جولة فى شارع المسرح اللبنانى

جولة فى شارع المسرح اللبنانى

العدد 791 صدر بتاريخ 24أكتوبر2022

رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التى يعانيها لبنان فإن النشاط المسرحى لم يـتأثر كثيرا بها . وربما كان مرجع ذلك إلى أن اللبنانيين بطبيعتهم شعب عاشق للمسرح وهم من ادخلوا هذا الفن الرفيع إلى العالم العربى. وربما وجدوا فيه فرصة للترفيه عن انفسهم وسط الأزمة. وربما وجدوا فى المسرح قناة لمناقشة قضايا الواقع اللبنانى وتسليط الأضواء على الأسباب التى قادت لبنان إلى تلك الأزمة الطاحنة.
وفى هذا الإطار تقدم حاليا المخرجة والمؤلفة والمنتجة والممثلة اللبنانية نبال عرقجي (42 سنة ) فى أول تجربة مسرحية لها مسرحية “كوكو ماك ماك .. يلا انطلقنا” على خشبة مسرح “مونو” في بيروت. وكان مجال إبداعها الأساسى هو السينما حيث ساهمت بشكل كبير في إعطاء السينما اللبنانية دفعاً كبيراً وروحاً جديدة. ولها أعمال درامية حققت نجاحا كبيرا من هذه الأعمال  مسلسل  “قصّة ثواني” الذي حصد عدداً من الجوائز العالمية، وفيلم “يلا عقبالكن”. وهى خريجة الجامعات الفرنسية. وتملك شركة تنتج عن طريقها بعض أعمالها .
 وتسلط المسرحية الضوء على قضايا النساء المختلفة ومواجهتهنّ لمختلف الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمرّ بها لبنان.  
وتقول عراقجى عن المسرحية إنها مسرحية كوميدية من بطولة الممثلة كارين مكاري، والتي تلعب دور 3 شخصيات هي: “كوكو، ورايا، ووالدة كوكو”.
وأضافت عراقجي: “كل واحدة من الشخصيات تروي معاناتها في الحياة، وتشكو المشاكل اليومية التي نصادفها في لبنان، ولكن بطريقة كوميدية”.
عشق لبنان
وعن إصرارها على تقديم أعمالها الفنية في لبنان مع أنها مقيمة في باريس، قالت عراقجي: “طُرح عليّ هذا السؤال كثيرا، ومع أن أهلي مقيمون في باريس، وأنا أملك جواز السفر الفرنسي، وقضيت أكثر من 25 عاما هناك، إلا أنّي أصرّ على ضرورة تقديم الفن، والعروض، والمسرحيات في لبنان”.
وعن الرسائل التي وجهتها من خلال هذا العمل، كشفت: “وجّهت من خلال هذه المسرحية دعوة إلى اللبنانيين ليحافظوا على أملهم في وطنهم، وأن يبقوا هنا، لأننا إذا هجرناه جميعا، سنتركه لأشخاص لا نريدهم أن يستحوذوا عليه”.
أما كارين مكارى التى جسدت شخصية البطلة فى العرض فتقول  أن اختيار اسم المسرحية تم بالاتفاق بينها وبين عراقجى حيث اختارت الاسم الذى عرفها به الجمهور  (كوكو ماك ماك) وهو اسم غريب. ولكنّه مأخوذ من اللقب المحبّب لها  الذي يطلقه عليّ أصدقاؤها ، حيث أن اسمي كارين، ولكنّهم ينادونني بكوكو، أما ماك ماك، فهو مأخوذ من الحروف الثلاثة الأولى من اسم عائلتي (مكاري)، وعندما أسست صفحتها  على موقع إنستجرام استعملت هذا الاسم دون تفكير لتلقى الصفحة نجاحا غير متوقع”.
وتابعت: “أعتبر هذا العمل المسرحي الذي أقف من خلاله للمرة الأولى على خشبة المسرح تحديا كبيرا بالنسبة لي لأنّي سأواجه جمهورا كبيرا للمرة الأولى، وسأقف أمامهم لمدة ساعة ونصف هي زمن المسرحية، كما أني أؤدي ثلاث شخصيات في الوقت نفسه على المسرح أمام الجمهور مباشرة، بعدما اعتدت على تقديم تلك الشخصيات من خلال فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي”.

