أنطولوجيا الأداء الحي (1-2)

أنطولوجيا الأداء الحي (1-2)

العدد 724 صدر بتاريخ 12يوليو2021

تساعدنا الأنطولوجيا *في وصف وتمييز مجالات المعرفة حتى تستطيع أن تتمثل في أنساق المعلومات، ولاسيما تخزين المعلومات وترتيبه إدارة نظم مثل الفهــارس والكتالوجات وقواعد البيانات . ومن بين أشياء أخري، تساعدنا الأنطولوجيا في تحديد ما هو الضروري في مجال المعرفة، والتمييز بين هذه العناصر الأساسية . وهذا يسمح لنا أن نمثل هذه المعــرفــةماديا . فمثلا، يسمح عنوان الكتاب واسم المؤلف، باعتبارهما عنصري الوصف الحاسميـن لهذا الكتاب، لأمين المكتبة أن يدون تلك العناصر في تصنيف، وأيضـا تمييز دور المؤلف عن دور الناشر . 
 وتطبق أنطولوجيا ترتيب المعلومات وتفعيلهــا علي الأشياء المادية مثـل الكتب فيفي المكتبة والملفات في الحاسب الآلي، والأكثر صعوبة تطبيقها علي الأشياء غير الملموسة مثل الأحداث المجسدة، ولاسيما عندما يكون هذا الحدث زائل . وهذا له تضمينات مهمة في المحافظة علي هذا السجل لتلك الأحداث المجسدة مثل الأداء الحــي، علاوة علي أن الثقافات التي تمثّل بواسطة التقاليد الشفهية ربما تبدو بعيدة عن متناول الفهارس والسجلات . وحتـي عندما يحتفظ بهذه السجلات لتلك الأحداث، من خلال شرائط الفيديو مثلا، فلابد من تعريف هذا التصنيف المفيد لهذه التسجيلات بدقة متناهية لتسجيل هذا الحدث الزائل . 
 وبالنسبة الي الأعمال الفنية بوجه خاص، فان هذه المميزات ربما تكون هــي الأساس الفعلي لنظام التصنيف . فالتصنيف العام للكتاب في كتالوج المكتبة ربما يتضمن مثلا إشارة إلي المؤلف وعنوان الكتاب ونسخة الإصدار . ومع أنواع لأعمال أخري، رغم ذلك، فان مثل هذه التمايزات يمكن أن تكون صعبة . فبالنسبة للأداء المسرحي مثلا تكون مفاهيم مثل اسم المؤلف وتاريخ الإصدار معقدة . فمن هو مؤلف الأداء لمسرحية كتبها شكسبير وأخرجها « بيتر هول « مثلا، في الوقت الذي توديها فيه مجموعة من الممثلين، وليس شكسبير أو « هول « ؟ . ما هي النسخة التي يقدمها الأداء لمسرحية « هاملت « في مسرح الجلوب في القرن السابع عشر، أو النسخة التي قدمتها فرقة شكسبير في عرض 1980؟
 يقدم الأداء الحي تحديات أنطولوجية فريدة . فنحن لا نعايش المسرحية إن لم نشاهد أداءا لها، ومع ذلك لا يمكن أن نشير إلي أداء معين ونقول، بشكل صحيح، هذه هي المسرحية، دون أن نستبعد شيئا أساسيا . وبالمثل، فان العلاقة بين عناصر الأداء الحي ليست بالضبط شروط إعادة التقديم والتمثيل التي تنطبق بسهولة علي الأعمال الفنية الأخرى. علاوة علي ذلك تسمح الحيوية الفعلية Liveness للأداء الحي أن يكون كل مثال له يختلف بشكل طفيف عن كل أداء آخر له، ويزيد من صعوبة أن نتحدث عن شيء مثل « المسرحية». ومع ذلك سوف نحاول هنا أن نحدد عناصر الأداء الحي ونسميها لكي نصف العلاقات بين تلك العناصر، ونشرح التنوع بينهـــا . وموضوع الأنطولوجيا الأساسي هنا هو الأداء وسوف نحاول أن نطبق نفس المبادئ علي أنواع أخري من الأداء مثل الأداء الموسيقي .
