مينا بباوى: كتاب المسرح المصري «محتاجين يتشافوا»

مينا بباوى: كتاب المسرح المصري «محتاجين يتشافوا»

العدد 720 صدر بتاريخ 14يونيو2021

مينا بباوى حاصل على بكالوريوس العلوم جامعة القاهرة، وحاليًّا طالب بالمعهد العالي للفنون المسرحية، قسم الدراما والنقد. كتب فيلم قصير بعنوان “سينابون” وشارك فى ورشة كتابة مسلسل “ملوك الجدعنة” ورشة عبير سليمان. من أعماله نص “الأفسنتنين” لفرقة ستوديو 2020 و”سيرة الرجال المأساوية” الذي رشح ليمثل المعهد فى مسابقة إبداع و”ستلا” الذى عرض بالمهرجان العربي، بالمعهد العالي للفنون المسرحية ، و”برنتانيا” الذي فاز مؤخرا بالمركز الثاني، لأفضل نص مسرحي، فى جائزة ساويرس .. عن الجائزة وأشياء أخرى كان لـ”مسرحنا” معه هذا الحوار. 
 

- هل هذه هى أولى مشاركاتك فى المسابقة؟ ولماذا تقدمت لها؟
هذه هى أول مشاركة لي فى الجائزة ، عرفت بها من أصدقائي، الذين شجعوني جدًا على أن أتقدم إليها، خاصة أن التقديم كان أونلاين. جائزة ساويرس تُعد من أهم الجوائز، ووجودها فى سيرتي لذاتية شئ مُشرّف جدًا، خاصة أن لجنة التحكيم الخاصة بالمسابقة دائمًا ما تضم أسماء مهمة تعمل بشفافية عالية. 
- حدثنا عن النص المسرحى الفائز “برنتانيا” فكرته، وظروف كتابته؟
كنت أرغب أن أصنع شيئًا وطنيا وفى الوقت نفسه يتعلق بالمسرح فى بداياته، فكانت الفترة ما قبل 1919. العرض يبدأ 1917 . هذه الفترة كانت مليئة بصراعات مهمة جدًا، ضد الاحتلال، منها صراعات الفنانين أنفسهم ضد الاحتلال، ودورهم في ذلك. فى النص نرى الفنانين الذين يرغبون فى تقديم فنا وطنيا هادفا، ويحاربهم الإنجليز ويمنعونهم. وبعض الفنانين فى تلك الحقبة كانوا يقدمون عروضا ترفيهية باللغة الإنجليزية لتناسب المحتلين حتى يتجنبوا بطشهم، هذه الصراعات استفزتني كي أكتب عنها. و قد بدأت فى كتابة النص منذ عامين، كنت ارغب فى المشاركة به فى المهرجان العربي بالمعهد العالي للفنون المسرحية. أخذت اسمه من مسرح “برنتانيا” الموجود فى تلك الفترة، وقد كانت المسارح تُسمى بأسماء أجنبية، لأن مالك المسرح كان أجنبيا. المسرحية عالم مصغر لمصر فى تلك الفترة، فنرى الشخص الوطني الذي يبيع كل شئ من أجل مصر، و نرى الشخص المنافق الذي يبيع القضية الوطنية.
“برنتانيا” “ تدور حول “فرقة عزت منصور” الذي يريد صاحبها أن يقدم عرضًا مسرحيا يسدد به إيجار المسرح ويستمر، فينقسم الناس إلى فريقين بعضهم يرون أنه: لماذا ندفع إيجار والمسرح على أرض مصرية؟ وبعضهم يرون أنه يجب مواكبة  الظروف والضغط الإنجليزي والرضوخ للاحتلال. نرى الانشقاقات التي تحدث ما بين أفراد الـ”جوقة” وكذلك رضوخ عزت منصور، ولكن بمرور الوقت يتذكر شخصيته الأصلية ونضاله، فيعود مرة أخرى، ويستعيد وطنيته ويرفض كل الضغوط التي تمارس عليه، و يستمر فى محاولة تحرير المسرح من الاحتلال، وينتهى العرض بثورة 1919.
