العدد 759 صدر بتاريخ 14مارس2022
جدل حاد يثور فى الأوساط المسرحية والأدبية في بريطانيا هذه الأيام موضوعه شاعر الانجليزية وأديبها المسرحى الأول وليم شكسبير الذى انقضت أكثر من 400 عام على وفاته عن 52 عاما في 1616.
موضوع الجدل يتعلق “بفرقة شكسبير المسرحية الملكية“ كما يقول اسمها الرسمى والتى تقدم بشكل رئيسى أعماله منذ نشأت قبل أكثر من 60 عاما.
يتهم عدد من النقاد منهم الناقد المسرحى للديلى ميل الفرقة بالتورط فيما اسماه بمؤامرة لتشويه شاعر الانجليزية.
وقبل أن يسوق الناقد حيثيات هذا الهجوم يعبر عن رؤيته لشكسبير فيقول أنه أعجب به منذ نعومة أظفاره. ويذكر انه شاهد أول مسرحية له وهى روميو وجولييت أثناء رحلة مدرسية عندما كان في الثالثة عشر. ولا ينسى شعور الرهبة الذى اعتراه وقتها عندما أطفئت الأنوار وبدا العرض.
ولا يزعم انه في هذا اليوم فهم كل كلمة في المسرحية لكنه احس بان هناك “كهرباء في الجو من جراء عبارات شكسبير القوية التى تتعمق في الروح الإنسانية وتحمله إلى عوالم أخرى”.
رجال ونساء
وبمرور الوقت تعمق في دراسة شكسبير وتعاظم إعجابه به أكثر وأكثر بسبب لغته الثرية وصوره الجمالية وشخصياته المركبة التى تجعل المخرجين يسندون أحيانا الشخصيات الرجالية إلى نساء والعكس. هذا فضلا عما يتسم به أسلوبه من فخامة وقوة وجزالة وخفة دم. ويعتبره الناقد اعظم أديب في عالم الأدب الإنجليزي وما وراءه.
ويعود الناقد فيكيل المزيد من المديح فيقول أن شكسبير اعظم من قام بتشريح الحالة الإنسانية في العالم الذى نعيش فيه. وهذه القدرة ظهرت في مواقف عديدة في مسرحياته. ظهرت مع هاملت وهو يفكر في الانتحار. وظهر مع كليوباترا وهى تقف صلبة في وجه المأساة ..أنه يطرح تساؤلات أساسية حول الإنسان.
وهذا الأديب له تأثير عميق على البشرية ..ولو لم يبدع ما ابدعه لكنا نفكر اليوم بطريقة مختلفة. وهو أديب متجدد يمكن أن نقرأ أدبه عدة مرات ونخرج في كل مرة بجديد.
حيثيات
وهنا تبدأ حيثيات الهجوم. فقد أعلنت الفرقة أنها تدرس البحث عن إجراء “تنقيح“ لأعمال شكسبير بشكل. يناسب القرن 21 وقال مسئول الفرقة أن أعمال شكسبير تحوى عبارات عنصرية وجنسية غير ملائمة ويجب تنقية الأعمال المسرحية منها وحتى الكتب التى تدرس في المدارس. هذا فضلا عن التراكيب اللغوية الصعبة التى لا يمكن أن يفهمها شباب اليوم.
وهذا أمر غير مقبول في رأى الناقد. ذلك أن مسرحيات شكسبير تناقش قضايا خالدة لا تتغير بمرور الوقت. فالملك لير مثلا تناقش قضية كبار السن وجحود الأبناء وريتشارد الثالث تناقش قضية الإعاقة ومسرحية تناقش قضية الخيانة وكلها قضايا خالدة عاناها الإنسان منذ فجر التاريخ وحتى نهاية العالم. أنها في الحقيقة مرأة للنفس الإنسانية. واللغة الراقية الرائعة التى استخدمها جزء مكمل من أعماله ولن كون لها قمة بدونها.
وقد قال أن هناك مشاكل لم تكن موجودة في عصر شكسبير مثل التغير المناخى والاستعمار ولو حللناها لوجدنا مشاكل العالم كلها واحدة في الجوهر لكن الشكل يختلف وتظل أعمال شكسبير صالحة لكل وقت وأوان بشكلها التقليدى وبنفس الكلمات والعبارات.
اختلاف
وهو لا ينكر على الإطلاق أن كل جيل يمكن أن يفسر أعمال شكسبير بطرقة مختلفة وانه هو نفسه استمتع برؤى مختلفة لمسرحياته في المسرح نفسه والسينما وحتى الإذاعة والتليفزيون. وعلى سبيل المثال استمتع بفيلم روميو وجولييت للمخرج وكاتب السيناريو الأسترالي باز لورمان بطولة ليوناردو دى كابريو الذى خرج فيه على قواعد تقليدية لكنه حافظ على لغة شكسبير القوية والجريئة.وهناك مسرحية روميو وجوليت التى قدمتها فرقة شكسبير العام الماضى وغيرت محورها من العلاقات العاطفية إلى السلامة العقلية. لكنها التزمت بالشخصيات الواردة في العمل وبجزالة العبارات.
ولو أخذنا بالدعوة إلى تعديل روايات شكسبير سوف نحرم جمهور المسرح وتلاميذ المدارس من الاستمتاع بأروع كاتب يكتب باللغة الانجليزية. وسوف يلحق ضرر كبير بالمؤسسات الثقافية البريطانية . وعلينا أن نقبل شكسبير كما هو وليس كمجرد وسيط لنقل الأفكار.