( النص والأداء )
 يتضح تمييز أول تأمل للأحداث المسرحية في الفرق بين الأداء والشيء الذي يؤدي . وربما نتأمل هذا باعتباره فرقا بين العرض production والمسرحية نفسها، مثلا الفرق بين عرض فرقة شكسبير الملكية لمسرحية (هاملت) ومسرحية (هامـلت ) التي كتبها «شكسبير « . وبالمثل ربما يؤدي الأوركسترا السيمفوني في لوس أنجلوس سيمفونية “ موتسارت” . لذلك يجب أن يميز وجودنا الأنطولوجي بين الأداء والشيء الذي يؤدي . فعادة نشير إلى الشيء الذي يؤدي في المسرح بأنه المسرحية . وهذه اللغة ليست دقيقة، رغم ذلك، لأننا نتحدث أيضا عن ذهابنا لمشاهدة مسرحية، وهي السمة التي يبدو أنها تشير بشكل أكبر إلى الأداء فضلا عن النص . وربما نميل أولا إلي القول إن المسرحية هي النص . فمثلا، الكتاب الذي يتضمن مسرحيات شكسبير يمكن أن يكون مجموعة من النصوص، وليس مجموعة من الأداءات، وبالمثل، عندما نتحدث عن مشاهدة مسرحية، فإننا نتحدث عن سماع الحوار ومشاهدة الأحداث المكتوبة في النص. علاوة علي ذلك، العناصر المشتركة في كل عروض المسرحية هي العناصر الموصوفة في النص . وان لم نستخدم نص (هاملت) فلا يمكن أن نقول إننا نؤدي مسرحية (هاملت) مطلقا . وهذا يوحي أننا عندما نتحدث عن المسرحية فإننا نعني النص فحسب . 
 رغم ذلك، هناـك مشــكلة مهمــة في هذه الصـياغة . فقد لاحظ» ماكلافـرتي Maclaverty” أننا لا نستطيع أن نساوي السجل الملموس للعمل بالعمل نفسه، لأننا لا نعايش نصا مكتوبا . بل نشاهد ممثلين ينطقون السطور والأحداث الموصوفة في النص . ونلاحظ أيضا المشاهد والإضاءة والملابس والإحداث التي لم توصف في النص مطلقا . لذلك لا يجب أن نساوي المسرحية بالنص المكتوب . 
 بدلا من ذلك، دعونا نستعير مصطلح (والترستورف Wolter storff) ونسمي الشيء الذي يؤدي في الأداء المسرحي بأنه عمل الأداء**Performance –work “ . ومن المهم أن نلاحظ أن « عمل الأداء « هو الشــيء الذي يؤدي، وليــس الأداء نفسه . وفي أغلب الأحوال، يشير هذا المصطلح الي الحوار والأحداث التي يخلقها الممثلون لكي يؤدوها، علاوة علي عناصر أخري مثل الشخصيات وأحداث الحبكة . فعمل الأداء هو مفهوم مجــرد، ولكن الحــوار والأحداث غالبا ما تدون بشـكل مادي في النص. . وللتبسيط، ربما ننظر إلى النص بأنه عمل الكاتب المسرحي، رغم أن هناك نصوصا تتولد بالمشاركة الجماعية أو بوسائل أخري . علاوة علي ذلك لا تســتخدم كل الأداءات نصوصا مكتوبة . فبعض الأداءات تقوم علي حبكة تخطيطية أو خطة أخري، وبعضها يرتجل كلية، وبعضها يقوم علي بضعة عناصر فقط . وربما نبرهن أنه في مثل هـذه الحالات لا يوجد شيء يُؤدى، إلا الأداء نفسه . والآن دعونا نتأمل الظروف العادية التي يذهب فيها المشاهدون إلى المسرح لمشاهدة أداء لعمل أدائي .
