«المطبخ» و«الحب في زمن الكوليرا» من العروض المميزة ورحيل مصطفى سليم الأكثر إيلاما وخسارة

  «المطبخ» و«الحب في زمن الكوليرا» من العروض المميزة  ورحيل مصطفى سليم الأكثر إيلاما وخسارة

العدد 802 صدر بتاريخ 9يناير2023

شهد عام 2022، عامًا مسرحيًّا مليئا بالأحداث المهمة إلى جانب ورحيل العديد من المسرحيين، وقد تم عرض العديد من العروض المسرحية على مسارح الدولة والقطاع الخاص والمسرح المستقل والجامعات والثقافة الجماهيرية، «مسرحنا» أجرت رصدا للحصاد المسرحي العام الماضي، وأمنيات المسرحيين للعام الجديد، من خلال عدد من المسرحيين ..

قال الفنان د. علاء قوقة: الحصاد المسرحي لعام 2022 أقل بعض الشيء من العام الماضي، لكن رغم ذلك هناك بعض العروض المتميزة، مثل الحفيد واستدعاء ولي أمر والحب في زمن الكوليرا وبعض العروض الحركية مثل ماذا أفعل هنا بحق الجحيم؟ والمطبخ، ومن الوقائع التي أثرت في مسيرة المسرح القومي، ما حدث في عرض الحفيد من إيقاف، والوصول  للشؤون القانونية، وهو شيء مؤلم أن يحدث مع عرض متميز، فيتوقف بسبب خلافات، ولا أعرف ما سبب أن الحصيلة الإنتاجية قليلة؟، و المسرح المستقل كذلك حركته قلت نسبيًّا وإن زادت العروض التي تسافر إلى موسم الرياض.
وأضاف «قوقة»: المهرجان القومي في دورته الماضية دورة «المخرج المسرحي» كان مستواه معقولا، بينما المهرجان التجريبي كان دون المستوى، فليس هذا هو المهرجان التجريبي الذي ننتظره كل عام، ولست مؤيدًا لأن تقدم عروض نوادي المسرح الخاصة بالثقافة الجماهيرية في المهرجان، فلها مهرجان خاص بها، هي مسابقة داخلية فلماذا يتم إلحاقها بمهرجان دولي؟، كذلك العروض القصيرة ..لماذا لا يتم ذلك داخل أي مهرجان داخلي؟، وهناك مهرجان الفرق المتخصصة! المهرجان التجريبي دولي، ولا يحتمل وجود أقسام أخرى غير المسابقة الرسمية الخاصة به «العروض الدولية»، ومصر تشارك بعرضين كما هو مُتّبع، ولا أرى أنها ترقى لدولية المهرجان التجريبي، و أتمنى أن تزيد ميزانيات المسارح حتى يكون هناك إنتاج أكبر، خاصة بعد زيادة الأسعار، نحتاج إلى مخصّصات مالية أكبر، حتى يكون الإنتاج مستمرا طوال العام، واتمنى أيضًا أن تكون ميزانيات المسارح غير مركزية، أن يأخذ كل مسرح ميزانيته وينتج ويأتي بإيرادات ثم يتم محاسبته نهاية العام، ذلك أحد الحلول لإنقاذ المسرح نسبيًّا كما تعم فائدة المسرح على الجمهور، فيحصل على  الخدمة الثقافية الواجبة .
