«سنوات الازدهار وتعاظم دور المخرج المسرحي» على مائدة الملتقى الفكري للمهرجان القومي للمسرح المصري 15

«سنوات الازدهار وتعاظم دور المخرج المسرحي» على مائدة الملتقى الفكري للمهرجان القومي للمسرح المصري 15

العدد 780 صدر بتاريخ 8أغسطس2022

 في اليوم الأول للمحور الفكري للمهرجان القو مي للمسرح في دورته الـ 15 (دورة المخرج المسرحي المصري) والتي يواصل من خلالها الاحتفاء بمرور 150 عامًا على المسرح المصري، أقيمت الندوة الثانية بعنوان «سنوات الازدهار وتعاظم دور المخرج المسرحي» 
وجاء ذلك بحضور رئيس لجنة الندوات، والمحور الفكري الناقد جرجس شكرى ورئيس المهرجان الفنان يوسف إسماعيل، ومتحدثي اللقاء دكتور. جمال ياقوت، دكتور السيد خاطر والمخرج الفنان حسن الجريتلي، والعديد من المسرحيين والصحفيين، والإعلاميين.
وفي البداية أكد جرجس شكري أن الموضوعات والقضايا التي يتناولها المحور الفكري في دورة هذا العام للمهرجان، ستطرح بشكل مختلف وتطرح لنا الكثير من التساؤلات التي تدفع بنا أن نتناولها بالأبحاث العلمية والدراسات الأكاديمية وخاصة ما يتعلق بالمفاهيم والمصطلحات المسرحية، والفلسفة التي تخص مسرحنا المصري.

ستينيات القرن الماضي وازدهار المسرح المصري
وفي بداية حديثه، قدم الدكتور السيد خاطر، إطلالة تاريخية، على مسرح فترة الستينيات، والذي تشكل عقب ثورة 23 يوليو لعام 1953، بالقرن الماضي مؤكدًا أنها مرحلة ازدهار في المسرح المصري مقارنة بتاريخ المسرح المصري والعربي بصفة عامة.
وقال السيد خاطر: «كان المسرح المصري في الستينيات أوج نجاحه، والذين قادوا هذا النجاح روادًا، وأساتذة ومفكرين، وبدأ يظهر العديد من المسرحيين، منهم من يناقش قضايا الثورة، ويؤازرها ويدعو في أغلبه إلى الاشتراكية، ورؤيتها، ولحسن حظي أنني تتلمذت على أيدي العديد من الأساتذة الكبار الرواد وخاصة في الإخراج منهم: عبد الرحيم الزرقاني، كرم مطاوع، حمدي غيث، وفي هذه الفترة، وجدت الثورة ورجالها ضالتهم في الثقافة ومصادرها وفي مقدمتها المسرح.

الوجود الحقيقي للمخرج المسرحي
وأوضح :«ومع الستينيات بالقرن الماضي، شهدنا الوجود العلمي الحقيقي للمخرج المسرحي، وأشار إلى تاريخ مصر في الإبداع المسرحي، و مرحلة الستينيات التي أوضح أننا مازلنا نعيش على تأثيرها حتى أيامنا هذه، حيث فترة ازدهار المسرح المصري، 
وتابع  موضحًا: وبعد ثورة يوليو بسنوات، بدأ العديد من المسرحيين، يتناولون مسرحيات أجنبية وبعض الروايات المسرحية، ورويات الأديب العالمي الأستاذ نجيب محفوظ، وغيره، وأسسوا تيارًا ناجحًا وقويًا للمسرح المصري، يقود المسرح على مستوى الوطن العربي .