 العرض المسرحي وأداءاته
 العمل الأدائي رغم معناه المهم هو عمل ناقص . وفكرة طريقة الأداء هي الأداء. ومن هذه الرؤية، الأداء هو العمل الذي نحاول أن نوجد له اسما . فعلي الرغم من أن النصوص تنشر للقراءة، فإنها توجد بقصد أدائها . وان لم تؤدي فلا يمكن أن تكون أعمال أداء، بل ربما قصائد أو روايات أو أعمال أدبية أخري معدة للقراءة الصامتة. وحقيقة أن شكسبير يُدّرس باعتباره أدبا، فان ذلك لمنزلة شعره الرفيعة، وهي لن تغير حقيقة أن نصوصه هي نصوص للأداء، بعكس سونتاته وقصائده الأخرى. (هناك مسرحيات مكتوبة للقراءة فقط ولكنها ليست أعما أداء ولذلك فهي ليست موضوعنا هنا). وبشكل مهم، عندما يحضر المشاهدون أداءا لمســرحية (هـاملت) فإنهم لا يحضرون عملا أدائيا، بل يشاهدون أداء له . وهذا يوحي أننا يجب أن نتأمل الأداء الفعلي باعتباره انه العمل Work .
 ورغم ذلك، فان الأمر يبدو أسهل في حالة الموسيقي، اذ يتناظر نص المسرحية مع نوتة المقطوعة الموسيقية، فالنوتة تدوين للأصوات التي تتكون منها الموسيقي . و يمكن أن نتأمل النوتة الموسيقية بنفس المعني الذي نتأمل به المسرحية باعتبار أنها عمل، باعتبارهـا الشيء الذي يؤدي في الأداء . وبهذا المعني تكون السيمفونية الخامسة لبيتهوفن هي العمل. ومع ذلك،لا نستطيع أن نعايش نوتة بيتهوفن الموسيقية من خلال النوتة نفسها . فكثير من الناس لا يستطيعون قراءة تدوين ، ولكن يستطيع أيضا أولئك أن يسمعون الموسـيقي عندما يقرأونها في النوته الموسيقية، فهم يتخيلونها فقط. لمعايشة العمل الموسيقي بما هو كذلك . ولذلك يجـب أن نسمع أداءا لها . ولذلك هناك معني واضح أن تدوين بيتهوفن ليس هو العمل، ولكن أدائه هو العمل .
 يثير هذا علي الفور الصعوبة التي عبر عنهـا ( روربوفRohrbaugh ) بقوله إننا لا نستطيع أن نميز مسرحية ( بيتر شافرPeter Shaffer ) “ ايكوسEquus “ في أي من عروضها .كما أن بيتهوفن ليس مؤلف أي من أداءات سيفونيته الخامسة. ولذلك، إذا تساوي عمل السيمفونية الخامسة لبيتهوفن مع أداء النوتة الموسيقية عندئذ لن يكون بيتهوفن هو مؤلف عمل سيمفونية بيتهوفن . وربما يطرح هذا مقولة عبثية، مثل، أن ( كاراجيان ) هو الذي يقود أداء السيـمفونية الخامسة لبيتهوفن، ولأن (كاراجيان) لا يقود كل أداءات هذه السيمفونية، لكنه يقدم أداءا فرديا أو مجـموعة من الأداءات . وبالمثل، لا يمكن أن يتطابق أداء (كاراجيان) مع عمل السيمفونية الخامسة لبيتهوفن. لأن ( كاراجيان ) لم يبدع سيمفونية بيتهوفن الخامسة لأول مرة . وينطبق نفس الشيء بالطبع علي عرض فرقة شكسبير الملكية لمسرحية (هاملت) . فان لم يكن العمـل الأدائي لمسرحية هاملت هو العمل المسرحي، عندئذ لن يكون شكسـبير هو مؤلـف عمل (هاملت) . وبالمثل لا يمكن نشر (هاملت) في كتاب . علاوة علي أننا لو أردنا أن نكوّن رأيا في عرض فرقة شكسبير الملكية فهذه مهمة مختلفة عن تكوين رأي في عمل (هاملت) لشكسبير . فنحن نقيم كيف تُقدم فرقة شكسبير الملكية عملا مسرحيا لشكسبير .(تقديم العمل وليس مجرد نسخة أو صورة، وسوف نشرح ذلك بالتفصيل) . ونقوّم كذلك عمل فرقة شكسبير . ويبدو أن هناك أسباب لذلك، حتى نشير إلي كل من العمل الأدائي وأدائه باعتبارهما عملين .
