المسابقة دفعة قوية تزيد أعداد المبدعين وتكتشف وجوها جديدة

المسابقة دفعة قوية تزيد أعداد المبدعين وتكتشف وجوها جديدة

العدد 806 صدر بتاريخ 6فبراير2023

تلعب المسابقات الأدبية والفنية، دورًا مهمًا وبارزًا في خلق روح المنافسة بين المبدعين في مختلف المجالات، وتثري الساحة الثقافية المصرية، وتُسهم بدورها في زيادة تدفق الإنتاج والإبداع، وتفاجئنا  بوجوه جديدة وبمشاركات تضاف إلى المكتبة المصرية والعربية .
وكانت لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، برئاسة المخرج عصام السيد، أقامت مسابقة لـ «النصوص والدراسات النقدية المسرحية» وأعلنت عن القائمة القصيرة في فرعي المسابقة وضمت في الدراسات النقدية بحث «المعالجة الدرامية لآليات المسرحة في الاحتفالات الطقسيـة»، تطبيقًا على بعض النصوص المسرحية المصرية، للناقدة رنا محمد عبد القوى و«المعلن والمخفي في مسرحية زوبة المصرية»، للباحث شريف صالح و «الدراماتورجيا البديلة وسؤال ما بعد الدراما»، للباحثة ناهد صلاح ، وكذلك «مسرح هن في مصر»، للكاتب إبراهيم الحسيني، وبحث «تجليات التراث السلطوي والأنساق الثقافية الأبوية في عرض ليل الجنوب» للباحثة إسراء محمد ، و «المسرح السيري..ببليوجرافيا شارحة لتجليات السير الشعبية في المسرح العربي»، للباحث عبدالرحيم عبدالكريم، وفي النص  المسرحي ضمت  القائمة القصيرة ستة نصوص هي: «الرماد» للمؤلفة دعاء جمال البادي، «أضغاث أحلام» للمؤلف أحمد سمير ، ونص «أنشودة القمري الحزين» للكاتب كرم طلعت، و«قبور بلا موتى» لـ هاني مصطفى ، ونص «الحي اللا ديني» للمؤلف محمد سالم و«خطايا الجبل» للمؤلف محمد خميس .
وقد تمت التصفية وأعلنت أسماء الفائزين  بالمراكز الثلاثة الأولى في الفرعين، وهذه لقاءاتنا معهم.

في الدراسات النقدية
قال محمود زكري الفائز بالمركز الأول في فرع الدراسات النقدية: تكمن أهمية التسابق بشكل عام في استنفار الجُهود في مجال من المجالات؛ وذلك لأن الرغبة في الحظوة بالتميّز وإحرازِ مركز متقدم تدفع المتسابقين نحو بذل جهد مضاعف في تجويد أعمالهم المُقدمة، وفي حالة المسابقة الراهنة – أعني فرع النقد المسرحي – تتركز جهود المتبارين للوفاء بالمطالب الشكلية والفكرية اللازمة لأي دراسة جيدة، وهذا وحده كفيل بإنتاج مجموعة من الدراسات الطيبة المستوى في كثير من الأحيان.
وتابع: وتكمن الأهمية القصوى لمثل هذه المسابقات في أنها تسُدّ الفراغ المُوحِش في حقل النقد المسرحي؛ ذلك المجال الذي يبدو مُهملًا «نسبيًّا» من نُقاد الأدب الذين يَنصبّ اهتمامهم في غالب الأحوال على الرواية والشعر، وفي الوقت نفسه، ومن جهة أخرى، لا يجد أكثر المهتمين بالأداء المسرحي و أعني المشتغلين بالكتابة المسرحية والإخراج ونحوهما، الوقتَ الكافي لكتابة أبحاث علمية دقيقة عن فن المسرح كنصوص وعروض، ولكن للأسف تبقى مسابقات النقد المسرحي قليلة إلى حد كبير، مقارنةً بمسابقات العروض المسرحية وفنون الأدب الأخرى، رغم أن فن الدراما – أدبيًّا وفنيًّا – لا يقل أهمية عن مختلف الأنواع الفنية والأدبية الأخرى.
