العدد 875 صدر بتاريخ 3يونيو2024
صدر حديثاً عن دار (هلا) للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة كتاب مسرحي جديد بعنوان (عروسة صيني) ويتضمن الإصدار نص مسرحي من تأليف (أيمن حسين) وهو مسرحي مصري صاحب تجربة مسرحية في التمثيل والتأليف والإخراج يمكنك أن تقرأ كل ذلك في صياغة المسرحية الكوميدية وهو في العروسة الصيني يشتبك مع ما يجري علي أرض الواقع بكتابة كوميدية تجلب البسمة والسعادة وتحرض علي التأمل والتفكير، ولذلك تكاد تكون هذه المسرحية الصادرة في مطلع العام الثقافي والمسرحي 2024م هي المسرحية الأولي من نوعها التي أجدها مشبعة إلي حد الامتلاء بقدر كبير من الكوميديا الأصيلة فبطلها (الباز افندي) في أواخر العقد السادس أمضي شبابه مناضلا يعمل ويكافح لأجل رعاية إخوته بعد رحيل والديهم ليتحمل وحده مهام الأسرة كونه الأخ الأكبر لأخوة صغار كافح حتي أوصلهم بسلام إلي بر الأمان ويبدأ النص عندما تحسنت أموره المادية ولكنه اكتشف أن شبابه ضاع في أداء واجبه الأسري وفرص الزواج الممكنة لن تروي عطشه نحو الاقتران بفتاة جميلة تعوضه سنوات الصبر ولما وجد أنه لا سبيل لتحقيق الحلم علي أرض الواقع ركب موجة العصر وبحث عن بغيته فوجد ضالته في اقتناء (عروسة صيني) وهو الوضع الوحيد الذي يحقق له ما تمناه وحلم به من مواصفات ومقاييس جمالية في الأنثى التي يفضل أن يقترن بها إذ يختار كل تفاصيلها بنفسه من دون أدني فرصة للخطأ أو التجريب ومن هنا تتولد مفارقات تجلب كوميديا تبدأ من تواصله المبكر في النص مع الشركة الصينية المنتجة لأجل شراء العروسة التي تشتري وتباع كما الأمر مع كل السلع ولكن المرح يغلف حديثه عن المواصفات والإمكانيات والاحتياجات التي تضمنها النص بجرأة وشجاعة مثيرة للضحك من فرط ألم كامن في اللاوعي من أن يأتي يوم تصبح فيه العرائس الآلية بديلا جيدا للعناصر البشرية بسبب تفوقها في كثير من الأمور منها الانضباط والضبط الشديد علي مزاج الإنسان المشتري الذي يمكنه بكل بساطة أن يرجع المنتج للشركة المنتجة إن زهد فيه أو مل منه يستبدله.
السؤال الذي يفرضه النص بكل عمق هو إلي أي مدي تستطيع فتياتنا متقلبات الأمزجة متعددات الاحتياجات الصمود في تلك المنافسة الشرسة مع الفتيات الآليات المبرمجة كل واحدة منهن علي أن تقضي حاجات صاحبها وتؤدي له كل الواجبات التي صنعت من أجلها من دون أدني فرصة للضجر أو الاستياء والسؤال الفلسفي الأكثر عمقاً هو هل من حق هذا الرجل أن يغار علي عروسه الآلية كما يغار البشر علي الزوجات والبنات أم تتلاشى أمام هذه الفرضية مسألة الغيرة علي الأعراض لأن الأمور ذات الخلفية الآلية لا يجب أن تخضع للمشاعر الإنسانية وهكذا يتعرض بطلنا إلي طلبات لاستعارة عروسه الصينية التي يريد صديقه أن يستعيرها كما تستعار كافة الأشياء في لعبة الحياة وهو مثلنا يبحث عن رد الفعل المناسب في تلك المفارقات العصرية التي تفتح أفاق للتفكير في مستجدات العصر الذي تتخذ فيه العلاقات الإنسانية مناح مختلفة واتجاهات جديدة وخيالية منها العواطف التي تمارس عن بعد والمشاعر التي تشتعل بها وسائل التواصل الاجتماعي والعلاقات الافتراضية التي ملأت الكون والكائنات الألية التي لم تعد خيال ولا رفاهية وإنما أصبحت واقع يتقدم نحونا وأصبح من المتوقع حضوره بشكل طبيعي في أي لحظة من ليل أو نهار في كل هذا الزخم الآلي والتكنولوجي تأتي هذه الدراما المسرحية لتفجر كافة قضايانا الآنية بدراما جادة ومرحة وعصرية.