
الاستعراضات والموسيقى لأشرف فؤاد تميزت بالبساطة والتوافق. موسيقى وألحان أحمد الناصر ساهمت في إضفاء الجو العام على العرض المسرحي.
تجربة مسرح الشمس التي تقودها وفاء الحكيم لا تقتصر على مسرح يحاول دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع الأصحاء، وإنما محاولة جعلهم فاعلين في المجتمع، تقدم لهم الفرقة ورشا في ابتكار فن العرائس من خلال أوراق الجرائد وغيرها إلى جوار ورش في الرسم بقيادة شادي قطامش والأعمال الفنية اليدوية، وإعادة تدوير بعض الأشياء لتصنع منها أعمالا فنية، مجموعة من الأنشطة تقوم بها فرقة مسرح الشمس من أجل مساعدة هذه الفئات الخاصة على الاندماج مع المجتمع.

 


داليا همام