تأملات حول أداء الآلات في المسرح

تأملات  حول أداء الآلات في المسرح

العدد 623 صدر بتاريخ 5أغسطس2019

حتى الآن، ناقشت عرض «العداد» في علاقته بفنون الأداء التقليدية لكي أفحص تضمينات تعريف الربوتات باعتبارهم مؤدين. ولكن لأن عرض «العداد» لا ينتمي بشكل محض إلى أي من فنون الأداء التقليدية (بمعنى أنه ليس عملا مسرحيا أو رقصا أو موسيقى أو حتى عرائس) فلا داعٍ للاستمرار في مناقشته في هذا السياق. فسياق فن الأداء، وتألق أنواع الأداء التي يقودها فنانو البصريات، فضلا عن فناني الأداء تبدو الشكل الملائم الذي نتأمل فيه العمل الذي تم تقديمه باعتباره تجليا نحتيا في مكان دولي رئيسي مخصص للفن البصري، مع أنه قد يكون أداء أيضا. ففي السياق الجمالي لفن الأداء فإن الصورة التعريفية مختلفة تماما عن الصورة في فنون الأداء التقليدية. ففي الوقت الذي تؤكد فيه فنون الأداء علي التفسير والتعبيرية باعتبارهما سمتين رئيستين للأداء (رغم أن هذا التأكيد يتفادى حقائق حيوات المؤدين المتعددة، كما اقترحت) فإن فن الأداء يتعلق بتعدد أنواع الأداء التي تتراوح بين تلك الموجودة في الموسيقى والمسرح والرقص التقليديين وصولا إلى الأنواع الأخرى التي يكون فيها التفسير والتعبير أقل أهمية بشكل كبير. إن الأداء التقني هو فكرة جديرة بالتأمل في استمرارية تاريخ فن الأداء لأن ممارسيه (المتخصصون) يسعون إلى تمييزه عن المسرح وفنون الأداء الأخرى.
وعند الكتابة عن أحد أقدم أنواع فن الأداء الأمريكي في الخمسينات والستينات،، وهو مسرح الوقائع، صاغ منظر الأداء مايكل كيربي Micheal Kirby مصطلح «الأداء غير المقولب unmatrixed performing» لكي يصف نوع الأداء الذي اعتبره المحدد لمسرح الوقائع ويميزه عن التمثيل. والأداء غير المقولب هو يشكل أساسي يقوم على أساس المهمة، ونوع غير تمثيلي من الأداء الفني. فالقوالب التي يشير إليها كيربي هي سياقات الزمان والمكان والشخصية الخيالية التي تحدد فن التمثيل التقليدي. ففي الأداء غير المقولب، لا يمثل المؤدي أي شيء غير ذاته، ويفعل ما يفعله مهما كان وأيا كان الموقف فإنه يفعله. ولا يستدعي هذا المؤدي لتفسير الدور أو أن يكون تعبيريا بالطريقة التي يكون عليها الممثلون: فليس من المتوقع منه إما أن يعرض عناصر شبه منطقية ولا شعورية في الشخصية التي يؤديها أو يلوي ويلون الأفكار المتضمنة في كلماته وأفعاله. والشيء الوحيد المطلوب من المؤدي غير المقولب هو تنفيذ فعل بسيط غير مطلوب، مثل كنس خشبة المسرح.
وتمشيا مع فكرة أن مسرح الوقائع نوع من الفن البصري يقترح كيربي أن يستخدم المؤدي في مسرح الوقائع بشكل أساسي كعنصر في التكوين البصري الذي يتكشف في الزمن والفراغ. إذ يطلب من المؤدي أن يسلم واسطته للفنان الذي يبتكر الوقائع: فهو لا يعمل لابتكار أي شيء. فالابتكار حدث بواسطة الفنان عندما صاغ فكرة الحدث. فالمؤدي يجسد فقط الفكرة ويجعلها ملموسة. وبالإضافة إلى الإقرار بأن المؤدي غير المقولب لا يقدم تفسيرا للفعل الذي يؤديه. ويصف كيربي بوضوح المهارات الضرورية باعتبارها مهارات فنية: فالأداء غير المقولب لا يستبعد عامل القدرة، رغم ذلك. وعلى الرغم من جزء المشي في عرض «أجسام ذاتية الحركة Autobodys» (وهو عرض لمسرح الوقائع بواسطة فنان البوب كلايس أولدينبرج Claes Oldenberg) على سبيل المثال، يمكن أداؤه تقريبا بواسطة أي شخص، وقفزة عرض «القمر الأمريكي The American Moon» (بواسطة روبرت وايتمان Robert Whitman) يمكن أن يكون صعبا أو مستحيلا في تقديمه بالنسبة لكثير من الناس. ويؤكد (كيربي) أيضا على العنصر التقني في معادلته مع المؤدي مع التقنية المسرحية في عروض الوقائع: «يعامل المؤدي غالبا بنفس طريقة معاملة الأداة أو المؤثر على خشبة المسرح».
