«أفراح الــــقـــبـــة».. أتـيـليـه تـمـثيـل عـلى خـشــبة الـمســــرح

«أفراح الــــقـــبـــة»..  أتـيـليـه تـمـثيـل عـلى خـشــبة الـمســــرح

العدد 761 صدر بتاريخ 28مارس2022

من الوهلة الأولى لدخولك العرض المسرحى «أفراح القبة»، من إنتاج مسرح الشباب التابع للبيت الفنى للمسرح والتى عرضت على المسرح العائم الصغير، ومن تأليف الكاتب العالمى «نجيب محفوظ»، ومعالجة وإخراج محمد يوسف المنصور،  وفى انتظار بدء العرض من أمام خشبة  مسرح جرداء تكسو جدرانها السواد من كل النواحى يمينا وشمالا وفى الخلفية أيضا، وعليها بعض موتيفات الديكور البسيطة من كراسى محدودة ومنضدة، سيتكشف لك على الفور انك أمام عرض مسرحى مختلف وأن هناك شئ جديد يعتمد على مفردات اخرى غير مفردات الديكور فى الطريق إليك لمشاهدته، العرض حصد العديد من الجوائز فى التمثيل والإخراج بالمهرجان القومى للمسرح المصرى فى دورته الثالثة عشر، ولكننى دوما لا أضع مثل هذه الأمور فى تقييمى النقدى عند الذهاب لمشاهدة أي عرض لعلمى التام أنها أمور ليست لها معايير ثابتة وتختلف من شخص لآخر، فقط تكون عينى وقلبى هما الحكم على ما أرى، ولكن عندما يكون الكاتب هو «نجيب محفوظ» فأعلم أنك ستشاهد تمثيل على أعلي مستوى حال أحسن المخرج اختيار كاست العمل وتسكين كل منهم فى دوره ومكانه الصحيح، وهذا ما نجح فيه مخرج العرض يوسف المنصور بالفعل إلى حد فاق الممكن والتصور، ذلك لأن دوما يعتمد «نجيب محفوظ» فى كل رواياته على الغوص فى أعماق المشاعر الإنسانية، ومثل تلك الأدوار الإنسانية تعد هى فرصة وملعب اى ممثل محترف يعشق تلك اللعبة المجنونة المسماة بلعبة التمثيل لاستعراض مواهبه وإمكانياته التمثيلية عن غيرها من الأدوار، ومن تلك الميزة التى اتصف بها كاتبنا المصرى الكبير نجيب محفوظ ألا وهى ميزة «الإنسانيات» فى كتاباته، استطاع نجيب محفوظ أن يصل إلى العالمية وتترجم رواياته لجميع اللغات، فمثل تلك الروايات التى يكون موضوعها الغوص فى المشاعر الإنسانية لا ترتبط هنا بزمان ولا بمكان، وتستطيع أن تراها فى كل مسارح وسينمات العالم وبكل أطياف وجنسيات الفنانين والفنانات، وبالرغم من أن فى رواية «أفراح القبة» ملامح من تحديد الزمان والمكان، لكن ستجد أنه فى المقابل من السهل جدا تجريد الرواية من هذين العنصرين وإخراجها فى اى دولة فى العالم وبعادات وتقاليد تلك الدولة أيضا، وفى الرواية موضوع نقدنا هذا ألا وهى رواية «أفراح القبة»، فلك أن تعلم أنها من أكثر روايات نجيب محفوظ التى تثير لهفة وخيال وأحلام اى ممثل لتجسيد أي دور فيها نظرا لما تحتويه تلك الأدوار جميعها بالرواية من زخم من المشاعر والأحداث والدراما والتى دوما يطلق عليها فى عرف الوسط الفنى لدينا «الأدوار الفرص»، كما أن من المعروف أن من الصعوبة التى يلقاها «الدراماتورج» هو تحويل أى رواية إلى مسرحية، فما بالك عندما يكون الأمر متعلق بكاتبنا العالمى نجيب محفوظ، وقد نجح يوسف المنصور إلى حد بعيد فى إضفاء فكره وفلسفته الخاصة على الرواية عندما قام بعمل إعداد لها وتحويلها إلى نص مسرحى لكى يصبح لديه رؤية إخراجية خاصة به تبعده عن أية مقارنات مع الآخرين سواء فى الماضى أو فيما بعد .
