في المسرح الفقير.. .. مقارنة بين الفينيومينولوجيا وفلسفة جروتوفسكي (1)

في المسرح الفقير..  .. مقارنة بين الفينيومينولوجيا وفلسفة جروتوفسكي (1)

العدد 718 صدر بتاريخ 31مايو2021

منذ صعودها، تطورت الفينيومينولوجيا في مجالين متوازيين متداخلين ويكمل كل منهما الآخر. فمن ناحية، الاتجاه الذي حدده لها إدموند هوسرل ولا سيما في كتبه المنشورة. إذ اختزل الفينومينولوجيا إلي نظرية في المعرفة والتحليلات القاتلة وتحليل الأفعال الإدراكية وتبرير المنطق البحت وبناء نظرية الذات ونظريات العلم وما إلي ذلك. وبالتالي، يُنظر إليها علي أنها نظرية في الإدراك. ومن الناحية الأخرى، لدينا الفينومينولوجيا المستمدة من المنظور الذي حدده الكسندر فاندر وماكس شيلر. إذ ركز البحث الفينومينولوجي، في أعمالهما، علي الحياة العاطفية والوجدانية، وعلي السمة النفسية للإرادة، وعلي القيم والحياة الاجتماعية والأخلاق. ويمكننا أن نجازف بمقولة أنه بدون أعمال هوسرل كان من الممكن أن تكون الفينومينولوجيا عمياء، وبدون أعمال فاندر وشيللر يمكن أن تكون جوفاء. وبدون هذا الطموح والتفكير في مهمة الأجيال القادمة، يعتبر المشروع الفينومينولوجي المنسوب إلي هوسرل علما أساسيا وفطريا، وأن بحث فاندر وشيللر يمكن أن يكون مجرد اقتراح مثير للاهتمام لبعض التحديدات داخل ما يسمي الأنطولوجيا المنطقية. وبدون أعمال فاندر وشيلر، يمكن أن تظل أعمال هوسرل في الفينومينولوجيا إطارا نظريا لفيلسوف وعالم رياضيات كبير، إذ انتقل الإطار بعيدا عن الحقيقة المعاشة في إتجاه بنيات ترانسندنتالية بحتة. ويصبح هذا التجاور مثيرا للاشكالية بالتأكيد بمجرد أن نأخذ في اعتبارنا ما تحتويه مخطوطات هوسرل فعلا. وحتى عندما يتعامل هوسرل مع إشكاليات عالم الحياة والتاريخ، فإنه لا يزال يفعل ذلك بروح التفكير العلمي، والذي لم يبتعد عنه سوى علماء فينومينولوجيين مثل هيدجر أو سارتر أو ليفيناس. وقد حدث حوار حي منذ البداية بين هذين الاتجاهين، أدى إلي حقيقة أن ما في الحركة الفينومينولوجية، استمر الحوار بشكل منفصل، في جوهر تنفيذ أن ما كان فينومينولوجي يجب أن يتقارب في النهاية. وفي العقود التالية من تطور الفينومينولوجيا تجاوز العمل علي التبرير الترانسندنتالي لكل المعرفة حدود الوعي المحض ودخل إلي منطقة الجسمية المعاشة، وعالم البيئة والذاتية الجماعية. فتاريخ الدائرة الفينومينولوجية يعود إلي العالم، وإلى الحياة وإلى الفعل ...
 وهذا الفعل المتمثل في إنزال الفينومينولوجيا من السماء إلي الأرض يتجلي بوضوح في تاريخ ما بعد الحرب في الحركة الفينومينولوجية الفرنسية. ويقال أن الفينومينولوجيا مارست بضعة تقلبات: وجودية وهرمنيوطيقية وجمالية ولاهوتية. وفي كثير من الأحيان نبحث عن فرص لاستخدام الفينومينولوجيا كممارسة ملموسة. بهذه الروح، في العقد الأخير من الشعار الفينومينولوجي الذي ينادي “بالعودة إلي الأشياء“ الذي التزمت به ناتالي ديبراز. إذ تقول، «في الحقيقة لا تنفصل الابستمولوجيا عن الممارسة التي نشارك فيها. فالإدراك هو معرفة كيفية التصرف علي أرض الواقع في موقف حقيقي بعينه. تتحدث ديبراز عن موقف عالم الفينومينولوجيا الممارس، والفينومينولوجيا في حالة الفعل، حيث لا تزال الفينومينولوجيا، التي ليس لها أي شيء خاص بها، تسمح لشيء لا يمكن إدراجه تحت عنوان الفينومينولوجيا بالدخول إلي حدودها علي هذا النحو. وهذا هو الاكتشاف الأصيل للفينومينولوجيا كدراسة علمية.
