الورش تفجر طاقات إبداعية ونفسية وجسدية لدى الممثل

الورش تفجر طاقات إبداعية ونفسية وجسدية لدى الممثل

العدد 787 صدر بتاريخ 26سبتمبر2022

تعد مهمة إعداد الممثل من المهمات الأساسية الصعبة للتنقيب عن قدرات الممثل الفنية ومعرفة ذاته، فنماء موهبة الممثل وتشكيل وجدانه ولغة جسده وصوته وأدائه بشكل أكاديمي صحيح مسيرة شاقة تحتاج  إلى مدربين لهم باع مع التمثيل والتدريب والدراسة والتثقيف والتطوير وأيضا توافر ورش فعالة هي الركيزة الأساسية للممثل للدخول لهذا العالم وحدوث حالة من النماء الثقافي وتقديم ممثلين جيدين موهوبين دراسين ولهم رؤية متجددة.
وذلك ضمن برامج منظمة ذات منهجية تستثمر طاقات الإبداع لدى الممثل  ليصبح قادراً على التحكم بروحه وبانتباهه وبجسده وإحساسه بالصدق في داخله في كل ما يسند إليه من أدوار وأيضا يؤثر في تعليمه كيفية تحليل المادة التي بين يديه وكيفية إيجاد ما هو ضروري فيها وكيفية أن يندمج مع أدواره ويستحوذ على مفاتيحها ويفجر طاقاته النفسية والجسدية والإبداعية ليكون مؤدياً أميناً في كل عرض يقدمه ويوصل رسالته بصدق وإتقان .
وهذا ما أكد عليه كثير من المتخصصين فهم  يروا أن هذه المهمة تُعد مؤشراً يحفز الممثل للعمل على نفسه ليكون ممثل محترف، وهو خلاصة ما نادى به «ستانسلافسكي» وارتبط بمنهجه المعروف لدى كافة المشتغلين بالفن المسرحي لصناعة ممثل قادر على استيعاب كافة التيارات المسرحية.
أحمد مختار
الممثل قديمًا لكي يجيد التمثيل ويصبح ممثل محترف كان بحاجة إلى سنوات طوال لثقل موهبته قد تصل في واقع الأمر إلي عشرون عام من ممارسة الفن وأداء أدوار متعددة يتمرن من خلالها ليكتسب خبراته وتكتمل أدواته ويطلق عليه اسم «الممثل الجيد»، ومثال على ذلك الفنان محمود المليجي والفنان زكي رستم فهم ممثلين مهمين جدا ولهم تاريخ، لكن بدايتهم كانت متواضعة ثم تطوروا حتى وصلوا لتلك المكانة العظيمة بعد سنوات من العمل والمجهود والإصرار على النجاح والتنوع في الأدوار المختلفة.
ولكن الورش غيرت مسار الممثل واختصرت عناء يستمر لسنوات طوال ليصبح من خلال التدريب في سنوات أقل ليصل إلى نفس صورة «الممثل الجيد».
وكانت الانطلاقة الأولى لفكرة الورش حين اكتشف عدد من  علماء النفس والممثلين والمخرجين حول العالم بعض الطرق لسهولة إعداد ممثل بابتكار بعض التدريبات لمن يملك الموهبة.
فالبداية تضمنت حصر الإمكانيات التي تصنع ممثل جيد في مدة زمنية محددة فأيقنوا أن الممثل له أدوات مهمة يتسنى له أن يتدرب من خلالها، فخارجيا يمرن «جسده وصوته» لتطوير أدائه، أما داخلياً يمرن تركيزه وخياله وسرعة بديهته وقوة انتباهه وإحساسه ولغته التعبيرية، وبالتالي يستطيع أن يوظف جسده وصوته  للتعبير عن أي شخصية، ثم يتعلم كيفية دراستها، وكيفية التغيير ما بين شخصيه وأخرى وكيف يتم التعايش بشكل حقيقي داخلها.
ومن أهم مسارات التحول أيضا ابتكار المزيد من التدريبات وإقامة الاستوديوهات بجميع أنحاء العالم بداية من منتصف القرن الماضي وأهمها أستوديو «إيليا كازان» بأمريكا ولازال مستمرا حتى الآن في العطاء الفني.
وفي عام 1973 كان يوجد رجل عبقري يدعي «جو توسكي» طور شكل التدريب لشكل آخر وهو «الممثل القديس» الذي تنحصر حياته بين التمرين والتمثيل ويستخدم كل عضلات جسده وإمكانيته لتوصيل رسالته.
