بمعرض القاهرة الدولي غاب المصريون فتحولت ندوة «المسرح العربي» إلى ندوة عن «المسرح الكويتي»

بمعرض القاهرة الدولي غاب المصريون فتحولت ندوة «المسرح العربي» إلى ندوة عن «المسرح الكويتي»

العدد 599 صدر بتاريخ 18فبراير2019

بعد تأخر دام لأكثر من ساعة.. شهدت ندوة «المسرح العربي» التي أقيمت بالصالون الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورة اليوبيل الذهبي، غياب المسرحيين المصريين: د. أشرف زكي نقيب الفنانين ورئيس أكاديمية الفنون، ود. سامح مهران، والمخرج ناصر عبد المنعم، كما غابت أيضا د. زهراء المنصور من البحرين، فاقتصر الحضور على د. نرمين يوسف الحوطي أستاذ مساعد في قسم النقد والأدب المسرحي بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت، والكاتب الكويتي علاء جابر.
كان من المفترض أن تتناول ندوة المسرح العربي أهم الإشكاليات التي تقابل المسرح العربي، إلا أن غياب معظم المشاركين بالندوة حال دون ذلك، لتتحول الندوة من الحديث عن المسرح العربي إلى الحديث عن المسرح الكويتي فقط.
عبرت د. نرمين الحوطي عن استيائها من عدم حضور أو اعتذار المشاركين بالندوة، وهو ما جعلها تستعين بالكاتب الكويتي علاء جابر «لإنقاذ ما يمكن إنقاذه» – على حد تعبيرها.
استهلت مداخلتها بالحديث عن المسرح النسائي، حيث قالت الحوطي إنه كان هناك اهتمام بمسرح المرأة، التي تصل نسبتها في المجتمع إلى 90%، وإنه وفي سنة من السنوات تم توجيه أغلب الكتابات إلى القضايا النسائية.
كما أشارت إلى أنها راضية جدا عن مسرح الطفل ومتفائلة، وأن هناك عروضا مسرحية جيدة جدا، تمتاز بأنها تعليمية وتربوية، وشددت على ضرورة إعادة بناء المسرح المدرسي، حتى يكون هناك بنية قوية للمسرح فيما بعد.
أضافت: فعلى سبيل المثال شهد مسرح الطفل في الكويت تراجعا، لذلك نود أن تلتفت الدولة إلى مسرح الطفل مرة أخرى، وأن تهتم بالمسابقات. وأشارت إلى أن الحديث لا يقتصر فقط على وزارة التعليم التي تغافلت عن هذا الدور، وإنما موجه أيضا إلى المجلس الوطني للثقافة ووزارة الإعلام، حتى يكون هناك تبني شامل.
وعن أهم ملاح المسرح الكويتي؟ قالت الحوطي: عملت لفترة عضوا بلجنة إيجاز النصوص في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت، على مدار 7 سنوات. أشارت إلى أنه يتم قراءة النصوص بشكل متعمق، وأن هناك مجموعة من الضوابط التي يتم بها الحكم على النصوص المقدمة، حيث إن الرقابة لا تقوم بمنع النصوص، وإنما نقوم بوضع بعض الملاحظات وإرجاع النص لصاحبه حتى يقوم بتصحيح ما جاء به من الأخطاء، بالإضافة إلى وضع بعض الملاحظات التي يمكن أن يتفادى بها تلك الأخطاء.
أشارت أيضا إلى أنه يتم عقد لجنة لرؤية النص بعد تحوله إلى عرض مسرحي، لرؤية ما إذا كان به أي شيء يخدش الحياء الاجتماعي، أو أي شيء متعلق بالذات الإلهية أو مثير للفتنة، حتى في عروض المهرجانات.
أكدت أيضا أن هناك دعما كبيرا من صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح أمير البلاد للشباب، باعتبارهم الكتلة الجديدة، وأن هذا الدعم يتم وفقا لتقاليد الكويت وقيمها المجتمعية التي لا تقبل طرح الموضوعات الإباحية. وأشارت إلى أنه لا يمكن أن تناقش قضية مثل قضية المثليين الغريبة عن المجتمع، لأن المسرح دائما هو مرآة للمجتمع. أضافت: لذا يجب ألا نقوم بالتركيز على النماذج السلبية فقط، مثل ضرب وقهر المرأة، وغيرها من السلبيات لأنها مجرد حالات فردية ولا تعبر عن المجتمع ككل.
ومن جانبه، قال الكاتب الكويتي علاء جابر: أنا باعتباري كاتبا ضد الرقابة بشكل عام، ولو استطعت لقمت بإلغائها بشكل عام، ومع كل المبررات التي تضعها لجان الرقابة، يظل الكاتب ضد كل لجان الرقابة ويريد أن يطلق له العنان.
وتابع جابر: لا يوجد أزمة نص في الوطن العربي، مشيرا إلى أن مكتبته الخاصة تحتوي أكثر من 800 نص مسرحي قديم وحديث، هذا من ناحية النصوص المطبوعة، أما عن النصوص الجديدة فأشار إلى أن في الكويت - على سبيل المثال - ما بين 40 و50 نصا مسرحيا يقدمون للإجازة، من قِبل الشباب الجدد، وبالتالي ليس هناك أزمة حقيقية في النصوص، مؤكدا أن الأزمة هي لدى المخرجين، وأنها تكمن في سوء الاختيار، وتكرار التجارب. أضاف: كما أن المجلس الوطني للثقافة والفنون في الكويت يقوم برفد الكثير من النصوص المسرحية ضمن سلسلة المسرح العربي، وصلت إلى ما يقرب من 500 كتاب، كما أنه في الفترة الأخيرة بدأ بطباعة نصوص مسرحية جديدة منها النصوص المسرحية السويدية والبلغارية.
وفي مداخلة للفنان المصري حسام حسني، قال إنه عاصر النهضة المسرحية في الكويت منذ فترة السيتينات، وإنه شاهد في المسرح الكويتي الكثير من المسرحيات التي كانت بطلاتها فنانات الكويت بدءا من حياة الفهد، وسعاد العبد لله، كما شاهد الكثير من أعمالهن التي تحدثت عن تهميش المرأة. أضاف: لقد كانت أعمالا رائعة، مشيرا إلى أن المسرح المدرسي شهد تراجعا منذ الحرب على الكويت، ولكنه عاد مرة أخرى بعد التحرير، وكانت هناك عروض قيمة سواء على مستوى الدراما أو التمثيل، وأن هناك ريادة مسرحية في الكويت في المنطقة كلها. وختم بسؤال للحوطي حول الرقابة التي يراها تخدم الأنظمة أكثر مما تقوم بخدمة الفن؟
أجابت د. نرمين يوسف الحوطي أنه لا يمكن تقييد المواهب، وأن سبب خروجها من لجنة الرقابة أنها كانت تقف بجوار المواهب الشبابية. أضافت: ولكنني في الوقت نفسه ضد أي أفكار سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تعمل على هدم الوحدة الوطنية أو الكيان الوطني، تماما مثلما هي ضد الوقوف أمام المواهب الشبابية، مؤكدة على ضرورة غرس الفن المسرحي منذ المراحل الابتدائية وليس في المرحلة الجامعية.