أضاف: لم أتقدم للمسابقة سوى مرة واحدة من قبل، ولم أفُز لنسياني لأحد شروط المسابقة، وما إن تقدمتُ هذا العام حتى كانت المفاجأة السارة بفوزي بالمركز الأول في فرع النقد المسرحي، والبحث يُقدم دراسة طويلة عن مسرحية «باب الفتوح» للكاتب الكبير الراحل محمود دياب، ويعود اختياري لهذا الموضوع إلى اهتمامي بكتابات محمود دياب المسرحية والسردية، وكونِ الدراسات التي كُتبت عنه أقل من قامته الدرامية السامقة، وقد درستُ المغامرة التاريخية وبعض الجوانب الفنية في «باب الفتوح» كالحوار والشخصيات، أملًا في فحص وجوه من إبداع هذا النص الجميل.

التقليد الجديد
وقال «زكري» معقبًا على آليات التحكيم والاختيار: أحسنتْ اللجنة المحكّمة هذا العام عندما نَشرتْ قائمةً قصيرة للبحوث الجيدة تمهيدًا لاختيار المراكز الثلاثة الفائزة من ضمن هذه القائمة، وهذا التقليد الجديد يُضفي على عملية التحكيم مِسحة من الجِدّية، ويُشير – في الوقت نفسه – إلى الأعمال الرصينة الأكثر عددًا من المراكز الثلاثة، بصرف النظر عن الجوائز المالية، كما أن هذه الخطوة تُومئ إلى مجموعة من الباحثين الجادّين للتعريف بهم والبحثِ عن أعمالهم ومتابعة جهودهم في المجال المسرحي، وأتمنى للمسابقة في فرع النقد المسرحي في الدورات المُقبلة أن تحافظ على سُنّة نشر القائمة القصيرة، وأن تطبع البحوث الفائزة في أي صورة من الصور الطباعية، سواء في كتاب أو أحد الإصدارات الدورية التي تصدر عن وزارة الثقافة، ويمكن في الأعوام القادمة تقسيم فرع النقد المسرحي إلى شقين، أولهما للبحوث المسرحية الطويلة «التي لا تقل مثلا عن 25 ألف كلمة»، وثانيهما للمقال النقدي «الذي لا يزيد على 10 آلاف كلمة».
وقالت الناقدة رنا عبد القوي الفائزة بالمركز الثاني: لقد غمرتني السعادة والبهجة كثيرًا بعد إعلان فوزي بجائزة المركز الثاني للدراسات النقدية، خاصة أنها جائزة في مجال تخصصي وشغفي و دراستي التي لدي بها طموح ليس له حدود، و خاصة أيضًا أنها آتية من بلدي و وزارة بلدي، ومن قبل لجنة تحكيم في قامة دكتور أحمد مجاهد ودكتور محمد سمير الخطيب ودكتورة أميرة الوكيل، باعتبارهم أساتذة محل تقدير، موضوعيين في تقييماتهم، و لما لهم من إسهامات في الواقع المسرحي نفخر به جميعًا
وتابعت «عبد القوي»: وبالتأكيد مسابقة لجنة المسرح للدراسات النقدية والنصوص المسرحية في غاية الأهمية على المستوى العملي، فالوسط المسرحي المصري في حاجة إلى نصوص وكتابات جديدة ليتم ضخها في العملية الإنتاجية بدلًا من النصوص المُكررة، كما أن الواقع البحثي المسرحي متعطشًا لمثل هذه المسابقات التي تسمح لمجموعة كبيرة من الباحثين الجادين للظهور والتواجد على الساحة الثقافية بعلمهم و أبحاثهم للكشف عن قضايا و هموم فكرية هادفة، تلك الأبحاث التي تؤكد على ارتباط الشق النظري بالشق العملي في واقع المسرح المصري وأن كليهما لا ينفصل عن الآخر، وبالتأكيد هذا يؤدي إلى تطور وارتقاء المنتج المسرحي المصري، كما أنها تُحث الدارسين والباحثين على مواصلة الطريق وعدم فقد الشغف والأمل، في ظل واقع مُتغير، يفرض كل يوم قيمه الجديدة المتحيزة للترند والموضة الاجتماعية والتي هي بعيدة كل البعد عن العلم والإيمان بضرورة البحث العلمي، ويعزز ذلك أن الأبحاث الفائزة سوف تُنشر في كتاب يُمَكن المسرحيين من قراءته والاطلاع عليه، لينضم بذلك إلى المكتبة المسرحية.
