جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 767 صدر بتاريخ 9مايو2022

رغم ظهور “كباريه“ لأول مرة كنص مسرحى موسيقى منذ 1966 وتحولها إلى فيلم سينمائي عام 1972، لا تزال المعالجات المختلفة لهذه المسرحية تحصد جوائز مختلفة في دول مختلفة في مهرجانات مختلفة. وأخر هذه الجوائز كانت في جوائز لورنس أوليفيه المسرحية المرموقة في بريطانيا التى بدأ منحها عام 1976 والتى تعادل جوائز تونى المسرحية على الجانب الآخر من الأطلنطي. فازت معالجة جديدة للمسرحية بسبع جوائز شملت افضل ممثل والت إلى بطل العرض ايدى ريدماين وبطلة العرض جيسى باكلى حيث جسد الأول شخصية “امسى” والثانية شخصية سالى باولز. كما فازت بلقب افضل مسرحية موسيقية. كما فازت ليزا سادوفى وإليوت ليفى بجائزتى أحسن ممثلين مساعدين. كما فازت مخرجة المسرحية الشابة ريبيكا فريكنال (36 سنة )بجائزة أحسن إخراج لعرض موسيقى. وعلقت فريكنال على ذلك بأن الأمر يرجع إلى أن هذه المسرحية صالحة لكل الأوقات وتبدو كما لو كانت كتبت لتوها. وأشادت بالجائزة التى اعتبرتها اعترافا بالدور الذى يمكن أن يلعبه الفن في حياة الشعوب. النص الأصلي وكانت المسرحية الموسيقية الأصلية تأليف الكاتب والمخرج المسرحى الراحل جو ماستيروف (1919 – 2018) وألحان الموسيقار جون كاندر (95 سنة حاليا). وكانت مأخوذة بدورها من مسرحية عرضت عام 1951 للكاتب المسرحى البريطانى جون فان دروتين باسم “أنا كاميرا“. وكان قد أخذها بدوره عن قصة وداعا برلين للكاتب الأمريكي البريطانى كريستوفر اشيروود وكان كاتبا مسرحيا أيضا لكنه لم يكتبها كمسرحية. وكانت تدور حول تجربة شبه شخصية له في سنوات عاشها في ألمانيا في الفترة السابقة على وصول هتلر إلى الحكم التى عرفت باسم جمهورية فايمر. وفى هذه الفترة انتشر الفقر في ألمانيا بشكل خطير بسبب سياسات حكومة فايمر التى هبطت بقيمة المارك الألماني إلى الحضيض مما انعكس على حياة المواطنين ومهد الطريق لوصول أدولف هتلر إلى الحكم. والعنصر الرئيسي في القصة – والمسرحية بالتالى - هو علاقة البطل وصديقه بفتاة في التاسعة عشرة من عمرها تدعى جين روس تعمل راقصة في ملهى الكيت كات في برلين على مدى عامى 1929و1930. وتتناول المسرحية انعكاسات الأوضاع الاقتصادية والسياسية في ألمانيا على رواد الملهى الذين يرمز بهم الكاتب إلى ألمانيا. كما تتضمن المسرحية بعض قصص الحب الجانبية الأخرى. وقد هرب اشروود من ألمانيا بعد أسبوعين فقط من تولى هتلر الحكم. أول عرض عرضت المسرحية الموسيقية لأول مرة على مسرح “برود هيرست “في برودواى عام 1966واستمر عرضها 1166 ليلة حتى تحولت إلى فلم بنفس الاسم عام 1972 وقامت ببطولتها ليزا مانيلى. واعتقد أن العمل ليس بالجودة تتحدث عنه صحافة الغرب والتى تبرر حصوله على كل هذه الجوائز سواء في المسرح أو في السينما. لكن السبب الحقيقى في رأيي هو انه يتصدى لتجميل صورة اليهود ورفع الصورة السيئة التى انتشرت لدى الألمان وقتها في ألمانيا باعتبارهم مسئولين عن انهيار المارك الألماني ونشر الربا والرذيلة. وكان ذلك من خلال شخصي تاجر الفاكهة اليهودى الذى ظهر في صورة اقرب إلى الملائكية. وهذه الشخصية حرصت كل المعالجات على إبرازها باعتبار السيطرة اليهودية على صناعة الفن في الغرب في المسرح وغيره. يجب أن تتوقف القس الشاب يرفض عرض خذنى بعيدا على الساحة الدينية في الولايات المتحدة بدأ القس الشاب “بريان سوفى “ 31 سنة فقط” وهو قس مورمونى يعمل راعيا لكنيسة في ولاية يوتا معقل ومنشأ طائفة المورمون يشن حملات متعددة على الانحلال الأخلاقي في البلاد والذى جلب على البلاد مشاكل عديدة. كانت البداية حملة ضد الصور الخارجة التى تنشرها كثير من الأمريكيات على مواقع التواصل الاجتماعي بملابس فاضحة وهو أمر لا تقره المسيحية. وبدأ بعد ذلك حملة ضد مراكز البحوث الصحية الأمريكية مثل تقرير مراكز مكافحة الأمراض عن ارتفاع نسب الإصابة بالأمراض السرية في الولايات المتحدة بسبب فوضى العلاقات الجنسية دون أن توجه ولو دعوة لوقف هذه الفوضى بل تكتفى بالدعوة لمزيد من الأبحاث لمكافحة هذه الأمراض دون التطرق للسبب الأساسي . وكانت ثالث حملاته على المسرح وبالتحديد على مسرحية “خذنى بعيدا». المسرحية كتبها عام 2000 الكاتب المسرحى والسيناريست ريتشارد جرينبرج المعروف باهتمامه بالحياة اليومية للطبقة الوسطى الأمريكية. عرضت المسرحية أولا في لندن عام 2002 ثم في برودواى عام 2003 ثم توالت العروض في برودواى واكثر من مدينة أمريكية لكنها لم تعرض خارج الولايات المتحدة لسبب سنعرفه فيما بعد. والمسرحية واحدة من 25 مسرحية كتبها جرينبرج. وقد حصل جرينبرج على عدد من الجوائز المسرحية المرموقة عن العديد من مسرحياته منها جائزة تونى. لكنه لم يحصل على أي جائزة عن هذه المسرحية. ألغام وإذا عرف السبب بطل العجب. المسرحية تدور في إطار كوميدى كما هو الحال مع مسرحيات جرينبرج (64 سنة حاليا). لكن بعد ذلك تبدأ الأشواك والألغام . تدور المسرحية- وكل المشاركين فيها من الرجال - حول فريق للعبة البيسبول يحقق انتصارات ويفوز ببطولات. وفجأة يكتشف أعضاء الفريق أن نجمه وافضل لاعبيه يرتبط بعلاقة مثلية أو شاذة بمعنى اصح مع المحاسب الجديد للفريق ميسون مارزاك فيثور اللاعبون وينقسمون وتتدهور نتائج الفريق. وتتوالى الأحداث ويلقى المحاسب مصرعه من جراء اصطدام كرة قوية برأسه وتثور شكوك في أن تكون جريمة مدبرة من رافضى هذه العلاقة. لكن في النهاية يبارك الجميع العلاقة ويشعرون بالحزن لمصير المحاسب القتيل ويعتبرونه شهيد العنصرية لأنه من غير البيض ويستعيد الفريق الانتصارات ويهديها إلى روح القتيل !!!. وكانت كل عروضها تقريبا تتضمن مشاهد خارجة وصلت في بعض العروض إلى مشهد للبطلين وهما يستحمان استحماما حقيقيا تحت مشن (دش)وهما عاريان تماما. وفى كل الأحوال كانت الفرق تمنع دخول أي أجهزة تصوير أو هواتف محمولة يمكن استخدامها في الصور حيث تلزم المتفرج بتسليمها عند الدخول واستردادها عند خروجه. وتعالج المسرحية قضايا أخرى جانبية مثل الطبقية والعنصرية في الرياضة أو هكذا يقال. طالع سوفى خبرا في الصحف جاء فيه أن النجم “جيسى فيرجسون”(47 سنة) قام مع عدد من الأفراد بجولة في ملعب يانكى الشهير للبيسبول بنيويورك مع عدد من الأشخاص . كانوا يطوفون بالملعب ثم المدرجات وغرف اللاعبين وغيرها . تبين انه كان يقوم بجولة لمعايشة هذه اللعبة استعدادا لإعادة عرض مسرحية “خذنى بعيدا” حيث سيقوم ببطولتها ويجسد الشخصية الرئيسة فيها وهى نجم الفريق داريل ليمنج . على احد مسارح برودواى في سبتمبر القادم . وجاء في الخبر أن المسرحية سوف تعرض مع تعديلات كتبها المؤلف بنفسه – ربما للتخفيف من حدة الموضوع – دون الإخلال بموضوعها الأساسي. ووجد أن التعديلات لن تمس أي مشاهد خارجة. حملة أطلق الأب سوفى حملة تحت اسم “يجب أن تتوقف” طالب فيها بإلغاء العرض وعدم تقديم أي عروض أخرى للمسرحية التى تبارك علاقات غير سوية بين أشخاص غير أسوياء لا يقرها الدين المسيحى وتدافع عنها وليست لها حتى أي قيمة فنية تبرر عرضها بدليل استبعادها من أي جائزة منذ عرضها الأول قبل عشرين عاما. كما تعرض النص لهجوم من جهات عديدة منذ عرضه الأول . وكما هو الحال مع الحملتين الأولى والثانية تعرض سوفى لهجوم عنيف على مواقع التواصل الاجتماعي وصل إلى حدود غير مقبولة. لكنه مصمم على المضى قدما في حملته خاصة بعد أن جذبت العديد من اتباع المذاهب المسيحية والأديان الأخرى مثل الإسلام واليهودية وحتى بعض الأديان الوثنية عندما أدركوا خطورة الفوضى الحالية على سلامة المجتمع.


ترجمة هشام عبد الرءوف