بدايات المسرح في شبرا (6) عروض المدارس المسرحية (1913 – 1932)

بدايات المسرح في شبرا (6) عروض المدارس المسرحية (1913 – 1932)

العدد 769 صدر بتاريخ 23مايو2022

تعرضنا في مقالاتنا السابقة إلى الحديث عن بعض العروض المسرحية المتعلقة بالمدارس في شبرا، من خلال حديثنا عن الفرق المسرحية المحترفة، أو فرق الهواة .. إلخ؛ ولكننا هنا سنتحدث عن عروض مسرحية أقيمت بالمدارس أو لحساب المدارس في شبرا! حيث إنني وجدت مجموعة من الأخبار المنشورة في الدوريات، مع بعض الوثائق القليلة، والتي من الممكن أن يستفيد بها الباحثون مستقبلاً لاستكمالها، أو الاستفادة منها.
ومن هذه الأخبار على سبيل المثال، ما ذكرته جريدة «مصر» عام 1913 بأن إدارة المدرسة الصادقة بقصور الشوام بشبرا، ستحيي حفلة زاهرة في مساء السبت 19 يوليو، يقوم فيها التلاميذ والتلميذات بتمثيل مسرحية «اليد الأثيمة»، ويتخلل فصول المسرحية إلقاء الخطب والقصائد لفريق من أنصار العلم والأدب.
كما ذكرت الجريدة نفسها خبراً في سبتمبر 1921 عوانه «حفلة زاهرة بمدرسة الهلال والصليب»، قالت فيه: أقامت مدرسة الهلال والصليب بشبرا حفلتها السنوية في منتصف الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة. بدار التمثيل العربي حيث مثلت تلميذات المدرسة مسرحية «الشقيقين»، وشرف الحفلة معالي سعد باشا زغلول.
أما مجلة «الصباح» فتحدثت عام 1929 عن إحدى حفلات مدرسة وادي الملوك بشبرا، قائلة تحت عنوان «فرقة التمثيل العصري»: «تقام حفلة تمثيلية لمدرسة وادي الملوك بشبرا يوم الجمعة 26 أبريل سنة 1929 الساعة 9 مساء على مسرح البوسفور، تمثل بها فرقة التمثيل العصري رواية «صاحب البيت» تأليف الأديب يوسف أفندي علي. ويقوم بتمثيلها عباس رحمي، وصالح عجاج، وكامل بيومي، وسيد خميس، وحسني حسنين، وأحمد حسين. وتقوم بالدور المهم وترقص في خلال الفصول «السيدة نرجس مظلوم»».
وفي العام نفسه قالت جريدة «المقطم» تحت عنوان «حفلة خيرية»: «تقيم مدارس الكمال الابتدائية بشبرا حفلة تمثيلية في دار التمثيل العربي في مساء الأحد 12 الجاري، فتمثل فرقة فكتوريا موسى وعبد الله عكاشة رواية «سهام»، ويخصص دخل هذه الحفلة لمساعدة المدارس المشار إليها».

غرام توت عنخ آمون
من الوثائق الرقابية المتعلقة بالعروض المسرحية لبعض مدارس شبرا، وثائق مسرحية «غرام توت عنخ آمون» عام 1930، والتي مثلتها مدرسة رقي المعارف في شبرا. والمسرحية من تأليف «فهمي خليف عبد الجواد»، وتدور أحداثها حول «توت عنخ وارث عرش فرعون، ولكن عمه أخناتون قد غضب الملك منه وأخذ يحمل الناس على عبادة آتون وترك عبادة آمون. أحب توت عنخ سميراميس ابنة عمه وتزوج بها سراً، وشايعه الكهنة. وفي ليلة الزواج يطعن أرطيبون الذي يحب سميراميس توت عنخ بخنجر غيلة، ثم يفر ليستدعي الملك الطبيب لعلاج الجريح. ويكتب مجهول هو أرطيبون إلى الملك أن ابن أخيه قد لوث شرفه، فيثور الملك ولكن الوزير يهدئه. تقوم الثورة في البلاد الشامية فيشير الوزير بتولية توت عنخ القيادة، ثم يقتل هناك غيلة، وينتصر توت عنخ انتصاراً عظيماً، فيريد الملك أن يزوج سميراميس من توت عنخ. أما أرطيبون فيخطف سميراميس ويعذبها ثم يقبض عليه وهو في طريقه إلى صيدا. ويخلي الملك سبيل الرجل الذي اتهم ظلماً بطعن توت عنخ، ويقتل أرطيبون وتقود سميراميس إلى حبيبها».

