الوحدة والبحث عن السعادة والعلاقات الإنسانية الافتراضية في «الزوج الخفي»

الوحدة والبحث عن السعادة والعلاقات الإنسانية الافتراضية في «الزوج الخفي»

العدد 756 صدر بتاريخ 21فبراير2022

تعرض على خشبة المسرح حالياً في فيرونا بإيطاليا المسرحية الكوميدية «الزوج الخفي» بطولة «مارينا ماسيروني» و«ماريا أميليا مونتي»، كتابة وإخراج «إدواردو إيربا».
يتناول العمل بعمق فكرة التواصل غير المرئي ويحلل العلاقات الإنسانية ويقف بوجه خاص على الانحدار البطئ لها.
مارينا ماسيروني ممثلة إيطالية لامعة عاشقة للمسرح وتمارسه منذ سنوات، في صباها اشتركت في عرض «صانعة المعجزات» ضمن أنشطة الإلقاء بإحدى الكنائس، ومن هنا جاء انطلاقها وأصبحت مولعة بالمسرح والإلقاء والخطابة وكل ما يتعلق بهم من ورش تدريبية. في إحدى ليالي العرض أعد «فرانشيسكو بيتين» هذا الحوار معها قبل الصعود على خشبة المسرح.
كيف انطلقت بداية نشاطك المسرحي؟
في البداية كنت أقوم بعمل البروفات في إحدى مدارس الإلقاء، و قد منحني المسرح مشاعر مختلفة ودفعني بحب للرغبة في تمثيل أداء الشخصيات عبر الإذاعة وقمت بذلك بالفعل في بداياتي، ثم اتجهت لمسرح الطفل والذي فيه أصبحت أكثر نُضجاً وإحساساً ومنحني الفرصة لتزداد خبرتي بالمجال.
ما القصة التي تحكيها مسرحية «الزوج الخفي”  والتي تعرض حاليا؟
المسرحية تحكي عن صديقتين يتحدثان معا دائما عبر الفيديوهات لأنهم لا يتقابلن أبداً وجهاً لوجه نظرا للظروف المحيطة. وفي إحدى المرات تخبر إحداهما الأخرى بأنها أخيرا تزوجت بعد عدة فرص لم يسعفها الحظ فيها. ثم تبوح لها بسر خطير: «لقد تزوجت من شخص لا يُمكن رؤيته» ومن هنا تبدأ المواقف الكوميدية المثيرة.
هل النص يجسد على خشبة المسرح الأيام التي نعيشها وبالأخص في ظل الوباء؟
هو لا يحكي تحديداً عن دراما الوباء، لكنه يحكي عن الفترة اللاحقة لظهوره. يجسد الحالة التي أُجبرنا فيها جميعاً على استخدام التكنولوجيا والتواصل عن بعد الذي أصبح عنصرا مهماً في إنجاز مهامنا أو حتى تواصلنا معاً كأفراد، وما يتولد عن ذلك من مفارقات كوميدية ولكنه يُسلط الضوء أيضاً على خطورة التواصل الافتراضي وتأثيره على العلاقات الإنسانية الآن وفيما بعد.
هل يركز العرض أيضاً على العلاقة التي تربط بين الصديقتين؟
بالطبع نعم، ويطرح موضوعات مختلفة انطلاقاً من هذه التيمة الرئيسية مثل الوحدة والعاطفة والبحث عن السعادة. فهو عرض كوميدي ولكن يبحث في مكنونه عن قيم أكثر عمقاً يمكن تأملها.
إذا أردنا تعريفاً للمسرح بالنسبة لمارينا ماسيروني، فكيف تطرح تعريفاً له؟
المسرح ذلك المكان الذي يصبح الخيال فيه أقوى من الواقع الذي نعيشه في الحياة، ويسيطر على الواقع نفسه بل وينتصر عليه، يمكنني القول بأن المسرح باختصار هو «ذلك العالم السحري الذي يجذبنا للعيش فيه و لابد لنا أن نعيشه».
هل الوقوف على خشبة المسرح يعتبر أكثر عناءً في رأيك؟
بالطبع خاصة وإذا كنت أبتعد عن المنزل لفترات متواصلة ومختلفة، لكنها مهنة رائعة في رأيي وتستحق هذا العناء فالمتعة أكبر بكثير.