3 شخصيات
وفيما يتعلق بالشخصيات الثلاثة التي تؤدّيها كشفت: “لكل شخصية مميزاتها الخاصة، ولكن لكل منها رسالتها المختلفة، فمن خلال شخصية كوكو سأحاول أن أوجّه رسالة للفتيات بالابتعاد عن الأمور المعقّدة في الحياة، أما من خلال شخصية رايا فسأنتقد الغرور وحب المال، أما مع والدة ماك ماك فسأنتقد المشاكل الاجتماعية المختلفة”.
وعن أهمية استمرار الحركة المسرحية في لبنان على الرغم من الظروف الصعبة، قالت مكاري: “من الضروري أن يستمر المسرح في هذه الظروف، فأنا مقيمة في فرنسا، ولكنّي عدت إلى الوطن لأقدّم عملي المسرحي، مرتدية زيا يحمل أرزة لبنان، كي نقول أننا متعلّقون بأرضنا ووطننا مهما جار الزمان”.
أخر سيجارة
المسرح محجوز حتى 30 يونيو القادم
 وفى وقت مقارب افتتحت مسرحيّة “آخر سيجارة” للمخرجة اللبنانيّة لينا أبيض على خشبة مسرح مونو، في العاصمة اللبنانيّة بيروت في عودة ملحوظة للمشهد الثقافي اللبنانيّ بعد تخفيف حدّة القيود التي فرضها وباء كورونا.
وتقول مخرجة المسرحيّة لينا أبيض قصة المسرحية:
“تروي المسرحيّة قصّة ثلاثة شبّان قرّروا قضاء إجازة نهاية الأسبوع في بيت جبليّ دون اصطحاب زوجاتهم، علماً أنّ اثنين منهما فقط متزوّجان، ليسترجعوا سوياً ذكريات المدرسة، ثمّ تحدث مشكلة تفجّر كلّ المشاكل فيما بينهم وبين زوجاتهم، وحبيباتهم، ومجتمعهم، وحتّى فيما بين بعضهم البعض”.
وأضافت: “المسرحيّة تجمع بين الكوميديا والمأساوية، الأوّل كوميدي خفيف، لتنقلب الأمور في نهاية المسرحيّة لتأخذنا إلى مكان آخر كليا حيث يتحدّث الشبّان عن حياتهم بطريقة دراميّة دقيقة”.
وعن إخراجها للمسرحيّة قالت: “كان من السهل التعاون مع الممثلين الثلاثة وسام صليبا، ودوري السمراني، ووليد عرقجي، وهم ممثلون محترفون عملوا في المسرح، والسينما، والتلفزيون”.
وأضافت:” لقد عملنا على النصّ بطريقة تشبه تلك التي يتكلّم بها الشباب في الشارع اللبناني، كما عملنا على الفضاء الذي يتحرّك فيه الممثلون، وكذلك على تغيّر نمط المسرحيّة من الكوميديا في بدايتها إلى الدراما الحزينة  مع اقتراب نهايتها”.
تأثير سلبى ولكن
وعن تأثير الأزمات المتتالية التي مرّ بها لبنان مؤخّرا على الحركة المسرحية أكدت: “لا شكّ أن تلك الأزمات كان لها وقع كبير على المسرح، فإذا فكرنا بانفجار مرفأ بيروت، وبتبعات وباء كورونا، وبالأزمة الاقتصادية، نجد أنّنا مررنا بأزمة صعبة جداً انعكست بشكل سلبيّ على المسرح”.
وأضافت: “ولكني سعيدة جداً بأن المسرح مشغول وممتلئ حتى يونيو 2023، وهذا ما يثبت أنّ اللبنانيّ يستطيع الوقوف دائماً بعد كل الانكسارات”.
من جهة أخرى يقول  الممثّل دوري السمراني  “أضفنا من ذاتنا إلى الأدوار التي أدّيناها في مسرحيّة “آخر سيجارة”، كما أنّ المخرجة لينا أبيض نقلتها من مكان إلى مكان آخر، كما تكلّمنا عن مواضيع تُطرح للمرّة الأولى في المسرح”.