 ومن خلال تقديم الفينومينولوجيا التطبيقية، ميزت ديبراز سبعة سياقات مختلفة تحدث فيها تجارب تتوافق مع الفينومينولوجيا وتضيف إلي ثرائها. بعضها مجالات الخبرة الداخلية التي تؤكد نفسها في الممارسة العلمية والروحانية أيضا. وتستخدم كنماذج لتجربة الفينومينولوجيا العملية. وهي تتضمن: الفينومينولوجيا العصبية، واللاهوت الاورثوزكسي الشرقي، والتأملات البوذية. علاوة علي ذلك، تميز ديبراز التجربة في علاقتها بالآخر. وتذكر الممارسة النفسية العلاجية، والأنثروبولوجية العرقية المنهجية وعلم نفس المحاكاة عند الأطفال. وفي النهاية، تتحول إلي علم نفس ضمير المتكلم في التجربة الجمالية، المرتبط أساسا بممارستها للكتابة الفلسفية. ومن الناحية الفينومينولوجية، كل هذه المجالات متسقة بشكل تبادلي. وهذا التوافق له أربعة سمات أساسية يمكن تنشيطها من وجهة نظر فينومينولوجيا أخرى: (1)تُكتسب المعرفة الفينومينولوجية دائما من خلال ضمير المتكلم، والعنصر المحدد هو العاطفة، (2)يحدد الأساس العملي الأساس الأنطولوجي للسلوك، والأنطولوجيا هنا عملية دائما، (3)التجربة الجسمية توضع في مركز البحث، (4)المطلوب لغة وصفية خاصة.
 ونكتشف هذه الافتراضات التي تصنع ما تسميه ديبراز «الفينومينولوجيا المختلفة» أو «الفينومينولوجيا الأدائية» أيضا، في مجال مختلف تماما من الفعاليات الثقافية. وهي أعمال جيرزي جروتوفسكي المسرحية (وكتاباته). والهدف الأهم في هذه المقالة، وإن لم يكن الوحيد، هو تقديم فلسلفة جروتوفسكي في المسرح في سياق أهم اكتشافات الفينومينولوجيا. وسوف نترك سؤال، ما إذا كان يمكن تصنيف أعمال جروتوفسكي تحت الفينومينولوجيا، مفتوحا. ورغم ذلك، يبدو أن اكتشافاته في مجال أنثروبولوجيا المسرح لم تضيف كثيرا فقط إلي أحدث فينومينولوجيا، التي تمزج التجربة البدنية والذاتية المشتركة بمساحة التجارب الجمالية والعقائدية، بل تنبأت بكثير من الأفكار. والهدف الآخر لهذه المقالة هو تقديم أفكار جروتوفسكي في الفلسفة. فقد ظل جروتوفسكي حتى الآن نموذجا غير معروف في مجال الفلسفة الاحترافية. ولا شك أنها حقيقة مؤسفة لأنه قدم من خلال أعماله العديد من الاكتشافات التي توازي ما حدث ومازال يحدث في الفلسفة الحديثة أو تتوقعه. يكفي أن نذكر أن جروتوفسكي هو أحد الرواد لما يسمى التحول الأدائي في العلوم الانسانية. ولعل أحد أسباب عدم شهرة جروتوفسكي في فلسفة القرن العشرين هو حقيقة أنه وضع فكره في السياق الفلسفي قليل الأهمية اليوم. وقد اتبع المعلقون جروتوفسكي علي نفس الخط. ونريد أن نضع أعمال جروتوفسكي بالقرب من الفينومينولوجيا، أي، في المساحة التي لم توضع فيها من قبل.