 واصل: وللأسف  رحل عنّا عدد من المسرحيين المهمين منهم د. مصطفى سليم، المسرحي وأستاذ الدراما والنقد وهو خسارة كبيرة للمعهد العالي للفنون المسرحية ولأكاديمية الفنون وللحركة المسرحية والفنية، إلى جانب رحيل العلّامة الأستاذ كمال عيد، الذي ترك فراغا كبيرا في الحركة النقدية والدراسية.
وختم «قوقة»: حصادي مسرحيًّا في العام الماضي أن  حللت بديلًا عن الفنان تامر فرج في عرض «الحفيد»، إلى جانب تقديم تجربة في مهرجان أربيل مسرحية «The Meeting» إخراج مازن الغرباوي، .
«المسرح المدرسي» مفتاح لحل الأزمات المسرحية
وقال المخرج والممثل المسرحي عزت زين: شاهدت خلال 2022 عددا محدودا من العروض المسرحية أبرزها ليلة القتلة والحب في زمن الكوليرا في الطليعة، ومشاحنات في مركز الإبداع الثقافي، ذلك لأني مُشارك في مسرحية حلم جميل التي تُعرض على المسرح الكوميدي. هناك بعض العروض حققت نجاحات كبيرة مثل ليلة القتلة والحب في الكوليرا ومشاحنات، وقد استمتعت بهذا العرض جدًا، وهناك أيضا إخفاقات، وهذا حال مسرحنا المصري لعدم وجود خطة إنتاج واضحة، فهناك عدد من المسارح لم تُقدم أى إنتاج هذا العام نظرًا لإغلاقها (إصلاحات- دفاع مدني)، وفي الثقافة الجماهيرية كلما تقدمنا خطوة نتراجع خطوات أخرى للوراء، هناك لجان ونحن في شهر ديسمبر تناقش المشاريع المسرحية المُقبلة التي سوف يتم تنفيذها بعد ضياع ستة أشهر من العام، ومعنى ذلك أن هذه العروض سوف تدخل موسم الإمتحانات، هذا الأمر كُنا قد انتهينا منه منذ عامين، وكانت الفرق تُقدم قبل ذلك وتعرض في إجازة نصف العام، وهذا ما كان يحقق انتعاشا مسرحيا، ولكن ضياع ستة أشهر من السنة بلا إنتاج، معناه أننا نذهب بالعروض إلى نقطة مظلمة، ويترتب على ذلك عدم وجود مهرجانات وخلافه، وهذا حال مسرحنا المصري خطوة للأمام وخطوتين للخلف.
وتابع «زين»: الأمل في وضع خطة  لجميع مسارح البيت الفني يتم الإعلان عنها بشكل واضح، واتمنى أن يمتد ذلك إلى الثقافة الجماهيرية وعروض الشباب والرياضة وغيرها .. المسرح المدرسي «مات» تمامًا، ولم يعد له وجود مؤثر على الإطلاق، ورأيي أن عودته  مفتاح حل المشاكل المسرحية كلها، حيث يجب ترسيخ الفن منذ الطفولة، وأن يكون عادة، إلى جانب تردد الناس على المسرح بشكل منتظم، وأتمنى أن يتم إعادة النظر في مسرح الثقافة الجماهيرية وهو خط الدفاع الأخير في كل الأقاليم المصرية، إلى جانب المسرح المدرسي الذي يُغذي كل الحركة المسرحية، لأن ابن المسرح المدرسي هو ممثل في الثقافة الجماهيرية وفي الجامعة وفي الشباب والرياضة وفي مسرح الدولة، كما أتمنى أن يحل المشروع الذي سوف تُقدمه الشركة المتحدة لإحياء المسرح المدرسي الأزمة، ويكون مُبشرا.