تدور أحداث المسرحية فى حقبة الستينات وما بعدها حول فرقة مسرحية صاحبها يدعى «سرحان الهلالى» تقرر أن تقدم عرضا جديدا يحمل اسم «أفراح القبة»، ومن ثم يكتشف الممثلين فى البروفات فيما بعد أن أحداث المسرحية التى وضعها المؤلف تدور حول شخصياتهم الحقيقية، بل تعرض أمامهم كل أسرار الماضى، فيصابوا بالذعر ويبدأ كل واحد منهم محاولاته لإيقاف تلك المسرحية بطريقته الخاصة، ولكن صاحب الفرقة يتمسك بعرضها، وبعد صراعات عدة يجد الممثلون انفسهم أمام أمر واقع لا مفر منه، ألا وهو تمثيل أدوارهم الحقيقية فى الحياة بكل خصوصياتها وأسرارها، فيبدأ الجميع هنا فى محاولة الدفاع عن خطاياه  بتبريرات وحجج واهيه، محاولا أن يظهر أمام الآخرين فى صورة ضحية  الآخرين والظروف، والمسرحية هنا أو الرواية سيان تقوم بعملية تطهير لخطايا الماضى على ثلاثة محاور ألا وهى الشخصية المسرحية والممثل الذى يقوم بتأديتها والجمهور الذى يشاهد تلك الشخصية بالعرض المسرحى .  
ويستوقفنى هنا ملحوظة قد قمت باكتشافها أرى أنها ربما ستصبح حديث الأوساط الفنية فى الفترة القادمة، ألا وهى أن الفيلم السينمائى اللبنانى «أصحاب ولا أعز» والمأخوذ  قلبا وقالبا عن قصة الفيلم الإيطالي الشهير Perfect strangers، والذى احدث جدل وضجة  كبيرة للغاية فى الفترة الماضية حين تم عرضه بإحدى المنصات الأجنبية، قد تم أخذ فكرة هذا الفيلم الإيطالي من تلك الرواية الخاصة  بنجيب محفوظ ولكن بعد أن تم إعدادها بطريقة ما لا تثير الشكوك حول ذاك الاقتباس ولتبدو بعيدة عنها ألا إنك لو تأملت ستجد أن العمود الفقرى لكلا من الراوية والفيلم الإيطالي قائم على فكرة واحدة  ألا وهى فكرة  بماذا تدافع عن نفسك وتقول أو تبرر أمام الآخرين عندما تجد نفسك وقد وضعت فى موقف المضطر أن تكشف الستر عن بعض من أسرارك  أو خطايا الماضى الخاصة بك . 
العرض يدور حول معانى كثيرة فى حياتنا قد أثارها محفوظ فى روايته، وترجمها المنصور فى مسرحيته  فى شكل عبثى ليتوافق مع فلسفة الرواية التى كتبها محفوظ حول ماهية الحياة  وتناقضتها ومكنونات النفس البشرية الخافية عن الآخرين والتى يحرص الإنسان دوما الا يبوح بها الا أمام نفسه فقط والصراع الداخلى مع نفسه الذى ينتابه بين الحين والآخر ، وكذا فكرة «الشرف» التى يدور الجدل حولها مع اغلب شخصيات العرض، وخاصة صاحب الفرقة «سرحان الهلالى» الذى يشدو كثيرا جدا طوال العرض بتلك الصفة التى يتكشف لنا فى النهاية انه يفتقد لأبسط مقوماتها . 