في رأيك كيف يكتشف المرء تلك الموهبة في نفسه وينتبه إليها ويدركها وهل هي بالفعل موهبة أم استعداد؟
من الصعب الإجابة على هذا السؤال. بالنسبة لي في حقيقة الأمر فقد قادني شغفي في البداية إلى عالم المسرح وما زلت. لكن لا أعرف عما إذا كان يتحتم على المرء أن يتمتع بالموهبة أم هي مهارة يمكن له أيضاً أن يكتسبها.
هل تنجذب مارينا ماسيروني لبعض ممثلات الماضي أو الحاضر؟
نعم كثيراً وعدة مرات كثير من الممثلات والممثلين أيضاً يلفتون انتباهي وبالأخص الأكثر منهم مهارة فدائماً ما أحاول أن أتعلم منهم.
لقد شاهدناكِ في العديد من الأدوار الكوميدية الرائعة بداية من فيلم «الخبز والتوليب» مروراً بمسلسل “لا تقل أبداً جول” والأدوار المتعددة على خشبة المسرح، لكن هل يمكن أن نراكِ في عمل يحمل طابعاً كلاسيكياً؟
بالطبع نعم، إذا كان العمل يحمل فكرة جادة وشيقة، وقد شاركت في المسرح بتقديم اللون التراجيدي أيضاً مثل مسرحية «المرأة التي مشت عبر الأبواب» والمأخوذ عن رواية لرودي دويل، والعمل كان من إخراج جورجو جاليونيه وكان ذلك عام 2011، وهو لونٌ مختلف من المسرح ولكن أُقدِّره أيضاً.
من الناحية المهنية ونحن جميعاً نهاب تلك الفترة التي نمر بها، في رأيك إلى أين يأخذنا الوباء وبماذا تستشعرين بروح الفنانة؟
لا زال الوقت مبكراً جداً لكي نستطيع أن نحكم أو نُبدي آراءً، كلنا نعيش تلك الفترة العصيبة والغريبة ولا أحد يعلم إلى أين تأخذنا.
هل حان الوقت للمسرح أن ينفتح على التجديد واستخدام لغات جديدة، هل ما طرأ من ظروف محيطة أثرت عليه سلبا أو كما يقول البعض كانت بمثابة الضربة الأخيرة له؟
في رأيي كل عرض مسرحي يتجدد كل ليلة على خشبة المسرح، وبهذا المعنى لا يمكن أبدا أن يختفي المسرح. لكن الوباء ليس السبب الرئيسي في التأثير بالسلب على هذا النوع من الفنون. فحالة الإشباع والامتلاء حين يصل إليها المسرح لابد أن يُطور من طرح أفكار إبداعية جديدة، ولا يعني ذلك تحويل المسار فهو في المسار الصحيح في رأيي حتى الآن.
هل مارينا ماسيروني تشغلها أدوات التجميل وتنظر لنفسها في المرآه قبل أداء أي دور يعرض عليها؟
أعرف أن هناك عروضاً مسرحية كثيرة تعرض فقط من أجل إضفاء مزيد من المجد للفنان. ولكن يجب الاهتمام أكثر بالجمهور. خاصة وأننا الآن في فترة تحتاجنا أن نصبح محاكين للواقع فأصبحنا جميعنا نشبه بعضنا البعض ولابد أن نعبر عن ذلك.
في رأيك ماذا يخبئ لنا المستقبل القادم؟
مستحيل أن يموت المسرح. لقد فتح المسرح بالفعل أبوابه في مواسم مختلفة منذ نوفمبر وحتى الآن ورأينا الجمهور يقبل عليه وهو في غاية السرور. لديهم جميعا الرغبة في العودة إلى صالة المسرح. ونحن صناع المسرح يجب أن نكون منتبهين دائما للحفاظ على هذا الإقبال. فنحن مسؤولون: هي إذن علاقة متبادلة تربطنا بالجمهور. وكلما زاد إحساسنا بالمسؤولية، كلما زاد حفاظنا على هذا الفن واستمرارنا في دفعه للأمام.
المصدر:
https://www.sipario.it/attualita/dal-mondo/item/14128-intervista-a-marina-massironi-di-francesco-bettin.html


ترجمة وإعداد: نرمين شوقي