مسرح الشارع في السعودية.. انطلاقة نحو التجريب

مسرح الشارع في السعودية..  انطلاقة نحو التجريب

العدد 799 صدر بتاريخ 19ديسمبر2022

يعمل عدد من المسرحيين السعوديين على تفعيل فكرة «مسرح الشارع» بمفهومه الفني الحديث وفق رؤية متطورة، من خلال عدة فرق منها «فرقة مسرح الشباب» التابعة للهيئة العامة للرياضة بالأحساء، والتي قدمت مجموعة من العروض التي لاقت نجاحا ملحوظا.
ويرجع تأسيس الفرقة  إلى بداية التسعينيات في القرن الماضي، وقدمت مجموعة من العروض كان من آخرها مسرحية «للحكاية بقية» والتي شاركت بها الفرقة في مارس 2022م، في «مهرجان مسرح الشارع» بالعاصمة العراقية بغداد، والذي شاركت فيه مجموعة من الفرق المسرحية العربية من مصر وسوريا والمغرب والجزائر والعراق.
والعرض من تأليف «سلطان النوة» والذي أعده دراميا عن مسرحية للكاتب السعودي الراحل عبد الرحمن المريخي تحت عنوان «حكاية ما جرى» بإضافة عناصر جديدة للفرجة الشعبية تناسب عروض مسرح الشارع.
وتميز العرض بالأداء التمثيلي رغم أنهم مجموعة من الممثلين الهواة ومنهم عبد الله التركي وميثم الرزق وحسن الحرز وعيسى الرشيد وعبد الرحمن المزيعل وعلي الغوينم.
وتميز العرض بمزجه مابين الكوميديا والدراما الخفيفة لتقديم صورة إنسانية عبر اسكتشات متنوعة.
وكذلك بما طرحه من فكرة حول صراع الأجيال مابين المعاصرة والتقاليد القديمة، وقد استطاع مخرج العرض توظيف هذا الصراع من خلال تنوع الأداء التمثيلي وكذلك توظيف الموسيقي والتشكيل السينوغرافي.
ومن المفاجأت الجميلة في هذا الصدد هو حصول  فرقة سعودية في «مسرح الشارع» على جائزة  «مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي» عام 2021م، فقد حصل العرض السعودي طصخب بلا صوت» على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة «مسرح الشارع والفضاءات غير التقليدية».
وقد حملت هذه الدورة اسم الفنانة سميحة أيوب.
وتميز العرض باستغلال الفضاء المفتوح، والعرض نتاج ورشة عمل مسرحية لأعضاء «نادي جوقة المسرح» من إنتاج «جمعية الثقافة والفنون» في الرياض، وقام ببطولته أحمد سلام، وعزيز الزريق وخالد الحارثي وقام بإخراجه تركي باعيسى، وتخلل العرض مجموعة من الأغاني المواكبة لأحداثه من ألحان وغناء عبد الله خالد.
وتدور أحداث العرض في بيئة ساحلية بحرية يعمل أهلها بالصيد، لكن المكان غير محدد، وإن كان في المشهد الأول يؤكد «الراوي» على أن هوية المكان عربية فيقول:
«نحن في قرية عربية تقع على شاطيء بحر، يعمل أهلها في صيد الأسماك».
ويقوم العرض على أربع شخصيات هي شخصية أبي محمد شيخ الصيادين، والذي يقوم بدوره الفنان محمد سلام، وزوجة أبي محمد وتقوم بدورها الفنانة «ماسة»، وشخصية شقيقها ويقوم بدوره الفنان «عزيز الزريق»، وشخصية مندوب شركة الصيد الأجنبية ويقوم بدوره الفنان «خالد الحارثي».
أما الحبكة الدرامية في المسرحية فتنشأ من خلال الصراع ما بين رغبة شركة الصيد الأجنبية التي تسعى لاستغلال منطقة الصيد والهيمنة عليها، وتحاول اجتذاب الصيادين إليها من خلال إغرائهم بالمرتبات الكبيرة واستقدام أحدث مراكب الصيد.
ومع كل تلك المحاولات يقف «شيخ الصيادين» في مواجهة الشركة وأطماعها، مدافعا عن حقوق أهل القرية وحريتهم، وتناصره زوجته في هذا الموقف، في حين نجد شخصية شقيقها يعمل مع الشركة.
وقد وظف مؤلف المسرحية محمد عيد بعض النصوص الشعرية خاصة قصيدة «لا تصالح» للشاعر المصري أمل دنقل، والتي كان يردد أبياتها «شيخ الصيادين» في بعض المواقف التي واجهته، تعبيرا عن التصدي لمحاولات الاستلاب التي تسعى إليها شركة الصيد الأجنبية.
ورغم الممارسات العنيفة التي مارستها الشركة تجاه الشيخ وزوجته وأهل القرية إلا أنهم يظلوا صامدين في مواجهتها.
وقدمت الفرقة أيضا مجموعة من العروض التي وجدت تفاعلا حيا من الجمهور، ومنها مسرحية «سجناء أحرار» والتي تم تقديمه في «ساحة عود سكوير» بحي السفارات في الرياض، ىتحت مظلة «برنامج جودة الحياة».
وتدور أحداث القصة حول فنان تشكيلي يعاني من الوحدة والعزلة، لكنه ذات يوم يخرج إلى الشارع محاولا تقديم هدية لمن يقابله وهي أن يرسم له لوحة وفق اختياره، وفي تلك اللحظة يحدث الصراع، الذي –هوفي الأساس- صراع نفسي داخلي، حول فكرة «الاختيار» ومواجهة العالم.
والرؤية في المسرحية هي رؤية فلسفية بامتياز.
وقد تميز العرض بعدة سمات فنية منها:
توظيف الموسيقى والأزياء بشكل جيد.
بساطة الجمل الحوارية وكثافتها بما يتناسب مع طبيعة العرض ذات الأفق الفلسفي.
القدرة علةى جذب الجمهور من خلال كسر حاجز التوقع.
وقد نجح مخرج العرض تركي باعيسى في إبراز نقاط القوة  في النص الذي قام بإعداده أحمد العمري ، ومن خلال إدارته للحوار ما بين بطل العرض والجمهور، بما يحقق فكرة التفاعل المسرحي.
وضمن «موسم جدة التاريخية» قدمت مسرحية «شارع العزوة» والتي تنتمي إلى «مسرح الشارع» وهي مسرحية كوميدية اجتماعية، تدور أحداثها في رحلة عبر الزمن، في مدة زمنية تقدر بمائة عام، عبر شخصية شاب اسمه «عمر» كان يستعد لحفل خطوبته، لكن تواجهه  مجموعة من المشاكل، ولا يجد حلا لها سوى باللجوء إلى الجمهور الذي يشاهد المسرحية الذين يقوم بإشراكهم في العرض للوصول «إلى حل للمشكلات التي يواجهها، ويقوم العرض على نمط «المسرح التفاعلي».


عيد عبد الحليم