جولة فى شارع المسرح الأمريكى

جولة فى شارع المسرح الأمريكى

العدد 793 صدر بتاريخ 7نوفمبر2022

من القواعد الأساسية فى عالم المسرح أنه لا يظل بعيدا عن القضايا التى تهم المجتمع،بل هو ساحة لمناقشة القضايا والمشاكل و اقتراح حلول لها.
وفى الولايات المتحدة لم يكن المسرح بعيدا عن القضية الساخنة التى اشتد الجدل حولها فى الشهور الأخيرة وهو حق الإجهاض للمرأة. هناك مسرحيات تتناول هذا الموضوع بعضها  يؤيد هذا الحق وبعضها الاخر يرفضه. وكانت المسرحيات المؤيدة أكثر خاصة بعد حكم المحكمة العليا الذى فرض قيودا عديدة على الطلاق. كما شهدت الولايات الأمريكية إغلاق عشرات من العيادات التى كانت تمارس هذا النشاط بشكل أساسى.
واليوم نتناول مسرحية تدافع عن حق المرأة فى الاجهاض. ولا يعنى ذلك اننا نؤيد هذا حق لكن نتناول الاسلوب الغريب الذى يستخدم احيانا فى التعبير عن الاراء على  خشبة المسرح.
المسرحية اسمها “جسمى ليس من اختيارى” تعرض قريبا  على مسرح ارينا فى واشنطن.
تشارك فى المسرحية مجموعة من الممثلات تحكى كل منهن ما تقول المسرحية انه تجربتها مع جسدها ومحاولتها فهم هذا الجسم  والسيطرة عليه. وحتى لاي كون الحوار مملا كان يتم تبادل الضحكات والمواقف التى تضفى عليه نوعا من الحيوية والموضوعية. وتسود خلافات بين الممثلات حيث تؤيد بعضهن حق الاجهاض وترفضه بعضهن .ويقود هذا الحوار معظم البطلات  فى النهاية  إلى التأكيد على أن الاجهاض امر ضرورى لتحقق هذا الهدف وان تحيا المرأة حياة طبيعية.
وابرز الممثلات فى هذه المسرحية  الممثلة الزنجية فيليشيا فيلدز التى جسدت شخصية جرافيتاس فى المسرحية  برغم سنها التى تجاوزت الستين.  
وفى ذلك تقول أن مثل هذا العمل كان يحتاج إلى ممثلات صغيرات السن نسبيا لكن تم اختيارها بسبب اهتمامها بالقضايا النسائية منذ سنوات شبابها الاولى فى السبعينيات عندما كانت طالبة  فى الجامعة الكاثوليكية فى واشنطن. وكانت تدافع عن حق المرأة  فى الاجهاض كلما ثار الحديث عن المشكلة منذ تلك الفترة. وحصلت على ماجستير عن بحث ينتقد الصور المرعبة للإجهاض فى بعض الاعمال القصصية المطبوعة.
الدرجة الثانية
وتعود فيليشيا فتؤكد انها تعتبر الاجهاض من حقوق المرأة  وأن انكار هذا الحق عليها يجعلها مواطنة من الدرجة الثانية. وتشعر بالاسف لالغاء حكم صادر عن المحكمة العليا عام 1973 يؤكد على حق المرأة فى الإجهاض.
والجديد فى المسرحية هنا انها من تأليف ثمان من الكاتبات المسرحيات من الناشطات فى الحركة النسائية مثل ايف انسلر- وهى مشهورة بمسرحياتها الجريئة  وليزا لومر ولى كاتالونا.