-هل سيتم إنتاج “برنتانيا” قريبًا وعرضه على المسرح؟
النص تم عرضه مسرحيًّا، كعرض هواة وليس عرض محترفين، كنشاط طلابي ضمن المهرجان العربي للمسرح بالمعهد العالي للفنون المسرحية. وأسعى للبحث عن جهة إنتاجية تعيد إنتاجه بمحترفين، ولكن حتى الآن لم يحدث ذلك.
- هل حصلت على جوائز أخرى ؟ حدثنا عن أعمالك السابقة وخطتك القادمة؟
كتبت عرض ستيلا وعرض ضمن المهرجان العربي للمسرح ، ورشحت من المعهد لأمثلها بنص “سيرة الرجال المأساوية” فى مهرجان إبداع، ولكن لم أحصل على الجائزة.
وحاليًّا أعمل على نص “سي لا في” المقرر عرضه فى جامعة النيل، للمخرج خالد شكري، وأعمل أيضًا على نص آخر لكلية التمريض جامعة القاهرة اسمه “أرض الفيروز” إخراج حسام قشوة، و مقرر عرضه ضمن فعاليات مهرجان مسرح جامعة القاهرة، وأخيرًا النص المسرحى “خطة نابليون” المقرر عرضه فى أكتوبر القادم على مسرح الهناجر للمخرج يوسف المنصور.
-ما الذي يحتاجه كتاب المسرح المصري؟
كُتّاب المسرح المصري “محتاجين يتشافوا” .يحتاجون أن يُسلط عليهم الضوء ويأخذون فرصا أكثر، حاليًّا هناك توجهات جيدة للمسرح وبدأ جمهوره فى تزايد، ولكننا نحتاج أن يكون الكتاب حاضرين أكثر فى مسارح الدولة، ويجب أن تزيد فرصة نشر أعمالهم، فالكاتب يجد صعوبة بالغة في ذلك،  فالنشر يعرض النص لعدد كبير من القُرّاء، أيضًا نحتاج لفكرة وجود مهرجانات خاصة بالتأليف المسرحى فقط، كعامل من عوامل التشجيع على المزيد من الكتابة المسرحية. تلك الجوائز والمهرجانات المتخصصة تشجع مؤلفي المسرح معنويًّا، بأن يعرفهم الناس أكثر، وقد تمنحهم مزيدًا من الشهرة، كما تشجعهم ماديًّا. 
-هل الجوائز المالية الخاصة بكُتّاب المسرح تحتاج أن يُنظر فى قيمتها بعض الشئ؟
على حسب المهرجانات، فمثلًا جائزة ساويرس قيماها المالية جيدة جدًا، ولكن فى بعض المهرجانات للأسف نجد جوائز التأليف 600 و700 جنيه، شئ مُهين جدًا، والكاتب نفسه يكون قد أنفق من ماله الخاص الكثير، قام بشراء كتب وأبحاث تفيد فكرة العرض  بثمن أكثر من ذلك بكثير، لذلك يجب أن تزيد القيمة المالية لجوائز الكُتّاب فى بعض المهرجانات. مهرجانات الجامعة القيمة المالية لجوائز لمؤلفين هى نفسها تقريبًا التي يحصل عليها المخرجون الفائزون. كانت هُناك مبادرة عظيمة أتمنى أن تكون حقيقية ومستمرة، من مهرجان المسرح القومي، وقد أعلن أن الدورة القادمة ستكون للمؤلف المصري فقط، بمعنى عدم وجود عروض أجنبية ، وأتمنى من الوزيرة الدكتورة إيناس عبد الدائم أن تستمر فيها ويتم تفعيلها.
