د. كمال عيد الراهب والأستاذ..وداعا

د. كمال عيد الراهب والأستاذ..وداعا

العدد 777 صدر بتاريخ 18يوليو2022

غيب الموت الدكتور كمال عيد عن عمر يناهز 91 عاما. يعد عيد أحد رواد المسرح المصرى وأساتذته الأجلاء،وأحد صناع الحركة المسرحية فى فترة من فتراتها الذهبية، في ستينيات القرن الماضى. فى كل مجال من مجالات العلوم والفنون والآداب هناك اساتذة كثر، حصلوا على اعلى الدرجات العلمية ولهم مكانتهم فى الجامعات، ومن هؤلاء من يستحق ان نطلق عليه كلمة مدرسة، وقد كان المخرج والأكاديمى الراحل الدكتور كمال عيد ممن يطلق عليهم الاستاذ والمدرسة.. ولد الدكتور كمال الدين عيد في 1931 وتخرج من المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1952 م، أوفد فى بعثه دراسية الى المجر، لينال بكالوريوس اكاديمية الفنون المسرحية عام 1962م ثم ماجستير الآداب الدرامية من جامعة بودابست عام 1974، وتقلد عدة مناصب حتى وصل اللى منصب استاذ الدراسات العليا بمعهد الفنون المسرحية. يعد الراحل من رواد المسرح المصرى من خلال مؤلفاته فى علوم المسرح والمسرحيات التى تولى إخراجها ومنها «ثم تشرق الشمس» و«سهرة مع تشيكوف»، «شفيقة ومتولى»، و«طبول فى الليل»، «الأراجوز» و«جواز مع سبق الإصرار». حصل على العديد من الجوائز والتكريمات منها تكريم المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية عام 2016، بإعتباره أحد رواد المسرح وجائزة  الدولة التقديرية فى الآداب عام 2018  ومن مؤلفاته المسرح الإشتراكى، دراسات فى الأدب والمسرح، زوايا جديدة فى الدراما، العمل المسرحى، المفاهيم السيكولوجية فى مسرح الطفل، قضية الأوبرا بين التقليدية والتجديدية، إتجاهات فى فنون المسرحية المعاصرة، أعلام ومصطلحات المسرح الأوروبى.
نعته زوجته الفنانة التشكيلية مديحة محمد متولى فقالت: رحم الله الدكتور كمال عيد فقد كان رجلا عظيما ومعطاء الى ابعد الحدود، لا يدخر جهده في مساعدة الجميع فهو جل لايعوض ومثال للإنسانية والعلم والأستاذيه، وله عدد كبير من الكتب والمؤلفات التى كتبها بخط يده، ضمن  منجزه العلمى كبير..
راهب المسرح.. والموسوعي الذي أعرفه
من الجزائر قالت  دكتورة جميلة مصطفى: كمال الدين عيد أب ومعلم وأستاذ أجيال من الطلبة والباحثين في دهاليز المسرح ودواليبه، ليس في مصر فحسب بل في العديد من الدول العربية، ومن بينها الجزائر التي كانت تتشرف دوما بإستضافته بمهرجاناتها المسرحية، حتى أضحى من أقرب المقربين إلى الباحثين والنقاد الجزائريين،
فهو الموسوعة المسرحية التي جمعت بين الفلسفة والمسرح والترجمة فيما يناهز الخامسة والثلاثين مجلدا، علاوة عن العديد من الكتب في الترجمة وغيرها؛ فأبلى في جميعها بلاء حسنا ؛ تحرى فيها الدقة والموضوعية في التحليل والتمحيص والغربلة. وبفكره التحليلي العميق لم يكن ليتسامح مع مصطلح نقدي زج به في سياق مسرحي بطريقة عشوائية. 
 وتابعت : من القضايا المسرحية التي كان له فيها السبق مسألة الإخراج المسرحي في الوطن العربي من خلال كتابه «مناهج عالمية في الإخراج المسرحي» وقد تشرب مفاصل هذه التيمة ومضامينها من الجامعة المجرية بين الخمسينيات والستينيات متتلمذا على يد أساتذة متخصصين ألمعيين، إضافة إلى إدمانه مشاهدة العروض المسرحية لما يفوق العشرين دولة أوربية؛ وهذا من الأسباب الجوهرية التي جعلته يصدر كتابه هذا الذي أصبح مرجعا مهما للطلبة والدارسين.
 وتابعت: كمال الدين عيد كان متيقنا أن رجل المسرح لا ينبغي أن يتغذى بالثقافة المسرحية فقط، بل عليه أن يكون ذوافا لباقي الفنون على غرار الفنون التشكيلية التي كان زوارا لمعارضها بله عن المتاحف الأوربية كالباردو واللوفر وغيرها. كما كان قرّاء نهما للمصادر والمراجع المسرحية العالمية،  لم يستثن فيها بلدا أو يرجح كفة بلد على آخر، لاسيما وأنه تناول بالدرس حركات التجديد والتجريب المسرحي منذ عشرينيات القرن الماضي، كما انكب على مساءلة المسرح الشعبي بفرنسا وغيرها من المواضيع والقضايا التي استرعت انتباهه مبكرا .
فضلا  عن خوضه غمار الدراما والدراماتورجيا بإعتبارهما مصطلحين أثارا الكثير من السجال النقدي الذي توّجه البروفيسور كمال الدين عيد بكتاب ضخم بعنوان « علم الدراما شيء والدراماتورجيا شيء آخر» تحرى فيه المعنى والدلالة في أدق تفاصيلهما محاولا بذلك درء مساحة الضبابية التي كانت تعتريهما إلى جانب ثلة من المصطلحات المسرحية الشائعة التوظيف.
وتابعت :لا يمكن اختزال مسيرة ومسار أستاذنا المبجل بهذه الشهادة التي لا تزال متلعثمة من أثر رحيله المفاجئ الذي كان له عظيم الأثر في كل من اقترب منه إنسانيا ومسرحيا. كما لا يمكنني إنهاء كلمتي المتواضعة بحق هذا الهرم المسرحي العتيد دون أن أنوه بأخلاقه العالية التي لفتت انتباهي منذ تكريمه الأول بالجزائر سنة 2012 من حيث دماثة أخلاقه، وتواضعه وانضباطه، ومواظبته على معاينة ومتابعة كل فعاليات المهرجانات بعين متبصرة واعية غير مهادنة، لا تستسيغ مداهنة ولا مغلوطة مصطلحاتية أو إجحافا في حق باحث أو فنان مسرحي؛ حيث كان لا يؤثر الصمت والمسايرة، بل على العكس كان يرفع عنه الضيم بالحجة الدامغة غير آبه أو مهتم بردة فعل الآخرين،  ذاك هو كمال الدين عيد الذي لقبوه» راهب المسرح».
استحدث مناهج في تدريس المسرح  
قال عنه  د. مدحت الكاشف عميد المعهد العالى للفنون المسرحية: هو  استاذ الأساتذة،واستاذ الأجيال فى تاريخ المعهد العالى للفنون المسرحية حيث تخرج  فى الدفعه الثانية عام  1949، وهى اول دفعة تحصل على اربع سنوات دراسة، وقبل هذا التاريخ كانت الدفعات تدرس لمدة ثلاث  سنوات، كما كان من اوائل المبعوثين إلى اوروبا فقد إبتعث إلى المجر،وحصل على درجة الدكتوراه، وعندما عاد أخرج اهم عروض مسرحية قدمت فى تاريخ المسرح المصرى فى إفتتاح مسرح الجيب، كما كان له تأثير فى معظم الأقطار العربية الشقيقة أولها لبيبا، ثم العراق ثم المملكة العربية السعودية و الكويت، وفى المحافل الدولية دائما يتردد اسم كمال عيد بوصفه علما من اعلام ورواد المسرح العربى، وقد ترك مجموعة كبيرة تصل الى المئات من المؤلفات، وكان يتمتع بصفه حميدة، فعندما يختلف مع أحدهم فى قضية علمية لا يبيت الليل؛ إلا وقد أنجز فيها منجزا علميا جديدا يرد فيه بكل الأدله ما يؤكد وجهة نظر أو ربما يدحضها. 
وتابع : كان لى الشرف ان درست على يديه فى و قد اشرف على مشروعى فى الدراسات العليا،ودرس لى مادة استحدثها فى تاريخ المناهج العلمية فى المعاهد المسرحية فى الوطن العربى وهى «علم جمال المسرح «واقد  إستفدت منه كثيرا وأدين له بالفضل مدى حياتى.