وفى المسرحية تحكى كل واحدة قصتها التى تجعلها تؤيد أو تختلف فهذه تروى كيف حملت من صديق لها وكيف ضغطت عليها الأم من أجل الإجهاض. وتروى أخرى كيف تعرضت للاغتصاب والتحرش من بعض الشباب فى العشرينيات من عمرها   مما جعلها تكره الحمل والامومة وكان لابد من الاجهاض . وتقول ثالثة انها تؤمن بحق المرأة فى الاختيار وانها حملت بعد تعرضها للاعتداء وكانت على وشك الاصابة بالجنون. وتأتى رابعة فتقول انها باتت تكره الحمل والولادة بعد أن توفيت صديقتها المقربة  اثناء الولادة وتقول ..لا احد يمكنه فهج جسم المرأة افضل منها .  وحتى لا تتهم المسرحية بالانحياز لمؤيدى الإجهاض تأتى واحدة من الممثلات لتقول أنه لا يوجد فى الحياة اجمل من انجاب طفل.
والجديد هنا أن إدارة المسرح وضعت فى المدخل صندوقا صوتيا كى يستخدمه المتفرجون فى التعبير عن ارائهم فى  الاجهاض وعن تجاربهم الشخصية  فى مقاطع صوتية. وهناك صندوق يمكن أن يضع فيه المتفرجون أراءهم وتجاربهم الشخصية  اذا كانت مدونة كتابيا. وكل ذلك على امل الاستفادة منها فى  تطوير  العرض حتى بعد بدايته. كما تم إرسال النص المكتوب إلى عدد من الجمعيات النسائية فى عدة ولايات لقراءته وابداء الملاحظات عليه سواء قبل بدء العرض وحتى بعد بدايته.
وتقول فيليشيا أن السياسة والمسرح يرتبطان ببعضهما البعض. فقد تم اغتيال إبراهام لنكولن وهو يشاهد مسرحية. ولعل هذا ما يفسر اهتمام الحزبين الجمهورى والديمقراطى بهذه القضية قبل معركة الانتخابات النصفية.
عرض قديم وشكل جديد
الفرق بين “سندريللا” و”سندريللا السيئة
  صاحب الرقم القياسى فى برودواى
أفضل هدية عيد ميلاد
 قبل أيام كان  مسرح إمبريال فى نيويورك (خارج برودواى)  على موعد مع افتتاح عرض مهم وفريد من نوعه. العرض هو المسرحية الموسيقية  “سندريللا السيئة” التى تقوم ببطولتها الممثلة والمطربة الشابة البريطانية “لينيدى جيناو” .
المسرحية  مأخوذة عن قصة للممثلة  البريطانية والكاتبة الشابة  البريطانية  ايميرالد فينيل . وهى من الحان  الموسيقار البريطانى اندرو ليلويد ويبر (74 سنة ) صاحب الانتاج المسرحى الموسيقى الغزير الذى يبلغ 21 مسرحية تقريبا.  وفى 23 مارس من العام القادم تنتقل المسرحية إلى برودواى نفسها.
 ومن المصادفات أن ذلك سوف سوف يكون فى اليوم التالى لعيد ميلاده الخامس والسبعين وهو ما يتمنى ويبر أن يعيش ليشهده وان يكون نجاحها افضل هدية لعيد ميلاده بعد الخسائر الجسيمة التى منيت بها المسرحية فى نسختها التى عرضت العام الماضى فى بريطانيا لأسباب عديدة.