مدرسة شبرا الثانوية
كان لمدرسة شبرا الثانوية نصيب الأسد من الأخبار – كما يُقال – ففي عام 1930 كتب أحد الطلاب وصفاً تفصيلياً، نشره في مجلة «الصباح» تحت عنوان «حفلة مدرسة شبرا الثانوية»، قال فيه: «إن فرقة تمثيل وموسيقى مدرسة شبرا الثانوية الجديدة أحيت حفلة سمر كبرى، تحت رعاية حضرة صاحب العزة ابراهيم بك تكلا ناظر المدرسة في مساء يوم الخميس 20 فبراير بدار المدرسة، حضرها بعض كبار رجال التعليم في وزارة المعارف وأساتذة المدارس وأولياء أمور الطلبة. وقامت الفرقة بتمثيل روايتين إحداهما من نوع الدرام، والأخرى كوميدي. وقبل بدء الحفلة خرج حضرة الأستاذ حنا أفندي جرجس مدرب فرقة التمثيل، وأعلن إيقاف الحفلة عشر دقائق حداداً على وفاة نجل الأستاذ عبد الرازق أفندي محمد المدرس بالمدرسة، ومراقب فرقة التمثيل. ولا يسعني إلا أن أهنئ حضرة الأستاذ حبشي أفندي جرجس مدرب الفرقة، ومخرج الرواية على النجاح الباهر الذي أحرزته فرقة التمثيل خصوصاً في الرواية الكوميدي، كما إنى أبدي أيضاً مزيد إعجابي بمكياج الممثلين، ولا أنسى فرقة الإضاءة. وكذلك أهنئ حضرات الأفندية أعضاء فرقة التمثيل، وأخص بالذكر منهم: عبد العظيم جاد الحق، وأحمد قطب، ويوسف عز الدين، ووديع رومان، ولبيب مسيحة، ومحمود حمدي، وشفيق العوضي. ولا أنسى فرداً آخر مثل دور المحامي، أضحكنا كثيراً ونال مزيد إعجابنا. وكنت أود أن أهنئه باسمه لولا إنني لم أتمكن من ذلك لعدم معرفة اسمه. وقد أشنفت أسماعنا فرقة الموسيقى بقطع بديعة فأهنئهم، ولفؤاد بولس شديد إعجابي، وقد خرج المدعوون بعد انتهاء الحفلة وهم يثنون على هذا المجهود، ويبدون مزيد اعجابهم وسرورهم».
وفي عام 1932 نشرت مجلة «الكواكب» خبراً بعنوان «حفلات المدارس»، قالت فيه: «تزداد الحركة الفنية انتشاراً في المدارس، سواء الحكومية منها والأهلية. وقد كان الأسبوع الماضي مليئاً بحفلات الطلبة في المسارح وفي المدارس نفسها. من ذلك أن مدرسة شبرا الثانوية قد أحيت حفلتها بدارها، وقام طلبتها بتمثيل الرواية الخالدة «لويس الحادي عشر». وقد ظهر في إخراجها فضل مدرب فرقة المدرسة الممثل المعروف الأستاذ «عبد العزيز أحمد»، إذ كان الطلبة يؤدون أدوارهم ثابتي الخطى مملوئين ثقة بأنفسهم».
وفي عام 1937 أسهمت المدرسة في مشروع الطائرة، فكتبت مجلة «المصور» كلمة بعنوان «لمساعدة مشروع الطائرة»، قالت فيها: «أقامت مدرسة شبرا الثانوية في الأسبوع الماضي حفلة شائقة لمساعدة مشروع الطائرة. وقام أفراد فرقة التمثيل بالمدرسة بتمثيل رواية «أحمس والهكسوس» بنجاح. وقد خطب في تلك الحفلة الدكتور محجوب ثابت في أغراض المشروع وفوائده.
وآخر خبر – فيما بين أيدينا من معلومات – عن مدرسة شبرا الثانوية، كتبه وكيل فرقة التمثيل بالمدرسة «عبد المنعم شكري»، ونشرته له جريدة «أبو الهول» في مايو 1940 تحت عنوان «حفلة مدرسة شبرا الثانوية»، جاء فيه الآتي: «جاء في مجلة الصباح تحت عنوان «تقدير طلبة التمثيل» بمدرسة شبرا الثانوية «صفحة المسرح المدرسي»، إننا تسلمنا جوائز مقابل قيامنا بمجهود نعتبره للفن والفن فقط، مع أننا لم نتسلم جوائز. ونشر عن «أحمد عواض عيسى» إنه أجاد دور «زينب» وهذا مخالف لما حدث إذ أنه سقط في دوره سقوطاً ذريعاً، لا قيام له من بعده. وأنا لا ألومه على هذا، فهذه أول محاولة له في التمثيل، وللأسف كانت فاشلة. أما عن «يوسف عامر» الذي قام بدور فتاة «ليلى العامرية» في «إسكتش مدرسة شبرا» فقد أتقنه أيما اتقان. أما عن «صالح عمر» فهو الوحيد الذي أبدع في هذه الحفلة بفضل ما له من نبوغ كامل واستعداد عظيم».

