جولة فى شارع المسرح الأمريكى

جولة فى شارع المسرح الأمريكى

العدد 752 صدر بتاريخ 24يناير2022

في الأيام الأولى لعرض المسرحية الكوميدية “كلايد“ على مسرح هايز في برودواى أشاد النقاد بأداء ريزا سالازار أحد أبطالها واعتبروه أحد العوامل وراء نجاحها والإقبال الجماهيرى الجارف عليها، حتى أن المنتج بدا بعد عشرة أيام من انطلاقها في تقديم 8 عروض أسبوعيا على ستة أيام رغم المجهود الشاق على الممثلين لكن النجاح غطى على الإجهاد .
بدوره أعرب ريزا عن سعادته بنجاح المسرحية ونجاحه الشخصى. وقال أنه يدين بهذا النجاح إلى نشأته الفقيرة في بيرو التى اضطرته إلى العمل كمهرج منذ كان في الرابعة من عمره مع أمه بعد طلاقها من أبيه الأرجنتينى. وكونا ثنائيا يطلق على نفسه اسم “هانى وبينجو”. وكان ذلك قبل أن يهاجر الإثنان إلى كولومبيا ويقضيا فيها 4 سنوات ثم يتنقلان بين الإكوادور وبوليفيا والأرجنتين ويعانيان أوضاعا معيشية صعبة ثم يصلان بعد عشر سنوات إلى الولايات المتحدة. وكان ذلك عام 1990. 
وطوال هذه السنوات كان يمارس في حفلات الأطفال بعض الحركات التى اكتشف فيما بعد أنها نوع من التمثيل فعشق التمثيل وإجادة. وحصل على دورة في التمثيل في فترة المراهقة في مدينة سالتا الأرجنتينية كلفته كثيرا لكنها ساعدت على صقل موهبته. وأخيرا وصل إلى الولايات المتحدة مع امه عندما كان في الرابعة عشرة. واستقر بهما المقام في ولاية نورث كارولينا والتحق بمدرسة يتم التعليم فيها باللغة الأسبانية.ولفتت موهبته نظر مدرسة بالمدرسة فقدمت له كتبا عديدة حول فن التمثيل وساعدته على إتقان الانجليزية ليندمج بسرعة في المجتمع الأمريكي ويدرس المسرح في نيويورك. واقتحم عالم التمثيل بعد أن تخلص من اللكنة الأسبانية التى تختلط بلغته الانجليزية وصار قادرا على الحديث باللهجة الأمريكية.

البداية
وشارك في عدم مسرحيات خارج برودواى مثل “العرق”و”ريتشارد الثانى” وعدد من الأعمال التليفزيونية . 
وعندما يسترجع ذكرياته في هذه الأيام الصعبة لايشعر بأى أسف. فقد علمته قوة الاحتمال وأحب هذا العمل بعد أن شعر بأنه أطلق مهرجا كان في داخله وأكسبه مرونة جسدية ساعدته في الأداء الاستعراضى في الولايات المتحدة وقادته إلى برودواى عاصمة المسرح الأمريكي ليشارك في المسرحية إلى جوار عدد من مشاهير المسرح مثل النجمة النيجيرية الأمريكية السمراء “اوزو ادوبا”. 
المسرحية من تأليف الكاتبة الأمريكية السمراء لين نوتاجا (57 سنة) الفائزة مرتين بجائزة بوليتزر الأدبية المرموقة وإخراج المخرجة الأمريكية كيت ورشكى. 
تدور أحداث المسرحية محل للساندوتشات تقرر مالكته (ادوبا) تشغيل عدد من خريجى السجون بعد انتهاء فترة محكوميتهم على أمل أن تعيد اندماجهم في المجتمع. ويقوم ريزا بدور رافائيل وهو واحد من هؤلاء ويقع في حب زميلته لاتيتيا التى تجسد شخصيتها الممثلة الأمريكية كارا يونج وهى أيضا عارضة أزياء وسيدة أعمال وصحفية وتمارس التمثيل المسرحى حبا في المسرح.
وتحاول صاحبة المطعم السيطرة على هؤلاء بإلزامهم بطريقتها التقليدية في إعداد الساندوتشات بينما يحاولون بدورهم إقناعها بالطرق الحديثة في إعداد الساندوتشات التى تجعلها أكثر شهية وأكثر فائدة فيما يسمونه “بالساندوتش الكامل أو المثالى PERFECT SANDWITSH”.

