مملكة الأراجواز.. فرجة تربوية سلوكية

مملكة الأراجواز..  فرجة تربوية سلوكية

العدد 785 صدر بتاريخ 12سبتمبر2022

علي خشبة مسرح قصر ثقافة كفر شكر وضمن برنامج طموح للإدارة العامة لثقافة الطفل لتمكين المسرح الهادف إلى إحياء القيم المثلي والأخلاق القويمة قدمت فرقة مسرح الطفل بقصر ثقافة كفر شكر عرضها المسرحي مملكة الأراجوز تأليف محمد عبدالحافظ ناصف وإخراج محمود أبو الغيط وشارك في بطولة العرض عدد كبير من الأطفال بقيادة ومساعدة خبرات من كبار فرقة قصر ثقافة كفر شكر مما ساهم في تدفق إيقاع العرض وثراء الرؤية البصرية وتدفقها 
مملكة الأراجوز عرض تربوي موجه للأطفال هادف إلى إحلال القيم النبيلة محل القيم المعلبة والمستهلكة التي يتعاطها النشأ في الآونة الأخيرة مما اثر بشكل سلبي علي أخلاقيات وقيم المجتمع بشكل عام ولأن مسرح الطفل من أدق واخطر فنون الإبداع وأكثرها تأثيرا علي النشأ فان التعامل معه يتطلب وعي من نوع مغاير بمقتضيات الحال وتظل مخاطبة الطفل اسمي أهداف الفنون وزرع القيم الأخلاقية أنبل أهداف المسرح وتظل محاولات مبدعوا المسرح للوصول لعالم الأطفال المحاصر بالتكنولوجيا و وسائل الاتصال المغيبة للعقول والأفئدة ليكون العودة للأراجوز وفنونه وسيلة لاحتواء الأطفال فكان اختيار المخرج محمود أبو الغيط لنص الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف الطامح إلى غرس القيم الأخلاقية الراسخة واهمها تقبل الأخر واحتوائه وبدأ العرض بتشكيل سينوغرافي هرمي يغازل الحضارة الفرعونية للتأكيد علي أن الحاضر وليد الماضي والطامح لمستقبل افضل اعقبها لوحة سريعة عادت بنا إلى زمن الأراجوز والملاغي بمجموعة من الأطفال تتجمع في شغف أمام (برافان) الأراجواز ويقدمه (المخايل) الذي يلاغي ويلاعب ويغازل الأراجوز والأطفال النظارة سواء بسواء حتي إذا ما اختفي الأراجوز امتعض الأطفال وطالبوا بعودته ثانية وبعد شد وجذب من الأطفال والمخايل اتفق الجميع علي السفر في رحلة افتراضية إلى مملكة الأراجوز وما أن أزيح الستار عن المملكة الافتراضية حتي تجسد لنا الأراجوز الأب والابن والزوجة بأجساد بشرية مع ديكور علاء الحلوجي الذي اهتم بالألوان المبهجة لجذب انتباه الطفل وتأجيج الخيال ومزج خيال الحكي بخيال الطفل لصناعة صورة بصرية مغايرة  فشغل الديكور وتكويناته اللونية مساحة رأسية للمستوي البصري لخشبة مسرح كفر شكر مع الاهتمام بالتناسق اللوني بين الملابس المبهجة للأراجوز وزوجته وابنه والمخايل من ناحية وشخصيات التشخيص من ناحية ثانية والملابس العصرية الواقعية للأطفال من ناحية ثالثة حتي تبين لنا في سرد الحكاية سبب اختفاء الأراجوز سابقا وهي انشغاله بأمور حياتية فضلا عن كبر سنه فكان الاقتراح أن يحمل الابن أمانة اللعبة وتعليم وتثقيف الأطفال فكان أن عقد الاتفاق علي مروره بثلاث أسئلة أن أجابها حق عليه حكم مملكة الأراجوز وحمل لوائها فكانت الألغاز الثلاث والحكايات الثلاث التي أنارت طريق الطفل وأشارت بوضوح إلى ضرورة التحلي بالقيم العليا والمثل للوصول إلى إنسانية الإنسان ومع تعدد المناظر المسرحية للحكي والتشخيص عولجت الرؤية الإخراجية والتشكيلة بلف التكوين التشكيلي حول محوره لتغيير الزمان والمكان مع الاهتمام بتأطير الفراغ الناتج بزوايا إسقاط الضوء وألوانه المتداخلة لصنع حالة من البهجة وإكمال التناسق اللوني مع الموتيفات التشكيلية والملابس وأجساد الممثلين 