وأضافت «رنا»: تعد مسابقة الدراسات النقدية مُكتسبا مهم حصل عليه الباحثون في مجال المسرح، بفضل لجنة المسرح المؤمنة بضرورة البحث المسرحي، وعلينا الحفاظ على هذا المُكتسب، والتمسك به وتطويره في المستقبل القريب، و لأن العقلية النقدية تفرض على من يمتلكها النظر للتطور القادم، فبجانب كل هذه الإيجابيات، في تصوري أن السباق على جوائز الدراسات النقدية يختلف عنه في النصوص، ففي الوقت الذي رأينا فيه إعلان المسابقة بتحديد شرط السن للأربعين عامًا في مسابقة النصوص، كانت مسابقة الدراسات النقدية غير محددة بسن ، على الرغم أن - من وجهة نظري - العكس هو الأكثر منطقية، فالكتابة الإبداعية ليس لها عمر، ومن حق الجميع التسابق فيها ، أما بالنسبة للبحث، فهل من هو فوق الخمسة و أربعين من عمره مثلًا في حاجة إلى الشهادة له بأنه باحث جيد؟، أتمنى أن تراجع لجنة المسرح هذا الشرط من شروط المسابقة في النسخ القادمة من الجائزة.

الاحتفالات الطقسية
وأوضحت «رنا»: وعن بحثي الفائز فهو بعنوان «المعالجة الدرامية لآليات المسرحة في الاحتفالات الطقسية.. تطبيقًا على بعض النصوص المسرحية المصرية»، و يتعرض البحث لبعض الطقوس التي يمارسها أفراد المجتمع المصري دون أن يعى كونها تحوي في طياتها شكلا مسرحيا وعناصر الفرجة المسرحية، حيث لها أبطال وأدوار موزعة وحركة وموسيقى وأزياء وجمهور أيضًا.
وتابعت: الطقوس محل الدراسة هي «السبوع، الختان، الحنة، الدخلة، الزار، الفرح الشعبي» وقد تناولتها بالرصد والتحليل من خلال عينة من النصوص المسرحية لكُتاب مصريين، وهم النص المسرحي «المعبد» تأليف سامح مهران عام1996، عن رواية «الطوق والأسورة» تأليف يحي الطاهر عبد الله، و النص المسرحي «خالتي صفية والدير» تأليف سعيد حجاج عام 1998، عن رواية «خالتي صفية والدير» تأليف بهاء طاهر، و النص المسرحي «نوبة دوت كوم» تأليف حازم شحاتة عام 1999، عن ثلاث روايات لإدريس علي، و النص المسرحي «شيخ محضر» طقسية شعبية.. إعداد عن «مجموعة من الطقوس المصرية»، «عُرس الدم» للكاتب الإسباني جارثيا لوركا»، «العنكبوت الوحشي.. كابوكي ياباني»..إعداد النص المسرحي وإخراج سعيد سليمان 2004، و النص المسرحي «مين ياكل أبوه» تأليف سامح مهران عام 2006، عن رواية «أيام الإنسان السبعة» تأليف عبد الحكيم قاسم، و النص المسرحي «الســريــر» تأليف صفاء البيلي عام 2014، واعتمدت في قراءة وتحليل الطقوس على المنهجين الأنثروبولوجي، والسسيولوجي.
