د. عصام الدين أبو العلا: الكتاب يتعرض لمفهوم الدراما ويؤكد أن الدراما الإغريقية ليست النوع الوحيد

د. عصام الدين أبو العلا: الكتاب يتعرض لمفهوم الدراما ويؤكد أن الدراما الإغريقية ليست النوع الوحيد

العدد 807 صدر بتاريخ 13فبراير2023

صدر مؤخراً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب «ما الدراما» للدكتور عصام أبو العلا وهو يتناول تاريخ الدراما العالمية ونظرياتها في العالم الغربي منذ القرن الخامس قبل الميلاد إلى العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، في وسائط متعددة «مسرح، سينما، إذاعة، تلفزيون»  الكتاب موسوعي المادة، ويستهدف القارئ العادي بلغته المبسطة. أجرينا هذا الحوار مع أبو العلا لنتعرف على أهم ما يتناوله الكتاب.
نود أن نعرف سبب تقديمك كتاب يناقش مصطلح «الدراما» ؟
تلوك الألسن كثيراً كلمة «دراما» دون معرفة ما الدراما،  فكثيراً ما نتكلم عن الدراما باعتبارها الأعمال المثيرة للبكاء فقط،ولا أحد يعلم ما الدراما، وذلك ليس على مستوي مصر فحسب وإنما على مستوى الوطن العربي، والدارما التي تأتي فى ذهن المتلقي دائما هي الدراما التلفزيونية،ولكن الدراما مصطلح أوسع وأرحب مما يعتقد البعض؛ لذلك كتبت في سلسلة «ما الدراما» وسلسلة «ما» هي سلسلة تعريفية بأهم المعارف والعلوم والآداب والفنون.

إذا أردنا وضع تعريف جامع مانع لمصطلح «الدراما» فما أنسب تعريف له؟
من الصعب وضع تعريف جامع مانع ولكن الأقرب للمعني الأشمل لمصطلح «الدراما» أفعال مثيرة للحزن أو الإضحاك في وسائط ومجالات مختلفة مثل المسرح أو السينما أو الإذاعة أو التلفزيون، وهذه الأفعال  تصاغ بواسطة الكلمات أو بشكل مرئي كما تحاول بعض المسرحيات التي تعتمد على الصورة فقط أن تعرض؛ إذن مسألة الحوار تعتمد فقط على المسارح التقليدية، كما يتعرض الكتاب لمفهوم الدراما في كافة العصور والتأكيد على أن الدراما الإغريقية ليست النوع الوحيد للدراما لأن هناك دراما الشرق، وهناك الدراما الإفريقية وهى دراما مختلفة عن الدراما الغربية ولكنها بحسب المفاهيم الدرامية دراما، وهناك الدراما الغربية الأكثر شهرة وذيوعاً على المستوى الجغرافي .

ما أهم الفوارق بين أشكال الدراما في الوسائط المتعددة ؟
في الدراما الإذاعية يكتب عمل درامي يستمع إليه متلقي لا يرى، ويعتمد الكاتب على هذه الخاصية فيحاول صياغة عمل بشكل يجعل الكلمات صورة مسرحية أو صورة مرئية يراها المتلقي بالرغم من عدم وجود صورة مرئية، وقد كان لي دراسة في هذا الشأن فى مجلة «الفن الإذاعي» التي تصدر عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وهي دراسة هامة نتعرف من خلالها عن كيفية رؤية الكلمة المنطوقة ونستمع إليها في نفس الوقت، في الدراما المسرحية يتم الاعتماد على شيئين: صورة مرئية، وعلى حوار ومؤثرات صوتية، الدراما السينمائية مثل الدراما المسرحية، ولكن الأخيرة تعتمد على الجمهور الذي يرى المسرحية بشكل حي  فالممثل أمام الجمهور “الأن وهنا “، أما الدراما السينمائية تعتمد على مفهوم “الفيلم “  ومن الممكن أن ينتقل من بلد إلى بلد يراه جمهور أخر غير الجمهور الأصلي، الذي كتب له بنفس الممثلين ونفس الحالة السينمائية التي تم إنتاجها أول مرة.

ما أهم الأشياء التي تفيد الجمهور العام حين يتعرف على مصطلح «الدراما» من الكتاب ؟
من الضروري الفهم العام لمفهوم الدراما وذلك لتثقيف الجماهير وهي مسئولية هامة وصعبة لأن الجمهور يستمع إلى العديد من الكلمات والمصطلحات «سياسة، اقتصاد، مسرح، سينما، دراما « ولكن ماهية هذه الكلمات لا يعرفها، ودورنا نحن كمثقفين تعريف الجمهور هذه المفاهيم، فهذه الدراما لها تاريخ، وليست ابنه هذا العصر، فعلى سبيل المثال الدراما الغربية يرجع عمرها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، فيما يقرب من 2500 عاماً،وقد حركت شعوبا وغيرت أمما وسياسات، وكل هذا من خلال قراءة كتاب صغير جداً فى المساحة قليل جداً فى الثمن، ففي 160 صفحة نتعرف على ما الدراما بشكل جيد على المستوى التاريخي والجغرافي .