استعان المخرج بكلمات الشاعر أحمد سليمان في صناعة رؤية شعرية متجددة الأفكار والأيدلوجيات مع الاهتمام بحيوية الحرف وتدفقه وبساطته وعمقه في أن واحد لمخاطبة الأعمار المختلفة للأطفال ومواكبة التكنولوجيا المتقدمة لجذب الطفل وإنقاذه من براثنها فصاغ الأشعار سمعا ونغما محمد ناجي شاغلا فراغ خشبة المسرح بصورة غنائية متدفقة ساهمت بشكل كبير في صنع إيقاع متدفق للعرض واهتم محمد ناجي اهتماما واضحا باختيار ألات موسيقية استطاعت جذب انتباه الأطفال وصنع حالة من البهجة والمرح مع تأكيد الدلالات الفكرية والسيمولوجية للأشعار من ناحية وللرؤية الفكرية والأيدلوجية للنص من ناحية أخري مع التأكيد علي زمان ومكان الأحداث الدرامية ومكان وزمان العرض المسرحي في محتواه الأخير مع تدفق اللحن وسهولة ترديده من الأطفال لخلق حالة من استمرارية الرسالة المفترض بثها في قلوب وعقول النظارة من الأطفال مع اختلاف اعمارهم وثقافتهم وجاءت اهم مفردات العرض بتوقيع سامح أبو العلا الذي نجح في ترجمة الألحان والأشعار إلى حركات راقصة بسيطة وعميقة ورشيقة حتي وان جنحت أحيانا إلى التنميط وهو أمر أراه مستحب في عروض الأطفال خاصة مع اهتمام الاستعراضات بشرح وتفسير وتأكيد الرؤي الفكرية والسيمولوجيه المتشابكة في العرض فكان تدفق الاستعراضات رهان ناجح من مخرج العرض لصناعة لوحة غنائية استعراضية لا تخلو من الفكر المتدفق فالتف الأطفال والكبار حول العرض سواء بسواء ولان العرض المسرحي هو إبداع بشري متجدد فكان الاستعانة بكبار وأعضاء فرقة كفر شكر المسرحية لإثراء العرض المسرحي خاصة مع احتياجات النص الأدبي للكثير من الكبار لأداء الأدوار ذات السن المتجاوز لمرحلة الطفولة كالملاغي ( طلعت قرشي ) الذي وضح حماسه واجتهاده في أداء الشخصية بطاقة متجددة والأراجوز الأب ( سعيد شاهين )  الممثل صاحب الخبرات الذي حاول قيادة خشبة المسرح خاصة بعد الخروج من أسر البرافان وزوجة الأراجوز ( نورهان إبراهيم ) التي امتازت بطلاقة الأداء ووضوح الانفعال والتدفق فضلا عن ابن الأراجوز ( عبدالرحمن إبراهيم ) الذي يمتلك الموهبة ورشاقة الجسد ووضوح التعبير والانفعال الهادي إضافة إلى  الزوجة ( ملك عمر )  والزوج  ( خالد زيدان ) والعديد من المجتهدين علي خشبة مسرح قصر ثقافة كفر شكر  فكان وعي الكبار والشباب بأهمية الطرح الأيدلوجي للعرض واهتمامهم بالتفاصيل المنضبطة واقعا فعليا نقل الثقة لباقي أطفال العرض ونقل الصدق لصالة الجمهور المتلقي فحقق الأهداف المرجوة علي مستوي التلقي الجماهيري 
مملكة الأراجوز عرض غنائي استعراضي راقص لفرقة مسرح الطفل بقصر ثقافة كفر شكر فرجة تربوية سلوكية للكاتب محمد عبدالحافظ ناصف والمخرج محمود أبو الغيط.


محمد النجار

mae_nagar@yahoo.com‏