أما أهم من كتب عن كيفية إعداد الممثل هو المخرج الروسي «كونستانتين ستانسلاسكي» وأعد كتاب ينقسم لجزأين ولكن لم يترجم الجزء الثاني ونطبق الجزء الأول المترجم فقط في مصر، وألف «ستانسلاسكي» كتاب آخر مهم  بعنوان «حياتي بالمسرح».
وقام بعدها «استريد برج» بتطوير طريقته ومنهجه فهو أحد تلاميذه وظهر بعده الكثير بحثوا وقاموا بتطوير والعمل على إعداد الممثل، مع بداية تصوير الشخصية والتعبير والقدرة على استخدام الذاكرة الانفعالية والذاكرة الحسية التي بدأها «ستانسلاسكي» والمدارس الموجودة الآن تعد شكل مطور لما بدأه هؤلاء من أساليب فكل يضيف علي ما سبق ويطوره.
وعندما جاء العالم العظيم «بافلوف» وهو أحد متخصصي علم النفس استخدم فكره وعلمه في الربط بين الحركة والتعبير، وظهرت أشكال مختلفة من التعبير كالتعبير الراقص والمسرح الراقص وطريق الحركة، فكل علماء النفس ساهموا في ابتكار أساليب جديدة للتدريب وساهموا في التغيير والتطوير.
وقدم «جيمس لينج» نظرية لعاب الكلب وتقوم على تدريب وضع الطعام  للكلب عند سماع صوت الجرس وحين أذن لعابه يسيل فارتبط ذلك الإحساس بصوت الجرس وطبق عليه التجربة أكثر من مرة دون وضع طعام فسال لعابه ونتعلم من هنا أهمية التمرين واستخدام طرق علم النفس المختلفة في التدريب.
ونبني من خلال كل ما سردناه أن الورشة هي مجموعة من التدريبات المختلفة يقدمها المدرب ويتقنها للغاية وأيضا يقوم بتطويرها خلال فترة الورشة بناء على ما تمليه عليه المجموعة المتدربة معه، ويبدأ أن يحتكر أشكال أخرى من التدريب والورشة المتوازنة تكون بها عناصر مختلفة من التمرينات وتضم أعمار مختلفة من البنات والسيدات والشباب والرجال والأطفال، وأيضا أشكال لأجسام مختلفة فتندرج تحت مسمى الورشة المتكاملة أو المثالية نتاج تلك التوازن، وكل ورشة قدمتها خلال مسيرتي ابتكرت بها تدريبات مستحدثة وذلك عن طريق ما يوحي به المتدربين، ويكون ذلك بمثابة تطوير من ادواتي وتؤدي  إلى اكتساب مهارات جديدة  في الخيال والتركيز والتعبير والإحساس.
واستجابة المتدرب للتدريبات لها عاملين أساسيين ينحصر في الآتي: اهتمام المتدرب بما يقدم له خلال الورشة والاستعداد الدائم لتطوير العناصر التي يقدمها المدرب، والعامل الثاني هو اهتمام المدرب بكل التدريبات التي يقدمها من خلال الورشة لنصل لنتاج غاية في الأهمية  وهو استفادة المتدربين وتطويرهم.
والمثمر في الورش المتدرب المتفوق الواعي المهتم بالتغير فلا زلت أتذكر قول أحد المتدربين لي: «لقد تغير مفهوم الجمال بالنسبة لي من خلالك» وهذه الجملة خلقت بداخلي إحساس مميز أشبعني وفجر بداخلي طاقات جديدة للإبداع وتكملة للمسيرة.
ففكرة التلميذ والأستاذ قديمة قدم الأزل وأنا مازلت أذكر أساتذتي فلقد تدربت على يد أساتذة عظام، على رأسهم الفنان «نبيل منيب» رئيس قسم التمثيل بمعهد الفنون المسرحية وكان من أوائل الرواد لدخول تدريبات الممثل إلى مصر وأدين له بالولاء، فكانت طريقته متطورة أفادتني في تطوير ذاتي وتطوير أسلوبي، وزاد إصراري على التدريب بورش كثيرة خارج وداخل مصر؛ لأصل في النهاية أن التدريب والتطوير عالم لا ينتهي يبدأه الإنسان ولا ينهيه فكل يوم يمتلك عالم التدريب إضافة جديدة.
أما فيما يخص نتاج الورش بإقامة المشروع التطبيقي فأغلبها لا يقدم ذلك، والبعض يقدم مسرحية أو يقدم مشاهد تمثيلية بسيطة لتطبيق ما تعلمه، ومنهم من يستمر في مثيرة النجاح ويقدم أعمال فنية بناءة.
