هل تعود الحياة الطبيعية إلى برودواى بعد حفل تونى؟

هل تعود الحياة الطبيعية إلى برودواى بعد حفل تونى؟

العدد 735 صدر بتاريخ 27سبتمبر2021

عادت الحياة بشكل جزئى إلي مسارح برودواى بعد أن توقفت تماما بسبب وباء كورونا أو جائحة كورونا كما يسميها البعض. لكن هناك بعض محبى المسرح أو المشتغلين به من مختلف الفئات كالممثلين والمخرجين والفنيين وحتى كتاب المسرح وأصحاب الفرق لا يقنعون بهذه العودة ويريدون أن تعود الحياة بالكامل إلي عاصمة المسرح الأمريكي.
من هنا كان هؤلاء يعلقون أمالا واسعة على حفل جوائز تونى المسرحية الذى أقيمت يوم الأحد الماضى النسخة الخامسة والسبعون منه على مسرح فى برودواى. وتعد “تونى” عروس جوائز المسرح فى الولايات المتحدة. وهى تعادل جوائز لورنس أوليفييه على الجانب الأخر من الأطلنطي.
والاسم الكامل لهذه الجائزة هو “جائزة أنطوانيت بيري للتميز في مجال المسرح “ . وتحمل الجائزة اسم المخرجة والممثلة والمنتجة المسرحية الأمريكية الراحلة انطوانيت بيرى (1888 -1946).ويشار إليها اختصارا باسم تونى وهو الاسم الذى كانت تنادى به من أصدقائها فى حياتها. 
ويتولى منح الجائزة كل من صندوق المسرح الأمريكي الذى شاركت بيرى فى إنشاءه ورابطة برودواي في احتفال سنوي يقام في نيويورك. وتمنح جائزة للمسرحيات المعروضة والمنتجة في برودواي، وجائزة أخرى للمسرح في بقية أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية. 
كما تمنح جوائز أخرى تقديرية غير تنافسية منها جائزة توني الخاصة، ووسام توني للتميز في مجال المسرح، وجائزة إيزابيل ستيفنسون التى كانت من نجوم المسرح الغنائى الأمريكي وتوفيت عام 2003. وتمنح الجائزة للعمل الاجتماعى خارج المسرح.
وأقيم أول احتفال لها في 6 أبريل 1947 بفندق والدورف أستوريا بمدينة نيويورك.
عرض سريع
ولسنا بحاجة إلي التوسع فى الحديث عن جوائز تونى لهذا العام حيث اولتها صحف كثيرة ما تستحق من تفصيل واهتمام. ولذلك نكتفى بعرض سريع لها. 
نصيب الأسد من الجوائز إلي المسرحية الغنائية “الطاحونة الحمراء”. والمسرحية مأخوذة عن فيلم بنفس الاسم للمخرج باز لورمان عن الملهى الليلي الشهير في باريس. فازت المسرحية بعشر جوائز بينها جائزتا أفضل مسرحية استعراضية وأفضل ممثل إضافة إلى عدة جوائز أخرى.
وتخلل الحفل أيضاً عرض لافت قدمته أدريان وارن التي فازت بجائزة «توني» لأفضل ممثلة عن تجسيدها شخصية تينا تيرنر في مسرحية «تينا» الاستعراضية، مع زملائها في العمل. وتضمنت الحفلة الموسيقية أيضاً عروضاً ثنائية كلاسيكية من المسرحيات الغنائية الشهيرة «رنت» و«ويكد» و«راغتايم» و«هاميلتون»، بمشاركة مجموعة من أهم نجوم برودواي.
وفازت «الميراث» بجائزة أفضل مسرحية، وهو عمل يقدم تصوراً جديداً لرواية «هواردز إند» للكاتب الإنجليزي إدوارد مورجان فورستر تدور أحداثها في نيويورك المعاصرة. وفازت المسرحية بما مجموعه أربع جوائز، بينها جائزة أفضل مخرج لستيفن دالدري.
وفازت مسرحية «لهو جندى» التي تدور العنصرية في الجيش الأمريكي، بجائزة أفضل مسرحية معاد تقديمها، إضافة إلى جائزة في فئة التمثيل لديفيد آلن جرير، وهو واحد من مجموعة أشخاص ينالون جائزة «توني» للمرة الأولى. كذلك فازت نسخة جديدة من مسرحية «إيه كريسماس كارول» بخمس جوائز. 
وفي نتيجة غير متوقعة، فاز آرون تفيت بجائزة أفضل ممثل في مسرحية غنائية ل«مولان روج». وقال بعد فوزه بأولى جوائز «توني» في مسيرته «نحن محظوظون للغاية لأننا على خشبات برودواي».
ومن بين الفائزين للمرة الأولى أيضاً كانت لويس سميث التي حصدت جائزة أفضل ممثلة في دور متميز في مسرحية «الميراث». وأصبحت هذه الممثلة البالغة 90 عاماً أكبر فنانة سناً تفوز بجائزة «توني» في فئة التمثيل في تاريخ هذه المكافآت التي انطلقت قبل أكثر من سبعة عقود.