بعثات خارجية لأساتذة الإخراج المسرحي
وتابع«خاطر»: «إن الثورة اهتمت اهتمامًا كبيرًا بالثقافة والمسرح، ففي البداية قامت بفصل بين وزارة الثقافة عن كيان وزارة الثقافة والإرشاد القومي، وقامت ببناء عدد كبير من المسارح والأبنية الثقافية في مختلف قرى ومدن مصر في جميع محافظات وأقاليمنا، كما قامت بإرسال عدد كبير من المسرحيين، إلى البعثات الخارجية، لدراسة المسرح، وخاصة الإخراج حيث بعثت نحو 11 مخرجًا مسرحيًا منهم سعد أردش، كرم مطاوع، وأنور رستم، نبيل الألفي، كامليا سليم، نجيب سرور، فاروق الدمرداش، جلال الشرقاوي، الدكتور كمال عيد، والذي رحل عن عالمنا منذ أيأم قليلة والذي أدين له بفضل كبير، ولهم جميعًا أثر كبير وإسهامات بارزة في تاريخ المسرح المصري والعربي.

المفهوم الفني والعلمي للمخرج المسرحي
واستكمل «خاطر» مؤكدًا: لقد حقق هذا الجيل من الأساتذة والرواد، الوجود الفني والعلمي والفكري للمخرج المسرحي، فهم من واجهوا ظاهرة مسرح الفرق المسرحية التي  انتشرت كثيرا في سنوات ما قبل الثورةة، وعملوا على تقليل هذه الظاهرة كما واجهوا الكثير من الظواهر السلبية بالمسرح المصري منها انتشار التمصير والسرقات الكثيرة في المسرح، للنصوص ، وغيرها، فواجهوا كل ذلك.بمسرح مصري جديد وقوي بالتأليف ومناهج الإخراج وغير ذلك.
وقال «خاطر»: لقد شهدنا مع ثورة يوليو وعقبها جيشًا للكتاب بالمسرح المصري، منهم: نعمان عاشور، علي أحمد باكثير، ثروت أباظة، توفيق الحكيم، علي سالم، نجيب سرور، ألفريد فرج، ميخائيل رومان، يوسف إدريس، محمود ياب، صلاح عبد الصبور، وشهدنا تقديم عروض المسرح الشعري لأحمد شوقي، وغيره، وتلاقت أعمال هؤلاء المبدعين ونصوصهم مع رؤى جديدة ومتنوعة، ومختلفة، تناقش وتعالج القضايا الاجتماعية، والسياسية، ولاقتصادية، ويؤيد أفكارهم الثورة، ومطالبها، وتؤزارها، ويدعونمن خلال كل مايقدمون إلى الاشتراكية، وفلسفتها، إلا قليل منهم من بينهم الكاتب والناقد رشاد رشدي، فكان مسرحنا المصري مسرحًا قويًا، بجهود ومسيرة قوية، مختلفًا تماما عن مسرح الفرق في عهد سابق كفرقة إسماعيل يس، فرقة نجيب الريحاني، وغيرهم.

نجاح خارج حدود مصر
وأكد«خاطر»: على أهمية وقوة تجربة مسرح الستينيات، والتي لم تقف فقط عند الإخراج، أو التأليف بينما كان لهذا الجيل رؤى مغايرة، وأصبح لهم خطط ومناهج فكرية، وإيديولوجيات تنهض بالفن والثقافة المصرية بفلسفة تخصهم وتقودهم للتغيير، والتجديد في مختلف وجميع مفردات العرض المسرحي.
وأوضح«خاطر»: أن النجاح الذي حققه المسرحيون الرواد في فترة الستينيات من القرن الماضي، والتي عرفت بحركة مسرحية كبيرة متميزة، وناجحة، لم تخص أوتؤثر في مصر وحدها بينما، امتدت إلى أرجاء الوطن العربي وسمع الجميع من المسرحيين والشعوب العربية، بقوة المسرح المصري، ونجاحه، واعترفوا وأقروا بريادته، وشارك الكثير من هؤلاء المسرحيين الرواد من مسرح الستينيات في تأسيس المعاهد الفنية العربية، وبدأوا يوفدون للأقطار العربية، ويدرسوا في هذه المعاهد.

