بمشاركة ثلاثة عروض مصرية المهرجان الدولي لشباب الجنوب ينطلق من الأقصر

بمشاركة ثلاثة عروض مصرية   المهرجان الدولي لشباب الجنوب ينطلق من الأقصر

العدد 759 صدر بتاريخ 14مارس2022

يُعد صعيد مصر قلب مصر النابض بالحيوية والحياة، ومن صعيد مصر، مدينة الأقصر، تنطلق الدورة السادسة من المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب، برئاسة الناقد الفني هيثم الهواري، وذلك في الفترة من 15 حتى 20 مارس الحالي. المهرجان يضم أربعة أقسام، العروض المشاركة في المسابقة الرسمية وعروض خارج المسابقة الرسمية وعروض مسرح الشارع وأخيرًا عروض الحكي. تشارك مصر في المسابقة الرسمية بثلاثة عروض، كما تشارك في عروض مسرح الشارع بعرض مصري سوري وهو “مثقال”، وتشارك أيضًا بعرض حكي.  عن المهرجان ودورته السادسة، التقت “مسرحنا” برئيس المهرجان ومديره وبعض المسرحيين المصريين المشاركين فيه، ليحدثونا عنه.

البداية كانت مع المخرج أشرف النوبي مخرج عرض “موسم الهجرة إلى الشمال” المشارك في عروض المسابقة الرسمية، وقال: للأسف هذه هي المشاركة الأولى لفرقة الجنوبي في هذا المهرجان، وفرقة الجنوبي هى أول فرقة مسرحية حرة تم تكوينها  وإنشائها في الصعيد، شاركت في العديد من المهرجانات وخاصة مهرجان شبرا الخيمة للمسرح الحر على مدار 6 سنوات متتالية، وحصلت على العديد من الجوائز وشاركت في مهرجان المسرح العربي في القاهرة وحصلت على جائزة في الديكور، وشاركت في مهرجان ميت غمر المسرحي. بعد انتقالي لمحافظة مطروح كموظف في وزارة الثقافة، أصبح الأمر مرهقا بعض الشئ، لذلك تم تجميد نشاط الفرقة، حتى شعرت أن المهرجان الذي يمثل الجنوب، لا يمكن أن يكون في الأقصر ولا نشارك فيه، فأنا أيضا أحد مؤسسي الفرقة القومية المسرحية بالأقصر، لذلك قررت أن أقدم بفرقة الجنوبي عرض “موسم الهجرة إلى الشمال”، والحمد الله تم اختياره ضمن عروض المسابقة الرسمية للمهرجان.
وأضاف “النوبي”: العرض عن رواية الكاتب الكبير الطيب صالح، النص يطرح فكرة الاغتراب والهجرة وأثارها السلبية على المجتمع المصري بشكل عام وعلى المرأة الجنوبية بشكل خاص، بطل العرض أحد أبناء الجنوب، الذي يقرر الهجرة، وتنتج عن هذه الهجرة  أثار سلبية جمة، وهم نفسي وإنساني يقع على المرأة، ونرى ذلك من خلال زوجة “مصطفى” بطل العرض، هذا من حيث الهجرة على المستوى النفسي والإنساني، و كذلك على مستوى العادات والتقاليد المختلفة تمامًا، والتي قد تكون بصورة أو بأخرى ضد العادات الغربية أو ما يمارسه الشمال من عولمة وتطور وتكنولوجيا وحداثة، وهذا يتعارض تمامًا مع فكرة الجنوبي البسيط، ونحن لسنا ضد ما تم ذكره، ولكن هناك بعض العادات والتقاليد في الشمال مثل الحرية  تختلف عنها في الجنوب، مع تقدير واحترام الجنوب للمرأة.
وتابع “النوبي”: العرض ملائم جدًا للمهرجان، لأن من شروطه أن يتحدث النص عن البيئة والمرأة، و قد وجدت في النص عنصرين هامين، أنه يتحدث عن موروث بيئي شديد الخصوصية، والمرأة وما تعانية، نتيجة الهجرة والاغتراب وبعد زوجها المسئول عن الأسرة، وأثاره السلبية المدمرة عليها وعلى أسرتها. العرض يضع بؤرة ضوء على هذه القضية، وهو بطولة شريف النوبي ورشا جميل وحمادة فؤاد وجمال يونس وباقي أعضاء فرقة الجنوبي المسرحية، ديكور وتمثيل وإخراج أشرف النوبي.