 تأثيره العلمى باق وممتد
وصف د. اسامة ابو طالب الدكتور كمال عيد فقال: هو أحد صناع الحركة المسرحية المصرية في مسرح الستينيات، وربما كان أول مبعوث من المعهد العالى للفنون المسرحية لدراسة الإخراج المسرحى فى بولندا، وهو ما أكسبه مهارات كثيرة كان اهمها ظاهرة تعد إشكالية كتب عنها مقالات عديدة وهى «إشكالية الإبداع والقهر «، و قد تجلى  هذا  التناقض في الدول الشيوعية التى تحكم بقبضة حديدية، و تتحكم فيها الرقابة وتتسلط على الإبداع، وبالرغم من ذلك ازدهرت حركة التطوير والإرتقاع بفنون العرض الحى،وفى مقدمتها المسرح رغم صعوبة ذلك لأن المسرح فن يتم توصيله بالكلمة، وهذه «الكلمة» مراقبة ومعرضه للمصادرة، ويتعرض اصحابها للقهر والعقاب،  ورغم ذلك ازدهر فن العرض المسرحى فى كثير من دول اوروبا الشرقية، وفى مقدمتها بولندا وقد إجا اللغة البولندية التى فتحت لنا معرفة كبيرة  بالمسرح البولندى و أوروبا الشرقية. 
وأضاف: كان مميزا بتقديم نصوص جديدة فقدم لأول مرة نص «الجسر» لآرثر ميلر، كما قدم الكاتب الإشتراكى صلاح حافظ من خلال عرض «الخبر»، وكان له دور كبير فى الدول العربية ومنها ليبيا والسعودية والكويت إستجابه لدعوة الأديب توفيق الحكيم أن يكون لنا أدبا مسرحيا وكان د. كمال عيد أحد ابناء هذه الدعوة، وأحد ابناء ذكى طليمات الذين سافروا إلى دول عربية واسسوا معاهد كبرى وكان لهم طلاب.  قيمة وتأثير د. كمال عيد ليس فيما قدمه من أعمال ومؤلفات ولكن في تلاميذه من الجيل الرابع و الثالث، فقد كان له تلاميذ يمثلون أدوارا فنية، ويجسدون شخصيات فنية فى المسرح العراقى والليبى والكويتى، وهذا يجعل رسالته وتأثيره العلمى والفنى باق وممتد .. له واسع الرحمة والمغفرة .