التمثيل هو ابرز ما فى العرض المسرحى «أفراح القبة»، فقد قدم جميع فنانى العرض أتيليه تمثيلى يدرس فى الأكاديميات والمعاهد، يستحقون جميعهم عليها جائزة الأوسكار تشبيها ومجازا لما قدموه من آداء وصل إلى حد الملحمة فاق كل التوقعات والتصور والتجانس فيما بعضهم البعض وكأنهم فريق كرة قدم يتنافسوا فيما بينهم فى مهارة إحراز الأهداف، لذلك فأنا ضد التصنيف فى هذا التسابق التمثيلى بهذا العرض تحديدا بالأحسن والأفضل حيث أن كل منهم أعطى افضل ما لديه فى العرض بنفس المهارة والتقمص والإتقان من اكبر دور إلى اصغره، حتى أن هناك فنان بينهم يدعى «عادل« قام بشخصية «أحمد برجل عامل البوفيه» لم ينطق طوال العرض بحرف واحد، لكنه أعطي معانى كثيرة بجسده وعينيه، تعبر عن الزمن وما آل إليه حاله بإنحناءة ظهره ونظرات عيونه اللامبالية بكل من حوله من أحداث وشخصيات وكأنه اعتاد على التعايش مع عالم ملئ بالكذب والتناقض، وعلى النقيض نجد «ياسمين وافى» فى مشهد واحد فقط على خشبة  المسرح فى شكل فلاش باك كأم لشخصية «كرم يونس الملقن» التى كان متأثرا بها إلى حد بعيد لتحدثه عن أكذوبة الشرف فى مونولوج لم يتعدى ظهورها فيه العشر دقائق لتقلب فيه موازين التمثيل محدثة ضجة  من التصفيقات لجمهور العرض بعد نهاية مشهدها، نجد أيضا «عبد المنعم رياض» فى دور «سرحان الهلالى» وهو الدور المحورى الذى يحرك كل شخصيات الراوية ويقودها من اجل مصالحه الشخصية وفساده، وهى شخصية  لها رموز وأبعاد عديدة لكل الشخصيات المتسلطة فى حياتنا التى تستغل نفوذها من اجل تحقيق اغراضها ومنافعها، برع «عبد المنعم رياض» فى تقمص الشخصية قلبا وقالبا سواء على المستوى الحركى أو على المستوى التمثيلى ووضح انه قد بذل مجهودا ضخما فى التأقلم على قوة التركيز ما بين الجانب العضلى للكاركتر الجسدى الصعب الذى اختاره  للدور اضافة إلى التلوين الصوتى والجانب التمثيلى للشخصية بدون ادنى اخطاء، هناك أيضا «محمد عبد القادر» فى دور «طارق رمضان الممثل» وصراعه النفسى الداخلى دوما ما بين الحب والغيرة والخيانة، وهو من اكثر ممثلين العرض الذى استوقفنى آدائه التمثيلى لما يتصف به من كل مقومات العالمية سواء على مستوى ملامحه الشكلية وما حاباه الله به من قبول وكاريزما إضافة إلى الهدوء والتركيز والتلقائية فى آدائه التمثيلى، أن براعة محمد عبد القادر فى التمثيل مع كاريزمته وملامحه التى تسمح له بآداء جنسيات لدول مختلفة تؤهله أن يصل إلى العالمية لو اتقن اللغة الإنجليزية  وساعدته الظروف والحظ فى الوصول إلى هوليود، وتلك حقيقة اسردها هنا عنه دون أدنى مبالغة، لم يلجأ عبد القادر إلى ابتكار اى كاركتر شكلى لشخصيته المسرحية بقدر ما اعتمد على تلقائيته التمثيلية وروح الشخصية وإحساسه  الجسدى والعقلى والروحى بها فهو كتلة إحساس متحركة على المسرح ، هشام عادل فى دور «كرم يونس الملقن« ممثل من العيار الثقيل ينطبق عليه فى الوصف نفس ما انطبق على عبد المنعم رياض حيث استطاع أن يحدث توازنا رائعا ما بين الآداء الحركى للكاركتر الذى اختاره إضافة إلى تقمص دوره المسرحى، 
