المخرج أحمد فؤاد عن عرض «خطة كيوبيد»: لعبت التكنولوجيا دورا كبيرا في تغيير مفهوم الحب

المخرج أحمد فؤاد عن عرض «خطة كيوبيد»:  لعبت التكنولوجيا دورا كبيرا في تغيير مفهوم الحب

العدد 797 صدر بتاريخ 5ديسمبر2022

كيوبيد في الميثولوجيا الرومانية هو ابن الإلهة فينوس، اشتهر بحمله للسهم ، شديد الجمال، سهمه يصيب البشر فيوقعهم في الحب ، يصور كطفل صغير قليل الحظ في هيئة ملاك بجناحين ، وأحيانا يصور كأعمى  ليرمز إلى  أن الحب أعمى.
ماذا لو وقع هذا الرمز في معضلة؟ وماذا لو شاهدنا حياته من منظور مختلف ؟ من هذا المنطلق تدور أحداث عرض “خطة كيوبيد “ الذى تدور أحداثه فى إطار فتنازى اجتماعي كوميدي ، عن الحب و ظاهرة الانفصال السريع .. أجرينا هذا الحوار مع مخرج العرض أحمد فؤاد لنتقرب من التجربة ونتعرف على رؤيته

ما الجديد الذى تقديمه فى عرض “خطة كيوبيد” والتيمة الرئيسية التي تعتمد عليها ولماذا اخترت كيوبيد ليكون الشخصية المحورية ؟
العرض تدور فكرته فى إطار فنتازى اجتماعي كوميدي ، الفكرة به قائمة على “كيوبيد “ ، فجميع القصص كانت نهايتها سعيدة دون أن نعرف ماذا يحدث بعد ذلك ، فأردنا أن نتبع شخصية تمثل رمز الحب، ومشروع الحب هو المشروع الأساسي القائمة عليه فكرة العرض ، وبناء على عليه قررنا الاتجاه للرمز مباشرة “كيوبيد “ رمز الحب ، ولم نتعامل معه بصورته  الطبيعية المتعارف عليها ، ولكننا اتجهنا لشكل فنتازي لنعرف كيف سيكون “كيوبيد” في حياته.. وماذا لو وقع في معضلة.. فابنته تحتاج لمساعدته بعد توقفه عن العمل، فماذا سيفعل؟ بجانب تناول حياته الشخصية بشكل مغاير لم يتم تناوله من قبل .

هل تختلف قيمة الحب من زمن إلى زمن ومن عصر لعصر وإلى أي مدى تشتبك تلك الفكرة مع العرض؟
لا تختلف قيمة الأشياء بقدر اختلاف تعريفها، وقيمة الشيء تمثل أزمة فلسفية كبيرة ، قيمة الشيء ثابتة ، ولكن الأزمة الأساسية فى تعريف الشيء ما هو تعريف الحب؟ وهو ما يختلف من مكان إلى أخر، والتكنولوجيا أثرت على تعريف الحب فأصبح له تعريفات كثيرة وأصبحت الأزمة في تعريف الحب نفسه وليست قيمته، فالقيمة ثابتة ولكن فى كل زمن يختلف تعريف الحب، على سبيل المثال تعريف الحب في اربعينات وعشرينيات القرن الماضي بالنسبة  لشخصيتي «سي السيد» و»أمينة» فخضوعها له يمثل الحب فى هذا التوقيت ، ويختلف الأمر في فترة السبعينات والثمانينات فيتمثل فى المرأة العاملة التي تساند زوجها وهنا الإشكالية في التعريف ، كذلك لعبت التكنولوجيا دوراً كبيرا في تغيير مفهوم أو تعريف الحب،  وقد أصبح يحدث بنفس سرعة الأحداث حولنا، أو كما يطلق عليه «تيك آواى « ، وأصبح من الصعب أن يضع أحد تعريفا يتفق عليه الجميع، وهو ما يتشابك معنا فى العرض ؛ لأنها المشكلة الرئيسية التي نحاول أن نحلها، ما هو الحب وكيف نستطيع تقديمه بالشكل الأقرب للصحة .