عامً من «الحظ المسرحي»
وقال الفنان عبد المنعم رياض: قدمت عرضين مهمين جدًا بالنسبة لي وهما «101 عزل» و«خطة كيوبيد»، وكنت محظوظا بالعرضين لأنهما يُناقشان موضوعين يخصان شرائح المجتمع، تجربة «101 عزل» كانت ترصد الفترة الخاصة بالكورونا، وددنا أن نوصف الحال قبل وبعد الكورونا واستعرضنا شرائح مجتمعية كثيرة ومن تم فقدهم وأيضًا من تربحوا من هذه الأزمة، أما «خطة كيوبيد» فتناقش العلاقة  الزوجية وعلاقة الرجل بالمرأة قبل وبعد الزواج، ويتناول العرض الموضوع في إطار خيالي أسطوري .
وتابع «رياض»: كان هناك حراك مسرحي محترم وقوي، العديد من العروض في مسارح الدولة كاملة العدد مثل «حلم جميل» وخطة كيوبيد» و«ليلة القتلة» و«الحب في زمن الكوليرا» الذي حصد جوائز مهمة. أضاف: المسرح بدأ يعود لدوره الحقيقي الذي كان عليه قبل ذلك ثم تراجع، وجود الأعمال واختيار المواضيع المهمة، ثم الفنانين الذين يستقطعون من وقتهم ومجهودهم الذهني والبدني للمسرح، ثم دعم الجمهور الذي يتفاعل مع العروض بصدق..
تابع «رياض»: نحتاج إلى ورق أكثر يناقش مواضيعنا وما يمسنا، سوق الفن في مصر يستوعب أكثر من ذلك، الشباب فعّال ومنتج، أغلب العروض في البيت الفني للمسرح القائمون عليها شباب، وللأسف لم يعد لدينا مسرح قطاع خاص والمسرح المستقل تراجع، العروض المستقله لم تعد بالوفرة كما كانت.
المسرحيون اجتهدوا على قدر الظروف المتاحة
فيما قالت الفنانة رباب طارق: عام 2022 قدمت «كاليجولا»، ومشاركته  في المهرجان القومي كانت شرفا لنا جميعًا، ولكن ا بشكل عام مسارح الدولة كان بعضها مغلقا بعضًا منها، لكن المسرحيون اجتهدوا وحاولوا على قدر المستطاع، هناك من تنازل عن أجره أو حصل على نصف الأجر فقط، والموظفون في وزارة الثقافة بعض منهم كانوا يمثلون بحكم وظيفتهم وبعضهم حبًا في المسرح فشكرًا لهم جميعًا لأنهم من قاموا على الحركة المسرحية التي كانت على قدر المتاح، كما افتقدنا قامات مسرحية كبيرة و مهمة، أتمنى في 2023 أن تعمل جميع مسارح الدولة بشكل كامل ويكون بها أكثر من عرض على مدار السنة.