 وهذا يحتاج إلي تمييز إضافي، رغم ذلك، فمثلا إذا أدي « اولفييــه” (هاملت ) في ليلة الثلاثاء ثم أداه مرة أخري في ليلة الأربعاء، فهل يمكن أن يتطابق الأدائين ماديا ؟ سوف يختلفان بشكل طفيف، إذ من المحتمل أن تخلق (هاملت ) جديدة في كل ليلة . فأيها يمكن أن ننشرها في كتبنا ؟ وبالمثل، بينما تتطلب كل ليلية أداء عملا ومهارة جديدة لكي تجعل العرض حيويا، فان الأمر يتطلب حدا أدني للإبداع الجديد. ويبدو من الأفضل، رغم ذلك أن نقر بأن كل أداء مستقل لعرض (هاملت ) ليس عملا جديدا . 
 كيف إذن نفسر أداء ( هاملت ) بأنه عمل منفصل عن « عمل أداء» (هاملت)، يجب أن نميز بين عرض (هاملت) وكل أداء مستقل له (1) . إذ يحتوي هذا العرض علي خطة لسلسلة من الأداءات المستقلة تتضمن عناصر الميزانسين Mise en scene ( إعداد المشاهد والإضاءة والملابس والأدوات ...الخ). وللتبسيط يمكن أن نفكر في الأداء باعتباره عمل المخرج ( الإشراف علي عمل المصممين وطاقم الإنتاج)، رغم أن دور المخرج هو تطور حديث نسبيا في تاريخ المسرح . والعرض production هو ما يتم إعداده والتدرب عليه أثناء التدريبات بقصد أن يتكرر بأدق ما يمكن في كل أداء مستقل تال . إذن، يشير الأداء المستقل إلي حدث معين، هو التجسيد المسـتقل لحركات وأصوات العرض . ومصطلح « الأداء المستقل « ( باعتباره متعارضا مع الأداء أو الاستعراضShow ) يجب أن يتميز عن الأداء الذي يعني فعالية ترتيل وتجسيد شيء من أجل المشاهد . وللتبسيط، يمكن أن نشير إلي الأداء المستقل بأنه العمل الذي يؤديه فريق التمثيل أمام المشاهدين . فالتمييز بين العرض والأداء المستقل هو تمييز بين عرض فرقة شكسبير الملكية لمسرحية ( هاملت) والأداء الذي قدمته نفس الفرقة لمسرحية (هاملت ) في ليلة الثلاثاء . بهذه السمة الجديدة، يبدو من الوجاهة أن نشير إلي العرض وعمل الأداء بأنهما أعمال Works ولا نستخدم هذا المصطلح، رغم ذلك لكي نصف الأداء المستقل . وهذا رغم ذلك يجعل عددا من صور العلاقة المركبة بين هذه العناصر الثلاثة دون حل. فان لم يكن الأداء المستقل عملا، كيف يمكن أن نميزه ؟ وما هي العلاقة بين عمل. الأداء والعرض؟ 
 العلاقات بين عناصر الأداء الحي
 الاعتبار الأول هو هل العلاقة بين أي من هذه العناصر علاقة إعادة تقديم أم لا . يستحيل أن يكون عمل الأداء صورة ( أو نسخة ) من عرضه أو أدائه المستقل، لأنه سابق عليهما . وهل العرض أو الأداء المستقل إعادة تقديم reproduction ؟ لا يبدو أن العرض صورة ( أو نسخة) من عمل الأداء . ذلك أن كلمة صورة Copy تتضمن درجة من التشابه لا يشترك معها فيها إعداد الأداء وعرضه . فبينما يتصادف أن يضم العرض كل مضمون عمل الأداء، فان له أيضا مضمونا أضافيا – مثل عناصر الإعداد وقراءات السطور – لا يملكه عمل الأداء . ولنفس السبب، يبدو صحيحا أن نخلص إلي أن الأداء المستقل ليس صورة لعمـل الأداء . وبيدو صحيحا رغم ذلك أن نصـف الأداء المستقـل بأنه صورة للعرض . ومع ذلك لن يكـون أي أداء مستقل صورة متقنة من عمل الأداء، ويمكن أن نخلص رغم ذلك إلي أن الأداء المستقل يحاول أن ينسخ صورة للعرض بتنفيذ خطة العرض بأدق ما يمكن . 