 جذب الاهتمام 
 وينتهى عرض الجوائز ليبدأ البحث عن إجابة للسؤال الذى طرحناه فى البداية ...هل يساعد هذا الاحتفال الذى لم يقم العام الماضى بسبب وباء كورونا على إعادة الحياة الطبيعية لبرودواى التى توقفت منذ 18 شهرا.
لقد بذل المسئولون عن الاحتفال جهدا كبيرا من أجل إنجاح الحفل ليكون بمثابة بداية للعودة إلي الحياة الطبيعية . وكان أول الجهود زيادة مدة الحفل إلي 4ساعات بدلا من ثلاث .وتضمين الحفل عددا من الفقرات الفنية والغنائية الجذابة . لكنهم لم يتمكنوا من تحقق ذلك فى الواقع بسبب قيود كورونا حيث استمر ساعتين فقط رغم أن جميع الحضور كانوا يرتدون الكمامات. 
وتطرق معدو الحفل إلي زاوية أخرى وهى الاتهامات التى توجه إلي برودواى بالعنصرية وتفضيل الممثلين البيض على سواهم. اختاروا اثنين من نجوم المسرح السود الذين سبق أن قاموا بادوار على مسارح برودواى وفازوا عنها بجوائز لتقديم الحفل. . وكان الاثنان هما “ليزلى اودوم” و”اودرا ماكدونالد”.
 وكان لاختيار اودوم (40 سنة ) الذى قدم حفل 2018 مغزى مهم للغاية. فقد سبق له أن فاز بجائزة تونى عن دوره فى مسرحية هاملتون التى تتناول حياة ألكسندر هاملتون أحد المؤسسين الأوائل للولايات المتحدة. وقد جسد شخصية “ارون بار “ثالث نائب للرئيس الأمريكي رغم انه كان ابيض البشرة . وأجاد فى تجسيد الشخصية حتى حصل عنها على جائزة افضل ممثل مساعد فى مسرحية موسيقية. فهو أيضا مغن وظهر فى مجموعة كبيرة من الأفلام والمسلسلات وحصل عنها على عدد من الجوائز المرموقة مثل الأوسكار وجولدن جلوب.
اما “اودرا مكدونالد “ (51 سنة ) فهى أيضا مغنية وممثلة لها مشاركات عديدة فى السنيما والتلفزيون وحصلت على جوائز عديدة .لكن المسرح يعد مجال إبداعها الأساسي حيث حصلت على جائزة تونى ست مرات عن عدد من مسرحياتها مثل كاروسيل وزبيبة فى الشمس والحديقة السرية،هذا فضلا عن مرات أخرى رشحت ولم تفز . وكانت تعتبر مجرد الترشيح جائزة وقدمت حفل جوائز تونى عام 2019 . وكانت مرشحة لجائزة عن إحدى المسرحيات ولم تفز لكنها أعربت عن سعادتها لإقامة الحفل بعد أن تعذرت أقامته العام الماضى لأول مرة منذ انطلاق الجائزة عام 1947.
 وتمت استضافة عدد من أصحاب الأعمال المسرحية الناجحة مثل «اليوتوبيا الأمريكية «ولا تبالغ فى الغرور« و»الحب الأعلى «.
شرط النجاح
 والآن وبعد انتهاء الحفل الذى تم بثه على الهواء وشاهده عشرات الملايين لا يمكن الحكم بمدى نجاح الحفل فى إعادة الحياة إلي عاصمة المسرح الأمريكي لأن الأمر يحتاج عدة أسابيع أو عدة شهور. 
لكن هناك من يشعرون بالتفاؤل مثل الممثلة «ادريان ووكر» التى قامت بدور نالا فى مسرحية الأسد الملك . تقول ووكر أنها تشعر بان الاحتفال بجوائز تونى يجب أن يلقى هذا الاهتمام الكبير . وتضف انه سوف يحيى حماس عشاق المسرح للعودة إلي عشقهم ..والمهم أن تكون هناك خطوات أخرى وان يستمر القطار فى سيره على حد تعبير ووكر.
ويتبنى رؤية معتدلة المنتج المسرحى «سكوت رودين» المعروف بمسرحياته التى تثير عادة قدرا كبيرا من الجدل. يقول انه يؤيد الرؤية المتفائلة لووكر . لكنه يعتقد أن النجاح يعتمد على عامل مهم وهو مراعاة المتغيرات التى طرأت على برودواى خلال فترة الإغلاق. وابرز هذه المتغيرات « اتفاق برودواى الجديد « بين كبار اللاعبين فى برودواى الذى يسعى إلي إجراء إصلاحات ويؤكد على تحقيق المساواة والتنوع وان يكون متاحا للجميع. ويتحدث بشكل خاص عن إتاحة الفرصة لكتاب المسرح السود لوصول بأعمالهم إلي مسارح برودواى.
وتأتى شيليا بولجر بطلة مسرحية «أن تقتل طائرا طنانا « فتعبر عن رأى أخر فتقول أن إنقاذ برودواى عملية يجب أن يقوم بها الممثلون والجمهور.


ترجمة هشام عبد الرءوف