ولأن الأداء غير المقولب يتكون من تنفيذ للمهام المحددة بواسطة شخص ما غير المؤدي، ولا يدعو المؤدي إلى تفسير نص أو ذاتي التعبير، فإنه يصنع نموذجا لنوع من الأداء التقني الذي يمكن أن يشارك فيه كل من البشر والآلات. ورغم أن النماذج في عرض «العداد» ليست مثيرة في أنها تصور النماذج البشرية، وتلك النماذج ليست مقولبة: فهي لا تمثل شخصيات محددة في زمن أو مكان خيالي معين بعيدا عن المكان الذي يعرض فيه. فهي بالأحرى أجسام غير محددة ترتدي الأسود. ولأنه ليس من الضروري أن تتضرع فعلا (مهما كان معنى ذلك)، فهي تظهر فقط لتفعل ذلك، وقد تعامل أفعالها باعتبارها غير مقولبة وتستند إلى مهمة. ويستطيع المؤدون البشر أن يقدموا نفس التأثيرات مثل الروبوتات عن طريق تنفيذ تعليمات الفنان – فالعمل لا يحتاج أن يجسد الشخصيات التي تتضرع أو أنهم يتضرعون فعلا، المسألة أنهم يتحركون بطريقة معينة.
ويقدم عملان آخران في معرض بينالي فينيسيا مزيدا من الأمثلة. هما عرض ماكس دين Max Dean ورافايللو داندريا Raffaello D›Andrea «» الطاولة: طفولة The table: Childhood» (1984 - 2001) يوصف بواسطة أحد مبدعيه بأنه طاولة روبوت ذاتية قادرة على الحركة خلال فراغ المعرض المحكم. وسوف أشرح الحدث لأنه مبرمج من كتالوج ويجعله بمثابة تعليمات: يختار مشاهد ويحاول إقامة علاقة مع ذلك الشخص. وتفعل الطاولة الروبوت هذا باتباع الشخص المختار من خلال الفراغ وحركات الأداء المعنية أن تكون متملقة. ولأن تنفيذ الحركة التي ترتكز عليها «الطاولة» لا يعتمد على عوامل مثل من المتلقي المختار والمتبع، وكيف يكون رد فعله.. إلخ، فإن اختيارات الطاولة تضخم نوع القرار غير التفسيري الذي يمكن أن يتخذ بواسطة إنسان أو آلة.
لا أقول بالطبع إن الأداء البشري الافتراضي لهذا العمل يمكن أن يكون مماثلا لعرض الطاولة الروبوت، فكل من الروبوت والإنسان قادران على تقديم الأداء الذي يعكس البرمجة الأساسية. والتعبير عن هذه البرمجة باعتبارها تعليمات فإنها تبدو أشبه بالسجل بالنسبة للأداء المتدفق، مثلا، أو العرض الذي قدمه فيتو أكونسي Vito Acconci.
ويعد عرض «الطاولة» بوجه خاص حالة مثيرة بسبب المؤدي، سواء كان آلة أو إنسانا، يتم استدعاؤه ليقوم باختيارات معينة – يعتمد الشكل الدقيق لكل تكرار في العمل على الشخص الذي يختاره المؤدي لكي يتبعه، أو رد فعل ذلك الشخص الذي يتم التودد إليه. وفي هذا الصدد، تساهم الطاولة الروبوت أكثر في تعريف الأداء أكثر من صلاة الأرقام في عرض شتوف. فإن القضية ضد رؤية عرض الطاولة باعتباره صيغة بسيطة من إعادة التشغيل هي أقوى من ذلك بالقياس إلى عرض «العداد» – ليس فقط لأنه لا يوجد أداء أصيل يمكن أن يعيده عرض «الطاولة»، ولكن كل تكرار لعرض «الطاولة» مختلف. والسؤال الذي يفرضه هذا العمل في ما يتعلق بتحليلي هو: هل القرارات التي يتخذها عرض «الطاولة» تتجاوز الأداء التقني لكي تصبح قرارات تفسيرية؟ واقتراح أنها تفعل يمكن أن يكون لإدخال مهارات تفسيرية – وذكاء كذلك – إلى الآلة، سوف أناقش ذلك على الرغم من أن هذه الاختيارات تحدد ما يحدث في أداء بعينه لعمل مسرحي، وهي ليست اختيارات تفسيرية.