وأضاف “النوبي”: سعيد بهذه التجربة، في بلدي الأقصر وسط زملائي وأصدقائي وجمهوري، الذي افتقده بشدة، و أكثر ما يميز هذه الدورة، الحرص الشديد جدًا في الاختيار، والدليل اختيار ثلاثة عروض مصرية فقط داخل المسابقة الرسمية، وهو ما يدل على وعى شديد جدًا بأن يكون الكيف وليس الكم هو المعيار، تحية لمؤسسة س للثقافة والإبداع والقائمين على المهرجان.
حسن ونعيمة 
فيما قال المخرج عماد عبد العاطي، المشارك ضمن المسابقة الرسمية: هذه هى المشاركة الأولى لي في المهرجان بعرض “حسن ونعيمة” لفرقة الكرنك لعروض التراث والحكى، كان توقيت المهرجان في البداية في شهر أبريل، وفيه  نكون مشاركين بعرض في  الثقافة الجماهيرية، ولكن هذا  المهرجان متخصص بشكل كبير، و يميزه أن فعالياته تكون في الجنوب، وهذا شيء هام جدًا، فيما يتعلق بنا كجنوبيين.
وأضاف “عبد العاطي”: عرض “حسن ونعيمة” تأليف د. شوقي عبد الحكيم وديكور د. علياء ماهر وموسيقى وغناء حسام حسني، شيماء أبو الحجاج في دور نعيمة، دينا محمد سيد في دور الأم، محمود سعد في دور الأب، ومحمود صابر ومحمود أحمد طايع ومحمد أحمد محمد، حسن كريم في دور حسن وكريم عبد السلام في دور الزائر، مدير الفرقة فراج محسب، ورئيس الفرقة ومؤسسها ومخرج العرض عماد عبد العاطي. العرض يناقش قضية مقتل حسن على يد عائلة نعيمة، ويقدم ما بعد مقتله في صيغة محاكمة بين الأب والأم والبنت، كل فرد في العائلة يتنصل من التهمة ويرمي اللوم على الآخر. والمختلف في هذا المهرجان هو أن هذه الدورة تقام في الأقصر، و في ظل استمرار أزمة فيروس كورونا، وهو تحدي حقيقي للقائمين على المهرجان .
وقالت مصممة ديكور عرض “حسن ونعيمة” د. علياء ماهر المدرس بكلية الفنون الجميلة قسم ديكور- شعبة فنون تعبيرية بجامعة الأقصر: هناك خطوات تحضيرية لتصميم السينوغرافيا الخاصة بالعرض، أولها قراءة النص جيدًا، ثم ورشة عمل مع مخرج العرض الأستاذ عماد عبد العاطي، وبدأت بالفعل في تصميم ديكور يعبر عن وجهة نظر المخرج، لان الديكور جزء من منظومة، فالسينوغرافيا عبارة عن أركان المسرح المتكاملة، و قد تناولت الديكور بطريقة حديثة، مع مراعاة أن تكون الخامات بسيطة، وهى رسالة  مؤداها أن الميزانية ليست عقبة، وقد قمت باستخدام الخامات البيئية التي تعبر عن حالة المسرحية.
فيما قالت بطلة عرض “حسن ونعيمة” الفنانة شيماء أبو الحجاج: هى أول مشاركة لي في المهرجان، وأقوم بدور “نعيمة”، التي  تلوم أهلها على ما فعلوه، بمعالجة صعيدية، و قد بدأت في قراءة النص ومحاولة تقمص الشخصية، حتى أصل إلى أفضل أداء.