غير أن هشام عادل يمتلك وجها انعم الله به عليه يستطيع من خلاله أن يؤدى كل أدوار الشر والطيبة والكوميدى بنفس البراعة، ولا زال فى جعبته الكثير ليقدمه من أدوار وكاركترات مختلفة، هايدى عبد الخالق فى دور «حليمة الأم»، تتميز بالتلقائية فى الآداء وعدم التصنع إضافة إلى ملامح وجهها الحزينة التى تؤهلها إلى كل أدوار المشقة والقهر، كما انها تمتلك إحساس عالى بالدور الذى تلعبه، فاطمة عادل فى دور « حليمة الابنة « هى ممثلة من الطراز الفريد نظرا لما تملكه من ملامح مصرية اصيلة ووجه متلون الآداء، كما انها فنانه شاملة تتقن الغناء أيضا وتملك صوت عالى الإحساس، تجدها وتصدقها وهى مبهجة بنفس القدر الذى تجدها فيه تتألم بنفس القدر الذى تجدها فيه تبكى، هى ممثلة لكل الأدوار لا تملك أمامها إلا تصديق ما تفعله، سمر علام فى دور « تحية «، عبرت عن «الخيانة« بإتقان شديد برغم كل ما تملكه من ملامح وجه ملائكى، ولكنها تفوقت على نفسها فى تجسيد الشخصية المستفزة التى لا تبالى بجرم ما تفعله من جفاء وخيانة تجاه زوجها «طارق رمضان«، هى ممثلة صاحبة خبرات عريضة فى التمثيل تمكنها من تغيير جلدها من دور إلى دور لتنتصر لنفسها على ملامحها البريئة لتصدقها فى كل أداورها، جيهان أنور فى دور «درية» تلك الفتاة المخادعة التى تعيش فى طبقة غير طبقتها مستغلة ملامحها الأرستقراطية لتدعى أمام الغير على غير الحقيقة لتكون نهايتها مأساوية، هى ممثلة لديها حضور كبير على المسرح وأمام الكاميرا، وفاء عبد الله فى دور « أم هانى مسئولة الأزياء بالعرض المسرحى»، اتقنت تماما دور الفتاة المنكسرة المغلوب على أمرها والتى يستطيع اى شخص خداعها بسهولة، هى ممثلة تملك القدرة على معايشة الحالة النفسية لأدى دور ويساعدها فى ذلك ما تمتلكه من قبول وذكاء فنى جعلها تضع أقدامها بقوة فى عالم الاحتراف، مينا نادر فى دور «عباس المؤلف»، ممثل كله طاقة وحيوية على المسرح، حقيقة كنت أتمنى أن تسعنى المساحة النقدية للحديث عن بقية الممثلين العصب الرئيسى الذى منح العرض كل مقومات النجاح والإبداع، ولكنى اسجل تعجبي هنا من بوستر العرض المسرحى الذى جاء بشكل شبه مدرسى عبارة عن صور متراصة فقط فوق بعضها البعض لأبطال العرض دون مراعاة أن ذاك البوستر لعرض احترافى على مسرح الدولة وهو مصدر الجذب الأول لجمهور العرض والذى درجة جودته وفكرته تكون احد اهم الأسباب لأقبال الجماهير من عدمه على العرض المسرحى إضافة انه لا يتناسب مطلقا لا قيمة ولا تعبيرا عن حجم ما يقدمه فنانى وأبطال العرض من مجهود وعبقرية وإتقان تمثيلى .
الديكور لعمرو الأشرف، جاء موحيا بالكآبة كناية عن الحالة النفسية لكل شخصيات المسرحية، فوجدنا فى بداية العرض كل جدارن خشبة المسرح يمينا ويسارا وفى الخلفية وقد اكتست باللون الأسود الداكن تعبيرا عن الماضى الأسود لكل شخصيات المسرحية الذين يحاولون إخفائه عن الآخرين، ووجدنا خلف الحائط الخلفى الأسود بعد فتحه ديكور لمنزل من الستينات ينقسم إلى قسمين عند مفترق السلم يمينا وشمالا حيث غرفة طارق وصالة القمار التى يرتادها دوما سرحان الهلالى، وكأنك انت من تختار مصيرك، الإضاءة للأشرف أيضا لم تكن موفقة من وجهة نظرى فى اغلب المشاهد التمثيلية باستثناء إضاءة الفلاش بمشاهد المعارك ما بين طارق وعباس أو محاولة تحرش الهلالى لحليمة الابنة، حيث أن كما أخبرت سابقا ابرز ما جاء بالعرض هو التمثيل كما اعتدنا دوما فى كل روايات نجيب محفوظ، ولكن جاءت الإضاءة هنا خافتة وشبه مظلمة على وجوه بعض ممثلين العرض وفى مونولوجات هامة كان من الأجدر أن تبرز ملامحهم بدلا من طمسها، فهناك بدائل وحلول عديدة لذلك، وليس من الضرورة أن اعبر عن الكآبة أو الإحباط بإضاءة  قاتمة.