جوائز ...ولكن
واندرو ليلويد ويبر حاصل على العديد من الجوائز عبر تاريخه الفنى الذى يقترب من ستين عاما إلا أنه لم يحصل على جائزة تونى عروس جوائز المسرح الإمريكية ولا جائزة لورنس أوليفييه  عروس جوائز المسرح البريطانية .
وقد وضع أول أعماله المسرحية الموسيقية  “أشباهنا«عام 1965   عندما كان فى السابعة عشرة من عمره رغم انها لم يتم إنتاجها وعرضها إلا فى عام 2005.
 وهنا تظهر مشكلة فى التصنيف لدى بعض النقاد هل سندريللا السيئة هى المسرحية رقم 21 أو 22. والسبب هنا أن ويبر قدم  العام الماضى مسرحية موسيقية باسم “سندريلا«فقط  على مسارح بريطانيا .   
 يأتى ذلك رغم أن ويبر نفسه لم يقل انه يقدم مسرحية جديدة بل يقدم فقط نفس المسرحية  ببطلة جديدة  ورؤية  مختلفة وببعض الالحان الجديدة  مع اضافة كلمة السيئة فقط  إلى اسم المسرحية      رغم أن الفرق عام واحد فقط.
وهذا الاسم هو فى الوقت نفسه اسم الاغنية الرئيسية فى العرض التى تؤديها بطلة العرض لينيدى جيناو . وقد اختارها ويبر بعد أن اجادت فى عدد من مسرحياته التى عرضت فى بريطانيا مثل “عزيزى إيفان هانسون«و”على قدميك”. وكان يتمنى لو لعبت دور البطولة عندما عرضت فى لندن.
  وتقول  جيناو التى كانت أكثر حرصا على استخدام كلمة السيئة كى لا تربط نفسها بالعرض البريطانى وينظر اليها الجمهور بشكل مستقل ولا يقارن بينها وبين كارى هوب فليتشر أو بين سندريللا العادية وسندريللا السيئة.  
  وسوف يكون ذلك بعد انتهاء أخر ليلة عرض فى برودواى  لواحدة من اهم مسرحياته وهى شبح الاوبرا«التى عرضنا لها فى عدد سابق والتى تعرض فى برودواى على فترات متقطعة منذ عام  بواسطة فرقة واحدة منذ 1988.
مدينة الجميلات
وتدور أحداث المسرحية التى تعتمد على أسطورة سندريللا الشهيرة فى مدينة بيلفيل الفرنسية  التى تشتهر بجميلاتها  وكانت تتنافس على لقب اجمل مدينة فى فى فرنسا. وتحكم المدينة  ملكة  تفقد ابنها الأكبر وتقيم تمثالا لتخليد ذكراه . ويتعرض التمثال للتشويه فيتم القبض على فتاة فقيرة هى سندريللا التى كانت  معروفة  به . ويتم تقييدها إلى شجرة فى الغابة .
ويكتشف الابن الصغير  للملكة  انها كانت صديقته الوحيدة فى طفولتها وان لا يزال يعشقها فأطلق سراحها دون أن يعرف احد . وتبين أنها تبادله الحب.
 وتسعى الام إلى تزويج ابنها فتدعو كافة الفتيات الجميلات فى المدينة للاجتماع فى حفل ليختار من تعجبه  عروسا لها. وتذهب زوجة الاب التى تعيش سندريللا معها  إلى الحفل مع ابنتيها  وتترك سندريللا فى المنزل. .وتحاول زوجة الام الضغط على الملكة لاقناع ابنها بالزواج من احدى ابنتيها بعد أن اكتشفت انهما كانتا صديقتين فى طفولتهما.
وأقيم الحفل وتحضره فجأة  سندريللا انيقة وجميلة ولم يعرفها احد فى البداية ثم تعرفت عليها الملكة وزوجة الام وحاولت صرف نظر الامير عنها فاوعزت إلى احدى البنتين بالسعى إلى الرقص معه .
وتحدث بعض المواقف الكوميدية  عندما تسعى الابنة  إلى تقبيله  ويتم اعلان خطبة الابن اليها فتشعر سندريللا بالحزن ويتعرف عليها الامر لكنها ترفض وتخلع ملابسها الانيقة وشعرها المستعار فتظهر بشكلها الفقير ثم تغادر الحفل.
غيرة
ويعود الجميع إلى البيت وتظل زوجة الاب تتباهى بنجاح ابنتها فى الفوز بالامير وتسخر من سندريللا التى تقرر مغادرة البيت فتفاجأ بالابنة الثانية لزوجة الام تشعر بالغيرة من شقيقتها وتدعوها إلى افساد الخطبة.
وتفشل المحاولات . وفى حفل الزفاف يفاجأ الجميع بان الابن الذى كان يعتقد انه مات حضر مع خطيبته ابنة حاكم مدينة مجاورة ويتضح انه اختلق موته لاسباب عديدة . وينصح الشقيق بالزواج من سندريللا ويطرد زوجة الام وابنتيها.


ترجمة هشام عبد الرءوف