ولو تحدثنا عن الورش التابعة لمسرح الدولة أو القطاع العام أو لنقابة المهن التمثيلية وغيرها أو الورش الحرة، فأنا ضد التخصيص وأميل إلى أن الفن له علاقة كبيرة بحرية الإبداع، والقائمين على الورش مدربين أحرار قادمين من أماكن مختلفة وتمرنوا بفرق حرة وأصبح لديهم المقدرة على تدريب غيرهم.
وأشجع أن كل من عنده استطاعة لإقامة ورشة فليفعل والواقع يفرز الرديء من المتميز؛ فحين نقبل على أحد الورش ولا نستفيد يصل رأينا ونجتمع على أن الورشة غير مجدية والعكس صحيح فوسيلة الرفض والقبول مرتبطة بالمحتوى.
ولكي يستفيد المتدرب من الورشة بشكل حقيقي يجب أن يلتزم بالحضور والتركيز والاستيعاب لما يقدم له في الورشة، ولا يأخذ بكلام المدرب وكأنه مسلمات ولكن يبحث وراءه لمعرفة حجم الاستفادة منه والتعامل مع الورشة وكأني أتعلم فن العوم واندمج داخل الورشة دون أسئلة كثيرة لأستفاد بكل معلومة وأقوم بالتعايش والاستمتاع وبالتالي أتطور ولا يوجد محددات بالفن لكن تكون الرؤية للمخرج والإبداع للممثل 
ونصيحتي ضرورة الحرص على كتابة التدريبات وفهمها ومحاولة ممارستها مجددا لتقوية أدواتي أكثر لأن بالفن يوجد تنافس شريف فمن المهم أن أجيد التمثيل وأتفوق على ذاتي لنيل التميز.

 فادي نشأت
تصنيع شيء ما، والحقيقة أن هذه الحالة في المعنى السابق من الممكن أن تكون الأقرب في التعبير الفعلي عن ما هي الورشة، ولكن للإجابة عن المحتوى بوضوح يجب أن نضع مثال محدد للتحدث عنه وليكن مشروع التدريب الدائم لشباب الأقاليم «ابدأ حلمك»، هو مشروع متخصص لإقامة ورش فنية متخصصة لإعداد الممثل في محافظات مصر المختلفة في إطار جهد وزارة الثقافة المصرية في البحث الدائم عن المواهب المصرية ورعايتها في كافة الأقاليم المصرية، وذلك النوع من الورش هو أول ورشة لإعداد الممثل الشامل، كما أنه موجه للهواة وليس المحترفين، ولهذا ترتكز الورشة على تقديم عدة تمارين وتدريبات تهدف إلى تنمية وعي الممثل بذاته ووعيه بالثقافة المحيطة به للمساعدة على تهيئة الشاب والشابة والذي من خلالهم أيضا تتهيئ الأسرة إلى التعامل مع العالم المحيط بها ورفع درجة الوعي وقبول الآخر.
ومن هذا المنطلق أتحدث عن مدى استجابة المتدربين للورش تختلف مساحة الاستجابة من متدرب لآخر بناءًا على عدة نقاط هامة تتوافر عند كلا الطرفين المدرب والمتدرب في ذات الوقت.
فأولا المدرب يجب أن يكون له منهج محدد مدروس ومدقق بعناية، ومقسم إلى مراحل: 
1- نظرية للشرح والمناقشة، ومراحل عملية تطبيقية، بغض النظر عن المجال الذي يقوم المدرب بالتدريب عليه سواء تمثيل/ رقص/غناء/ سينوغرافيا/ دراما ..  إلخ.
2- يجب على المدرب أن يمتلك وعي بالمرحلة العمرية التي يقوم بتدريبها وما هي تطلعاتهم أو مخاوفهم، وما هي أهدافهم حتى يستطيع بناء أرضية مشتركة مع المتدربين في حين أن المتدربين يقع على عاتقهم العديد.