عروض مدرسة السلطان حسين
ضمن الوثائق الرقابية الخاصة بعروض المسرحيات، وجدت مجموعة منها تتعلق بمسرحية «طيش الشباب»، التي كانت ستمثلها مدرسة السلطان حسين الأول الثانوية بشبرا مصر عام 1931. وأول وثيقة رقابية كانت خطاباً كتبه مؤلف المسرحية «عيسى محمد السباعي» إلى مدير الرقابة المسرحية، قال فيه: «حضرة صاحب العزة مدير قلم المطبوعات بوزارة الداخلية، أتشرف بأن أرفع ملتمسي هذا إلى عزتكم راجياً قبوله. منذ نصف شهر قدمت رواية «طيش الشباب» تأليفي لتسجيلها، وعند حضور أحد الطلبة لاستلامها طلب حضرة الموظف المختص كتابة الزمان والمكان اللذان فيهما ستمثل الرواية. وبعد ذلك عاد الطالب المذكور لاستلام الرواية فطلب منه خطاب من المرسح أو المكان، الذي فيه ستمثل الرواية. لذلك وحيث إن الاتفاق مع المرسح سيتم في خلال هذا الأسبوع لذلك أرجو من عزتكم الموافقة على تسجيلها، وعدم تسليمها إلا بعد إحضار خطاب المرسح أو عقد الاتفاق. وأملي في عزتكم قبول هذا الرجاء، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام [توقيع] مؤلف الرواية «عيسى محمد السباعي» منزل رقم 9 بعطفة الوفائية بالسادات بمصر».
قامت الداخلية بواجبها، وأرسلت النص إلى أحد الرقباء، الذي راقب النص وقرأه، وكتب عنه تقريراً، قال فيه: موضوع الرواية إن شاباً يدعى حمدي انقاد إلى ملاذ الحياة وعشراء السوء فلهى عن دروسه. بينما صديقه محمود تنبه إلى أمره فنجح واحترف المحاماة. أما حمدي فأضاع ما ورث عن والده على موائد القمار، وفي حانات الخمور، حتى ساءت حالته فأصبح بائساً متشرداً، فذهب إلى صديقه القديم محمود طالباً الإحسان والعطاء. فيحزن محمود لرؤيته على هذه الحال. هذا كل ما في الرواية، فهي سخيفة كل السخف، ولا أظن أن مسرحاً من المسارح يرضى إظهارها وتمثيلها. فإذا رؤي الترخيص، فيجب حتماً شطب ما يمس كرامة البوليس في ص 9 و10 حيث أشرت بالمداد الأحمر».
وتوجد وثيقة ضمن وثائق النص المسرحي، عنوانها «طلب من الطالب بالتمثيل»، وفيها الآتي: «حضرة صاحب العزة مدير إدارة المطبوعات، قدّم علي أحمد الشناوي رواية «طيش الشباب» من تأليف عيسى محمد السباعي الطالب بالمدرسة، وسيقوم بتمثيل الرواية طلبة المدرسة، أي الفرقة التمثيلية التي بها على مسرح دار التمثيل العربي بمصر في خلال شهر رمضان 1350، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام، [توقيع] «علي أحمد الشناوي» طالب بمدرسة السلطان حسين الأول الثانوية بشبرا بمصر». ووجدت تأشيرة على هذه الوثيقة مؤرخة في يناير 1932، مكتوب فيها: «يجب موافقة ناظر المدرسة على هذا الطلب». ولم أجد شيئاً آخر يدل على تمثيل المسرحية بالفعل، أو على منعها من التمثيل! والمرجح أنها مُثلت، طالما هناك تعامل مع النص بعد مراقبته من وزارة الداخلية، مما يعني أن الداخلية صرحت بتمثيله، وإن كانت لم تُمثل فهذا راجع إلى عدم موافقة ناظر المدرسة، كما جاء في آخر وثيقة.
وفي عام 1934 نشر «عبد السيد منصور» من شبرا كلمة في جريدة «أبو الهول» تحت عنوان «الحفلة الخيرية لمدارس السلطان حسين بشبرا»، قال فيها: أحيى طلبة المدرسة حفلتها السنوية بمسرح الماجستيك يوم 3 إبريل الجاري، ومثلت فيها رواية «العواطف» لفرحات أفندي أبو نجم أستاذ التمثيل بالمدرسة. وقام بأهم الأدوار الطلبة: محمود إمام القاضي، وعبد المنعم محمود، ومحمد بيومي، وعبد الحميد حماد، وأحمد مرسي سعيد، وباقي حنا، وعز الدين مراد، ومحمود العسكري، وسيد عبد النبي سالم، ومحمود محمد الصافي، وحسن السيد أحمد عمر، [توقيع] «عبد السيد منصور - شبرا».
وقام أحد الطلاب بكتابة كلمة أخرى حول العرض نفسه، نشرتها له مجلة «الصباح» تحت عنوان «حفلة مدارس السلطان حسين»، جاء فيها: «كان موعد الحفلة الخيرية السنوية بمدارس السلطان حسين الأول بشبرا لمساعدة القسم المجاني بها مساء الثلاثاء الماضي، على مسرح الماجستيك تحت رئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد فطين باشا، فمثلت بها رواية «العواطف» من إخراج فرحات أفندي أبو نجم. وقد بذل في هذه الرواية مجهوداً ظاهراً. وقام بأهم الأدوار محمد بيومي، الذي أبكى المتفرجين في دوره، فمثل نعومة الطفولة، كما كان عبد المنعم حسين ممثل دور أخيه (محمود) في غاية الدقة. أما سيد عبد النبي (العمدة)، فبالرغم من أهمية الدور انتقل به إلى (التهريج) المكروه. وقام بباقي الأدوار محمود إمام (الأب صدقي)، وعبد الحميد حماد (إبراهيم بك)، وأحمد مرسي (إسماعيل بك)، ومحمود العسكري (خليفة الخادم) فنجحوا جميعاً كما كان ربيع أفندي عبد المجيد متنبهاً لإدارة المسرح بدقة ونظام [توقيع] «طالب»».