 لم يكن المزج بين الفلسفة والمسرح شيئا جديدا في الثقافة الأوروبية. ونعني بذلك فلسفة فريدريش نيتشه وتفسيره لميلاد وانهيار التراجيديا اليونانية. فطبقا لنيتشه، وصلت التراجيديا الأثينية إلي نهايتها عندما دخل المُنظر في المشهد التاريخي : فالنظرية هي التعارض مع المسرح. وهذه المقولة ممكنة ومبررة لأن كلتى الظاهرتين تشتركان في أساس واحد. انه معنى الكلمة اليونانية theorein (يشاهد) المرتبطة بكلمتي theatron (مسرح) وtheoria (نظرية). فالمسرح والنظرية مستمدان من نشاط المشاهدة المشتركة، والكلمة اليونانية theorein تعني أولا «يشاهد». وبالإشارة إلي هذا المعنى، كان موقف الفيلسوف يوصف بأنه “حياة نظرية“.
 وكلمة theoria تعني المشاهدة، ولكن ليس فقط بمعنى المراقبة السلبية من مسافة، والتفكير والتأمل، ولكن أيضا المشاركة الفعالة في الاحتفال، والموكب والسفر والمشاركة في المهرجان. وعندما يفهم نيتشه التراجيديا والشعر بأنهما مشاهدة، فانه يشير إلي للمعنى الفعال للنظرية. والمشاهدة نفسها هي الاحتفال الذي يمكنك أن تشارك فيه بمختلف الطرق، كما أشار بيتاجورس في تعريفه للفلسفة، إذ يمكننا أن نشارك بمختلف الطرق كمثلين وتجار ومتفرجين. ولذلك فكونك متفرج ليس سوى إحدى طرق المشاركة في المشاهدة. ويكون الشخص الآخر هو الممثل.
ولكن هذا جانب واحد فقط من المصاهرة بين المسرح والفلسفة. والشكل الثاني هو أصنام المسرح Idola Theatri. وقد وصفها بيكون بأنها الأصنام التي هاجرت إلي عقول الناس من مختلف المعتقدات الفلسفية، وكذلك قوانين الإثبات الخاطئة.
 ويتضح أن المسرح والفلسفة يمتزجان في البحث عن الحقيقة وفن ابتكار المحاكاة. والمشكلة هي فصل أحدهما عن الآخر. وهذه لحظة مهمة وهي نقطة انطلاق فينومينولوجيا هوسرل وأعمال جروتوفسكي. وفي الجزء التالي من هذا المقال، بينما نتحدث عن الفينومينولوجيا ومشكلاتها، سوف أستفيد من مختلف أعمال ممثلي الفينومينولوجيا المعترف بهم. ورغم ذلك، فإن الغالبية العظمي من المراجع التي سوف أشير إليها هي أعمال هوسرل المسئول عن المقدمة والتوضيح الأكثر شمولا للمعنى الجديد لمفهوم الفينومينولوجيا. وفي هذه المرحلة لا تهمني الأعمال التي تم تصنيفها ضمن مجال فينومينولوجيا المسرح. وبدلا من ذلك، سوف أهتم بالتشابه البنيوي بين التكوينين الروحي والثقافي، وهما الفينومينولوجيا ومسرح جروتوفسكي. وقبل الشروع في مقارنة فلسفة جروتوفسكي في المسرح ووجهة نظر الفينومينولوجيا، سأقدم بإيجاز الأعمال التي قام بها مخرج عرض «سفر النهاية ذو الصور Apocalypsis cum figuris” لأنها غير معروفة غالبا بين الفلاسفة.
فلسفة جروتوفسكي في المسرح :
أفكار نيتشة هي أحد أهم المنطلقات الفلسفية في أعمال جيرزي جروتوفسكي. وفي الجزء التالي من هذا المقال نريد أن نركز علي الفترة الأولى في أعمال جرتوفسكي، أو العروض المسرحية. لا شك أن الفترات التالية في تطور أعمال جروتوفسكي، ولاسيما هذه الأعمال، لديها الكثير لكي تقدمه للفلسفة والفينومينولوجيا. ورغم ذلك، فان صياغة جروتوفسكي لفلسفته في المسرح أثناء تقديمه للعروض المسرحية هو الذي يجعلنا نقدم الفترة الأولى من أعماله. إذ لا ننوي أن نناقش عروضه المادية. فموضوع اهتمامنا هو النصوص التي نشرها جروتوفسكي في ذلك الوقت. وأهم هذه النصوص هي النصوص التي جمعها في كتابه «نحو مسرح فقير» (1968).