 وهذا يتخلي عن مسألة النص . ويلاحظ ( والتر ستورف) أن صورة نص المسرحية ليست نسخة من الدراما ، بل هي إرشادات لأداءاته الملائمة . لذلك ليس للمسرحية نسخ، والشيء الذي تملكه المسرحية هو عروض . وينطبـق نفس الشيء علي الموسيقي حيث أن الملاحظات في صورة (أو نسخة) النوتة الموسيقية ليست أمثلة للأصوات بل بالأحرى إرشادات لتقديم الأصوات . لذلك يبدو أن علاقة الصورة (أو النسخة) ذات إشكالية . وبدلا من ذلك، افترض (والتر ستورف ) أن تكون الأعمال هي الأنواع التي تكون أمثلتها أداءات أو موضوعات لتلك الأعمال . وهذا يتشابه مع نموذج الأداء الأكثر شيوعا باعتباره علاقة « علامة/نموذجtype/token “ حيث يكون العمل نموذج يؤدي بواسطة علاماته . ويميز هذا الشكل بالطبع بين العمل وأدائه، لكنه لا يميز بين الأداء المستقل والعرض . ويعد ( سولتزٍ Saltz) و(اوسيبوفتشOsipovich ) هما اللذان ميزا بين العمل وأدائه، إذ عرّفا الأداءات المستقلة بأنها علامات العرض . ويبدو أن هذا يميز أن العروض يمكن أن تكون علامات لعمل الأداء، التي تعقد ثنائية « النموذج/ العلامة عندما تطلب من العرض أن يعمل كعلامة ( لعمل الأداء ) ونموذج ( للأداء المستقل ). 
 والنقد الأكثر شيوعا لصيغة العلامة/ النموذج في الأداء الحي هو النقد الموجه للطريقة التي تجسد بها علامات الأداء نماذج عملها . ولعل أحد السمات المقترحة هي أن العمل المسرحي قابل لتحديد موقعه في المكان والزمان باعتباره مجمـوع كل علامـاتـه .ف (هاملت ) هي تلك التي تطبع في كل نسخة وتؤدي في كل أداء مستقل . وهذا مماثل لتعريف العمل بأنه ذلك المشترك في كل تجسيداته . وقد أيد (سيفينونيوس Svenonius) فكرة مماثلة تقول إن العمل يتكون من مجموعة صور ( او نسخ). ويواجـــه نموذج المجموعة النظري هذا صعوبة تميزها أعضائها . ولذلك فان أي تغير في عضوية مجموعة يتطلب مجموعة جديدة . وإذا تساوي عمل ( هاملت ) مع مجموعة عروضه المستقلة، فلا شك أن عملا جديدا هو الذي يؤدي كل ليلة . وهذه علــي ما يبدو فكرة قابلة للدحض، لأن عمل هاملت كما يعرض علي رفوف المكتبية ليس بديلا بالتأكيد لليلة أداء أدي فيها ( أولفييه) الدور . وقد بحث ( دافيز Davis) نظرية مماثلة في الأداء الموسيقي :
 أجد أدني مسمي مشترك لكل الأداءات الدقيقة ( الأمينة) للعمل .
