العدد 725 صدر بتاريخ 19يوليو2021
على خشبة المسرح الكبير بمجمع الفنون بجامعة حلوان والذي يسع 1427 مقعد تم عرض يومي 4 و 5 يونيه مسرحيتي «المخططين» للكاتب يوسف إدريس من إخراج د. هبة الله سامي و»رحلة حنظلة» للكاتب سعد الله ونوس إخراج د. أسامه فوزي. وجاء عرض المسرحيتين في إطار مشاريع تخرج الفرقة الرابعة لقسم علوم المسرح بمثابة تتويج لجهد أربع سنوات من العمل الدؤب لطلبة وأساتذة القسم وغالباً ما يتم اختيار النصوص المسرحية المقدمة وفقاً لمعايير وضوابط محددة أهمها الفترة الزمنية التي تنتمي إليها النصوص المسرحية ومدى اتساقها والإطار الزمني الذي تدور فيه مقررات الفرقة الرابعة والتي تنحصر في النصف الثاني من القرن العشرين.
ويعد عرض مشاريع تخرج عرض قسم المسرح على مجمع الفنون سابقة أولى من نوعها حيث لم يتم حتى الآن افتتاح المجمع رسمياً لدواعي الكورونا إلا أن إصرار إدارة الكلية على خروج المشاريع في صورة مشرفة تليق بالقسم وتبلور جهد الطلاب والأساتذة دفع باتخاذ القرار دون أي تردد.
ومما لا شك فيه أن أقسام المسرح في الجامعات المصرية في الفترة الأخيرة تعد إضافة ضرورية لإثراء الواقع المسرحي والحياة الثقافية كونها رئة ثالثة أُضيفت إلى الكيان الأقدم والأعرق وهو المعهد العالي للفنون المسرحية الذي خرج أهم كتاب ومخرجي وممثلي المسرح وليس غريباً أن يكون التكامل والتعاون المشترك هو الدستور الذي يحكم العلاقة بين المعهد وباقي أقسام المسرح وتحديداً قسم المسرح بجامعة حلوان الذي قام في البداية على أكتاف أساتذة المعهد ومن أبرزهم الأستاذ سعد أردش و د. هاني مطاوع و د. أحمد عبد الحليم...وآخرون لا يسعنا المجال إلى حصرهم جميعاً. ولم يقتصر الأمر على النشأة فقط بل أن التعاون مازال مستمراً حتى الآن في إطار وثيق من تبادل الخبرات يتمثل في مشاركة الاشراف على الرسائل العلمية ولجان الحكم والمناقشة مما كان له عظيم الأثر في دفع عجلة التطور العلمي في قسم المسرح.
وبالعودة إلى مشاريع التخرج في أقسام المسرح في الجامعات المصرية يمكننا القول أنها ليست مجرد مشاريع تخرج يختتم بها الطالب سنوات دراسته بل قد تكون أهم فرصة يحصل عليها على مدار سنوات الدراسة حيث يستطيع من خلالها إثبات موهبته والإعلان عن نفسه أمام جمهور متنوع الرؤى والاتجاهات بالإضافة إلى عدد من المتخصصين في مجالات النقد والإعلام وهو بالفعل ما شهده حفل تخرج قسم المسرح بحلوان هذا العام من حضور نخبة من المتخصصين من بينهم د. جمال ياقوت رئيس المهرجان الدولي للمسرح التجريبي والمخرج محسن رزق أحد خريجي القسم.
وتعد مشاريع التخرج هي التجربة الأولى من نوعها التي يمر بها طلاب أقسام المسرح داخل كلياتهم حيث أن جميع تجاربهم السابقة تنحصر فقط في مقررات عملية تطبيقية حبيسة جدران القاعات الدراسية ولا يتجاوز عدد الحضور فيها بضع عشرات من زملائهم من الدفعات المختلفة والأساتذة الممتحنين وهو ما لا يعد جمهوراً بالمعني الحقيقي. كذلك فإن مشاريع التخرج بأقسام المسرح تدفع بخلق حالة تفاعلية إيجابية بين جميع أعضاء هيئة التدريس والطلاب الذين يتسابقون في مؤازرة زملائهم عبر الإشراف على التنظيم أو دعوة المتخصصين أوحتي الدعم المادي أحياناً كي يظهر حفل التخرج في أفضل صورة ممكنة في ظل شح الإمكانات المادية المتاحة. لذا فإن المشاريع ليست فقط مجرد إعلان عن ميلاد جيل جديد من المسرحيين في تخصصات متعددة بل إنها حالة وجدانية ينصهر فيها الجميع من أجل الظهور في أفضل صورة ممكنة.
وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا لا تلقى مشاريع تخرج أقسام المسرح في الجامعات المصرية الاهتمام والدعم الإعلامي التي تستحقه من قبل وسائل الإعلام والدوريات المسرحية المتخصصة؟ ولماذا لا يرى مخرجي المسرح في مصر في مشاريع التخرج فرصة جيدة لاكتشاف المواهب المسرحية ورعايتها وتقديمها إلى الجمهور المسرحي المحب دائماً إلى المواهب الفنية الجادة الواعية التي تحترم فنها وجمهورها؟ هل العيب هنا في أقسام المسرح التي لا تعلن عن نفسها بالقدر الكافي؟ أم في المخرجين الذي يرغب بعضهم في التعامل مع النجوم مكتملي الموهبة و الأكثر شهرة تجنباً للمغامرة بشباب واعد؟ أم هي مسئولية وسائل الإعلام التي لا تغطي سوى فاعليات المهرجانات الدولية وليكن مهرجان الجونة نموذجاً؟ أم من الظلم أن نحمل طرفاً المسئولية دون باقي الأطراف؟ فالجميع مقصر دون استثناء وعلى كل طرف أن يعيد حساباته. فمسرح الجامعة خرج منه ومازال يخرج منه ممثلين ومخرجين يُشار إليهم بالبنان وكذلك أقسام المسرح بكليات الآداب التي تثقل طلابها على مختلف تخصصاتهم بالدراسة الأكاديمية النظرية والعملية معاً ليتخرج الدارس على درجة كبيرة من الجاهزية التي تتضاءل مع الوقت بسبب قلة الفرص المتاحة أو بسبب متطلبات الحياة التي قد تدفعه إلى الالتحاق بأول عمل يُعرض عليه لمواجهة متطلبات الحياة. وهنا تكون الخسارة مضاعفة حيث يخسر الخريج رغماً عنه فرصته في استكمال ما بدأه. ويخسر المسرح موهبة واعدة أثقلتها الدراسة الأكاديمية. ولهذا فلابد وأن تضع القنوات الثقافية المتخصصة في خطتها الأسبوعية عرض نموذج واحد على الأقل من مشاريع تخرج أقسام المسرح بعد أن تقوم القناة بنفسها بتصوير مشروع التخرج لضمان جودة تصويره بالإضافة إلى عمل تغطية إعلامية عنه مع الأطراف المشاركة فيه لفتح الآفاق أمام طلاب المسرح بمختلف تخصصاتهم لتقديم أنفسهم للجمهور المتعطش دائماً للفن الراقي ولتعريف المخرجين بهم حتى لا يسقط الشباب الموهوب فريسة للإحباط فكما أن هناك أكاديميات لرعاية الموهوبين رياضياً لابد أن تكرس الدولة جزء من إعلامها لرعاية ودعم الموهوبين مسرحياً وفنياً لأن هؤلاء هم قوة مسرح الحقيقية وخط دفاعها الأول في وجه قوى الجهل والإرهاب الفكري.