 وفلسفة نيتشه هي أحد أهم الفروض الفلسفية في أعمال جروتوفسكي. وهذا لا ينطق حصريا علي الأعمال المبكرة للفيلسوف الألماني. فنقطة انطلاق جروتوفسكي هي توصيف نيتشه للثقافة المعاصرة : «موت كل الآلهة يضع الإنسان في الصحراء (...) فلا شيء يحميه من الرعب من الموت«. ربما يستطيع الفن وحده أن يطور الرغبة البشرية الميتافيزيقية الرئيسية « في الأبدية. وهي فهم الحياة وتأكيدها وثقل المصير ومرارته، ان الأمر يتعلق بتقديم الإنسان لمصدر لا ديني للوجود المبهج، ومصدر للسلام، يحرر الإنسان من رعب الموت. في الماضي – قبل عصر الإنسان التنظيري – أدى المسرح هذا الدور الذي لم يكن منفصلا عن العقيدة والسياسة والحكمة. فهل يمكننا الآن أن نعود إلي وظيفة المسرح هذه وجعلها مركز خلاص الإنسان الدنيوي ؟ .
 بالتأكيد، لا يمكن أن ينجزها المسرح التقليدي الذي يركز علي محاكاة الحياة اليومية البرجوازية. وهذا المسرح، طبقا لجروتوفسكي، هو مسرح ميت فعلا. وعندما تنافس المسرح مع السينما والتليفزيون، فقد في مقابلهما المسرح القديم. وإذا كان علي المسرح في مواجهة «عذاب الإيمان» أن يستغل البحث الإنساني عن الأمل، وفائض الخيال والقلق، الذي استغلته الطقوس الدينية سابقا، فلا بد أن يكون مسرحا جديدا. والمسرح كلغز فلسفي يعني المسرح الذي له طموحات فلسفية.
 وبمحاولة الإجابة علي سؤال «ما هو المسرح؟« قطع جروتوفسكي شوطا طويلا جعله في الفترة الأولى في فكرة المسرح الفقير. إذ ركز بحثه علي المسرحانية المطلقة أو جوهر المسرحانية. فالمسرح طبقا لجرتوفسكي فنا فريدا. إنه في الواقع مكان المواجهة الحية المباشرة والحوار بين الناس – فنانين ومتفرجين – التي تنشئ انغماسا مشتركا في مشاكل العلاقات بين الناس وبين الإنسان والكون، لكي يستمدوا منه، كمساحة أسطورية، بذرة الأمل. وبالتالي فان المسرح ذو طبيعة علاجية. انه الحل الناجع لأزمة الثقافة المعاصرة. إذ لاحظ جرتوفسكي في عام 1958 أن :
التجارب الصعبة والمأساوية غالبا في القرن العشرين قد  خلقت الحاجة إلي المسرح، الذي – بدون كذب وهروب من المشاكل، حتى العنيفة منها – يمنـح الإنسـان الأمل، والوعي الاجتماعي والأخلاقي، ويجدد معني الوجود .
يعكس هذا التصريح المبكر لجروتوفسكي بدقة ما ينشئ «ذرة الحقيقة» خلال أعماله. وبعكس ما ارتبط بداهة بكلمات مثل «المسرحي theatrics” و“المسرح theater”، والتي تعني عادة التظاهر والكذب وخلق الإيهام، وارتداء قناع، واللعبة واللعب والإقناع، الخ، ما يطلبه جروتوفسكي من المسرح هو“ عدم الكذب. فالمسرح عن الحقيقة المطلقة، والإخلاص المطلق، التي تحيي معنى الوجود، وتعطي الإنسان الأمل. لماذا؟ أن علي المسرح أن يتجاوز عزلة البشر، والتلاشي الحتمي للإنسان“. وبوصفه للمسرح كمكان اللقاء والحوار بين الممثلين والمتفرجين، لم يذهب جروتوفسكي إلي ما وراء الأفكار السائدة عن فن المسرح رغم ذلك. فما ينقصه هو النبرة المفاهيمية والتطهرية التي تستنبط نتائج ذات أهمية قصوى. ففي كتابته البرمجية لكتابه « نحو مسرح فقير» عام 1965 وفي العديد من المقابلات التي أجريت في نفس الوقت كان جروتوفسكي يحاول الوصول إلي فكرة المسرح من خلال استبعاد ماهو ليس مسرحا ( عبر النفي). ورغم ذلك، لا يكمن ثراء المسرح في الوسائل التقنية لخلق الإيهام علي خشبة المسرح، إيهاما يفترض أن يحاكي الواقع بأمانة، ولكن – بشكل متناقض – يكمن في فقره، أي، في نبذ كل ما هو خارجه. وللوصول إلي جوهر المسرحانية، يجب أن تلتقي مجموعتان من الناس : الممثلين والمتفرجين، وهذا كل شيء.