من المهام إذا أرادوا بالفعل أن يخرجوا بأقصى استفادة من الورشة، فأولا الالتزام فهو مفتاح النجاح دائما في أي وقت، وبناءًا عليه فالالتزام يصاحبه دائماً الاهتمام فعلى المتدرب أن يدرك أنه هو الباحث عن الاستفادة ولذلك فعليه أن يتعمق في البحث الدائم ولا يكتفي فقط بالقيام بالواجب المطلوب منه، بل عليه أن يوسع من دائرة قراءاته الشخصية بشكل عام، ليصل بالنهاية لحصاد ذلك ويعرف حجم الاستفادة ومدى تطوره، وأول خطوة في هذا الطريق هو نجاحه بالمشروع التطبيقي للمتدربين على تلك المهارات من خلال العمل الختامي الذي يتشارك فيه الجميع في محاولة استعراض جميع المهارات المختلفة للمتدربين ومدى تواصلهم على المسرح لوضعهم على أولى خطوات الاحترافية، وتقديمهم إلى الوسط الفني المسرحي في مصر في مختلف المحافظات المصرية لإحداث نوع من التطوير في الأجيال المسرحية من الشباب.
وإذا اتسعت دائرة النقاش حول الورش الحرة والورش الخاصة بالدولة فسنطرح مفهوم يعبر عن كلا منهم ألا وهو الورش الحرة مرتبطة بحركة السوق من حيث التعاقدات الخاصة بالأفلام والمسلسلات، فبعضها ورش إعداد ممثل تقوم على هدف الربح والتسويق في ذات الوقت، اما الورش الخاصة بالدولة فهي غير هادفة للربح فهي في أغلب الوقت مجانية تماما ، لذلك فالهدف العام من الورش المقدمة من خلال الدولة متمثلة في وزارة الثقافة هي محاولة توفير فرص حقيقية للشباب من خلال مدربين متخصصين في مجالاتهم، لأجل تحقيق مبدأ العدالة الثقافية وتماشيا مع خطة الدولة للتنمية المستدامة على مستوى الفرد الانساني ووعية الثقافي والفني.

 محمد نبيل منيب
 الورشة هدف أساسي يسعى إليه كل من يمتلك موهبة ويتشبث باكتمال خطواته نحو النجاح، والورشة المجانية هنا لديها هدف أساسي وفعال وهي التدريب والتأهيل لاختبارات المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج.
بدأت فكرة الورشة المجانية المؤهلة لاختبارات المعهد العالي للفنون المسرحية من حوالي سبع سنوات عندما لاحظنا ارتفاع مفاجئ في أسعار ورش التدريب للمعهد وفي الغالب يصعب دخول المعهد من دون التدرب في إحداها نظراً لصعوبة اختبارات المعهد وكثرة عدد المتقدمين، وصاحب الفكرة كان صديقي أحمد مبارك خريج المعهد العالي للفنون المسرحية ومدرب التمثيل، قام أحمد مبارك بالتحدث معي  واتفقنا  على فكرة إنشاء ورشة مجانية لمن يريد الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية ولا تناسبه أسعار الورش المتاحة، وبالفعل بدأنا التحدث مع بعض الزملاء ليقوموا بالتطوع للتدريب معنا في الورشة، والحمد لله في ستة سنوات نجح في دخول المعهد من متدربين الورشة 221 طالب وطالبة في قسم التمثيل والإخراج.
بدأت الورشة الجديدة للعام السابع على التوالي ويقوم بالتدريب في الورشة هذا العام المدربين (أحمد مبارك، محمد هاني، محمد ذكي، محمد نبيل منيب) الورشة تكون لمدة ثلاث شهور تقريبا، وبها تدريبات كثيرة ومكثفة، فتبدأ بتدريبات عامة لإعداد الممثل، ترتكز على كل ما يهم الممثل معرفته وتساعده في تطوير أدواته من تدريبات: تركيز وخيال وصوت وجسد وإحساس وفهم لقواعد التمثيل المسرحي، وقراءة للعديد من المسرحيات، وغيرها من الأساسيات، ثم تبدأ فترة التدريب على المشاهد التي سيقوم المتدرب بتقديمها في اختبارات القبول بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
وتلقى الورشة استجابة من المتدربين للمهارات والتدريبات المقدمة، غالباً لأن المتدربين لديهم موهبة حقيقة بالأساس ومقبلين على دراسة أكاديمية فتكون الاستجابة كبيرة .
ويخضع كل المتدربين أيضا لاختبارات تقام بعناية، فنقوم بعمل اختبارات نحاول فيها معرفة من يستطيع التطور مع التدريبات التي سيمر بها في الورشة، فمثلا تقدم هذا العام لمقابلات الورشة 950 ممثل وممثلة، حاولنا أن نختار منهم بعناية من يناسب فكرة وطبيعة تدريبات الورشة، ومن نجد فيه - من وجهة نظر مدربين الورشة - القدرة على التطور معنا خلال فترة الورشة.