«خطة كيوبيد» ومسرحيات أخرى
وقال الفنان جورج أشرف: انتهيت من عرض مسرحية «أحدب نوتردام» بداية العام، ثم اشتركت في مسرحية «101 عزل» وقدمت عرضًا في المهرجان العالمي و «بوهيميا» على مسرح النقابة وعرض «علاقات خطرة» لفريق «Better Show»، هذا أبرز ما قدمته وشاهدت مسرحيات قمة في الروعة مثل «خطة كيوبيد» و«يحفظ باردًا» و«الزيارة» و«سالب واحد» واستدعاء ولي أمر».
وتابع «جورج»: وفاة د. مصطفى سليم في نهاية هذا العام كان حدثا مؤلما جدًا للوسط المسرحي بأكمله.

زيادة معوقات العملية الإنتاجية
فيما قال المخرج الكبير عصام السيد: للأسف فقدنا قامات مسرحية كبيرة،  حرصت في ختام المهرجان القومي للمسرح المصري، أن أقدم لهم  التحية، وفيما يتعلق بالموسم المسرحي، زاد اختفاء مسرح القطاع الخاص وتوهج مسرح الجامعة، وهناك عروض متميزة ومختلفة في المستقلين، وللأسف الشديد تقلص إنتاج مسرح الدولة، ولكن هناك ظاهرة مسرحية أخرى أناشد المسؤولين أن يبحثوها، وهي زيادة المعوقات في العملية الإنتاجية مثل «الفاتورة الإلكترونية»، فالفنانين مسجلين في ضرائب المهن الحرة غير التجارية وأغلبهم ليس لديهم شركات، فكيف نتعامل مع الفاتورة الإلكترونية؟ أراء متخبطة، وهذه المسألة ستكون سببا في تعطيل العملية الإنتاجية، وكلما تم وضع قوانين جديدة غير مفهومة الإنتاج يتعثر أكثر، هذه القوانين تصلح لكثير من الوزارات ولكن لا تصلح مع الفن، ومنها فكرة سلفة الإنتاج التي لا تزيد عن مائة ألف  جنيه، المسرحيات الكبيرة تحتاج إلى مبالغ أكبر، يكفي الديكور والملابس والإكسسوارات إضافة إلى أجور الممثلين وباقي عناصر الإنتاج، كما أن الـحصول على مائة ألف  أخرى  ولكن بسلفة جديدة؟!، أمر غير مفهوم ؟! فما يُقال طوال الوقت من أن الفن يجب أن يزدهر فالأفعال تكذبه،  الأمر عكس ذلك تمامًا.
سنة مميزة.. أفضل إخراج وعرض في القومي
وقال المخرج المسرحي السعيد منسي: 2022 كانت سنة مميزة لي حيث حققت فيها جوائز المهرجان القومي عن عرض «الحب في زمن الكوليرا» أفضل إخراج وأفضل عرض، وأرى أن المسرح يسترد عافيته بعد فترة توقف بسبب الكورونا، هناك مهرجانات مهمة مثل المهرجان القومي والتجريبي عادا يعملان بكل قوتهما، وهناك عروض مميزة جدًا من مسرح الجامعة مثل «بنت القمر» وعرض «صلة»، وكان هناك تعاون بين البيت الفني ووزارة الشباب والرياضة وقدمت عروض الجامعات مثل «كتيبة نغم» و«صلة» على مسرح الطليعة.
وأضاف «منسي»: كان هناك تضارب شديد في مواعيد المهرجانات، وقد كُنا نرغب في المتابعة أكثر، وأتمنى أن يتم التنسيق بين المهرجانات والانتباه لما نُنادي به منذ سنوات، ففترة الصيف بأكملها تقريبًا تضيع في تقفيل السنة المالية وبدأ الجديدة، وإنتاج عروض جديدة لا تكون قبل نوفمبر تقريبًا، شهور الصيف يوليو وأغسطس وسبتمبر لا نستفيد بها، اتمنى أن نجد حلًا لذلك، كل الإنتاج يتم تركيزه في موسم الشتاء الذي يعقبه موسم الإمتحانات ثم يأتي في 2023 شهر رمضان في مارس ثم امتحانات الجامعة والمدارس،  وأتمنى أن يتم زيادة دور العرض وفتح الدور المغلقة، لدينا العديد من المسارح لم تعمل بقوتها الكاملة بعد، الميزانيات والأجور تحتاج إلى إعادة نظر، سواء في الهيئة العامة لقصور الثقافة أو في البيت الفني للمسرح، واتمنى التوسع في استضافة عروض الجامعات وعروض الفرق المستقلة على مسارح الدولة.
وقال المخرج والمؤلف محمد عادل: قدمت عرض «المطبخ» تأليف وإخراج، وعرض «سالب واحد» تأليف، و«المطبخ»  حصدت من خلاله على جائزة أفضل مخرج صاعد وأفضل مؤلف وأفضل عرض مركز ثاني، في المهرجان القومي، وكل ذلك فرق معي  بشدة كدعم معنوي في المقام الأول، وكحافز لتقديم الأفضل، مع زيادة الفرص بمقابل مادي أفضل، سعيد بالإقبال الجماهيري على العرض والتفاعل معه وآراء النُقاد الإيجابية، كما سافرنا بالعرض للمغرب في ملتقى مبدعات مراكش.
وتابع «عادل»: رحيل د. مصطفى سليم كان له تأثير كبير علي، كانت تجمعني به علاقة شخصية وشرفت بنصائحه المهمة، غير ذلك أرى أن الحراك المسرحي العام الماضي كان كبيرا، هناك عروض كثيرة، مسرح الدولة لديه عروض قوية ومهمة مثل «كاليجولا» و«الحب في زمن الكوليرا» و«ليلة القتلة» والهناجر قدم أكثر من تجربة مختلفة منها «استدعاء ولي أمر»، ربما فقط لم يكن هناك تواجد قوي للفرق المستقلة في المهرجانات الكبيرة، وأشعر أن عدد الفرق المستقلة يقل شيئًا فشيئًا، وربما بسبب الظروف المحيطة اقتصاديًّا ورقابيًّا، وسعيد جدًا بمشاركة عرض «ماذا أفعل هنا بحق الجحيم»  على هامش المهرجان العربي وقد شارك في المهرجان القومي، هذه التجربة شبابية مستقلة تُشبهنا، على الرغم أنني لا انتمي للعرض بصفة فعلية، ولكنني سعيد جدًا بها.