صدام  المسرحيين مع ثورة 23 يوليو
واستكمل «خاطر»: ورغم أن المسرحيين وعروضهم التي انتشرت في أعقاب ثورة 23 يوليو لعام 1952، كانت تحمل أفكار وفلسفة الثورة والاشتراكية، لكنهم حينما بدأوا في التمرد على بعض الأفكار التي يتم طرحها، وحاولوا أن يخرجوا عن السياق والمسار الذي حددته الثورة، بدأت القيادات الثورية، في التضييق على هؤلاء الرواد بعدما قادوا مرحلة ازدهار ونجاح المسرح المصري في الستينيات.

استقالة رباعية وتمرد للتغيير
وأشار «خاطر»: إلى صدام الفنانين والمثقفين مع متغيرات  الأحداث لافي الستينيات، وقال: اصطدم الكثير من المسرحيين من الأساتذة والرواد، من جيل الستينيات مع قيادات ثورة 23  يوليو، وخاصة بعد هزيمة 1967، ومنهم من تشكل تمرده واعتراضه في الانسحاب من المشهد المسرحي والثقافي، والذين قدموا استقالتهم، وشهدنا ماعرف حينذاك بالاستقالة الرباعية، التي ضمت «كرم مطاوع، وسعد أدرش، جلال الشرقاوي، أحمد عبد الحليم» وكان وزير الثقافة حينذاك، ثروت عكاشة، وبالفعل بدأ عمليات الترصد لهؤلاء المخرجين وغيرهم، ومراقبة أعمالهم الفنية، و أصبحت عروضهم تمنع من العرض كما حدث في مسرحية «المخططين»، وأغلقت العديد من المسرحيات منها «الحسين ثائرًا»، والكثير من المسرحيات التي لم تر نور، في أعقاب هيمة 1967، وبدأت الثورة والقائمين عليها تطارد الكثير من المبدعين والمسرحيين، مما دفع بعد ذلك لوجود ظواهر مسرحية جديدة منها ظهور مسرح النجم في القطاع الخاص.

المنظر المسرحي 
وأشار دكتور السيد خاطر إلى أزمة حقيقية سواء في المسرح المصري أو العربي وموضحًا قال: «لا يوجد منظر مسرحي عربي أو مصري، في تاريخنا المسرحي، فما يقدمه المسرحيون هو نتاج الثقافة الوافدة، والتأثر بالغرب من خلال البعثات العلمية والأكاديمية إلى الخارج، وأن ما يُقدم من رؤى وأيديولوجيات ومناهج هو مما استقاه هؤلاء المسرحيون من مناهج العالم الغربي، ونحن لم نمتلك حتى الآن أي منهجًا علميًا للإخراج المسرحي، أونظرية إخراجية واحدة، وما يُقدم من رؤى جديدة، هي رؤى غير أصيلة، وهذا بعيدًا عن تجارب الرواد يعقوب صنوع، أوغيره، ونحن المخرجون نعتنق مناهج في الإخراج من الخارج نفضلها، ولا نمتلك صاحب منهج مسرحي واحد».
وأشار «خاطر» إلى تجربة فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، وأكد: لم أجد وزيرًا له استراتيجية أو خطة أومنهجًا كما شهدنا من تجربته وأثمرت في وزارة الثقافة هو يرأسها.

المسرح المصري.. طفل يحبو
وأشار الناقد جرجس شكري إلى مقدمة كتاب د. أحمد زكي إلى سبب عدم وجود أي ّمنظر مسرحي، وأوضح أنه قد تم استيراد فن المسرح كاملًا، من العالم الغربي، وأكد أن المسرح المصري مازال طفل يحبو في تاريخ المسرح العالمي، ونحن لم يمر على تاريخ مسرحنا سوى قرن ونصف قرن من الزمان 150 عامًا للمسرح المصري.