وأضافت: تكمن أهمية الدراسة كون الموروث الثقافي لأيّ مجتمع هو أحد المقومات الرئيسية التي تحدد ماضيه، وحاضره، ومدى تطوره في المستقبل، وبما أن المسرح لا يطرح ممارسات المجتمع كما هي، بل يشتبك معها ويطرح الأسئلة عليها، كما وأنه ربما يتعارض مع ثوابتها، ومن هنا استهدفت الدراسة قراءة هذا الموروث عمليًا وتطبيقيًا من خلال مجموعة من النصوص المسرحية المصرية، التي تتناول بعض الطقوس ذات الطابع الاحتفالي، وكيف كُتبت للمسرح، وكيف رسم ووزع الكاتب المسرحي الأدوار الاجتماعية على القائمين عليها. وكانت الأسئلة الرئيسية للبحث هي، ما هي جذور الطقوس – محل الدراسة - ومن أين أتى الإيمان بها؟، كيف تُمارس هذه الموروثات/ الطقوس في المجتمع المصري ؟، ما هي عناصر الفرجة المسرحية المتوفرة فيها؟، و كيف صاغ المؤلف المسرحي هذه الطقوس الاحتفالية والموروثات الثقافية عند التعرض لها في نصه المسرحي؟
و قد توصلت إلى مجموعة من النتائج منها: الكتابات المسرحية المصرية والمتناولة ميراث المجتمع المصري وأعرافه في السنين الماضية لم تنظر إلى شكل الاحتفال في «الأفراح الشعبية» خاصة وأن لها دراما خاصة جدًا، ومحشودة بالأدوار الفردية الموزعة، والمُنتجة لطبيعة احتفالية ذات طابع مسرحي، و الموروث الثقافي قد يساهم في خلق نزعات وسلوكيات ميتافيزيقية تغييبية متكئة على رصيد من التراكم المجتمعي الموثوق فيه وأسانيد ودلائل من المفاهيم الدينية المغلوطة، كما أن المبدع ذو الأصول والجذور المركبة ثقافيًا، يعيد انتاج موروثاتها وإن كان بعيدًا عنها.
وقال الباحث والكاتب دكتور شريف صالح الفائز بالمركز الثالث في الدراسات النقدية معربًا عن فرحته بالفوز: في كل مرة يحصد فيها المبدع جائزة نتاج مشاركته في أيّ مسابقة، فإنه يشعر بالسعادة والامتنان، وكأن الجائزة جمعت كل كلمات الشكر والتقدير، نحو ما سعى لتقديمه، أو سطر بقلمه، فيسعد كثيرا المتتسابق بعد فوزه، فذلك تقديرا كبيرًا ومهمًا للجهد الذي بذله وجدّ من أجل أن يصل للآخرين، فيشعر بالفرحة بكل جائزة وفوز، وعلينا جميعا مع ذلك أن نحترم قرار ونتائج أيّ لجنة طالما قبلنا أن نشارك ونخوض المنافسة، فليس كل من يشارك ومن بين ذلك أعمالنا هو الأفضل بين الجميع في الحقل الإبداعي، بينما هو قرار لجنة التحكيم المختارة، ولها جزيل الشكر.
وأضاف «شريف»: شاركت في الكثير، من المسابقات المحلية والعربية في جوائز الصحافة والقصة القصيرة، وكذلك المسرح، لكن مسابقة لجنة المسرح هي الأولى لي، وسعيد جدًا بها.
وأضاف: ويعد التنافس تجربة مهمة، ولها دورها البارز في كل المجالات الإبداعية الأدبية والفنية، ومجالات النشاط الإنساني كافة، فهو خطوة مهمة لكل مبدع ومنتج، وتجربة تجعلنا نسعى ونجتهد لنقدم أفضل ما تسطر أقلامنا، في الجانبين، التأليف والبحث العلمي، مما ينتج دراسات نقدية جديدة وجيدة ونصوصا مسرحية جديدة في الحركة المسرحية المصرية، تفيد الجميع، ويتم تقديمها على خشبات المسارح، و يُحتفى بها حية، بين الجمهور.