«البيوت الفنية المستقلة»
كذلك قال الكاتب د. سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون سابقًا والأستاذ بقسم النقد الأدبي بالمعهد العالي للنقد الفني: قدمت  مجموعة مسرحيات و صدر لي ما يقرب من 7 مسرحيات عن دار إضاءات منها هاملت بالمقلوب وميدان القمقم وصبوحة وديسكو وهكذا تكلم الحمار، وانتهيت من كتابة مسرحية «الظل الهُمام»، وعلى وشك الانتهاء من كتاب «الإنتاج في المسرح المعاصر وأشكال الآداء المختلفة في المسرح الأوربي  وكيفية الاستفادة منها»، شاهدت العديد من العروض المسرحية المتميزة ومنها «ليلة القتلة» ولكن لي تحفظ وحيد أن العرض كان يجب أن يعالج سيطرة الأبناء على الآباء حاليًّا، العملية أصبحت معكوسة، الأبناء حاليًّا هم من يسيطرون على الآباء وليس العكس، الموضوع تغير تمامًا في الـ100 سنة الأخيرة.
وتابع «مهران»: رحل عن عالمنا د. مصطفى سليم وقد كان رجلا خلوقا ومؤلفا واعدا للمسرح المصري، كما رحل آخرون من المسرحيين المؤثرين.
وأضاف «مهران»: كنت كتبت عن البيوت الفنية المستقلة، مجلس الشعب ناقش في لجنة الإعلام والثقافة والسياحة سنة 1990 ما يُسمى بأزمة أزدواجية المسرح المصري، يجب أن نعطي الكيانات المسرحية أشكالا استقلالية والمسرح له ميزانية معلومة من بداية العام ومدير المسرح يتفرغ لعمل موسم مسرحي لمسرحه، ويتم التخلص من كل العقبات البيروقراطية وأعتقد أن هذا الشكل من الإنتاج قد يتفق عليه المسرحيون، هناك أشياء أخرى من الممكن أن يتم مناقشتها خلال اجتماع مُوسّع طرحه المخرج عصام السيد في مؤتمر للمسرحيين، ولا أعرف أسباب التأجيل؟ المحاور من الممكن أن نتناقش فيها، محاور الرقابة العالم أصبح مفتوحا، وبالتالي من المفترض ألا يكون هناك وجود لنص الرقابة، لأن المجتمع لابد أن يناقش مشكلاته بحرية كبيرة، لابد من رفع سقف الحريات، وإلا لن يصبح هناك فن يناقش أوضاع المصريين المحلية بكفاءة.