منارة علمية متحركة 
فيما قال د. عصام الدين أبو العلا : هو علم وعالم من علماء المسرح فى الوطن العربى، الذين قدموا خدمات جليلة للثقافة المسرحية العربية، على المستوى العلمى،  و فى إخراجه المسرحى فترة الستينيات، وقد كان إخراجه متميزا، كما سافر لأقطار عديدة لتدعيم النشاط المسرحى، وتتلمذ على يديه عدد كبير من المخرجين والممثلين فى هذه البلاد،  وبعد جنوح المسرح المصرى بعد فترة الستينيات إلى نفق مظلم لم يستسلم،وتفرغ للكتابة العلمية و تأليف الكتب ومنها كتاب «المسرح الإشتراكى « الذى طبع فى ليبيا،  بالإضافة إلى سلسلة مترجمة من الكتب باللغة البولندية والمجرية والإنجليزية، ومنها موسوعات مهمة فى مجال اعلام المسرح والموسيقى، كما قدم موسوعات كبيرة الحجم من الصعب ان يعدها مترجم واحد.
وتابع: ساهم عيد فى تدعيم ترقيات بعض هيئات التدريس فى الجامعة المصرية بوجه عام، كما ساهم فى التدريس بأكاديمية الفنون للدراسات العليا لسنوات طويلة، و كان يتميز بأنه منارة علمية متحركة يستفيد منه كل من إحتك به، وكان لديه قدر كبير من العطاء غير المحسوب .

 ابن جيل العمالقة رواد الستينيات 
وقال الدكتور سيد خاطر: لمست النكران والجحود الشديدين في عزاء أستاذنا .. أستاذ الأجيال وآخر الراحلين من جيل العمالقة رواد مرحلة الستينيات المسرحية، العالم العلامة  صاحب الأفضال العلمية على الكثيرين والكثيرات طيب القلب .. الودود المُجامل للجميع،  الأستاذ الدكتور كمال عيد .. تغمده الله بواسع رحمته وعظيم مغفرته .. أقول بعد أن لمست تجاهل أغلب تلاميذه وأهل مهنته إلا من رحم ربي ( كانوا قليلي العدد جداً بحيث كان العزاء شبه خالٍ إلا من نفر كريم محدود ) رغم مناشداتي المتكررة بأكثر من موقع بالفيس بوك وأكثر من تجمع خاص على الواتس آب بأهمية حضور العزاء .. أعلن لمجتمع النفاق الثقافي الفني ( الذي يفتقد كل معنى للوفاء والأصالة .. والذي لا يجامل إلا صاحب منصب أو عزوة أو نجومية حتى يفوز بنصيب من التصوير ) أنني قد أوصيت أهلي بأن يقتصر تلقي عزائي يوم رحيلي على المقبرة                                                                                                                                          وإنا لله وإنا إليه راجعون يا أهل الفن والثقافة اللا أوفياء، عشاق المنظرة .. المكتفين بالمتاجرة بالكلمات العاطفية غير الصادقة على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه من لم تعد من مجاملة ذويه جدوى لمنفعة أو مصلحة.