يوضح كيربي أن هناك اختيارات بعينة تترك مفتوحة للمؤدين غير المقولبين في مسرح الوقائع، لكنه يصف هذه الاختيارات بأنها مهمة: «إذا كان الحدث أن تكنس، فلا يهم سواء بدأ المؤدي من هناك وكنس هنا، أو يبدأ من هنا ويعمل هناك. فالتنويعات والاختلافات لا تهم – داخل، بالطبع، حدود الحدث المحدد وحذف الحدث الإضافي. فهو يؤكد على تفاهة اختيارات المؤدي، وقد يذهب إلى أبعد من ذلك ويقول لأن السيناريو في مسرح الوقائع يحدد أقل ما يحدث في الأداء عما يحدث في النصوص المسرحية، الفروق في التفاصيل أكبر بين أدائين متتاليين لمسرح الوقائع بشكل أكبر مما بين أدائين متتاليين لمسرحية تقليدية، ولكن مرة أخرى، هذه التنويعات ليست مهمة». ورغم إصرار كيربي على هذه النقطة، لم يفسر ما يقصده، ويبدو زعمه غير بديهي. بقدر ما يحدد المؤدي ما يعايشه المشاهدون في أي تكرار للعمل، فإنهم مهمون جماليا. ولا ينكر كيربي ذلك، فهو يضمنه عندما يسمح بأن تكون بعض العروض في مسرح الوقائع لها قيمة أعلى من العروض الأخرى. وما يقصده كيربي هو أن القرارات التي تبقى مفتوحة أمام المؤدي غير المقولب تمنح تنويعات مهمة لأنها تقع داخل نطاق الحدث الذي يحدده قصد الفنان الذي ينشئ مسرح الوقائع. وما دامت هذه هي الحالة، يتنازل المؤدي عن قصده لتجسيد قصد الفنان، ولا يفسر العمل الفني. وإذا كان مطلوبا من المؤدي أن يدق مسمارا بأمر من الفنان، فلا بد أن تترك قرارات بعينها مفتوحة أمام المؤدي: ما نوع وحجم الشاكوش والمسمار المستخدم، مدى قوة الدق.. إلخ. ومما لا شك فيه أن اختيارات معينة يكون لها تأثير رئيس على تجربة المشاهدين. ومع ذلك، فهي مجرد قرارات يحتاج المؤدي أن يتخذها لكي ينفذ الحدث، نفس القرارات المطلوبة لدق مسمار في الحياة العادية – فهم لا ينشؤون أي تفسير للحدث بالمقارنة إلى تفسير الممثل للدور أو تفسير الموسيقي للمقطوعة الموسيقية. بالعودة إلى التناظر الموسيقي للحظة، فإن القرارات المفتوحة للمؤدين في مسرح الوقائع قابلة للمقارنة مع الخيار الفني للعازفين في العزف بالأصابع لكي يعزفوا نغمة بعينها. فالعزف بمختلف الأصابع يقدم مؤثرات بصرية مختلفة بالنسبة للمتلقي النابه، ولكنها لا ترقى إلى القرارات التفسيرية.