ضوابط وآليات
وعن ضوابط وآليات التسابق قال: كل مسابقة يوضع ضوابطها، وفقا لفلسفة المسابقة، وتظل نسبية بصفة عامة، مقارنة بغيرها من المسابقات، وإذا وافقنا بالمشاركة وأن نخوض التنافس وجب علينا أن نتقبل نتائج المسابقة، ولابد أن تضع كل مسابقة بعض المعايير منها ما يستهدف قضايا خاصة، أو تشجيع فئة معينة كالشباب في مسابقة النصوص بلجنة المسرح، وهي معايير لكل جائزة مهمة حتى تحقق النتائج الفلسفة المرجوة من المسابقة نفسها، وتكون الضوابط أيضًا بخريطة استرشادية للجنة التحكيم، ففي مسابقة فرع النقد المسرحي كنا بصدد أحد الضوابط التي تحكم ألا يكون البحث ا ليس مقدما لنيل درجة الماجستير أو الدكتوراه، وألا يكون منشورا من قبل وذلك للاستفادة منه ونشره، كانت المعايير ضرورية ولا تؤثر سلبًا لكنها دومًا تكون مناسبة لمن يريد المشاركة، وكل مسابقة تتغير ضوابط فلسفتها الخاصة التي تسعى للوصول إليها وإلى نتائج واضحة ومحددة.
وقال «شريف» موضحًا دور الأبحاث والدراسات النقدية في عملية الإنتاج المسرحي إن أثرها ضعيف في الحركة المسرحية، حيث تقدم الكثير من الدراسات والرسائل العلمية بالمعاهد المتخصصة بالمسرح، ولكن نجدها بمعزل عن الإنتاج المسرحي الذي يقدم غير مهتم بالباحثين والأكاديميين في غالبية الأمور، ولا نحظى أبدًا بتسليط الضوء على الباحثين والدراسات البحثية الجديدة التي تخص المسرح، وكذلك فإن المسرحيين لا يطلعون النقاد على أعمالهم وعروضهم المسرحية إلا قليل منهم، وقد يحضروا العروض مصادفة،  نحلم ونتمنى أن نصنع تواصلًا وجسورًا بين النقاد والباحثين المسرحيين مع صناع العروض المسرحية بالدولة وقطاعاتها المختلفة، لتطوير المسرح المصري.
ومقترحًا قال «شريف»: أتمنى من لجنة المسرح أن يتمثل دورها في رسم استراتيجية واضحة للحركة المسرحية المقبلة وكذلك أن تهتم ببرنامج ودور الأرشيف المسرحي، ويكون دورها أبعد من إقامة الندوات والمسابقات وأن توليّ لجنة المسرح اهتماما أكثر بالشباب، هل نحظى بعدد كاف من الورش الفنية والتدريبيبة المتخصصة للشباب أم لا؟  هل نحقق التواصل الحقيقي والفعال بين جميع المشاركين في العملية المسرحية بدءا من المؤلفين والنقاد وجميع صناع العرض المسرحي أم لا؟ هل العروض المسرحية جميعها تصل لجميع مواطني الجمهور لمصري
وأضاف: يجب أن تعمل لجنة المسرح على تقديم خطط عمل على مستويات المسرح في كل اتجاه، وأن نعي جيدا ضرورة تقديم رؤى استراتيجية  مهمة بدلا من الخطط الجزئية أو الاجتهادات الشخصية .