 أما المخرج إبراهيم ناصر، مخرج عرض “فستان فرح” لفرقة الهاية المستقلة بمركز شباب بني مزار، والمشارك ضمن عروض المسابقة الرسمية: “فستان فرح” تأليف كيرلس صابر، مدير الفرقة المخرج حمدي طلبة، وبطولة  إيرينى رؤف ويوستينا ماهر، غناء مريم محمد وألحان حسين محمد حسين وديكور وملابس ريمون أمير وسارة ماهر، عزف رامي عزت على الكمان وعلى الأورج مانويل إيهاب، وعلى العود حسين محمد، ومن إخراجي. العرض يناقش نظرة المجتمع للأنثى بشكل عام والظلم الذي يقع عليها مجتمعيًّا، إلى الجانب المشاكل التي تعيشها لمجرد أنها “أنثى”، والعادات والتقاليد ونظرة المجتمع لها وخاصة المرأة المطلقة، وكأنها مرض شديد العدوى؟! .. يعتمد العرض على التمثيل داخل التمثيل من خلال ممثلتين تقومان بجميع الأدوار، حيث أن هموم المرأة في جميع الأعمار والمراحل السنية ومشاكلها تكاد تكون واحدة. الممثلتان يقومان أيضًا بتمثيل شخصيات الذكور كنوع من الإسقاط على الواقع والسخرية منه، والعرض يضع المجتمع “الذكور” في ما يشبه المحاكمة، وتعريته اجتماعيًّا، ومحاكمة التقاليد المتوارثة، التي جعلت المرأة على الهامش.
كذلك قال ملحن عرض “فستان فرح” حسين محمد حسين: كانت هناك جلسات كثيرة بيني وبين المخرج، إلى أن تم الاستقرار على الموسيقى  التي حاولنا أن نجعلها رحلة مليئة بالتفاصيل تلمس كل مشهد في العرض. أضاف: هذه هى المشاركة الثالثة لي في المهرجان من خلال فرقة الهاية المستقلة، والمهرجان في السنوات السابقة كان محليا، و حاليًّا هو دولي، و أن تحمل دورة هذا العام اسم المخرج الكبير خالد جلال يمنحها قيمة كبيرة.
المخرج محمود الشوكي، المشارك بعرض حكي هو  “غيط البنات” قال: العرض يحكي عن قضايا البنات كقضايا الختان والتحرش الجنسي والتسرب من التعليم والزواج المبكر، في إطار الحكي، من خلال أبطال العرض “البنات المهمشين”، و يتطرق لقضايا الفتيات في النجوع والقرى، وأتناول هذا العرض بصورة مختلفة، بعيدة بعض الشيء عن عروض الحكي، من خلال حالة درامية مبنية على الحكي، وحالة من التعبير الحركي والغناء، في حالة درامية شبه مكتملة، مع صُنع حالة سينوغرافية مختلفة مرتبطة بالحبكة الدرامية. “غيط البنات” تأليف وأشعار إسلام فرغلي وبطولة ندا الشريف وميساء عبد الرحمن وماجي مايكل ومريم محمد وألحان رامي عزت وتوزيع محمد فتحي عبد الوهاب وديكور وملابس أسماء سيد وإخراج محمود الشوكي.
فيما قالت بطلة العرض ندا عثمان: العرض يحكي قصص أربع فتيات، في الصعيد من تحرش جنسي وختان وزواج مبكر، وقد حاولت تجسيد ما تشعر به تلك الفتيات من معاناة  وقمت بالبحث عن شخصيات حقيقية تُعاني مثل تلك القضايا، حتى أصل إلى أفضل أداء في الحكي.