يمكن أن تكون نوع الفعالية المطلوبة من المؤدي الإنسان لعرض «الطاولة» قابلة للمقارنة مع الأداء غير المقولب عند كيربي. فطاولة الروبوت مبرمجة بذخيرة حركات تختار منها استجابة لمدخلات من المشاهدين. ولأنه ينقصها الوعي، فإن اختياراتها ليست تفسيرية، بل هي اختيارات وظيفية. والمؤدي الإنسان في هذا العمل يمكن استدعاؤه لاتخاذ القرارات في نطاق محدد، بأسلوب المؤدي غير المقولب عند كيربي. وقد يمنح المؤدي الإنسان ذخيرة من الحركات مناظرة لذخيرة المبرمجة بها الطاولة نفسها (مصنفة، كما هي كذلك بالنسبة للطاولة، مثل المحاولات المثيرة للانتباه، والتحيات، واتباع الحركات والتهرب منها.. إلخ) ويقال له إنه يستطيع أن يستخدمها كلها أو أي واحدة منها استجابة إلى السلوك الملائم للمشاهد ولكنها لا تستطيع أن تقدم حركاتها الخاصة. ويمكن إصدار تعليمات للمؤدي «ألا يتدخل ويلون الأفكار المتضمنة في كلماته وأفعاله»، استشهادا بكلمات كيربي مرة أخرى. مثلما أن الطاولة لا تستطيع أن تترك فضاء المعرض حتى لو كان موضوع انتباهها يعمل، ويمكن أن يقال للمؤدي الإنسان أيضا أن يفعل ذلك. وفي هذه الحالة، رغم أن المؤدي يمكن أن يقوم باختيارات فورية أثناء الأداء، فإن مجموعة القرارات الممكنة قد تكون مقيدة مقدما بواسطة مبدع العمل وتعكس كذلك تفسير المبدع للموقف، وليس تفسير المؤدي. ويمكن أن يميل الشاهد إلى مشاهدة فعل مؤدي بشري يتكامل معه – أو يتكامل هو نفسه مع المتلقين ويتابعهم، ويشير ذلك إلى أن المؤدي يفعل أكثر من مجرد اتباع التعليمات، ولكن المشاهدين أحرار في استنباط المعنى الذي يرغبون فيه من العرض الذي يشاهدونه. وليس للمعاني المطلوبة علاقة بالأسباب المتضمنة في الصور التي يتم أداؤها التي يفسرها المشاهدون.
بينما عرض «الطاولة» الذي يقدم في البينالي بواسطة الروبوت، يمكن تقديمه بواسطة الإنسان. وعرض نيدكو سولاكوف Nedko Solakov «حياة (أبيض وأسود)» عام (1999 - 2001) الذي يقدمه المؤدون من البشر يمكن القيام به بواسطة الآلات. والمكتوب في كتالوج الوصف «طلاء أبيض وأسود»، اثنان من عمال الطلاء يعملون دائما في مساحة حائط أبيض وأسود طوال مدة المعرض، كل اليوم (الواحد تلو الآخر). (يقوم أحد العمال بطلاء الحائط باللون الأبيض ويتبعه الأخر بطلاء اللون الأسود لنفس الحائط). ولأن هذه الأعمال الثلاثة تقوم على أحداث بسيطة غير مقولبة يمكن تنفيذها بشكل مؤثر إما بواسطة الآلة أو الإنسان، فإن تأثيرها لا يعتمد على القرارات المتخذة بواسطة المؤدين (كما يشير كيربي، فأفعال المؤدين هي تجسيد لاختيارات الفنان حتى عندما يسمح للمؤدي بمدى معين في اختيار التفاصيل)، وليس من الضروري أن تنفذ الأحداث بواسطة مؤدين بشر لكي تعد الأعمال عروضا. فسواء كان شخص أو روبوت هو الذي يقوم بالفعل، فإن هذه الأحداث تتميز بأنها أداءات تنتمي إلى تقاليد فن الأداء.