نوادي المسرح
وننتقل من جيل الستينيات وروادنا المسرحيون إلى تجربة متميزة ومختلفة في تاريخ المسرح المصري، وهي «نوادي المسرح» والتي تقدمها الهيئة العامة لقصور الثقافة الجماهيرية» 
ورصد وتناول المخرج المسرحي جمال ياقوت رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، محطات نوادي المسرح منذ نشأتها حتى فترات ازدهارها وإنتاجها لسنوات عديدة  وحتى ما نشهده في السنوات الأخيرة.
وأكد «ياقوت»: أنها جزء مهم من الثقافة الجماهيرية، وهي محطة من محطات فيها التغيير، والتي انطلقت وتأسست من قبل الراحل عادل الغنيمي، والمخرج سامي طه، والذين أسهموا كثيرًا في نجاح ودعم هذه التجربة، واستكمل الرحلة بنجاح مجموعة كبيرة من الأساتذة والمسرحيين بدعم ومساندة كبيرين، وكانوا حريصين على تجربة النوادي واستمرارها وفق فلسفة هي تقوم على التدريب والتجريب، وإتاحة الفرص، بالنقاش المستمر مع الشباب لتقديم تجارب مسرحية مبدعة ومتميزة.

شباب المسرحيين
وأوضح «ياقوت»: أن «نوادي المسرح» تعد هي المنفذ الأول والرئيس والوحيد لشباب المسرحيين المقبلين على الإخراج، ليصبحوا بعد ذلك مخرجين معتمدين بوزارة الثقافة، وأن من خلالها يستطيع شباب المسرحيين أيضًا أن يتركون العنان لخيالهم ليُحلقون به عاليًا في سماء المسرح، وأعرب عن فخره وسعادته أنه واحد من أبناء نوادي المسرح.

جمال ياقوت: نوادي المسرح من أهم التجارب في المسرح المصري
وقال جمال ياقوت: ومن الملاحظ أن هؤلاء المسرحيون من الذين يشاركون في نوادي المسرح، عبر سنوات متعددة طويلة، في البداية منهم من يقدموا عروضًا مسرحية دون أن يدركوا أنهم يقدموا تجريبا في المسرح، و يساهمون في الخروج عن الأطر التقليدية وخاصة في البدايات لرحلة نوادي المسرح، وفي هذا التوقيت ظهر مجموعة من الشباب وكنت في بدايات رحلتي مع الإخراج المسرحي، وأنا أحد أبناء «نوادي المسرح» ، وكانت عدد العروض المسرحية التي تبادر للتقديم في نوادي المسرح، كثيرة وقد وافقنا أن ننتج عروضًا مسرحية، تجربة «نوادي المسرح» الذي قد ينتج عرضا مسرحية وليس الهدف الرئيسي أن ننتج بينما أن نقدم مشروعات مسرحية كمعمل مسرحي.

«نوادي المسرح» بين فلسفة التأسيس وانحرافات التطبيق
وتابع «ياقوت»: لقد عهدنا بعد ذلك في سنوات عديدة من تاريخ «نوادي المسرح»  تغيير في فلسفة التأسيس للنوادي، وخاصة في جانب انحرافات التطبيق، حيث كان من هدف نوادي المسرح في البداية أن تقدم عروضًا ذات فكر مختلف تهدُف إلى تثقيف الشباب، وكان المتقدمين والمشاركين في تجارب النوادي تجمعهم حجرة محاضرات يتناقشوا فيها دومًا، حتى تتحقق عملية التثقيف للذين يسعوا للمشاركة في «نوادي المسرح»، وذلك بهدف تطوير المهارات، وتبادل للخبرات، وفي نهاية هذه المرحلة، تقدم عروضًا مسرحية بالمهرجان الختامي نتاج التدريب والمناقشة، فتحقق «نوادي المسرح» أهدافها وفلسفتها الحقيقية، غير أنه مع مرور السنوات تحول الأمر لعدد كبير من العروض التي  تتقدم للمشاركة وتنتج، وأصبحت النوادي محطة تشبه عروض قصور الثقافة من الشرائح والقوميات، وغيرها، وفقدت «نوادي المسرح» هويتها وفلسفتها الرئيسية.
 