وبما أن الهدف الرئيسي من الورشة هو دخول المعهد العالي للفنون المسرحية فالتركيز ليس على وجود مشروع تطبيقي بالمعنى المعروف، لأن الهدف الذي انضم له المتدرب للورشة هو دخول المعهد وبالتالي فالمشروع التطبيقي يكون المشاهد التي يتدرب عليها المتدرب ليؤديها أمام أساتذة المعهد، والهدف هو أن يظهر بشكل متميز أمام اللجنة.
قمت بالتدريب مسبقاً في دفعتين من مشروع ابدأ حلمك بوزارة الثقافة بالبيت الفني للمسرح (مسرح الشباب) وأرى أنه مشروع هام جداً وسعيد جداً باستمراره وسعيد إني كنت جزء من مشروع كبير ومهم كهذا المشروع، فهو وغيره من المشاريع المتميزة المشابهة هو نافذة لكل موهوب يحلم بوجود نافذة يقدم من خلالها موهبته، ويمارس الهواية التي يحبها، أرى دائماً أن المسرح هو الأساس الذي من خلاله تستطيع التطور واكتساب الخبرات حتى لمن يحلم بالتمثيل في التلفزيون أو السينما، فالمسرح هو المدرسة التي ستتعلم فيها وتزيد من خبراتك لتكون جاهز لسوق العمل، واشكر المسئولين عن ورشة ابدأ حلمك وكل الورش الخاصة بالدولة لتبني مشاريع تكون متنفس لكل هذه المواهب الموجودة في مصر، واشكر قيادات وزارة الثقافة لرعايتهم لهذه المشاريع والتي لاحظت أنها زادت مؤخراً مما ساعد في أن يجد الكثير من الموهوبين أكثر مكان يستطيع التقدم له والتدرب فيه، حتى في محافظات مصر وأنا دائما أشيد بأهمية الورش فيوجد العديد من الورش الهامة والتي تعمل بحق على تطوير المواهب، ويكون التركيز في أغلبها على الراغبين في التمثيل التلفزيوني والسينمائي، وتساعدهم في فهم إمكانياتهم وتطويرها، واكتساب خبرات من خلال مناهج التمثيل المختلفة والمتنوعة، ومن خلال متابعتي فهناك العديد من المدربين المتميزين في الورشة الخاصة تستطيع أن تتعلم منهم الكثير .
وكما يوجد الجيد يوجد أيضا الورش التي تهدف فقط إلى المكسب المادي يقوم بالتدريب فيها أشخاص غير مؤهلين للتدريب أو أشخاص غير مخلصين لعملية التدريب والتي تتطلب فهم ووعي وإخلاص كبير، ولذلك أنصح أي شخص بالسؤال جيداً عن أي ورشة قبل الدخول فيها، والمهم أن تسأل أكثر من شخص، ومهم جداً أن تسأل أشخاص قاموا فعلا بالتدرب في تلك الورشة حتى تعرف منهم هل فعلاً استفادوا خلال الورشة أم لا، ومهم أن تحاول معرفة مدى التطور الذي حدث لأصدقائك قبل دخولهم ورشة معينة وبعد خروجهم منها وتستطيع من خلال سؤال أكثر من شخص ومن خلال ملاحظة مدى التطور للمتدربين بعد الورشة من معرفة إذا كانت الورشة جيدة ومناسبة لطموحاتك أم لا.. فالورش لها دور فعال في اعداد الممثل فلا تذهب مسرعاً وراء الورش   وتحقق دائما من اختياراتك.

محمد ميزو 
أحب أن أتحدث عن ورشة «ابدا حلمك» التي تشرف عليها وزارة الثقافة وهدفها إعداد ممثل جيد يمتلك رؤية ووعي 
وقد تم تنفيذ الورشة بشكلين مختلفين:
* ورشه «ابدا حلمك» بالبيت الفني للمسرح برئاسة اسماعيل مختار 
*ورشة «ابدا حلمك» التي تقيمها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة وإشراف هشام عطوة
وبرغم اختلاف الفلسفة لكل ورشة عن الاخري لكن يتوحد المحتوي في الفكر، فكلاهما يستهدف اكتشاف وتنمية المواهب بشكل عام سواء التنمية بمحافظات كبرى كالقاهرة والاسكندرية التابعة للبيت الفني للمسرح، أو للاقاليم والمحافظات التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، وشاهدنا هذا بكفر الشيخ والشرقية وبور سعيد والفيوم والعديد من المحافظات الاخري.