وبعد أن جادلنا بأن الأحداث التي نوقشت هنا تتميز بأنها أداء غير مقولب، فإن نوع الأداء الذي يمكن أن يضطلع به البشر والآلات، وأنه لا يهم في نشأتها كأداءات داخل تقاليد فن الأداء التي يتعلق بها نوع المؤدي، فإنني أسارع بإضافة أنه لن يحدث فرق بديل بالنسبة لتفسير العمل الفني. وبعيدا عن اقتراح أن وساطة الإنسان تجعل مثل هذه الأعمال أكثر ثراء في المعنى، فإنني أقترح أن أداء الآلة، المعترف بأنه كذلك، يقدم موضوع التفسير الأعمق. والسبب بسيط: لأن الآلات يمكن أن ترى عموما باعتبارها بدائل للبشر أو مجازات لاهتمامات البشر (فماذا يمكن أن تكون غير ذلك)، فالعمل الذي يتم أداؤه عادة بواسطة الآلة يمكن تفسيره عادة بنفس الطريقة مثلما يمكن أداؤه بواسطة الإنسان. (وهذا صحيح حتى بالنسبة للأداء الذي يقدم آلة غير مجسمة مثل «الطاولة»، التي تحمل عنوانا فرعيا هو «الطفولة» لأن مبدعيه يرون الشيء باعتباره يعيد تجسيد العملية البشرية التطورية). وسؤال ما معنى أن تمتلك أفعالا تحدد العمل الذي يتم أداؤه بواسطة الآلة يقدم مستوى تفسير إضافي. وفي مقالة كتالوج البينالي عن عرض «العداد» مثلا، يقرأ سيرجي خيربون Sergei Khirpun عمل شوتوف باعتباره إيماءة تصالح تجلب الاعترافات ومواجهتها في نفس الوقت، بينما تلاحظ في نفس الوقت أن الاعتقاد الديني يوحد ويفرق الناس – «المفارقة التي يواجهها الإنسان خلال تاريخه». ومن المثير أن هذا التفسير الإنساني لا يصنع فرقا بالنسبة لحقيقة أن العمل يتم أداؤها فعلا بواسطة الآلات، إذ يعالج خيربون الروبوتات باعتبارها تمثيلات شفافة للبشر التي تكون مكانتها المنطقية والمادية غير ملائمة. ولا أجادل هنا في تفسير خيربون، وأقترح أن الاعتراف بأن الآلات التي تؤدي العمل يمكن أن تضيف طبقة أخرى من التفسير باستدعاء الناقد لكي يتأمل معنى أن تكون لديك آلات تستخدم كبدائل للبشر في الصلاة. وما هو معنى الاستخدام المجازي للآلات في هذا السياق بالذات؟
في مقال كتالوج عرض شتوف «الحياة (أبيض وأسود)» يقترح دانييل كيركاجوفيتش Daniel Kurjakovic أن العمل هو تناظر لرمز سحيق، وعدم جدوى الفعل الإنساني الشبيه بفعل سيزيف. وهذا التفسير متاح بالتأكيد عندما يؤدي عمال الطلاء من الشر العمل، ولكنني يمكن أن أحتج بأن متاح بشكل متساوٍ إذا كان العمل الذي كان يؤدى بواسطة الروبوتات. فعدم جدوى أفعال الروبوتات يمكن أن ترى بشكل لا مفر منه باعتباره مجازا للوجود الإنساني. ومعالجة سؤال ما معنى أن تنتشر الربوتات في مهمة لا معنى لها وهي إعادة طلاء الحائط بشكل مستمر يمكن أن تفتح مناطق التفسير الأخرى التي يمكن أن تعزز أو توسع هذه القراءة. إنها سخرية، بالمعنى الوجودي، بالنسبة للإنسان في برمجة الروبوت لكي يقوم بعمل بلا معنى ولا جدوى من ورائه إذ يمكن إسناده إلى بشر آخرين؟ أو هل استخدام الروبوت يحل محل عبث الوجود بدلا من كينونة لا تعاني من معايشته، ولذلك فإن اقتراح مسار لتحرير الإنسان من خلال استخدام منحرف للتكنولوجيا؟ هناك الكثير من الاحتمالات للتفسير تنشأ من تعريف مثل هذا العمل باعتباره أداء تقوم به الآلات ويوجه مباشرة كلا من الطرق التي يمكن أن ترى بها الآلات باعتبارها بشرا مجازيين وتضمينات استخدام الآلة في سياق معين من العمل.
 - - - - - - - - - - - - - - - -- - - - - - - - - - -  - - - - - --
فيليب أوسلاندر يعمل حاليا أستاذا في معهد الأدب والاتصالات والثقافة وأهم كتبه هي «من التمثيل إلى الأداء: مقالات حول الحداثة والأدائية» - - «الحيوية: الأداء في الثقافة الوسائطية».
وهذه الدراسة تمثل الفصل الرابع من كتاب «فلسفة الأداء المسرحي: التقاطع بين المسرح والأداء والفلسفة» الصادر عن جامعة ميتشجان 2009 إعداد (ديفيد كريزنر) و(ديفيد سولتز).


ترجمة أحمد عبد الفتاح