صور مختلفة للتكريم
مسرحية موسيقية للمطرب ومسرح باسم النجم الأسود وطبعة جديدة لمسرحية الشاعرة الراحلة
انتشرت في شارع المسرح الأمريكي في الفترة الأخيرة ظاهرة التكريم عن طريق المسرح للمشاهير في عالم الفن حتى ولو لم يكن لهم علاقة بالمسرح. وقد يكونون إحياء وليس من الضرورى أن يكونوا قد رحلوا إلى العالم الأخر.
احدث مثال على ذلك مسرحية بعنوان “الضوضاء الجميلة – نيل دياموند “ وهى مسرحية غنائية عن المطرب ومؤلف الأغاني الأمريكي المخضرم نيل دياموند الذى يتمتع بشعبية جارفة في الولايات المتحدة وعلى مستوى العالم حيث باعت أغانيه أكثر من مائة مليون شريط. وغنى له عدد كبير من مشاهير المغنين في الولايات المتحدة.
ورغم سنه الكبيرة ( 81 سنة ) فانه لم يشارك في أي عمل مسرحى أو تليفزيونى. وحتى السينما شارك فيها في 3 أفلام فقط. وهو حاليا معتزل منذ 4 سنوات بسبب إصابته بالشلل الرعاش الذى اجبره إلغاء عقود وقعها بالفعل في الولايات المتحدة وخارجها.
وتم اختيار المغنى والممثل الأمريكي “ويل سوينسون“ لتجسيد دوره في المسرحية التى يبدأ عرضها الصيف القادم على مسرح إيمرسون في بوسطن. وهو ممثل مسرحى مخضرم(48 سنة) له العديد من المسرحيات الشهرة مثل المعالجة الأمريكية لرواية فيكتور هوجو “البؤساء “ ومسرحية “ملكة الصحراء “ و”110 فهرنهايت في الظل”.
لماذا وافق؟
ويقول سوينسون أنه وافق على القيام ببطولة المسرحية لأنه وجدها مسرحية غنائية غير تقليدية وتنطوى على جماليات عديدة سمعية وبصرية. وحتى أغانيه أحس بها وبألحانها وتمكن من التعايش معها وأضاف أنه رحب بالمشاركة في المسرحية لسبب خاص به وهو أنه كان المطرب المفضل لأبيه الراحل الذى كان يحرص على حضور حفلاته ولا يكتفى بشراء شرائطه. وكان يضع له صورة كبيرة في غرفة مكتبه. وورث عشق هذا المطرب عن أبيه.
إصلاحات
وكان التكريم الثانى بطريقة مختلفة من نصيب الممثل السينمائى والمسرحى الأمريكي الإفريقي جيمس إيرل جونز بمناسبة إكمال عامه الحادى والتسعين.
ويصف النقاد جونز بأنه واحد من أكثر الممثلين الأمريكيين تميزا وتنوعا في أدواره على مدى حياته الفنية التى تمتد لنحو 70 عاما. وترجم ذلك إلى مجموعة كبيرة من الجوائز شملت أهم أربع جوائز وهى الأوسكار في السينما وتونى في المسرح وجرامى وإيمى في التليفزيون. وحصل على جائزة تونى عن مجمل أعماله.
وبمناسبة عيد ميلاده كرمته فرقة شوبيرت المسرحية وهى أقدم فرقة مسرحية تملك عددا من المسارح في نيويورك بإطلاق اسمه على مسرح كورت في برودواى.
وجاء إطلاق اسمه على المسرح وفاء لوعد قطعته إدارة الفرقة بان تطلق اسم احد الشخصيات البارزة في مجال المسرح من الأمريكيين الأفارقة على أحد مسارحها لتعويض السود عما يتعرضون له من ظلم. ووقع الاختيار على ايرل لينال هذا الشرف اعترافا بدوره في الفن المسرحى. وهناك فرق مسرحية في الطرق للإقدام على خطوة مماثلة للسود وغيرهم.
واعتبرت الفرقة ذلك جزءا من إجراءات إصلاحية اتخذتها العام الماضى الفرق المسرحية لتحقيق المساواة والاندماج والتمكين لكافة الجماعات العرقية في العمل المسرحى.
أما جونز فاعرب عن سعادته بإطلاق اسمه على أول مرح وقف على خشبته قبل 64 عاما وتمنى أن يلهم ذلك الفنانين السود مزيدا من الإبداع.
ألوان ...لا أسماء
وبالطبع لم يكن كل من تم تكريمهم من الأحياء. هناك الكاتبة المسرحية والشاعرة الأمريكية الأفريقية “تواكا شانج” التى توفيت عام 2018 عن 70 عاما.
كانت المناسبة إعادة عرض مسرحيتها “قوس القزح يكفى“ وهى أول مسرحية كتبتها في حياتها عندما كانت في الخامسة والعشرين من عمرها وعرضت على برودواى عام 1976. وجاء التكريم بمناسبة إعادة عرضها هذه الأيام على برودواى .وجاء في صورة بسيطة للغاية وهى إصدار طبعة جديدة من المسرحية في كتاب.
وتعالج المسرحية الشعرية الغنائية الراقصة قصة مجموعة من الفتيات من غير البيض (الملونين كما يسمون في الولايات المتحدة) يفكرن في الانتحار بسبب ما يتعرضن له من تمييز ثم تدور المناقشات بينهن ليتفقن على نبذ فكرة الانتحار وتحدى الظلم.
وكانت الشخصيات مرسومة بطريقة غريبة حث تضمنت المسرحية 7 شخصيات نسائية بدون أسماء بل بألوان الملابس. فهناك السيدة الحمراء والزرقاء والصفراء والأرجوانية والخضراء والبنية والبرتقالية.