«مقصوفة الرقبة»
واختتم شريف صالح بقوله\: البحث الذي شاركت به في المسابقة،وحصد المركز الثالث بعنوان«المعلن والمخفي في مسرحية زوبة المصرية»، للكاتب محمد أبو العلا السلاموني، تتناول قصة واقعية  وردت في بضعة أسطر في تاريخ الجبرتي عن فتاة اسمها زينب البكرية، يعود نسبها لنقيب الأشراف، قبل عمر مكرم، وكان مواليًا للحملة الفرنسية، و تأثرت الابنة زينب بالحملة الفرنسية، وعرف عنها أنه خلعت الحجاب، وحوكمت لذلك، بعد جلاء الحملة الفرنسية، وعندما سئل أبيها عن موقفها تنكر لها، وأمر بقصف رقبتها، وتم ذلك، وإلى هنا يعود قولنا في لغتنا بالعامية المصرية «مقصوفة الرقبة». وقد تناول «السلاموني» الحدث، برؤية مغايرة، وفي دراستي حاولت أن أرصد التغيرات الدرامية التي قدمها «السلاموني»  على الواقعة الحقيقية ،ودلالات ذلك، حيث جعل منها رمزًا ونموذجًا للمرأة المصرية التي استطاعت أن تتمرد على العادات البالية، والتقاليد القاسية الظالمة، ودفعت «زوبة» ثمنًا لذلك برضوخها لقصف رقبتها، وقمت بتحليل النص المسرحي ومختلف عناصره من بناء الشخصيات والمكان الخ.

النصوص المسرحية
وقالت دعاء البادي الفائزة بالمركز الأول في فرع التأليف المسرحي:  ليست جائزة لجنة المسرح، في النص المسرحي، الأولى لي في مجال الإنتاج الإبداعي، حيث فزت من قبل بجائزة الطيب صالح للرواية، لكن جائزة المسرح في هذي المرة هي الأقرب لقلبي، وهي المرة الأولى لي في ، وغمرتني السعادة أكثر خاصة أن نصي هو الأول لي في كتابة النص المسرحي، ونلت الجائزة من بلدي مصر، وعن الفن الممتع الذي سيظل أبو الفنون ، وسعيدة لأنه سوف يتم نشر نصي وكل النصوص الفائزة، وسأسعى لأن يقدم النص من خلال خشبة المسرح، وتلك هي الفرحة والسعادة الأكبر للنص المسرحي.
وأضافت : الفوز ونحن في بداياتنا والتحكيم من قبل لجنة قوية تشكلت من أساتذة أجلاء، يمارسون الفعل المسرحي، يعد دفعة قوية، لأن نستكمل الطريق ، وهذه أول مسرحية أكتبها، و قد شرعت في الفترة الأخيرة في كتابة نص جديد ويملأني الحماس لأنتهي منه، خاصة بعد الفوز الذي بلا شك دفعني بقوة لاستكمال رحلتي في الكتابة خاصة مع حبي الكبير للمسرح، وتظل الكتابة لفن المسرح أكثر متعة عن الكتابة للألوان الأدبية كالقصة والرواية، وذلك لأنني أعيش الأجواء الممتعة للمسرحية بشخصياتها، وأحداثها.
وتابعت «البادي»: ستظل المسابقات فرصة عظيمة ومهمة لجميع الكتاب خاصة الشباب في بداية رحلته، حتى يتعرف الوسط المسرحي على مؤلفاته، ويكون له صوت.  

من يستحق الحرية؟
واستطردت: يدور نص الرماد في مدينة وسط الصحراء بالعصور الوسطى مع عدد من الشخصيات المتنوعة وهي اللص، الطبيب، العجوز، الإسكافي، حاكم المدينة، الوزير، وتدور الحكاية في ديكور زنزانة من خلال النافذة يستطيع السجناء تمييز قمة جبل شاهق، وعبر النافذة يتابع السجناء سقوط أشخاص من فوق الجبل وكأنهم في حالة انتحار جماعي، والسجناء «لص» يتصف بالدهاء، و«عجوز» يتسم بالحكمة، و«طبيب» يمتاز بالطيبة والإخلاص، و«إسكافي» ليس له رأي في أي شيء، ويندهش السجناء ويفكرون في سر إقدام الناس على قتل أنفسهم، ويتذكر كل منهم السبب الذي قاده إلى السجن؛ فجميعهم سجنوا بعد انتصار مدينتهم في حرب طويلة أنهكتها اقتصاديًا وراح ضحيتها آلاف المحاربين، ولكل منهم سبب عجيب قاده إلى تلك الزنزانة وكل منهم يرى نفسه مظلومًا يستحق الحرية.