ما أسباب انجذابك لنص الكاتب عبد الله الشاعر وكيف بدأ التعاون بينكما ؟
عقدنا جلسات عمل  أنا والفنان محسن منصور مدير مسرح السلام ، وانضم إلينا عبد الله الشاعر وبدأنا نفكر ماذا سنقدم، وتناقشنا كثيراً في الأفكار التي سنطرحها، والموضوعات التي تمسنا وفى بعض الأحيان كان يشاركنا الممثلون فى طرح الأفكار ووجهه النظر التي نحتاج أن نتبناها، حتى تم الاستقرار على صيغة عامة للعرض، وهو ليس نصاً مكتوباً فى الأصل ولكن تم كتابته خصيصاً للقاعة .

ما هو المنهج الذي اعتمدت عليه في العرض ؟
الكوميديا مجموعة من المناهج وليست منهجاً واحداً، وفى العرض لدينا كوميديا مبنية بناء عقليا ؛ ولكنها تخاطب المشاعر، وهنا يأتي الضحك من مواقف عاشها المتفرج أو صادفها فى حياته ، وعندما يواجه الموقف مجدداً يثيره الطابع الكوميدي ، فيضحكك لأنه يمس جزءا إنسانيا به ،  نتعامل بشكل عقلي وهو كيف نكبر الحدث بشكل يثير الضحك؟ وفى نفس الوقت يكون الموقف هو من يحكمنا، فنحن لا نقدم ضحكا فى المطلق؛ ولكن لدينا موقف والضحك هنا يخدم قضيتنا، أن ينقل المتفرج شعورياً من فكرة أنه يشاهد موقفا كوميديا إلى مشاهدة حياته من خلال الموقف الكوميدي .        

-من المتعارف عليه أن شخصية “كيوبيد” شخصية حالمة ورومانسية ولكنها فى العرض كانت مختلفة وقريبة من الواقع فما الأسباب ؟
السبب فى تقريب شخصية “كيوبيد” للواقع الحالي ؛أننا أردنا أن نقترب من الجماهير فى المنطقة والشكل الذى يستطيعون أن يتفهموننا من خلاله، فإذا قدمت شخصية كيوبيد بالشكل الحالم والرومانسي؛ فلا أظن أنه سيتفاعل معه أحد .

لعب العنصر الموسيقي  والغنائي دوراً مهماً في العرض..  فكيف استطاع أن يعبر عن دراما العرض وهل عدم وجوده كان سيؤثر على العمل ؟
لا يوجد عنصر بالعرض ليس له أهمية شديدة ، وبدون أي عنصر من عناصر العمل لن يكون العمل بنفس القوة ، والإمكانيات التي ظهر بها ، وتقديم الموسيقي والغناء بشكل حي جعل حالة العرض أكثر حميمية بيننا وبين الجمهور، فالجمهور لا يستمع للموسيقي من مؤثر خارجي ، ولكنه يشاهد العازف أمامه، وهو يجعل المتفرج قريبا، والأغاني المقدمة بالعرض هي أغاني مسموعة بالنسبة لأذن الجماهير ،وهو ما قرب الجمهور منا ، وجعل بيننا وبينهم حميمة كبيرة.                                                                                   

نود أن نتحدث عن تعاونك مع مسرح الدولة وفرقة المسرح الحديث بقيادة الفنان محسن منصور؟
أنا من أعضاء فرقة المسرح الحديث منذ ما يقرب من 10 سنوات وأكثر، ولكن كل تجاربي الإخراجية قدمتها خارج البيت الفني للمسرح ، وأغلبية التجارب قدمتها في مركز الأبداع ومركز الهناجر للفنون والمسرح الخاص وأكثر ما جذبني هو أننا سنعيد بالعرض افتتاح قاعة يوسف إدريس ، التي ظلت مغلقة على مدار 11 عاماً،  وكان الفنان محسن منصور متحمساً للغاية ، وتحمس كثيراً للفكرة وهو ما دفعني للحماس أيضاً  لإعادة إفتاح قاعة لها رونق شديد ومهمة جداً، خاصة بجود عرض يحقق  صدى واسعا، ذلك يزيد من الأقبال على القاعة ، فقد كانت قاعة يوسف إدريس مهمة قبل إغلاقها ، ونتمنى أن تعود لسابق عهدها.