أدرك التغير الجذرى فى نظرة الدولة للفنون 
فيما أشار د. حسام عطا إلى أن  الدكتور كمال عيد كان  ابنا مخلصا للطبقة المتوسطة المصرية، تكون وعيه فى الحقبة الليبراليه قبل ثورة 1952، وعشق المسرح، وأنه كان واحدا من الذين ادركوا التغير الجذرى فى نظرة الدولة للفنون، إذ بعد أن أتم دراسته فى المعهد العالى للفنون المسرحية عقب ثورة 1952 في  بداية جيل البعثات الخارجية،حصل على بعثة إلى دولة المجر وحصل منها على درجة الدكتوراه فى «فلسفة علوم المسرح» و عندما عاد أتاحت له الدولة المصرية فرصا عديدة هو جيله،ومنهم الأستاذ جلال الشرقاوى والأستاذ سعد أدرش والأستاذ احمد عبد الحليم.. مارس الدكتور كمال عيد الإخراج المسرحى وقدم العديد من الإبداعات المسرحية ؛ ولكنه مع التغير الواضح فى النظرة لمفهوم الفنون وظهور المسرح التجارى فى منتصف السبعينيات فى مصر تراجع عن قراره فى الإستمرار بالأخراج وسافر ليمارس التدريس فى عدد من العواصم العربية.
وأضاف: قدم كمال عيد جهده وعلمه لتلاميذه فى المعاهد العليا للفنون المسرحية فى القاهرة والكويت وكليات الفنون الجميلة فى بغداد،وايضا فى الشقيقة ليبيا التى عاد منها لمصر وكيلا للمعهد العالى للفنون المسرحية، وكانت هذه العودة فى اوائل التسعينيات،وقد سعدت بالعمل معه معيدا عندما كان وكيلا للمعهد العالى للفنون المسرحية فى تلك الفترة و تتملذت على يديه طالبا فى الدرسات العليا،وسعدت جدا بمادة مناهج الإخراج المسرحى التى درسها لى، وكانت فى معظمها جديدة على وعينا المسرحى لكونها من مدراس شرقية بحتة ابرزها مدرسة فاختن جوف فى الإخراج المسرحى، وقد كان فاختن جوف واحدا من المخرجين الملهمين للدكتور كمال عيد. تفرغ عيد ليكتب مجموعة من الكتب ويصدرها على نفقته الخاصة كى يضمن انتظام النشر ولذلك أعده واحدا من الذين رحلوا وقد افرزوا رحيق المعرفة التى تم جمعها من زهور الإبداع والممارسة المهنية فى مصر والوطن العربى وحول العالم .
وقد  كان رحمه الله يحرص على أن يعاملنا كأحباء وابناء وعلى متابعتنا والإطمئنان علينا، وكان عندما يغضب منا تنتهى غضبته سريعا، فقد كان ودودا متسامحا، حريصا على أن يتأملنا بل ويتطوع  بحل بعض المشكلات فى حياة ابنائه وتلاميذه الشخصية برقه وبرقى.

 وعي فريد مسكون بالوهج 
ووصفته الناقدة د. وفاء كمالو بأنه إمام مثقفى مصر وكبير مبدعيها المتميزين، وبقولها : عالم كبير، مفكر عظيم، وفيلسوف فريد، هو أجمل أعياد الدنيا، هو الفرحة والسعادة واليقين وكل جمال المعنى، هو الزهور والبهجة وثقافة الإكتمال، كان الشرف للدنيا كلها. أضافت:  التقينا كثيرا في العديد من المناسبات الثقافية، وعرفت انه ارفع قامات الدنيا، واجمل وردات الكون، وانه سيظل قمرا يضييء العالم بأكمله..
الدكتور كمال عيد هو العبقرى العظيم، رؤاه قطع ثقافية نادرة، يضع الأفكار والشخصيات فى احجامها الحقيقية، ظل كاشفا للزيف و التضليل الفنى، إمتلك احساس مابعد الإبداع، لذلك ستظل كل الأوسمة والتقديرات تشرف بالدكتور كمال عيد، العبقرية الانسانية في ابهى صورها.
يمتلك الدكتور كمال عيد وعيا فريدا مسكونا بالوهج والحضور، مؤلفاته إضافات ثرية رفيعة المستوى، كل زهور الحياة هي بعضمن روحه، فهو القلب النقى الصافى وهو أندر زهور الوجود، وسيظل دائما يمتلك سر الحضور ونقاء الكون.