ونخص حديثنا الان عن مادة للتخصص «الرقص» تحديدا والتي تدرس ضمن مواد الورش التعليمية لإعداد الممثل والتي تحتوي علي تدريس فنون متعددة مثل فن  الديكور والتمثيل والإلقاء و الموسيقي وغيرها، وتعد كل هذه المواد تكميلية لكن الأساس هو تعليم التمثيل واعداد الممثل، فالممثل الجيد يجب أن يكون ملما بكل عناصر العملية الفنية كالديكور والرقص وفنون لغة الجسد والموسيقي والالات الصوتية، وهي العناصر التي يعمل بها ويستخدم كل ما يستقيه من هذه العلوم كأداة للتمثيل.
ونحن كمدربين للرقص نعمل علي منهج تفاعلي بمعني تواجد لغة مشاركة واندماج بين المدرب والمتدرب، ونبتعد كل البعد عن المعلومات المكررة والعتيقة والتعليم التفاعلي هنا يعتمد علي ثلاث محاور رئيسية :
المحور الاول: هو المحور التوعوي، ويقوم علي الاهتمام بكل ما يخص المتدرب، ويتلخص في أن يعرف المتدرب اين هو الآن وماذا يفعل الان، وما سيصل إليه غدا من مراحل وكيف يطورها، كل ذلك يندرج تحت كيفية وضع المتدرب  علي الطريق الصحيح، ونقوم علي تنمية إدراكه بالعملية الفنية بشكل عام، وأيضا الإلمام بالتخصص «الرقص» ومن هنا يكتسب قدر عالي من الثقافة والمعرفة حتي أن لم يصل المتدرب للاحتراف والنجومية  سيتذوق فنون المسرح بشكل اكاديمي، ويتعلم كيف يفرز الغث من الثمين في طبيعة عمله ويمتلك وعي فني، وهي الرسالة التي نوهت وزير الثقافة عن ضرورة وجودها والاهتمام بها عندما تحدثت عن الورش.
أما المحور الثاني فهو المحور البدني، ويرتكز علي عمل تمرينات مكثفة والاستعانة بمساعدين من كلية التربية الرياضية ليرتقوا بمستوي اللياقة البدنية للممثل، لكي يصبح قادرا على التعامل مع جسده من خلال عمل تمددات للجسم «استرتشات» وتمرينات مرونة ليكون الممثل مؤهل جسديا لأداء كل الأدوار.
وننتقل الي المحور الثالث وهو المحور الفني، ويدرب فيه الممثل علي أنواع الرقص المختلفة والمتنوعة، مثل  الكلاسيكيات، والتعبير الحركي، والرقص المعاصر، والهيب هوب، والصالصا، وغيرها من أنواع الرقص المتنوعة، فيتعلم لغة الجسد وكيف يحلل عرض راقص، فندخل أكثر فأكثر في الشق الفني ويتعلم  المتدرب كيف يتعامل هو نفسه مع جسده بشكل صحيح ويفرق بشكل سليم  بين أنواع الرقص لانه مارسها فعليا.
وايضا يعد المتدرب ليكون قادرا علي أن يكون له رؤية وقراءة توعوية حول فكرة الفن بشكل عام، والرقص بشكل خاص كمادة التخصص التي يقوم بدراستها 
ومع استجابة المتدربين نلاحظ الناتج بشكل كبير بمشاريع التخرج كمشروع ورشة «ابدا حلمك» واخص بالذكر مجموعة «الشرقية» اشراف وإخراج الأستاذ الفنان أحمد طه، فعنصر الرقص كان من العناصر البارزة في العرض، وظهرت استجابة المتدربين بشكل عملي وتفوقهم، فرغم كثرة الاعداد أدوا حركات راقصة بشكل محترف، الي جانب بروز ذلك أيضا في ديموا راقص لمدة عشرون دقيقة لمجموعة  الإسكندرية ادى خلاله المتدربين بشكل مهاري للغاية وكأنهم راقصين محترفين، ونالوا إشادة معالي وزير الثقافة إيناس عبد الدايم  والحضور، وتعتبر هذه دلالة على قوة المنهج الذي نعمل من خلاله ودقة محتواه وتفاعله وحداثته.
ولاحظت في أغلب مجموعات الورش مشاركة طلاب من معهد الفنون المسرحية وأقسام المسرح، وفي النهاية نصل الي نتاج نرضي عنه جميعا معهم، ويثني عليهم الجمهور، وأداء الممثل للرقص بشكل متقن بعد اجتياز الورشة يستحق الفخر، ونعد بالمزيد من التطوير والعمل فالاستجابة جيدة ونسعى إلى المزيد.