 قبول الفقر في المسرح، العاري من كل ما هو غير ضروري له، يوضح لنا ليس فقـط العمـود الفقــري للوسيـط، ولكـن أيضا الثراء العميق الذي يكمن في طبيعة الوسيط نفسه.
هذا هو الأمر – لا يحدث لقاء الممثلين والمتفرجين بشكل عفوي، بل يجب أن يكون معدا مسبقا بأدق التفاصيل (المسرح ليس حدثا). يعتمد جروتوفسكي علي المهنية، وتقدير أخلاقيات المهنة، حيث يتم الجمع بين المهنية ودعوتنا. وللوصول إلي جوهر المسرح، ولكي يصبح المسرح ماهو عليه، فإننا نحتاج مهنية أصيلة، لم يتم تطوير مبادئها بعد وفقا لجروتوفسكي. «الممثل هو المبدع الذي يشكل العمل الفني بجسده«. فجروتوفسكي يطور تقنيات مركبة وتدريبات علي الجسم، والحركة الجسمية، التي تهدف ظهور المسرح. وبالتالي لا يرقى التدريب إلي مستوى التعلم، ولكن إلي مستوى عدم التعلم – عدم تعلم بعض الكليشيهات، والعادات (الذهنية والبدنية) التي تعيق الكشف عن العملية الروحانية. ويجب أن تعمل التقنية علي نزع سلاح وليس التسلح. وبالتالي، لا يوجد منهج أو نسق عند جروتوفسكي، يمكن استخدامه لتحضير أداء جيد. فكل تقنية تؤدي إلي ميتافيزيقا كما يقول جروتوفسكي. فما هي نتيجة هذا التدريب؟ عندما يمركز الممثل – بعد عدة شهور أو حتى سنوات من العمل، حول ذاته ( جسدا وروحا)، في اتصال مع شريكه – ينجز في حضور متفرجين يواجههم (وليس من أجل المتفرجين)، بما يسمى الفعل المتكامل the total act. ووفقا لجرتوفسكي يصبح المتفرجون شهودا، ومن خلال المشاركة في هذا الفعل، يمارس الناس الوحدة الميتافيزيقية. وبهذه الطريقة، يعود المسرح إلي جذوره القديمة، حيث لم يكن هناك فصل بين الفن والفلسفة والدين. فهو نوع من الطقس العلماني، العبادة الوثنية يتم من خلالها إشباع الحاجة الميتافيزيقية الكامنة مؤقتا.
 والفعل المتكامل هو أهم مفهوم في فلسفة جروتوفسكي المبكرة في المسرح. فيما يتعلق بذلك، ما يتكون منه الفعل، كما يقول جروتوفسكي بشكل متكرر، في اللغة الدينية:
 هنا يتركز كل شيء عالي انضاج الممثل الذي يتم التعبير  بالتـوتر إلي أقصى درجـة، من خلال التجريد الكامـل، من خلال الكشــف عـن الجاذبيـة – كـل هذا دون أدنــى أثر للأنانية أو التمتع بالذات. فالممثل يقدم هديــة كاملة عن نفســه. وهذا أسـلوب النشـوة التامـة والتكامـل بين جميع القوى النفسية للممثل الذي تنبثق من أكثر طبقات كينونتـه وغريـزتـه الحميمـة التي تنبثـق في نـوع مــن العبور.
 وتعليــم الممثل في مسـرحنا ليست مسألة تعليمه شيئــا   نحاول أن نستبعد كائنات المقاومة الحية لهـذه العمليــة   النفسية. والنتيجة هي التحرر من الزمن الفاصـل بيـن  الباعث الداخلي ورد الفعــل الخارجي بطريقـة تجعــل   الباعث رد فعل خارجي. والباعث والفعــل متزامـنان: يختفي الجسد ويذوب، ويــرى المتفـرج سلسـلة من البواعث المتتالية.