فيما قال علاء الجابر: إننا في الكويت تقريبا لا يوجد المسرح العام، هناك محاولات من الدولة لدعم المسرح، بدأت مع المخرج المسرحي صقر الرشود في الستينات، الذي قام بتأسيس فرقة وطنية في نطاق الدولة، وقدم تجربة مسرحية ناجحة جدا وهي “على جناح التبريزي وتابعه قفة” لأفريد فرج، وقدمت في دمشق وحصلت على الجائزة الكبرى، وكانت هذه الفرقة تُعد بمثابة نواة لفرقة قومية مسرحية كويتية، على غرار الفرقة القومية في مصر والعراق وسوريا، ولكنها لم تنجح، وأعتقد أن هذا يرجع لأن الفنانين أنفسهم كانوا لا يريدون أن يكونوا تحت سطوة الدولة، وذلك على الرغم من عدم تدخل المجلس الوطني في شؤونها ولا في سياستها. أضاف: والمرة الثانية كانت في فترة الثمانينات، حيث كانت هناك تجربة لإنشاء فرقة لمسرح الطفل، وقامت بعمل تجربة واحدة وهي مسرحية «الدانة» من إخراج حسن خليل من مصر، ولكنها لم تستمر أيضا، لوجود فرق خاصة قوية.
أشار الجابري إلى أنه كانت توجد أكثر من 50 فرقة خاصة، نشيطة بشكل كبير، وتقوم باستغلال الأماكن المختلفة وتحويلها إلى مسرح. وأضاف: هناك فرق مسرحية كبيرة تعمل بشكل مستمر، ومن الممكن أن تجد بينها عروضا مسرحية يزيد تكلفتها عن مليون دينار كويتي، وعلى الرغم من ذلك تحقق ربحا كبيرا نظرا للإقبال الجماهيري الكبير عليها.
فيما قالت نرمين الحوطي: على أنه على الرغم من وجود عمالقة بالمسرح الكويتي فإننا لا نجد لديهم نصا كاملا يتبنى قضية المرأة، من أولها لآخرها.. جاء ذلك خلال ردها على تساؤل عن النصوص المسرحية التي تعالج مشكلات المرأة وقضاياها.
وأكدت أن هناك محاولات في الكويت لتخريج مسرحيين من الشباب، على غرار تجربة مركز الإبداع في القاهرة «تجربة المخرج خالد جلال» وهو ما يحدث في الهيئة العامة للشباب والرياضة، كما توجد مدرسة المخرج عبد العزيز صفر، ومدرسة «لوياك» وهي ابنة أبو الثقافة الكويتية التي تستهدف تدريب الشباب في مختلف مجالات العمل المسرحي من تدريبات حركية وإتيكيت، وغناء وموسيقى وإلقاء، وتقوم بإحضار التجارب العالمية من فنانين ومسرحيين عن طريق عمل ورش مسرحية تستهدف دمجهم وتعريفهم بالثقافات الأخرى. تابعت: وعلى الرغم من تلك التجارب فإننا في الكويت لا نستطيع أن نكون مثل مصر، وأن مصر تبقى دائما صاحبة الريادة الثقافية في الوطن العربي، ودائما ما نتعلم منها، وقد كانت وما زالت مهدا لكل الثقافة.
 

 


سمية أحمد