السجون
ويقول الناقد الفنى للبوسطن جلوب أن المسرحية عبارة عن نقد لنظم السجون في الولايات المتحدة التى تجعل المسجونين غير قابلين للاندماج مع المجتمع بعد انتهاء فترة سجنهم. واستخدمت الطعام كوسيط لنقل الفكرة بسبب الدور المهم الذى يمكن أن يلعبه الطعام في المجتمع. وكانت مشاهد اجتماع الطهاة مع المساجين لمناقشة أفكارهم قوية الدلالة رغم طابعها الكوميدى.
ويؤمن على قوله زميله الناقد الفنى لنيويورك تايمز فيقول أن الأمر يزيد عن مجرد سندوتشات في المسرحية التى انتجتها فرقة سكند ستيج وهى من الفرق التى تدقق كثيرا في أعمالها.
وتقول نوتاجا نفسها أن مسر حيتها تعالج – كما هو الحال مع باقى أعمالها المسرحية – تعالج قضايا الفئات المهمشة في المجتمع ومنها المساجين. وشجعها على اختيار هذا القطاع بالذات لأنه لا يجد اهتماما كافيا في الأعمال الدرامية رغم أن الولايات المتحدة صاحبة أعلي معدل لنزلاء السجون بين مواطنيها في العالم. 
وهى سعيدة لأن وريشكى التى تتعاون معها منذ عشرين عاما عبرت عن الفكرة بنجاح كبير كما هو العهد معها منذ بدا التعاون بينهما مثلما حدث مع مسرحية “الملابس الحميمة “التى تدور حول خياطة سوداء تبحث عن الحرية في مطلع القرن العشرين . وهناك مسرحية المدمرة التى تدور احداثها حول فتاة سوداء تعمل في منجم ذهب في الكونغو –مسقط راس ابويها –وتسعى إلى التغلب على مصاعب الحياة. 

أنا مسرحى ولست ممثلا
كيدج: الممثل المسرحى يتجه إلى قلبه أولا 
قولوا عنى مسرحى .. ولا تقولوا ممثل .هكذا قال الممثل والمنتج والمخرج والسيناريست الأمريكي صاحب الأصول الإيطالية والألمانية والبولندية الفائز بجائزة الأوسكار نيكولاس كيدج في عيد ميلاده الثامن والخمسين. 
قال كيدج الذى لم يقدم أي عمل مسرحى في حياته الفنية التى بدأها عام 1980 منذ كان في السادسة عشرة من عمره أنه يمثل في السينما بروح الممثل المسرحى وليس الممثل السينمائي . فلو كان يمثل بروح الممثل السينمائي وأجاد تمثيل دوره –ونحن هنا ننقل نص كلماته – سوف يقال عنه ..انه ممثل عظيم ولذلك فهو كذاب عظيم متفوق في الكذب أو انه يبالغ. 
لكن مع الممثل المسرحى يختلف الأمر لأنك عندما تكون ممثلا مسرحيا تتجه إلى قلبك أولا أو تتجه إلى إطلاق العنان لخيالك أو لذكرياتك أو لأحلامك. انك في حقيقة الأمر تستدعى شيئا من الماضى لتتواصل مع جمهور تتفاعل معه مباشرة. انه يجعل التمثيل شيئا ما عضويا وأقل اصطناعا. وهذا هو الأسلوب الذى اتبعه على مدى حياته الفنية في معظم أعماله حتى في أفلام الكرتون التى كان يجسد فيها الشخصيات صوتيا فقط. وهو يستطيع الخروج من الشخصية بمجرد الانتهاء من تجسيدها ولا يتركها تسيطر عليه كما يحدث مع بعض الممثلين في المسرح. وهناك أساليب أخرى يتبعها في تجسيد الشخصيات لكن هذا هو الأسلوب الرئيسي .

يجسد نفسه
 ويذكر نيكولاس كيدج أو كوبولا كما يقول اسمه الأصلي انه اتبعه في أول مرة في صباه عندما قام بأداء أول مشهد تمثيلى في أوتوبيس المدرسة بعد أن تعرض للتنمر مع احد زملائه. 
وهو ينوى اتباع الأسلوب المسرحى في تجسيد الشخصيات في فيلم عمره القادم كما يصفه . في هذا الفيلم سوف يجسد كيدج شخصيته نفسها. يحمل الفيلم -وهو من نوع الكوميديا الساخرة – اسما مركبا وهو “العبء الثقيل لان تكون صاحب موهبة رائعة”. وتدور أحداث الفيلم حول حفل عيد ميلاد يقيمه له معجبوه من الأغنياء فيشترط دفع مليون دولار لحضور الحفل ويحصل عليها بعد مفارقات كوميدية. 
ويؤكد كيدج انه سوف يكون فيلما رائعا يرسم الابتسامات العريضة على شفاه الأمريكيين لأنه من تأليف اثنين من كبار كتاب الكوميديا وهما توم جورميكان وكيفن ايتين أصحاب عدد من الأعمال الكوميدية الرائعة في السينما والتليفزيون مثل “لص الأوركيد“ وأن تكون جون مالكوفيتش“.


ترجمة هشام عبد الرءوف