ويجب أن نتحلى بأقصى درجات الصدق مع جمهور المشاهدين. فالممثل يجب أن يدرب جسده بحيث لا يعيق إمكانية الكشف عن التجارب الروحانية الداخلية العميقة التي جاءت غالبا من الماضي وترتبط بأحداث مهمة في حياة الإنسان (المواقف الحدودية). ففن الممثل هو فن استعادة المزيد من التجارب الحميمية والتداعيات (وليس العواطف)، أو بالأحرى الوصول إلي ما حدث آنذاك من جديد (بالمعنى المادي) – وهذا لأن الذكريات هي دائما ردود فعل مادية، والجسم هو الذاكرة –بواسطة علامات جسدية مبنية علي أساسها (ليست ابتكار) ومرتبة بأدق التفاصيل –وتكشفها للآخرين. إذن هو فعل اعتراف وفداء وتضحية بالنفس وحب. إنه مثل الرحلة إلي حياتك يتم دعوة الآخرين إليها. فالمسرح وسيلة انتقال. انه مسرح حقيقي للقسوة، ومسرح مقدس.
 إذن، ينشأ ابتكار الأعمال الفنية من تهيئة الظروف لإمكانية الكشف عن الحقيقة، بحيث يحقق الإنسان كفاحه من أجل الإنجاز والعيش الأصيل والكمال. ومن خلال الفعل المتكامل ينطلق الإنسان من منطق الحياة اليومية، ونقصانها، ويكرس نفسه لمنطق الحياة الجدلي والتناقضي. ومادة الإبداع هي حياته، التي تتضمن الحقيقة عن إنسانيته. فالمسرح يوضح أن هناك إنسان، حقيقة الحياة.
 وحقيقة الحياة هذه هي حقيقة موضوعية. والممثل، عن طريق الوصول إلي أكثر التجارب حميمية في حياته، وإزالة عائق جسمه وإيجاد العلامات التي تكشف بشكل شامل حقيقة الحياة، يتسامى علي ذاته باتجاه ما هو عادي بالنسبة له، وهما المجتمع والطبيعة:
 في لحظات الامتلاء لا يبدو ما هو حيواني داخلنا غير حيـواني فحسب، بل يشـمل الطبيعة نفسـها. وليـس الطبيـعة البشرية وحـدها، ولكن الطبيـعة الكـاملة في الإنسان. وما يتم تحقيقه في نفس الوقت هــو إرث الإنسان الاجتماعي، الإنسان ككائن عاقل. ولكن هذه ليست ثنائية. بل هي وحدة الإنسان. وعندئذ لا تكـون الأنا هي التي تقوم بالفعل؛ أنا كانسان أنجز الفعــل.
 وفي نفس الوقت أكون أنا والجنس البشري. السـياق الإنساني كله والتطور الاجتماعي وكـل إنسـان آخــر محفور في داخلي، وفي ذاكرتي، وفي أفكـاري وفــي تجــربتي، وفي تربيـتي، وفي شكــلي وفــي  إمكانياتي.
يوجد في ذاكرة الجسم طرز بدائية معينة تربطنا بالماضي. والطراز البدائي هو الشكل الرمزي لمعرفة الإنسان لنفسه أو – جهله لها. في المسرح القدم رأى المشاهدون حقيقة شخصية جديدة في حقيقة الأسطورة، ومن خلال عنصر الفزع وصل المشاهد في النهاية إلي الذروة التي هي التطهير. والفعل المتكامل هو فعل تاريخي أيضا. وحياتنا بالطبع فردية وشخصية ؛ فنحن نعيش في الحاضر، ولكننا نتاج شيء أكبر – فالتاريخ أكثر شمولا من حياتنا الشخصية. فنحن مثل كتاب كبير مكتوب فيه وجود غيرنا من البشر. والفعل المتكامل يذيب تاريخ الإنسان العميق في تاريخ الممثل. التعبير يؤدي إلي التجسيد. انه يحدث من خلال إشارات –إيماءات واضحة: عملية روحانية غير مصحوبة بتعبير شكلي، أو نظام أو هيكلة لدور ما يتعارض مع اللا شكل. وتكمن الصعوبة في المزج بين التلقائية والنظام.