 وأنبذ المقومات المشتركة غبر الملائمة لهويته وفقا لنظريتنـــا -
 إذ تحدث كل الأداءات تحدث في المساء علي سبيل المثال – فما يبقي هو العمل .
وقد فشل هذا النموذج، كما لاحظ ( ديفير )، إذ عندما يتكون عمل الأداء من عناصر متغيرة يستحيل أن تكون مشتركة في كل الأداءات، مثل القدر المرتجل في أداء موسيقي الجاز .
 يقترح عدد من المتخصصين تنويعات علي ثنائية النموذج / العلامة الذي يحاول أن يتخفف من مشاكله . فاقترح ستيفنسون Stevenson فكرة النموذج الضخمMegatype ويقرر أن علامتين سوف تنتميان إلي نفس النموذج الضخم أذا اشترك الأداء المستقل وعرض (هاملت ) في نفس المعني تفريبا . وهذا لا يفسر عمل أداء ( هاملت)، رغم ذلك، لأن العرض والأداء المستقل ربما لهما معان متعددة لا يملكها العمل الأدائي، مثلما قدم (أورسون ويلز) « يوليوس قيصر « باعتبارها أطروحة للفاشية .فقد طبق ( ويلز) مفهوم العائلة علي العلاقة بين العمل والنص . ويمكن أن يفسر هذا المفهوم عناصر الأداء بأنها بتمييز العرض والأداءات المستقلة بأنها أحفاد للجد العمل الأدائي . واقترح ( ســفينونياس) فكرة مماثلة لعمل متفوق Superwork تنحدر كل أعضائه من أصل مشترك، مثلما يستمد عرض (هاملت) وكل أداءاته المستقلة من عمل الأداء.
 وعادة ما يشير المتخصصون في المسرح الذين يسعون إلي انطولوجيا معينة للأداء إلي النص بأنه مجموعة من الإرشادات للأداء، ويشيرون إلي علاقة الشيء الذي يؤدي علاقة تفسير . بمعني آخر، طبقا ل (سولتز ) النظرية الســائدة هي أن الأداءات تفسر المسرحيات . ويعرّف بعض المتخصصين التفسير بأنه استخراج ما هو موجـود بالفعل في العمل المسرحي، و يراه آخرون أنه الإضافات التي يقدمهـا العرض أو العناصر التي تجعل عرضا يختلف عن الآخر (2) . وبينما يبدو واضحـا أن هذا يعني أن الأداءات تفسر النصـوص، فان الأقل وضــوحا هو ما إذا كان ذلك يعني أن العروض تفسر أعمال الأداء أم أن الأداءات المستقلة هي التي تفعل ذلك . ويوضـح ( كارول Caroll ) رغم ذلك أن الأداء المستقل ليس تفسيرا، بل انه يتولد من تفسـير، وتحديدا تفسير العرض . وهذا لا يستبعد، رغم ذلك، إمكانية أن تنشأ التفسيرات الجديدة أثناء فعل الأداء، ولكن هذه التطورات يفترض أن تضاف إلي خطة العرض وتتكرر في الأداء المستقل التالي . ولذلك لا يفسر الأداء المستقل النص، بل إن الأداء المستقل ينفذ تفسير العرض للنص . 


الهوامش
(1)قدم (لوبوف) تمييزا مماثلا  (2006) .
(2)لا يتفق ( سولتز ) مع هذه الصيغة, ويسميها «مغالطة التفسير« ولكن برهانه خارج نطاق هدف هذا البحث . 
« كولن دوتي يعمل أستاذا لدراسات المعلومات في جامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس وهو من فناني المسرح السابقين , ويدرس المعلومات والمجتمع باهتمام شغوف المعلومات الخاطئة وتقويم الدليل .


ترجمة أحمد عبد الفتاح