دور الورش الفنية
واستطرد: هناك مهرجانات مسرحية دولية تقوم في فلسفتها الرئيسية على فكرة الورش المسرحية، والتي تؤمن بأهمية ودور التدريب وذلك من خلال تأطير وتنظيم مجموعة من الورش الفنية في مختلف مفردات العرض المسرحي لتبادل الخبرات بين المسرحيين، وبمشاركتي في العديد من هذه المهرجانات تأكدت أن مثل هذه التجارب وهي يصنع من خلالها المسرح والعروض المسرحية المبدعة والمتميزة.
وموضحا «ياقوت»: لقد كانت مهمة «نوادي المسرح» هي استمرارية عملية التدريب والتجريب، وهو ما فقدته في السنوات الأخيرة، ولذا كان تفكيري في إنشاء وتأسيس نادي المسرح التجريبي، وذلك لإيماني الكبير بأن الإبداع والخلق هو الذي يسبق ويعلو في مختلف ألوانه على الإنتاج، ولابد أن نخرج معًا عن الثوابت، والقوالب النمطية والمتكررة.
«نادي المسرح التجريبي»
وأوضح«ياقوت»: عندما رأست مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي: تبادر لذهني المشاعر السلبية والظواهر التي نأت ب«نوادي المسرح» عن هدفها، فتملكني شعور أنه  على المسرحيين أن يولوا المسرح اهتمامًا كبيرًا جدًا، عن ذي قبل، وأن يعاد لتجربة «نوادي المسرح» فلسفتها وحتى تعاد الثقة للمسرح فيها، يجب أن يدعم  المسرحيون الكبار جميع الشباب بتجاربهم، ومحاولاتهم، فمثلما شهدنا في البدايات ورش عديدة وخطط للتدريب ولقاءات مثمرة لـ«نوادي المسرح» في مراحل التأسيس وما بعدها،  من الضروري جدا أن نعكف حاليًا في «نادي المسرح التجريبي» التجريبي على تنظيم اللقاءات مع الشباب للنقاش معهم، واجتماعات مع القائمين على مشروع نادي المسرح التجريبي تستمر حتى الصباح في حوارات ونقاشات لتطوير عروض الشباب نحو تطوير كبير يشمل الحركة المسرحية المصرية كلها.
وأكد «ياقوت»: لقد عملت نوادي المسرح على تغيير في مفهوم المخرج التقليدي، من حيث الإطار التقليدي، وذلك من خلال قصة أو قصيدة، أو بيتًا للشعر يحولها لعرض مسرحي، فقد حققت «نادي المسرح التجريبي» تغييرا كبيرًا ومهمًا في العديد من المفاهيم في المسرح المصري، فكان هؤلاء الشباب لهم تأثير كبير رغم كل المعوقات واللوائح التي حددت أطر العمل، وكانوا بتجاربهم أصحاب رؤية مختلفة مغايرة في توجيه الممثل وابتكار لجميع مفردات العرض المسرحي، وكل ما تحتاجه «نادي المسرح التجريبي» الآن أن تعود لفسلفتها التي أسست عليها وفي إطارها الحقيقي نحو توجيه الشباب لاستحداث أساليب مبتكرة ومبدعة للخلق الفني ونسعى نحو خلق أجيالًا جديدة من المبدعين. 