 والصوت هو أحد أهم العلامات. إنه امتداد لجسمنا. ويتم فعل الكشف عن الذات مع الإخلاص التام. وعندما يحدث هذا، يوجد مكان للكلمات. وعند هذه النقطة تكون الكلمات حتمية: وما ينشأ هو الترجمة تستمد أساسها من البيولوجي والبدني. وتتطابق الكلمات المغناة والمنطوقة مع مضمون انص الذي اختير كأساس للمسرحية. لقد اختار جروتوفسكي النصوص التي تتميز بأنها كلاسيكية (مثل «كين Kain” تأليف لورد بايرون، و”فاوست Faust” تأليف جوته، “الأجداد Dzaidy” تأليف مايكوفيتش، «التاريخ التراجيدي لحياة وموت دكتور فاوست The Tragical History of The Life and Death of Doctor Fuaustus” تأليف كريستوفر مارلو، ونصوص سنسكرتية، ونص «كورديان Kordian» تأليف سلوفاكي، و«أكروبوليس Acropolis” تأليف فيسبيانسكي، ونصوص توراتية وغيرها). سمحت له بالخروج لملاقاة مصادرنا والبحث عن شيء ما يمكن أن يكون مثل بلورة التحدي، شيء بدائي، مثل تجربة أجدادنا، ومثل تجربة الآخرين، مثل صوت الهاوية، أو حتى صوت الموتي. وكل من هذه النصوص يقدم نفس الطراز القديم بشكل أدبي، وهو الطراز الذي يجب إعادة بناءه في فضاء المسرح ويتجلى علي مستوى الجسم والمبدأ الأساسي للتأويل المطبق هنا يفترض أن تتجلى الحقيقة العامة عن مصير الإنسان وأن لديه فرصة لكي يصبح حيا في الوعي المعاصر حتى كلما انغمس في الجسم البشري، والتنفس والدوافع الداخلية. إنه تجسيد الأسطورة. لأن الدين لم يعد محددا للجماعة، والأشكال التقليدية في تطاحن، ولا توجد عقيدة واحدة، أصبحت الثقافة المعاصرة والذات الفردية مثل برج بابل، لذلك بدلا من التطابق مع الأسطورة، فان ما تبقى هو المواجهة بين المعتقدات وتجربة حياة الأجيال الماضية وتجاربنا وتحيزاتنا. والمسرح باعتباره تجمعا للناس في سياق التقاليد ممكن اليوم من خلال التصادم، والنضال واختبار المعاني المختلفة. وأرض المعركة الأساسية هي الجسم البشري:
 حتى مع فقدان سماء الاعتقاد المشتركة وفقدان الحدود  المنيعة، يبـقى إدراك الكـائن البشـري. والأسطـورة وحدها – المتجسدة في حقيقة الممثل، في كيانه الحي -يمكن أن تتوظف كشيء محرم. فانتهاك الكائن الحي والتـعرض للإفـراط الفاحــش، يعيـدانا إلي وضــع أسطـوري ملمـوس، والى تجربة الحقيقـة الإنسانيــة المشتركة.
لذلك، فإن محتوى الأداء هو دائما أسطورة، يتم تدنيسها، ولكن لذلك، نؤكد علي الماضي. وقد أشار تادوش كودلينسكيالى هذه الظاهرة بصيغة كررها جروتوفسكي، «جدلية اقذف والتأليه«. وتعكس الصيغة نفسها السخرية العميقة المتضمنة في عروض جروتوفسكي. فمنذ العروض الأولى حقق جروتوفسكي هذا المنهج للمسرح، الذي يقدم عنصر المتعة والفكاهة واللعب بالتقاليد، والذي لا يتوقف عن إظهار الحقيقة التراجيدية المتعلقة بالوجود كله. وهذا مسرح ديونيسيوس الحقيقي، الذي يحدث بين طرفي الواقع: التراجيدي والهزلي. وفي إشارات إلي عرض مبكر قدمه مأخوذ من مسرحية «شاكونتالا Siakuntala” تأليف كاليداس (1960) تحدث جروتوفسكي عن المسرح الحديث باعتباره تحقيق لأسطورة شيفا الراقصة. فالمسرح مثل لعبة شيفا، رقص كل الكينونة.
 لقد أدى التنفيذ والتعديل الحتمي للافتراضات الفنية المذكورة أعلاه، والمستمرة للعقد التالي، إلي وضع جروتوفسكي خارج المسرح. ويجب أن ننبذ مفهوم المسرح الطقسي، لأنه لا يمكن اليوم، وهذا بسبب فقدان المعتقدات الشائعة. ومقولات جروتوفسكي الأخرى من بداية الستينيات بلا شك فيما يتعلق بتحديد احتمالات المسرح: أشك في احتمال المشاركة المباشرة في مسرح اليوم، في عصر لا يوجد فيه إيمان مشترك ولا طقوس دينية متأصلة في العصب الجمعي كمحور للطقس. وأعتقد أننا لا بد أن نتعامل مع المسرح باعتباره بيتا مهجورا، وشيئا غير ضروري، والذي يمكن الاستغناء عنه فعلا. أنا لا أشعر أن المسرح بالنسبة لي كان هدفا. فهناك دائما فعل. وأنا لا أحب المسرح.