وانا افضل دائما العمل بالورش التابعة للدولة، ففكرة أنها تحت مظلة الدولة توفر أماكن جيدة معدة للتدريب، ويوفر للمتدرب امتيازات كثيرة منها التدريب الجيد دون تقاضي اي مقابل مادي، فتدعمه وزارة الثقافة بدعم كامل، وبالتالي العنصر الفني هنا هو الفيصل والموهبة تفرض نفسها، ولكن هذا لا يعني اني ضد الورش الحرة، ولكن تضطر الورش الحرة لقبول الموهوب وغير الموهوب، وهذا فارق جوهري بين الورشتين وإشكالية كبيرة أيضا  فالموضوع تجاري أكثر بالورش الخاصة، وفي النهاية لكل ورشة مميزاتها وعيوبها ولكن الموهوب يفرض نفسه..
وأنصح المتدربين دائما أن ينموا من مواهبهم ويسعوا وراء كل جديد ومميز، وان  يصقل كل منهم موهبته إذا اتيحت الفرصة لهم للتقدم لمعهد الفنون المسرحية وأقسام المسرح المختلفة فليتمموا هذا ويأخذوا القنوات الشرعية لدراسة الفن إذا كان هذا موضوعه وحلمه، ونحن كورشة نقدم له يد العون والمساعدة ونقدمه بشكل أفضل ولكن بالنهاية الدراسة مهمة جدا، والالتحاق بالورش المعتمدة أو للمدربين للكبار والمعروفين المشهورين بالكفاءة بالورش الحرة أمر مهم للغاية.
•محمد عبد الفتاح «كالابالا» تجربة ورش الحكي بمسرح الطليعة بعيدة  عن جمود الشكل الأكاديمي
أقدم  ورش مسرح وتحديدا «ورش حكي» وتتناول التدريب علي كتابة واداء الحكايات الشخصية بشكل خاص والحكايات بشكل عام، واعمل مع فئات مختلفة سواء متدربين من الممثلين او متدربين ليس لهم علاقة بالفن ولكنهم محبي للحكي، وايضا من يستخدموه في مجال العمل كالمحامين والمدرسين والسياسيين وغيرهم ممن تحتاج مهنهم الي الحكي والتواصل مع الآخرين وجزء له علاقة بلغة  الاقناع، فأنا أعمل علي تطوير مهاراتهم، ويوجد نوع اخر من المتدربين يوجد لديهم مشاكل في التواصل ويحتاجوا لمن يسمعهم في سرد حكياتهم، وهذه هي الفئات التي اعمل معاها بالورش.
والتدريبات التي ترتكز عليها الورشة خاصة بعملية الكتابة، وتحويل الموقف الشخصي أو القصة الشخصية الي قصة يقرأها الآخرين وتصل لهم ممتزجة بالمتعة والاستفادة عن طريق نقل التجربة، وايضا يؤدي الحكاء القصة بشكل به توازن للجمهور بشكل فني، فتتحول الحكاية من حكاية شخصية لعمل فني يملك مفردات  تقديمه لآخرين.
وانا أقيم ورشتي بشكل يومي وأعد تقرير عن المتدربين  وبه قياس لمهاراتهم، وفي آخر الورشة أراجع التقرير وأتابع تطور المهارات والي اي مدي استفاد المتدرب، الي جانب إقامة مشروع تطبيقي بختام بعض الورش، ففي ورشة مسرح الطليعة قدمنا برومو كالذي يقدم للافلام صنعناه من حكايات المتدربين، وقريبا جدا سنجهز عرض ضخم يقدم بشكل مسرحي و يضم مجموعة من متدربي الورش.
وان تحدثنا عن الورش المعتمدة من الدولة والورش الحرة بشكل عام، فلكل منهما مزاياه وعيوبه، فمن الإيجابي لورش الدولة وجود مكان ثابت ومناسب نقيم به الورش بشكل مستقر ودائم، أما الأعمال الإدارية ليست على عاتقنا حيث تقوم بها المؤسسات الرسمية، حيث ينحصر دوري في كوني مدرب ومصمم لبرامج التدريب والعمل مع المتدربين علي ما أعددته من خطط، اما الورش الحرة فمساحة التدريب بها اكبر ولا يوجد حدود لما نريد أن نصل إليه، وأتميز بالبعد عن جمود الشكل الأكاديمي، ولكن ورشة «الطليعة» تعد بالنسبة لي مختلفة رغم أنها تابعة للدولة فالتعامل مع الفنان عادل حسان ومسرح الطليعة كانت تجربة تمتاز بعدم التدخل في عملي واعطائي المساحة المرجوة من الحرية، وكنت سعيد بالتجربة بشكل عام والدعم المقدم لي، فقدمت كل ما تعلمت وكل ما حلمت به بعيدا عن جمود القالب الأكاديمي، ففي الفن يوجد مرحلة من الجمود يجب أن نتخطها لنملك تقديم شكل مختلف ومميز وممتع وغير تقليدي ومناسب للمرحلة التي نعيشها في نفس الوقت.