ثلاثي المسرح السكندري في المواجهة
وأشار «ياقوت»: إلى تجربة مهمة متفردة في المسرح السكندري والتي تشكلت من الثلاثي المسرحي، الراحل مؤمن عبده، والفنان شريف الدسوقي وياسر ياسين، هذا الثلاثي الذي قدم تجربتين مهمتين في المسرح المصري وحققتا نجاحا كبيرًا في الإسكندرية وذلك من خلال عرض «آخر الشارع»  تأليف مؤمن عبده والذي كان ينتقد فيها الأوضاع المسرحية، بمدينة الإسكندرية، وحق الفنان في ممارسة هوايته، وذلك بانتقادهم لبعض الشخصيات القائمة على الإدارة المسرحية بالإسكندرية، وقدم عرض«آخر الشارع» نقدًا للمسئولين بالأسماء و لاقى هذا العرض نجاحًا كبيرًا، ولفت انتباه المسئولين حينذاك، ودفعهم على تلافي المشكلات التي يصطدم بها المسرحيين في تنفيذ وإنتاج العرض المسرحي .
وأوضح «ياقوت»: كيف أثر عرضًا مسرحيًا وهو «آخر الشارع» من قبل الشباب على صناع القرار، وأشار إلى العرض الآخر بعد عرضهم الأول بعام وهو عرض «ساعة لقلبك» والذي ناقشوا فيه قضايا الإنسان المعاصر ومشكلاته الاجتماعية وأحواله الاقتصادية في هذا العصر.

فرقة الورشة أيقونة متفردة للمسرح المصري المستقل  
وفي ختام الجلسة النقاشية حول دور المخرج المسرحي تحدث المخرج حسن الجريتي، مدير ومؤسس فرقة الورشة المسرحية، عن تجربته للمسرح المستقل في المسرح المصري، والتي تعد من أهم التجارب المسرحية في المسرح المصري المستقل، ومازالت صامدة وقوية حتى وقتنا الحالي، وذلك رغم كل الصعوبات والمعوقات التي يشهدها المسرح المصري، وخاصة المسرح المستقل، وأصبحت فرقة الورشة أيقونة متفردة للمسرح المصري المستقل دون غيرها.
وقال حسن الجريتلي: أنا لا أعتبر نفسي مخرجًا بقدر ما أحرص على أن يعمل كل فنان بفرقة الورشة بشكل فردي ومستقل، ويقدمون رؤيتهم وأفكارهم في البداية، وبعد ذلك أقوم بتجميع كل الأفكار التي يقدمها أعضاء الفرقة، في صورة فنية وشكل مسرحي يُوحد بين كل الأفكار التي تطرح.
الخطوط المتوازية
وقال «الجريتلي»:« أنا أعمل مع مجموعة من الفنانين، لكل منهم طريقته وموهبته التي يتفرد بها عن غيره، وكل منهم يعمل وفقا للخطوط المتوازية التي تلتقي جميعها معًا في الأفق»
واستكمل «الجريتلي»: كل مشارك وعضو من أعضاء فرقة الورشة يمثل موهبة متفردة، بذاته وأنا أتعلم منهم الكثير، وما يتم إنتاجه في النهاية، من عروض للفرقة هو نتاج جهد كبير ومهم لعمل جماعي، ولا أفرض عليهم، أبدًا رؤيتي، ولكن نقدم مشروعات وعروضنا المسرحية للفرقة بنوع من الشورى، والذي يخلق حالة مشتركة من التجربة التعلمية، ونحن جميعنا نتعلم من بعضنا البعض، ونحن جميعًا نعمل ونتعاون على خلق حالة جماعية إبداعية مشتركة وأن فقط أقوم بصياغة وتنظيم هذا الإبداع الجماعي ليستمتع الجميع المشاركين والجمهور.
وأكد «الجريتلي»: أنه دومًا يستفيد من العمل وسط كل مجموعة من أعضاء فرقة الورشة ويتعلم منهم، ودوره يتمثل في تنظيم العلاقة بين كل العناصر الفنية التي يبدع فيها الفنانين المشاركة، وأوضح معربًا عن سعادته لأن فرقة الورشة تستمر في عملها ونشاطها حتى الآن بصعوبة، وقد تعود استمرارها لدعم الجمهور وتشجيعهم لنا.
وأوضح «الجريتلي» سبب تراجع نشاط الفرق المستقلة، واختفائها من الحركة المسرحية حيث قال إن الفرق المستقلة كانت تغازل الإنتاج المسرحي من الدولة أو تقوم بها بعض الفرق ثم تعيد تقديم عروضها في مؤسسات الدولة، وبذلك تعلن الفرق نهايتها ولذلك يجب أ ن تبحث كل فرقة عن تقديم مشروع فني  تؤمن به وتصدقه ليحقق لها الاستمرارية.