مدارس النهضة الوطنية
ضمن الوثائق الرقابية، توجد بعض الوثائق المرفقة بنص مسرحية «هارداسي أو ضحية المسكرات»، والتي ستمثلها مدارس النهضة الوطنية بجزيرة بدران في يناير 1932. وضمن الوثائق وجدنا ملخصاً للمسرحية، به الآتي: «راسوار رجل موسر غني توفيت زوجته منذ سبع سنوات فلم يتزوج، لأنه يريد أن يعيش سعيداً مع ابنته هارداسي التي ليس له سواها والتي يحبها حباً جماً. ويختار راسوار لابنته زوجاً لها لا من بين الأسر الكبيرة، ولكن من بين الملاجئ! فقد اختار لها هارندرا الولد اليتيم، وتبناه لكي يتخذ منه لابنته زوجاً. وبعد زواجها يصاب هارندرا بأحد الأمراض فيصف له الطبيب أن يتناول كل يوم كأساً صغيرة من الخمر. ويستلذ هارندرا الخمر فيصبح سكيراً عربيداً، ويفقد مركزه كمحام شهير ثم يبيع ما ملكت يداه وما تملكه زوجته، ويترك أولاده بلا عائل في الحياة وتموت هارداسي متأثرة بما أصاب زوجها وبذلك تنتهي المسرحية».
قرأ هذه المسرحية الرقيب «إبراهيم حسني جزار»، وكتب تقريره، واختتمه قائلاً: «... الرواية مفككة المناظر، ضعيفة الأسلوب، ولكنها تصلح لأن يمثلها الطلبة في مدارسهم. وأرى التصريح بتمثيلها في مدارس النهضة الوطنية». وحدد مدير المطبوعات التصريح بتمثيلها داخل المدرسة فقط! ومن خلال الوثائق علمنا أن المسرحية عربها «مهنى جورج» من الإنجليزية، وهو مدرس بمدارس النهضة الوطنية بشارع جزيرة بدران 46 شبرا مصر، وأن المسرحية ستعرض بالفعل يوم 6/2/1932 بتياترو مدرسة النهضة الوطنية.


سيد علي إسماعيل