ملاحظ فى الفترة الأخيرة اتجاه المخرجين لمناقشة قضايا تخص العلاقات الاجتماعية ما رأيك في هذا الاتجاه، وهل من المهم تقديمه في الفترة الحالية ؟
نحن بالضرورة يجب أن نشاهد ونتابع ما يحدث حولنا، ووجهة نظري أننا طوال الوقت لابد ان  نقدم كل الإشكاليات والقضايا ، لا توجد فترة بعينها مختصة بشكل اجتماعي وفترة أخرى مختصة بأفكار فلسفية، هناك ضرورة بالغه للاقتراب من الجماهير، وهو ما يجعل الجماهير تأتي للمسرح، فالجماهير تذهب للمسرح للاستمتاع، وكذلك مشاهدة أعمال قريبة منها ومن الممكن أن نأخذها لمستوي ثقافي وفكري أعلى دون أن نتعالى عليها فعلى سبيل المثال فى عرض «ديجافو « قدمنا فكرة فلسفية عميقة، ووضعناها فى إطار كوميدي ، وفي عرض «خطة كيوبيد»  نناقش تيمة الحب ، ونضعها في إطار كوميدي و  فاتنازي مختلف تماماً، وهو ما يجعل شكل المناقشة مختلفا لأى مناقشة أخرى وفى نفس الوقت نستقطب الجمهور ليرتاد المسرح .

خرج الديكور بصورة معبرة وعبر عن دراما العرض وفكرته نود أن نتحدث عن هذا العنصر؟
الديكور صممه مهندس الديكور أحمد أمين ، وهو التعاون الخامس بيننا ، وهو من مصممين الديكور المتميزين وعند مشاهدة تصميماته تستطيع كمتفرج أن تفهم روح العرض وفكرته الرئيسية ، وفى عرض «خطة كيوبيد « واجهنا تحدي كبير هو كيف نستطيع أن نقدم أكثر من مشهد « لوكيشن» داخل مساحة صغيرة ،بالإضافة لأن نضع الجمهور داخل هذه الحالة، وبمجرد دخول المتفرجين للقاعة يشعرون بهدوء نفسي يسودهم، وعند التحضير لخطة الديكور تخيلنا كيف سيكون المنزل الذي يعيش به كيوبيد ، وهنا بدأنا الفكرة كيف سنقوم بالتعامل مع حركة الديكور ، وأوجدنا حلولاً كثيرة وكذلك راعينا أن يتسم بروح مبهجة وبها هدوء  كبير، تكملها الصورة بإضاءة أبو بكر الشريف التي تخدم دراما العرض طوال الوقت ، وكذلك شكل الديكور المبهج ، والمريح لعين المتفرج في جميع اللحظات سواء لحظات كوميدية أو إنسانية تحوى فكرا  ورسائل هامة .
“خطة كيوبيد” إنتاج فرقة المسرح الحديث بقيادة الفنان محسن منصور  بطولة عبدالمنعم رياض، كريم الحسينى، نوال سمير، أمنية حسن، ديكور أحمد أمين، إضاءة أبوبكر الشريف، أزياء رباب البرنس، تنفيذ ديكور وأزياء مى كمال، موسيقى تامر عبدالمجيد، مساعد مُخرج تحت التدريب ياسمين على، مساعد إخراج دعاء حسين، مُخرج منفذ نور محيى فهمى، تأليف وأشعار عبدالله الشاعر، إخراج أحمد فؤاد


رنا رأفت