شتلة جديدة في أرض المسرح المصري.. مهرجان المنصورة الإقليمي يحقق نجاحا لافتا في دورته الأولى

شتلة جديدة في أرض المسرح المصري.. مهرجان المنصورة الإقليمي يحقق نجاحا لافتا في دورته الأولى

العدد 779 صدر بتاريخ 1أغسطس2022

أن تشاهد عرضا مسرحيا جميلا خارج القاهرة، فذلك أمر يدعو للفرح. فما بالنا إن رزقك الرب بخمسة عشر عرضا أغلبها يتراوح بين الجميل والجميل جدا وبأياد شباب ينتمون إما للمسرح الجامعي أو لتلك الظاهرة المحمودة التي باتت تنتشر في مصر الآن وهي الفرق الشبابية الخاصة؛ لكن الفرح سيزداد بهجة حتما حين يكون ذلك في مهرجان مسرحي وليد وبمدينة المنصورة؛ بل ويحمل اسم الناقد الفيلسوف د. محمود نسيم.مهرجان المنصورة المسرحي الإقليمي فكرة بدأت في رأس المخرج الخبير أحمد عبد الجليل، فعمل على تنفيذها منذ عامين ولم يكل، حتى وفق أخيرا في إقناع نفر من الواعين بأهمية المسرح وبقيمة مدينة المنصورة المسرحية، وعلى رأسهم نائب الشعب أحمد الشرقاوي الذي قبل بنفس راضية وبإيمان حقيقي بدور المسرح في تنمية دائرته؛ بل ومجتمعه الأكبر، أن يكون المدير التنفيذي للمهرجان. ونجح الأحمدان (عبد الجليل والشرقاوي) في أن يتولى رئاسة المهرجان الفنان وأستاذ المسرح د. أيمن الشيوي؛ بل ودعوة الفنان الكبير محمد صبحي ليكون المكرم الأول في الدورة الأولى.وسريعا ما تكون فريق متطوع يعمل إلى جانب هذا الثلاثي، وتحت رعاية محافظ الدقهلية د. أيمن مختار، ليظهر المهرجان إلى النور، وليحتفي به أهل المنصورة ويحتضنونه ويملأون قاعات عروضه عن آخرها، وخاصة قصر ثقافة المنصورة الذي عاد يتلألأ من جديد لينفي عن نفسه شائعة أن هناك من يخطط لهدمه وتحويله إلى ناطحة سحاب. بدأ المهرجان بافتتاح بسيط وقور حضره المحافظ ونخبة من القيادات السياسية والاجتماعية وكثير من مسرحي المنصورة والقاهرة وعدد غفير من جمهور متعطش. وقد شرفت بأن كنت ضمن لجنة تحكيم تشكلت من الأفاضل د. جمال ياقوت ود. صبحي السيد والكاتب إبراهيم الحسيني والموسيقي رؤوف النفيس. وقد سبقت فعاليات الافتتاح ندوة موسعة عن صاحب اسم الدورة وهو د. محمود نسيم، شارك فيها نخبة كبيرة من مجايليه من الكتاب والشعراء والباحثين تناولوا فيها أعمال الرجل وسيرته.وعلى هامش عروض المهرجان عقدت أكثر من (ورشة) في مجال من مجالات الفعل المسرحي مثل فن الكتابة والتمثيل وتصميم المنظر وغيرها بقيادة أسماء كبيرة وأصحاب خبرات طويلة في هذه المجالات. ثم توالت العروض التي تنوعت بين عروض فرق جامعية وفرق خاصة واحتضنتها قاعتا قصر الثقافة وقاعة المحافظة.والحق أقول إن مستوى العروض أبهرنا جميعا مع تفاوت مستوياتها؛ لكن الذي أبهرنا أكثر ذلك الحضور الطاغي لجمهور مدينة المنصورة وقياداتها في كل العروض. وأخيرا.. اتفقنا –أعضاء لجنة التحكيم– على منح الجوائز لمن يستحق من وجهة نظرنا، والأجمل أننا اكتشفنا أننا وقعنا في ورطة جميلة، فالمستويات متقاربة إلى الحد الذي دفعنا دفعا إلى تقسيم أكثر من جائزة مناصفة بين متسابقين؛ بل ومنحنا جائزة واحدة إلى ممثلة عن دورين مختلفين في عملين مختلفين، وهو الأمر الذي تكرر مع مصمم ديكور ومصمم إضاءة، ولم نر في ذلك أي حرج؛ بل على العكس رأيناه حقا لا بدّ أن يمنح لمن استحقه.في الأخير، شرفني زملائي أعضاء اللجنة أن أنوب عنهم في إلقاء توصياتنا التي اتفقنا عليها. وفي الإعلان عن النتائج التي لم يرها أحد من المنظمين، بدءا من رئيس المهرجان، مرورا بمديريه، وصولا إلى مقرر اللجنة، وسمعوها جميعهم تعلن لأول مرة من فوق المنصة. وهو تقليد أسعدنا كثيرا (أعضاء اللجنة) وأسعد المتسابقين وزادت ثقتهم في مهرجانهم الوليد. وهنا لا بدّ من توجيه الشكر للسادة د. أيمن الشيوي، والمخرج أحمد عبدالجليل، والنائب أحمد الشرقاوي. وقد جاءت توصياتنا في الختام تؤكد على ضرورة استمرار هذا المهرجان وبضرورة وضع لائحة أكثر تفصيلا لتحفظه من أية اهتزازات قد يتعرض لها في الدورات المقبلة. وكذلك ناشدنا السيد المحافظ ورجال أعمال محافظته بضرورة المساهمة في زيادة معنى الجوائز بإضافة مخصص مالي لكل  منها. الآن يمكن القول إن مهرجان المنصورة الإقليمي ولد ليستمر، فهو شتلة زرعها أصحاب الإرادة المؤمنين بدور المسرح وانتشاره في المساهمة في تطوير البيئة الاجتماعية، وأثق أنهم قد لامسوا بشائر ثمرة زرعهم منذ الدورة الأولى. فكل التهنئة لأهالي المنصورة على مهرجانهم وكل الأمنيات باستمراره.

محمد الروبي