وأضاف:” لا بدّ للممثّل أن يخوض تجربة المحترف المسرحيّ كلّ عام كي يخرج مكنوناته، وكي يطور مسيرته الفنيّة التي لا تصقل بالدراما، أو السينما فحسب، إذْ لا بد له من الوقوف على خشبة المسرح لاكتساب المزيد من الخبرة والثقة”.
أما بخصوص الجرأة التي تضمّنتها المسرحيّة فقال:
 “المسرح وُجد لتقديم الجرأة التي لا يمكن أن تعرضها في أماكن أخرى.. ربّما تستطيع أن تقدّم الجرأة قليلا في السينما، ولكنّ المجال مفتوح بشكل أكبر على خشبة المسرح، علماً أن الجرأة تخدم الشخصيّة، وتساعد الممثّل على إظهار مشاعره، كما تعينه ليحقّق التحوّل من الكوميديا إلى الدراما”.
وعن دوره في المسرحيّة قال الممثّل اللبنانيّ وسام صليبا: “أجسّد دور “وسيم”، وهو طبيب متحفّظ وملتزم ويحرّم على نفسه ارتكاب الأخطاء، ولكنّ المفارقة تكمن في أنّ حياته مليئة بالأخطاء، وخصوصاً في حياته الزوجيّة، وتكمن الرسالة في إظهار العائلات اللبنانيّة التي تظهر الجانب المثالي من حياتها فيما الحقيقة مليئة بالمشاكل والسلبيات”.
وأضاف: “دوري يرتكز بشكل كبير على إظهار الحالة النفسيّة، لذلك لجأنا إلى معالج نفسيّ لكتابة الدور، كما تحدّثنا مع أشخاص وعائلات عانى افرادها ممّا تعانيه الشخصيّة التي أدّيتها على المسرح”.
ومن جهة أخرى صرّح الممثّل وليد عرقجي الذي كتب بدوره سيناريو المسرحيّة: “حرصتُ على إظهار الرجال على سجيّتهم وطبيعتهم، وخصوصاً عندما يجتمعون فيما بين بعضهم البعض، ولكنّ الأهمّ هو أنّي ركّزت على حقيقة أنّ الرجال يتباهون بالحديث عن نجاحهم في مهنتهم وأعمالهم، ولكنّهم يخفون الحقيقة والمشاعر الصعبة التي يختبرونها”.  
وأضاف: “كتبت هذه المسرحيّة في العام 2019، وأوّل من قرأها هي المخرجة لينا أبيض التي أبدت إعجابها بها على الفور، ولكن منذ ذلك الوقت عانينا من أزمات “الثورة”، وانفجار مرفأ بيروت، وتبعات وباء كورونا، ممّا جعلنا نؤجّل عرضها لثلاث سنوات”.
حضر حفل الافتتاح والد الممثّل وسام صليبا الفنان اللبناني غسّان صليبا الذي قال : “أحبّ المسرح بكافّة أنواعه، وأحببتُ أن أرى نجلي وسام على خشبة المسرح في هذه المسرحيّة التي تكمن صعوبتها بأنّ نصّها الكبير توزّع على ثلاثة ممثّلين فقط، ولكنّ إيقاعها كان سريعاً، وقصصها كانت مستمدّة من واقع حياتنا”.
أما الممثلة سيرين عبد النور التي حضرت لدعم أصدقائها الممثّلين الذين قاموا ببطولة المسرحية فقالت: “تربطني بالشباب صداقة جميلة جداً، حيث مثّلت معهم جميعاً، كما أنّي أدعم الأعمال اللبنانيّة بشكل مطلق، وفي الحقيقة أعجبت بهذا العمل الذي قدّم لنا جرعة من الكوميديا نحتاجها كثيراً في مثل هذه الأيّام في لبنان”.


ترجمة هشام عبد الرءوف