وقال الكاتب أحمد سمير الفائز بالمركز الثاني إن عملية استعادة مكانة وريادة المسرح المصري تأتي أولًا من اهتمامه ورعايته للمواهب المصرية التي ستدفع المسرح دفعًا نحو الأمام بأفكارهم العصرية والتي حتما ستعبر عن قضاياهم وقضايا هذا الوطن ومن هذا المنطلق تقدم لجنة المسرح مسابقة فريدة في النص المسرحي للشباب وكأنها تؤكد على دورها الفاعل في عملية استعادة دور المسرح وأهميته.
وأكد «سمير»: إن مسابقات التأليف تصنع حالة من النشاط المسرحي على كافة المستويات إذ أنها تكون حقلًا رائعًا للمؤلفين المسرحيين لتقديم إبداعاتهم لتحظى بتسليط الضوء عليها.. ومن ثم اهتمام المتخصصين والمخرجين بها لتكتمل حلقة التواصل الإبداعي بين الجميع بدلًا من انعزال كل منهم بمفرده.. وكي لا تصبح تلك النصوص حبيسة الأدراج.. فتعد مسابقات التأليف المسرحي للكاتب،هي طوق النجاة الذي يتشبث به ويدفعه لكتابة المزيد والمزيد.
وأعرب «سمير» عن سعادته وقال: أشيدُ بما قدمته لجنة التحكيم بإعلان قائمة قصيرة لأبرز النصوص التي رأت اللجنة جودتها وهذا الأمر سيُعطي اهتمامًا بنصوص رائعة لم يحالفها التوفيق بالفوز ولكنها حتمًا ستجد من بين المهتمين والمتابعين فرصة للسطوع في الأوساط المسرحية، و مشروع مسابقات التأليف المسرحي يُمثل ضرورة ملحة في هذا التوقيت العصيب الذي يتعرض فيه النص المسرحي المصري لإدعاءات و مغالطات أبرزها أسطورة «موت المؤلف» وهو الأمر الذي يعلل به البعض بحثهم الدائم عن نصوص أجنبية ولعل مسابقة المجلس الأعلى للثقافة وغيرها من المسابقات التي تفرز نصوصًا جيدة لكتاب ومؤلفين مصريين من جيل الشباب هو أكبر رد على من يدعي موت المؤلف.. ولكن علينا الأخذ في الاعتبار بأن لا تصبح هذه المسابقات مجرد موجة في بحر ساكن.. بل يجب أن تتزايد أعداد المسابقات المعنية بالتأليف المسرحي، ونحلم دومًا بذلك وأن يشمل كل مهرجان مسرحي مسابقة منفصلة للتأليف ويجب مراعاة القيمة المادية لجوائز التأليف حتى تكون دافعًا للمؤلفين في المشاركة الفعالة بنصوصهم فضلًا عن توجه المؤلفين بتلك النصوص وتخصيصها في مسابقات أخرى تحقق لهم طموحهم ومسعاهم.