رحيل مصطفى سليم المؤلم
فيما قال المخرج والمؤلف محمود جمال حديني: قدمت عرض «روح الصورة» لفريق مسرح جامعة الدلتا بالمنصورة، وأرى أن هذا دور مهم أن نقدم المسرح خارج القاهرة ونذهب إلى محافظات أخرى، و طوال الوقت تقدّم عروض من تأليفي والحمد الله، ومن الأشياء المؤلمة في 2022 رحيل د. مصطفى سليم الذي كان شاعرا كبيرا وأكاديميا عظيما. أضاف:  العام الماضي كان مليئا بالعروض الجيدة، و أرى أن تجربة «المطبخ» لمحمد عادل مهمة وتستحق، وكذلك «الحب في زمن الكوليرا» الذي يستحق بالفعل جائزة المهرجان القومي التي حصل عليها، وكذلك عرض «بنت القمر» و«قضية سنبل» لوليد طلعت.
وأضاف «حديني»: ومن أبرز أوجه الحصاد المسرحي ظهور مؤلفين شباب مثل محمد عادل ومحمد سوري ومينا بيباوي.
وقال المخرج والمؤلف محمد السوري: أبرز المحطات في 2022، أن كان لدي أكثر من عرض من تأليفي منها «صلة» و«استدعاء ولي أمر» و«بلا أثر» الذي حصلت من خلاله على جائزة الدولة التشجيعية لعام 2022، من إخراج محمود طنطاوي، وقدمت عرض «بنت القمر» تأليف وإخراج، وحصلت به على جائزة أفضل مؤلف صاعد من المهرجان القومي، ومن  العناصر الإيجابية أيضا عرض «المطبخ» وهو إنتاج مستقل، وهذا شيء يدعوا للحماس والإيجابية، وهناك رؤية حقيقية تُصنع الآن، فالمخرج الأستاذ خالد جلال بعد توليه مهام البيت الفني للمسرح، أشعرنا بوجود استراتيجية، وأعتقد أننا سوف نجني ثمار ذلك  في 2023، والمهرجان القومي هذا العام كان مميزا جدًا بالعناصر الشبابية والمستقلة المتميزة.
وتابع «سوري»: رحيل د. مصطفى سليم أثر في كل المسرحيين وفي شخصي بشكل كبير، هذا الرجل لم يكن يبخل بعلمه على أحد، رحمة الله عليه.

عام تحريك المياة الراكدة
و قال مهندس الديكور محمد الغرباوي: أبرز ما قدمته هذا العام أنني شرفت بتصميم ديكور مسرحية الفنان محمد صبحي «عيلة اتعملها بلوك» على مسرح سنبل، وفي الأوبرا صممت ديكور عرض باليه كليوباترا ومسرحية «الجميلة والوحش» على مسرح الطفل «متروبول»، أما بشكل عام، فهناك عدد من المسرحيات التي تم تقديمها على مستوى القطاع الخاص منها «أنستونا» للمخرج خالد جلال، وهناك تنوع وصحوة مسرحية قوية، فهذا العام المسرحي أعتبره عام تحريك المياه الراكدة، أصبحت عناصر الرؤية المسرحية من ديكور وأزياء وإضاءة ظاهرين بقوة في العروض المسرحية، وأصبحت السينوغرافيا أكثر تميزًا واختلافًا هذا العام.
وقال مهندس الديكور أحمد جمال: كان عامًا مليئًا بالجوائز، جائزة أفضل ديكور من المهرجان القومي عن عرض «نور» والمهرجان العالمي في أكاديمية الفنون وعرض «راشيمون»، وتخرجي من الأكاديمية والأول على الدفعة وبداية الدراسات العليا، كان عامًا مليئا بالإنجازات والحمد الله، أما الحصاد المسرحي بشكل عام فهناك العديد من التجارب المسرحية البارزة الشبابية، وفكرة تميز العنصر الشبابي وأن يكون في الصدارة شيء مبشر ومُشرّف، أما خسائر هذا العام فرحيل د. مصطفى سليم، واتمنى أن يكون هناك دعمًا أكبر للعروض على المستوى المادي، فالإنتاج يحتاج إلى نظرً لارتفاع الأسعار وخاصة الخامات.