اما بالنسبة للورش التي تقدم بشكل عشوائي غير متخصص ولا تراعي الأسس السليمة للتدريب، فقد تواجدت بشكل كبير في الآونة الاخيرة، ولهذا قامت النقابة والمؤسسات الرسمية بإقامة ورش وبها ميزات خاصة.
وايضا قدمت بعض الورش وقام عليها مدربين مميزين وأساتذة كبار الا أن الورشة  يلتحق بها من هم اشهر من المتدربين أنفسهم من أجل أخذ التصريح من النقابة ومن الممكن الا يعملوا بها فنحن أعضاء النقابة نجلس فترات بالمنزل .
وأعتقد أن دور النقابات الأكثر أهمية مثل نقابة المهن التمثيلية والمعهد أنه تصنع ورش يتقابل فيه المدربين ليتطوروا من مهاراتهم ويتناقشوا في كل جديد فيما  يقدم، وما يمكن أن يضاف ويناقشوا أيضا السلبيات المتواجدة حاليا.
ونحن أيضا  نعاني من مشكلة كبيرة وهي فكرة الاتاحة، فمن المفروض من يمتلك موهبة ولديه منهج يحافظ علي تواجده، فنحن نعلم بورش النقابة لأنها اشهر ورشة واهم ورشة لذا أتحدث عنها ولكن هل تمتلك ورش النقابة دليل تدريبي؟ لا اعتقد هذا وربما لو سألت سيسخر مما أقوله، ولكن الفن علم مثل باقي العلوم يلزم له دليل ومنهج، ولكن لأن الورش تحديدا ليست دراسة مثل الدراسة بمعهد الفنون المسرحية أو معهد السينما فلها شكل مختلف وأهداف مختلفة..
لذا كنت أطمح أن تكون الورش التي تقيمها النقابة بالأساس لأعضاء النقابة من أجل تطويرهم، فمن دور النقابة  المحافظة علي المهنة وتنمية مهارات أفرادها، فالمهارات أصبحت لها شكل مختلف وليست منحصرة في كيفية الوقوف علي المسرح، ولكن كيفية التسويق لنفسك، وكيفية التعامل مع المخرجين، وكيفية مواكبة التطور، وهذا كله يحتاج أن يكون بداخل الورش دليل تدريبي تحت رعاية النقابة لأنها مسئوليتها بالمقام الاول.

العشوائية التي نعاني منها سببها الرئيسي عدم الاتاحة، فلا يوجد فرص حقيقية فيتم الإقبال علي الورش
ممن لديهم فرص قليلة للعمل، أما لتقديم ورش بخبرتهم المتاحة  أو للتدريب بالورش بهدف أن يشاهدهم مخرج  يقدمهم بعمل، اما بالنسبة للموهوبين بالمحافظات  فالالتحاق بالورش والمعاهد قليلة لان اكثر الورش بالقاهرة، فيجئ الينا المتدربين من جميع المحافظات لحضور ورشة سريعة والعودة الي بلادهم دون الاهتمام بتفاصيل مهمة، مثل شخصية وخبرات المدرب، ومدي الاستفادة  من الورشة..
ولذا يجب أيضا إتاحة الورش بأسوان والأقصر وسوهاج والدقهلية والبحيرة ولو بنسبة ضئيلة، فالورش تعد مضادات للتفرقة والاستقطاب وللفكر المتطرف والارهاب،
وانا اعلم أن وزارة الثقافة تحاول أن تقدم هذا بعدد من الأقاليم، ولكن هذا غير كافي فنحن مائة وعشرة ملايين  ونحتاج لمشروع قومي حتي وان كان المتدربين لن يمارسوا المهنة، لكن مهم أن يجدوا وسائل أخري للتعبير تكون بسيطة وسهلة وليست مكلفة.


نهاد المدني