أضغاث أحلام
عن النص المسرحي الفائز بالمسابقة «أضغاث أحلام» قال: يدور حول محاولة درامية لوضع تعريف ملائم لفلسفة الموت.. تلك الحقيقة التي ينفر منها الجميع ويخشاها وأنا أيضًا كذلك ،وقد كتبت النص المسرحي في وقت شاهدت بعيني الموت وهو يحوم حولي ويقتلع أرواح المقربين حتى بدت حياتي من حولي مهددة هي الأخرى وأصبح الموت هو أخطر الأعداء المهددين لحياتي أو ربما هذا ما كنت أظنه، فكان ما سبق دافعًا قويًا كي أكتب عن الموت وفلسفته وما بعده.. من خلال حبكة مسرحية اتخذت من الحياة بأكملها زمنًا دراميًا.. فبدأت من لحظة السقوط الأولى للإنسان فوق الأرض بعد خروجه من الجنة لتضع الإنسان أمام حقيقة الموت على الأرض وتبدأ محاولات اكتشاف الإنسان لماهية الموت كحقيقة وفلسفة.. عبر «آدم» ذلك الشخص الذي وجد نفسه بين أناس قدسوا الموت وعبدوه وصنعوا منه  إلها يحكمهم، شخص لا يعرف من هو ولكن معرفته الوحيدة أنه مطالب دائمًا بالموت في سبيل الإله الواقف فوق مقصورته في المعبد.. وبين عصيانه ورغبة الإله في موته يتعرض آدم إلى موجات متلاحقة من الموت ثم الحياة ثم الموت ليتجلى مع ذلك الصراع القائم عظمة الحقيقة واكتشافاتها في دواخله.
وقال المؤلف والكاتب هاني قدري الحائز على المركز الثالث في مسابقة النصوص: سعدتُ كثيرًا بالمشاركة بالمسابقة، ومن بعد ذلك بالفوز بالمركز الثالث، وخاصة أنها ليست المرة الأولى لي مشاركًا وفائزًا بجائزة لجنة المسرح، فقد حصدت العام الماضي، بالمسابقة نفسها على المركز الأول، وأشعر بالفخر أني توجت لمرتين متتالييتن على التوالي لعامين، و كنت قد حصلت على المركز الأول، بالعام الماضي عن نصي المسرحي «الفئران لا تضل الجحور» وهذه الدورة للمسابقة بعام2023 حصلت على المركز الثالث عن نصي المسرحي «قبور بلا موتى».
وأكد هاني قدري : تُعد المسابقة التي تنظمها لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، برئاسة المسرحي والفنان القدير المخرج عصام السيد، واحدة من أهم الجوائز بمصر في المسابقات المسرحية، وأقدمها وهي تسلط الضوء بشكل كبير على مختلف كُتاب المسرح، من محافظات مختلفة، وخاصة في ظل ما نشهده من ندرة تنظيم مسابقات تختص بجانب التأليف المسرحي واعتماد الكثير من المخرجين على نصوص عالمية لتنفيذها، وأتمنى أن تُقدم النصوص الفائزة، بالمسابقة وفقًا لآلية أو وضوابط قوية، من لجنة المسرح وبرنامجها على مسارح الدولة ولا يقتصر الأمر على مجرد منح جائزة للمؤلف وحسب، ولكن نتمنى أن تسعى لتقديم النصوص في مسرحيات وزارة الثقافة، أملا أن يتحقق الهدف الرئيس الذي يكتب من أجله النص المسرحي وهو تقديمه عرضًا مسرحيًا ينبض بالحياة للجمهور.

الأخوة في الدم والإنسانية
وأضاف: نص «قبور بلا موتى».يتناول المجتمع الإنساني وأفراده، ومن داخل وحدة بناء وتكوين المجتمع وهي الأسرة وخاصة الأخوة، وذلك بشكل عام بداية من أخوة الدم، وانتهاءً بالأخوة في الإنسانية وما يُعكر تلك الرابطة القوية من أمور دنيوية وصراعات.
تشلكت لجنة التحكيم فرع الدراسات النقدية من الدكتور أحمد مجاهد، والدكتورة أميرة الوكيل، والدكتور محمد سمير الخطيب، فيما تشكلت لجنة فرع النصوص المسرحية من الدكتورة أسماء يحيى الطاهر والدكتورة إيمان عزالدين، والدكتور أيمن الشيوي.

 


همت مصطفى