نهاية عرض وبداية أخر فى برودواى

نهاية عرض وبداية أخر فى برودواى

العدد 789 صدر بتاريخ 10أكتوبر2022

أخيرا سوف ينتهي الرقم القياسى فى برودواى عاصمة المسرح الأمريكي. فى يوم 18 فبراير من العام القادم سوف يسدل الستار على العرض الأخير للمسرحية الموسيقية “شبح الأوبرا” التى تعد أطول المسرحيات عرضا فى برودواى. فقد بدأ عرضها عام 1988. وبنهاية العرض فى فبراير القادم تكون المسرحية قد تجاوزت   35  عاما من العرض قدمت خلالها 13 ألفا و925 ليلة عرض منذ عرضها الأول فى يناير 1988. هذا فضلا عن عروضها خارج الولايات المتحدة. بل أنها عرضت خارج الولايات المتحدة قبل عرضها فى برودواى حيث عرضت على مسرح ماجيستى فى لندن فى 1986. هذا فضلا عن عروضها فى ولايات أمريكية متعددة وخارج الولايات المتحدة فى مختلف قارات العالم. كما سبق وعرضت فى بريطانيا على فترات متقطعة لمدة 33 سنة حتى قرر واضع موسيقاها أندرو ويبر وقف عروضها بعد أن وجد أنه لا يستطيع أن يقدم جديدا من خلالها.
ويعد هذا رقما قياسيا لم يتجاوزه فى تاريخ المسرح العالمى سوى مسرحية مصيدة الفئران لأجاثا كريستى.

السبب
ويقول متحدث باسم الفرقة المسرحية التى تقدمها أن قرار إنهاء العرض جاء بسبب النفقات الطائلة للعرض التى لم تعد تغطيها الإيرادات بسبب تراجع الإقبال رغم انتهاء قيود كورونا . 
وهذا ما جعل الاستمرار فى العرض أمرا باهظ التكلفة لا يغطى حتى تكاليف إنتاجه  فضلا عن الأجور وتكاليف إيجار المسرح. فهو يحتاج إلى ديكورات دقيقة ومعقدة  وملابس مكلفة فضلا عن عدد كبير من الممثلين خلاف الأبطال (200 ممثل) وفرقة أوركسترا (27 عازفا). ورغم خفض أعداد الممثلين والعازفين لم تعد الإيرادات كافية . وربما يرجع ذلك إلى أن النقاد لم يقدموا نقدا إيجابيا للعرض فى صورته الجديدة بشكل يجذب المشاهدين إلى حضور العرض.
ويقارن المتحدث بين قلة  الإيرادات ومليار دولار أرباحا حققتها عروض المسرحية فى برودواى وعوائد تقدر بنحو خمسة مليارات حققتها عروضها خارج الولايات المتحدة. وتقول تقديرات أخرى أن 140 مليونا  شاهدوا المسرحية  التى عرضت فى 41 مدينة فى الولايات المتحدة والعالم.
 وشبح الأوبرا عبارة عن مسرحية موسيقية وضع ألحانها الموسيقار البريطانى أندرو ويبر وشارك فى وضع النص الأوبرالى. ووضع أغانيها مؤلف الأغاني البريطانى تشارلز هارت.  

قصة فرنسية
وهى مأخوذة عن قصة فرنسية  بنفس الاسم للأديب الفرنسى جاستون ليرو (1868 – 1927) وهى تروى قصة مغنية الأوبرا الموهوبة الجميلة كريستين دايي التى  يسيطر عليها شبح موسيقى موهوب كان يعيش فى سرداب تحت أوبرا باريس الشهيرة ثم انطلق بعد بيع قمقم كان يعيش فيه فى مزاد علنى. ويدور فصلا المسرحية حول العلاقة بين المغنية والشبح حتى تتحرر المغنية وتصبح قادرة على الإبداع من داخلها .  
عرضت المسرحية لأول مرة على مسرح وست اند فى لندن وقامت بدور البطولة مغنية الأوبرا البريطانية «سارة برايت مان» (62 سنة حاليا )وكانت زوجة ويبر وقتها . وقامت أيضا بدور البطولة فى أول عرض لها فى برودواى. وقام مايكل كروفورد (80 سنة حاليا ) بدور الشبح. وأخرجها هارولد برنس. 
وفازت المسرحية – التى تحولت إلى فيلم فى 2004 وتحولت أيضا إلى مسلسل تليفزيونى -  فازت وقتها بجائزة افضل مسرحية موسيقية فى جوائز لورنس أوليفييه وفاز كروفورد بجائزة احسن ممثل فى مسرحية موسيقية.   