نود أن نتعرف على بدايات الدراما تاريخيا ؟
بدأت الدراما عند الإغريق، والشكل المعترف به والذي نتعامل به اليوم أخذناه من الشكل الأوروبي الذي اعتمد على الشكل الإغريقي الذي يعود للقرن الرابع والخامس قبل الميلاد، في هذه الفترة كانت هناك ثلاثة أنواع من الكتابة الدرامية فقط وهي «التراجيديا والكوميديا والساتير»،وهذا الأمر استمر حتي ثلاثة قرون على هذا المنوال، ثم تلقفها الشعب الروماني،والعبقرية الرومانية التي بدأت أيضا بنسخ هذه الأعمال،ولكن اهتمت بالتراجيديا والكوميديا وبالأخص الكوميديا على مستوى العرض المسرحي، فالشعب الروماني لم يكن يميل لمشاهدة العروض التراجيدية، التي  كانت تقرأ فقط في صالونات الأدب، وكان أهم كاتب عند الرومان هو «سينيكا» وفى العصور الوسطي عندما دخلت المسيحية، وحرمت هذا النوع من الفن باعتباره فنا وثنيا يمجد آلهة غير الله، مما أدي إلى انقطاع الصلة بين أوروبا والمسرح الغربي القديم مسرح «الإغريق والرومان» ليبدأ فى الانتعاش مرة أخرى فى القرن الخامس عشر عند الإسبان، ويظهر لنا العديد من الكتاب وشعراء المسرح المهمين، الذين كتبوا مجموعة من الأشعار وصممت مسارح على الطراز الإيطالي الذي نعرفه اليوم، وكانت هناك مشكلة سياسية بين إسبانيا وإنجلترا وحروب بينهما واستطاعت إنجلترا بأسطول صغير الفوز على الأسطول الكبير الإسباني وامتلاك البحر؛ وبالتالي أصبحت لندن أغني مدينة فى العالم،ومن الطبيعي عندما تكون المدينة غنية، يقبل الأمراء على الترف، وأنواع المتع المختلفة، فطلبوا بناء المسارح على الطريقة الإسبانية؛ وبالفعل تم بناء مجموعة من المسارح منها المسرح الشهير الذي عمل فيه شكسبير أغلب حياته إلى جانب مسرحيين أخرين، وقدمت مسرحيات عظيمة وظهر كتاب وشعراء، ومنهم توماس كت وشكسبير ومجموعة أخرى من الشعراء والمسرحيين، ولكن ما يهمنا هنا هو شكسبير على وجه الخصوص، استمر هذا المسرح حتي عام 1616 حتى وفاة شكسبير، واستمرت المسيرة لنرى المسرح الفرنسي فى القرن السابع عشر، ويعود مرة أخرى المسرح اليوناني والروماني، وكان هناك تراث نقدي كبير وأهمه كتاب «الشعر» لأرسطو،  وتم تقديمه بالفرنسية على يد «جان راسين» وتم ترجمته وتقديم ملخص كامل له بالفرنسية، وطلبت الأكاديمية من أعضائها وضع قواعد للمسرحية الكلاسيكية.

ما أهم الإشكاليات التي تواجه الدراما الفترة الحالية ؟
يجب أن نعرف ماذا نريد كمجتمع ونعبر عن مجتمعنا ولا نعبر عن مجتمعات الغير وقضايا الغير، لا نعبر عن قيم الغير نعبر عن قيمنا نحن، وقضايانا نحن، وعن مشاكلنا كمصريين، بطريقة فنية وليس بطريقة فجة  كالتي نراها فى بعض الأعمال، حيث تعرض الحارة المصرية بطريقة فجة، وغير مستحبة،  فبلادنا ليست بهذا الشكل وكل البلاد العربية والأوربية بها مشاكلها الخاصة.

-ماذا عن الجانب المسرحي بالكتاب ؟
الجانب المسرحي على المستوي التاريخي يتناول الفترة من القرن الخامس قبل الميلاد حتي نهاية القرن التاسع عشر، والسينما،والإذاعة والتلفزيون يحتلون المساحة الأصغر فى الكتاب بحكم أنهم تاريخياً الأقل في السنوات،  فوجودهم لا يتعدى أربعين أو خمسين عاماً، فحتي نهاية القرن التاسع عشر كان المسرح هو الفن الأوحد، ومن نهاية القرن حتي الستينيات بدأت الوسائط الأخرى في الظهور، وقد قدمت هذه الوسائط أشياء عظيمة في وقت قصير، على سبيل المثال الإذاعة، كانت إذاعة «البي بي سي» تنتج سنوياً ثلاثة آلآف مسرحية سنوياً، وقيمة الإذاعة أن المسرحيات التي تنتجها تنتقل للعالم كله.

ما أهم المستجدات التي طرأت على دراسة الدراما فى الفترة الحالية ؟
أدخلنا لأول مرة الكتابة الإذاعية والتلفزيونية والسينمائية إلى جانب الكتابة المسرحية بذلك يتخرج الطلاب وهم على علم مؤهلين للكتابة فى جميع الوسائط الفنية المختلفة .


رنا رأفت