التعبير الحركى لمناضل عنتر جاء غاية فى الإبهار والتعبير عن الحالة النفسية والسيكولوجية للمشهد وأبطال ذاك المشهد كعهده دوما حقيقة فى كل العروض التى يساهم بها لما يملكه مناضل من رؤية ابداعية فى الرقص الحركى والتعبير الجسدى نظرا لكونه فارس من فرسان مدرسة الرقص المسرحى الحديث التى من مقوماتها الأساسية أيضا الاهتمام بدراسة الجانب التمثيلى لتخريج راقصين مؤهلين للتعبير الحركى والحسى  للعرض .
التأليف الموسيقى لأحمد نبيل، جاء متوافقا إلى أقصي درجة مع سخونة الأحداث ووتيرة العرض السريعة ومدى ما به من إثارة، كما أنها أضفت على العرض جو الرهبة والتوتر وعنصر مرور الزمن بدقات متلاحقة ومتلازمة طوال العرض المسرحى كتيمة موسيقية ثابتة اغلب مشاهده . 
جاءت الملابس لعبير بدراوى مطابقة ومتوافقة تماما مع الفترة الزمنية التى يدور فيها أحداث العرض المسرحى فى الستينات، كما كان المكياج لأمانى حافظ متقنا وصادقا إلى درجة كبيرة لا تشعر معه بالافتعال أو الزيف خاصة  فى إبراز آثار العمر على الشخصيات المسرحية  دون مبالغة أو إفراط . 
وأخيرا وليس آخرا، نجح المخرج يوسف المنصور كدراماتورج إلى حد كبير فى التعبير عن فلسفة نجيب محفوظ فى الرواية أثر تأثره الشديد بنكسة 67 وتعبيره عن حالة الانحدار الأخلاقي الذى أصاب المجتمع جراء تلك النكسة وقد ظهر هذا التأثر جليا فى عدد من رواياته منها «زقاق المدق« و«أفراح القبة« على سبيل المثال لا الحصر، ولكن لأن المنصور هو مخرج العرض فى ذات الوقت فكان لابد له أن يكون صاحب رؤية إخراجية مختلفة للمسرحية تختلف عن رؤية الكاتب فى الرواية، وقد تبلورت تلك الرؤية له فى لجوئه إلى فكرة أن يقوم كل ممثل بتبرير خطايا الماضى وإبراز نفسه فى دور ضحية  الآخرين أثناء العرض المسرحى فى إطار عبثى بعكس ما استخدمه نجيب محفوظ فى راويته من أسلوب السرد والصراع ما قبل العرض، ولكن كان على المخرج هنا أن يقتصد فى العلاقات المتشابكة بين أبطال العرض بعضهم البعض أثناء إعداده للرواية مسرحيا حتى يتجنب الإحساس الذى انتابنا جميعا بتكرار المشاهد وكذا طول وقت عرض المسرحية  الذى وقع فيه وامتد لأكثر من ساعتين زمن لم ينقذ الجمهور فيهم من الشعور بالملل سوى براعة الآداء التمثيلى لجميع أبطال العرض وحسن اختيار المخرج بكفاءة  منقطعة النظير لكل فنانة وفنان فى دوره ومكانه الصحيح .
وفى النهاية، تحية واجبة إلى المخرج عادل حسان مدير مسرح الشباب (الجهة الإنتاجية للعرض) سابقا، ومدير مسرح الطليعة حاليا، نظرا لتقديمه لنا مخرج مهم (محمد يوسف المنصور) سوف يكون له شأن كبير فى عالم الإخراج فى الفترة القادمة لما يمتلكه من فكر ورؤية إخراجية واضحة، كما انتج لنا تجربة مشرفة وناجحة ولائقة فنيا ومجتمعيا برسالة الفن الرائدة فى مصر الولادة بأبنائها من الفنانين العظماء على مر التاريخ حتى تلك اللحظة.


أشرف فؤاد