-ما رأيك فى المستوى العام للكتابة المسرحية الآن؟ و فى دورات تعلم الكتابة وما الذي نحتاجه أو نفتقده فيها؟
مستوى الكتابة بشكل عام مُرضى ويزيد كل يوم عن الآخر، هناك كُتّاب جدد بأفكار خارج الصندوق، وكل ذلك يجعل هناك منافسة وتحفيز لمزيد من الإبداع. دورات الكتابة من وجهة نظري ليست جميعها مفيدة وليست أفضل شئ والمشرفين عليها غير متخصصين، وهناك دورات حقيقية وغير مكلفة تمامًا، على سبيل المثال مبادرة الأستاذ محمود جمال حدينى، وهو واحد من الرواد حاليّا، الخاصة بورشة كتابة مجانية تمامًا، وإن شاء الله تكون ورشة مفيدة ، لأن هذا الرجل عبقري. نحتاج بالفعل لورش كتابة بشكل أكبر، ونحتاج أن يكون المشرف عليها  متخصصين.
-هل لدينا أزمة فى النصوص المسرحية الجديدة؟
ليست أزمة نحن نتطور ونقدم الأفضل فى الكتابة بشكل عام، الفكرة فقط أن الزمن يفرض علينا تقديم النصوص الجيدة، بمعنى أن النص الجيد قديمًا ليس هو النص الجيد الآن، فقديمًا كان النص من الممكن أن يكون 150 ورقة باللغة العربية الفصحى، المسرح فى النهاية أن يُعرض على الجمهور، المسرح ليس موجود كى يُقرأ فقط، لأنه بذلك يكون أقرب للرواية والقصة، وبما أن المسرح أساسه العرَض، فيجب أن يكون متجددا، ومتغيرا من زمن لآخر. فى الوقت الحالي لا يمكننا القول إن المسرحية التي قد تصل لـ3 ساعات و تقدم بلغة ثقيلة تكون جيدة للجمهور، بالطبع هناك تجارب عظيمة مثل مسرحية الملك لير،  ولكن يجب تحقيق المعادلة بين عنصر جذب الجمهور وبين تقديم قيمة فنية حقيقية.
- ما هى أبرز قضايا ومشكلات المؤلف والكُتّاب المطروحه الآن على الساحة؟
قلة الفرص للكُتّاب، وهذا يكوّن لديهم إحباط، وزيادة المحتوى التعليمى المُقدم له، حتى يكون مواكب للكتابة.
ومن وجهة نظرى أن هناك مشكلة أو قضية متعلقة بالجزء الفنى لدى الكاتب، فكرة أنه يحتاج طول الوقت أن يقرأ ويتعرف على ثقافات جديدة، ويرى عروضًا جديدة، وهذا يستهلك منه وقتًا كبيرًا جدًا، فعامل الوقت مهمًا جدًا، حتى يستطيع أن يُخرج للنور أفكار جديدة مناسبة هو يصدقها ويحسها، لكى يستطيع أن يكتب عنها، ويجب أن تكون متلائمة مع الجمهور، لأن أحيانًا تكون مؤمن بقضية مهمة جدًا لك وحدك، ولكن لا تجد صداها عند الناس، أو مثلًا أزمة مهمة مثل البطالة والتى يجب أن نكتب عنها كثيرًا جدًا، قد يكون الكاتب لم يتعرض لها ولا يشعر بها مطلقًا، فيجب أن يحقق الكاتب المعادلة، شئ يشعر به ويحسه، حتى يكون لديه الشغف أن يكتب عنها بصدق حقيقى، ويجب أيضًا أن تكون مهمة للناس.
- من هم الكُتّاب الذين تأثرت بهم؟
لقد تأثرت جدًا بالكاتب الكبير سعد الله ونّوس، وفى المسرح المعاصر تأثرت بالطبع بالأستاذ محمود جمال حدينى، وأراه أستاذًا كبيرًا.

 


إيناس العيسوي