وعن المهرجان من نسخته الأولى حتى دورته الحالية التي تحمل اسم الفنان والمخرج خالد جلال، قال رئيس المهرجان الناقد الفني هيثم الهواري: مؤسسة “س” للثقافة والإبداع، كانت تقوم بورش تدريب في إحدى محافظات قرى الصعيد، ووجدنا مواهب كثيرة لا يتم دعمها، ومن هنا جاءت فكرة تنمية هذه المواهب و وكذلك  إنشاء مهرجان مسرحي خاص بالموروثات الشعبية، ولدينا فرق مسرحية كثيرة في الجنوب، ولكن للأسف لا يتم دعمها أو رعايتها وتدريبها، ولدينا الشباب الذين قاموا بتكوين بعض الفرق المستقلة في الصعيد، وهم في حاجة للتدريب والدعم لإنتاج عروض مسرحية، وعند تفكيرنا في بداية المهرجان وضعنا بعض الأساسيات أهمها رعاية وتدريب ودعم شباب الأقاليم ومساعدتهم على تقديم عروضهم داخل مصر وخارجها، الدورة الأولى كانت في محافظة الأقصر، وقدمنا في هذه الدورة جوائز  عبارة عن دعم إنتاج، أي مبلغ مالي يقدم به عروض مسرحية، بالإضافة إلى توفيرنا لورش تدريبية على يد كبار خبراء المسرح في مصر في هذا الوقت، وقدمنا بعض بروتوكولات التعاون بينهم وبين المسارح والهيئات من أجل عرض أعمالهم على مسارحها.. الدورة الأولى كانت عام 2016، ثم قمنا بإنشاء مشروع صناعة المسرح، وهو عبارة عن ورش تدريبية في مختلف المحافظات من الفيوم لأسوان، ونتج عن ذلك أربع فرق تمثيل، كل فرقة مكونة من 30 إلى 40 شابا، وتنتهي الورشة بتقديم عرض مسرحي بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة.
وأضاف “الهواري”:  المهرجان يتطور كل عام وقد تحول من مهرجان محلي إلى دولي بمشاركات دولية قوية، و الدورة الحالية تحمل اسم المخرج الكبير خالد جلال، والفكرة  أن يقدم في مختلف محافظات الصعيد، الدورة الثانية والثالثة كانوا في أسوان، أما الرابعة والخامسة فكانوا في أسيوط والدورة الحالية في الأقصر، ومهرجان مسرح الجنوب هو أول مهرجان مسرحي دولي في جنوب مصر.
وختامًا قال مدير المهرجان الكاتب المسرحي بكري عبد الحميد: المهرجان يضم أربع برامج مسرحية،  العروض المشاركة بالمسابقة الرسمية وهي “العريش” سلطنة عمان، “مهرجون” أسبانيا، “داكن” نيبال”، “البرباس” السعودية، “جندرمات” العراق، “قطار الباقورة” الأردن، “تراتيل ثورة نساء” الأردن، “الآلهة غير ملامة” غانا، “موسم الهجرة إلى الشمال” و”حسن ونعيمة” و”فستان فرح” مصر، وهناك عروض خارج المسابقة الرسمية وهم “كونترياس” بولندا و”عراق للأبد” فرنسا/العراق و”القعدة” السودان، أما عروض مسرح الشارع فهي “الجار” الجزائر و”احترق كالعنقاء” العراق و”مثقال” سوريا/مصر و”عجاف” ليبيا، أما عروض الحكي فمصر تشارك بعرض “غيط البنات”.
وأضاف “بكري”: المهرجان يتضمن العديد من الفعاليات الفنية والثقافية من ورش وإصدارات، حيث يتضمن ثمان ورش متنوعة بالإضافة إلى ورشتين يحملان طابعا خاصا يقدمهما المخرج الكبير خالد جلال، الذي  تحمل الدورة اسمه، و يعد صانع النجوم وله بصمة وتاريخ كبير.
وتابع “بكري”: هذه الدورة بها توسعات أكبر لتقديم فعاليات في قرى حياة كريمة، مؤسسة الأهرام ودار نهضة مصر للنشر والتوزيع يقدمان كتبا للأطفال من خلال نشاط  “أتوبيس الحكي” وزيارتنا لمستشفى الأورمان، ومعرفة المواهب الجديدة في المستشفي أو المؤسسات الأخرى و في القرى والنجوع وتقديمها من خلال مؤسسة الأهرام ودار نهضة مصر. كما يتضمن أيضًا إصدارات في غاية الأهمية منها كتاب يتحدث عن جذور الرومانسية في العصور الوسطى للدكتور سيد الإمام، ود. جمال ياقوت يقدم كتابا في فن الإنتاج والتسويق في المسرح، وكتاب يتحدث عن المخرج الكبير خالد جلال، يحدثنا عن تجربته، وأيضًا كتاب مهم للمكتبة المصرية، يتحدث عن الأراجوز ومسرح العرائس، تاريخه ونشأته وقصته، وهناك العديد من الإصدارات الأخرى الهامة والقيمة.


إيناس العيسوي