مشاركة المسرحيين في الحوار الوطني
فيما قال الناقد المسرحي أحمد خميس: في نهاية العام حدثت أشياء مهمة أبرزها أن المخرج خالد جلال رئيس قطاع الإنتاج الثقافي ورئيس البيت الفني للمسرح بدأ يقدم طريقة مختلفة لتقديم الفرق الخاصة بالبيت الفني للمسرح، أن يكون لديها برنامجا محددا الناس على علم بمواعيده، وهذه نقطة مهمة في مستقبل المسرح المصري، وكُنا نُعاني على مدار سنوات طويلة، نتمنى أن يكون الطرح جادا وحقيقيا، الفترة الماضية كُنا نعيش فكرة العرض الذي يقدم فجأة، وهناك شيء آخر مهم هو فكرة الحوار الوطني وكيفية اشتراك المسرحيين فيه، هناك بعض الأشخاص دعوا إلى الاجتماع ببعض المسرحيين لتقديم وجهات نظر مسرحية ضمن الحوار الوطني الذي سوف يتم في الفترة القادمة، لتقديم وجهة نظر المسرحيين في العلاقة بينهم وبين الدولة والجهات الرسمية والوزارات المعنية وبتقديم العرض المسرحي، ومناقشة قضايا المسرحييين في المستقبل القريب، وهي مسألة تمت مناقشتها،  مرة من خلال لجنة المسرح ومرة أخرى من خلال حزب التجمع، وفكرة مستقبل المسرحيين وعلاقتهم بالرقابة والقضايا الحقيقية المُثارة في هذا الاتجاه، و هناك ثلاثة محاور خاصة بالإنتاج المسرحي والتغلب على مشكلاته خاصة أن الميزانيات تقل، وموضوع الرقابة وأثره السلبي على الإنتاج المسرحي ومدى جودته ومدى علاقته بالمواطن وغير المواطن، إلى جانب قضايا الملكية الفكرية.
وأضاف «خميس»: المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الأخيرة قدم واحدا من العروض المهمة وهو «المطبخ»، هذا العرض الذي يقدم طرحا مغايرا لعلاقة الرجل بالمرأة، وهناك من يسعون لتقديم عروض جيدة مثل «ليلة القتلة» وعروض المخرج خالد جلال. ومع ذلك نحتاج إلى إجابة: لماذا لا يوجد عرض مسرحي مصري واحد داخل المسابقة الرسمية في المهرجان العربي؟، علينا أن نسأل أنفسنا عن سبب عدم وضعنا على أحد الخرائط المهمة للمسرح العربي؟.

عام مسرحي اعتيادي متكرر
وختامًا قال الناقد والمخرج المسرحي  د. حسام عطا أستاذ الدراما والنقد المسرحي: عام مسرحي اعتيادي متكرر سمته الأساسية غياب المواسم المسرحية، التي كانت أهم عناصر النهضة المسرحية المصرية، غابت تلك المواسم عن القاهرة والإسكندرية لتظهر في الرياض، ولا شك أن تفكير تركي آلـ شيخ في جعل الفنون التعبيرية في المملكة العربية السعودية تقوم على المواسم، هو تفكير سليم سيؤدي في نهضة للفنون التعبيرية ومنها المسرح، لأنه عندما امتلكت مصر تلك المواسم المنتظمة حدثت عادة الذهاب إلى المسرح، فالحصاد هذا العام هو غياب الموسم المسرحي، غياب الدعاية المنتظمة أو وجود دليل واضح إلى أين تذهب هذا المساء؟ فيما يتعلق بعروض قطاع الإنتاج الثقافي، ذلك أن العروض تعرض ليلة أو ليلتين على مدار ستة أشهر بإجمالي 30 ليلة عرض، وكثيرًا ما أذهب لأشاهد عرضًا مسرحيًّا، فتكون الإجابة «اليوم إجازة» وذلك في غير مواعيد الإجازات الاعتيادية للمسرح، نادرًا ما أجد عرضا يقدم في موعده، ربما لا أجد العرض واكتشف أن العرض يقدم يومين في الأسبوع، ما يفقد المسرح إيقاعه. علمتنا التجربة في المسرح أن تكون الأيام الأولى في العروض بها جمهور بسيط ولكن هذا الجمهور يصنع رواجا عاما يؤدي إلى أن تكون العروض كاملة العدد بعد ذلك.
وأضاف «عطا»: اتمنى عودة المواسم المسرحية وعودة المخرجين الكبار المحترفين، الذين راكموا خبرة معرفية وجمالية للعمل بشكل منتظم.


إيناس العيسوي