لم أعرف قلمًا جريئًا كقلمه
و تحدث المخرج أحمد مبروك أحد تلامذة الدكتور كمال عيد فقال : شرفت بصحبته فى أيامه الأخيرة وكثيرا ما حظيت منه بلقب الابن واحسبني كذلك، عرفته أستاذًا ومعلما وأبا لم أر مثل  ذوقه، ومواقفه خير شاهد .
 واضاف :لم أعرف قلمًا جريئًا كقلمه يشهره كسيف للحق، أذكر مواقفه النبيلة وجولاته فى البحث العلمي ونصرته للباحثين، لم يدخر مجهودًا فى دفع دفة البحث العلمي للأمام، وأذكر كلماته لي التي تتلخص في الكد والاجتهاد كي أرفع هامتى برسالتي وأفخر بها.
ورغم تقدم العمر إلا أنه كان يمكث بعدسته المكبرة ونظارته على قراءة رسائل الباحثين ويقوم بالتدقيق اللغوي لها، وكانت تساعده في ذلك زوجته د مديحة متولي الفنانة التشكيلية، وظل يُدرس لطلبة الدراسات العليا بالمعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون حتى هذا الفصل الدراسي، كان دكتور كمال عيد أبا لم ولن يعوّض، وهو لم يمت بل هو حي بكل ذكرى جميلة وبكل حرف خطّه مترجمًا او كاتبًا وستظل المكتبات زاخرة وعامرة بما أبدع .

حسه الإشتراكى دفعه لتقديم اعمال قريبة من الجماهير 
الكاتب المسرحى محمد أبو العلا السلامونى وصفه قائلا : يعد د. كمال عيد أحد رموز الحركة المسرحية المصرية وله مؤلفات كثيرة ومهمة فى مجال المسرح،كما كان عضوا فى لجنة المسرح و له عدة مناقشات مهمة لرواد الحركة النقدية المسرحية،  ومن أشهر مؤلفاته كتاب «المسرح الإشتراكى « وهذا يرجع لإهتمامه بالمسرح الشعبى القريب من الناس، فحسه الإشتراكى دفعه لتقديم اعمال قريبة من الجماهير،وقد ترجم عددا من الأعمال الشعبية منها «شفيقة ومتولى «،»المستخبى «، «الحضيض « لمكسيم جوركى،  كما قدم كتابا هاما بعنوان «فلسفة الأدب والفن والدراما الإشتراكية»

يتسم بالتواضع والبساطه 
تحدث عنه الناقد عبد الغنى داود فقال : هو أستاذ الأساتذة وحصوله على جائزة الدولة التقديرية كان عن جدارة وإستحقاق، ولم تكن هذه الجائزة فى الفنون ولكن كانت فى الآداب، وذلك لأصداره مجموعة من الكتب فى علم المسرح والنقد، تتلمذ على يد كبار الأساتذة عندما كان مبعوثا إلى المجر، وكان له إنتاج غزير فى الدراسات العلمية فى المسرح وفن النقد، و كان يتسم بالتواضع الشديد والبساطه، وهو نموذج للاستاذ العالم ومربى الأجيال،  تتلمد على يديه كثير من الأجيال فى العالم العربى فى العراق وليبيا وتونس، وكانت علاقتى به حميمه .

له أياد بيضاء على أجيال 
المخرج والناقد والمؤلف مصطفى عبد الحميد أحد تلامذة الراحل قال: يعد د. كمال عيد من الجيل الذهبى «الستينيات « الذى قامت على أكتافهم نهضة المسرح المصرى فى الستينيات وهو يمثل الجيل الرابع، من المخرجين فى تاريخ المسرح المصرى، من هذا الجيل المخرج جلال الشرقاوى ود. سعد اردش، وغيرهما وقد قاموا بالتدريس للجيل الرابع  والخامس والسادس والسابع، وللدكتور كمال عيد إسهامات كبرى فى مجال التدريس وله ايادى بيضاء على العديد من الأجيال المسرحية، وقد شرفت بأنه كان أحد اعضاء اللجنة المختصة بمناقشتى فى مشروعى الذى قدمته عندما كنت طالبا فى الدراسات العليا، وكان بالنسبة لنا صديقا وابا .


رنا رأفت