شموع عيد الميلاد تعود بعد عامين
مكياج للبطلة 9 مرات
شعبية المؤلف فى ألمانيا أكثر من أمريكا
  كانت برودواى على موعد مع عرض مسرحى غير تقليدى على واحد من أشهر مسارحها وهو مسرح أمريكان ايرلاينز . صحيح انه يتناول مجموعة من مشاكل المجتمع الأمريكي لكنه يتناولها بطريقة غير تقليدية. 
ذلك العرض هو “شموع عيد الميلاد” للكاتب المسرحى الأمريكي “نوا هايدل” (43 سنة). وكانت الرؤية الجديد تعتمد على بطلة    لم يذكر اسمها خلال المسرحية وقامت بدورها النجمة الأمريكية الحاصلة على العديد من الجوائز “ديبرا ميسنج” (54 سنة ).
وفى المسرحية تحتفل البطلة بعيد ميلادها كل عشر سنين. ويبدأ أول عيد ميلاد للبطلة وهى فى السابعة عشرة من عمرها وينتهى وهى تحتفل بعيد ميلادها السابع بعد المائة. ولنا أن نتخيل الجهد الشاق الذى تبذله البطلة وهى تغير مع أبطال العرض  المكياج تسع مرات على مدار العرض.   
سعادة
ويشعر هايدل بسعادة بالغة ليس لمجرد نجاح العرض بل لأسباب أخرى. فقد سبق عرض المسرحية فى ديترويت لمدة عامين من  2018 إلى بدايات 2020 حققت خلالها نجاحا كبيرا. وهذا النجاح ظل ناقصا فى رأيه لأنها لم تعرض فى برودواى عاصمة المسرح الأمريكي. وبالفعل تحقق أمله وبدأ عرض المسرحية فى مارس 2020. ولم يكد يمر أسبوعان على بدء العرض حتى صدر قرار بوقف العروض على كل مسارح برودواى بسبب إجراءات كورونا. وسمحت الإجراءات للفرق المسرحية بتقديم عروضها بدون جمهور وبثها على القنوات التليفزيونية أو على الإنترنت للمشتركين.  ورفضت إدارة الفرقة ورفض هايدل نفسه الفكرة باعتبار أنها لا تتفق مع طبيعة المسرح كقناة يتفاعل فيها الممثل والمشاهد. 
من هنا شعر هايدل بسعادة كبيرة حين تم افتتاح عرض المسرحية على نفس المسرح بعد اكثر من عامين. وزادت سعادته عندما وافق يوم الافتتاح عيد الميلاد الأول لطفله.
وقال أن إغلاق المسرحية لم يكن أمرا سيئا على طول الخط. كانت فرصة لإعادة قراءة النص واكتشاف بعض أوجه القصور فيها ومنها ما اعتبره إطالة غير مبررة فاختصر النص من 190 صفحة  إلى 100 فقط. كما انه سعيد لأن الأبوة كانت من المشاكل التى ناقشها فى المسرحية وكتبها قبل أن يتزوج ويصبح أبا.
ويقول انه يعتز بثقافته الألمانية باعتباره من أصول ألمانية التى انعكست على كتاباته. ولهذا السبب كانت أعماله المسرحية والتليفزيونية تلاقى نجاحا كبرا فى ألمانيا يفوق ما تحققه فى الولايات المتحدة. ويقول أن شموع عيد الميلاد سوف تعرض قريبا فى ألمانيا لتكون عاشر مسرحية تعرض له هناك باللغة الألمانية.
ويقول النقاد أن أعمال هايدل سواء فى المسرح أو التليفزيون أو السينما تتميز دائما بنزعات فلسفية تحتاج قدرا من الخبرة من جانب المخرجين للتعامل معها. لكنهم لا يستطيعون تجاهلها وإلا فقد العمل معناه. كما انه يعمل مع المخرج للتأكد من أن العمل سوف يخرج على الشكل الذى يرضاه. فهو يعتبر الإخراج أسلوبا لنقل رؤيته إلى المشاهد.  وقد اعتبرته صحيفة ديفيلت الألمانية أديبا لا يقل عن كبار الأدباء العالميين مثل الروسى  تشيكوف والأيرلندى  صمويل بيكيت.


ترجمة هشام عبد الرءوف