السلطات..  والحرية في الفن
وقدم ناجي شحاتة «حكاية الديب والكلب» كنموذج من أعمال فرقة الورشة المسرحية للحكي عن قصة الكلب والذئب، والتي تتناول وتناقش أهمية الحرية في التعامل، ويشارك  شحاتة منذ فترة في الورشة المسرحية في عروض الحكي .

استثناءات تثبت القاعدة
وقدمت الفنانة ميرفت جسي أحد أعضاء فرقة الورشة المسرحية: شهادتها عن الفرقة وعن المخرج حسن الجريتلي ودوره في الإخراج المسرحي :وقالت «المسرح في مصر إما مسرح تجاري أو تابع للدولة، وفي كلتا هو معزول عن الإبداع للفنانين الذين يتحدون حدود العقلية المحافظة، وهناك بالطبع استثناءات تثبت القاعدة ونجدها في أغلب الأحيان في القطاع المستقل والجديد نسبيا»

حسن الجريتلي .. قائد الأوراكسترا
 وأعربت عن فخرها وقالت: «حسن الجريتلي لديه مشروعه الرئيسي والخاص، وهو تأسيس وإنشاء فرقة مسرحية، يلعب فيها دور قائد الأوراكسترا مع العديد من الفنانين في تخصصات مختلفة (مؤلفين ممثلين مغنيين موسيقين سينوغرافيين) ينتجون عروض في عملية إبداع مشتركة، حث لاتخلوا أبدًا فترة التحضير للعمل الفني أو العرض المسرحي من البحث والتدريب، والتجريب و وارتجال متصل على الفنون، المتنوعة والمتعددة، الحكي والغناء السيرة والعزف والمسرح الحركي، والإنشاد، التحطيب، حتى تتسع المادة المسرحة والبحثية في آن معًا، وتتلاقى في الأفق صورة ممكنة يتوصل إليها الفنانون بقيادة مخرجهم وقائد الأوركسترا، لا يحد ها أي خيال الإمكانيات المتاحة في كل وقت.
 
الجوهر الحقيقي
وتابعت : «وأن لايمكن أن يتطور الإنسان الفنان إلا بإعادة تشكيل ذاته، وهي عملية في غاية التعقيد والصعوبة، لأنها لا تتم إلا من خلال الفاعل الأساسي، ليتم هذا التطوير بنجاح لابد من مخرج يسمح له بخوض التجربة بحرية تمكنه من الخروج من شرنقته الكاتبة بحيث يصلان معًا للجوهر الحقيقي للفنان وذلك بالتخلص من كل ماهو زائف وسطحي، بممارسة الإزالة وليس الإضافة وهو منهج المخرج في العمل مع الفنانين في عملية إبداع مشترك للوصول إلى الحالة التي تعبر عن شخصياتهم المتفردة دون يكونوا استنساخًا لأي فنان آخر مهما كانت درجة إبداعه».

منهج العمل
وكما يقول بيكاسو «أنا لا أبحث أنا أجد» وهذه الجملة هي منهج العمل وأراها الصيغة المثالية للأعمال الإبداعية لدى فرقة الورشة بحيث يكون الفنانون في تجريب مستمر يتيح لنا طوال الوقت عنصر المتعة والدهشة والمفاجأة. 
 


همت مصطفى