نحو فينومينولوجيا فقيرة:
للوهلة الأولي، يبدو أن فلسفة جروتوفسكي في المسرح لديها قواسم مشتركة قليلة مع الفينومينولوجيا. وفي الجزء الثاني من هذه المقالة سوف نحاول أن نوضح أن ذلك علي العكس تماما. ونريد أن نوضح أن هناك في الواقع الكثير من التشابهات بين فلسفة جروتوفسكي في المسرح والفينومينولوجيا. وربما يتضمن هذا التناظر أساسا مشتركا عميقا لمعيارنا، معيار تأسيس عنصر وأصل، وليس جذر لكل الفعاليات الروحانية الرفيعة.
 والاهتمام بفينومينولوجيا المسرح في سياق البحث الفينومينولوجي المبكر له تقاليد محددة. ويكفي أن نتذكر تحليلات ادموند هوسرل المنشورة عام 1980 في العدد الثالث والعشرين من مجلة Husserliana والذي يحمل عنوان «الخيال والوعي بالصور والذاكرةPhantasie ، Bildbewusstsien، Erinnerung” والذي تضمن وصف هوسرل ربما من عام 1918، والذي كرسه لتصور الأداء المسرحي. والتحليل يتطلب تمييزا بين عدة أنواع من التخيل. نذكرها بشكل عابر هنا. ويمكننا بالطبع أن نحاول تطبيق تحليلات هوسرل علي المسرح، كما يفهمه جروتوفسكي. وسوف تسفر علي ما أعتقد عن الكثير من الاكتشافات المفيدة. الحقيقة أن تحليلات هوسرل أجريت من منظور المشاهد وتتعلق بالمسرح في شكله التقليدي في القرن التاسع عشر. ويمكننا أن نسأل إلي أي مدى تستلزم الثورة في المسرح تغييرا حتميا ليس فقط فيما يحدث في فضاء خشبة المسرح، بل أيضا فيما يحدث للمشاهدين. ورغم ذلك، فان مهمتنا ليبست تصويب فلسفة هوسرل في المسرح في سياق فعاليات جروتوفسكي. وبدلا من ذلك، سوف نقارن فلسفة جرتوفسكي في المسرح المذكورة آنفا مع بعض الأفكار الرئيسية في الفينومينولوجيا التي تشكل الفروض والأفكار المشتركة في الحركة الفينومينولوجية.
موت الاله:
في كتابه «الفلسفة كعلم صارم PhilosophiealsstrengeWissenschaft« يذكر هوسرل بؤس العصر والحياة التي نتجت من انقلاب في جميع القيم السابقة، التي كانت ذات أهمية قصوى للإنسانية. ورغم هذه الحقيقة، ما تزال هناك حاجة ميتافيزيقية إلي اللانهائي والمطلق في الإنسان. ولكن كيف نشبع هذه الحاجة؟. وكيف نستمر في أن بشرا في عصور بائسة؟. كان نيتشه يعني حال الحياة في عصر «موت الاله« (طغيان المادية). فشعار موت الاله the motto Gottist tot لا يعني فقط –كما نعرف– انهيار المعتقدات الدينية التقليدية، ولكنه ينفذ إلي أعمق. انه يدور حول انهيار الإيمان بهذا التفسير الميتافيزيقي (الغيبي) للحقيقة التي تزعم أنه في قلب كل حقيقة هناك مادة أبدية، ولنسميها الكينونة الأبدية، أو الله، وما إلي ذلك. وقد تحول هذا الافتراض لصبح مجرد مظهر. والحقيقة هي الظاهرة التي لا يوجد في أساسها شيء، أو بالمعنى الدقيق للكلمة، لا يوجد سوى العدم. وبالتالي فان الحقيقة مجرد لعبة للمظاهر والظلال، وساحة للتجربة الجمالية، والإبداع الفني. وكما قال ماركس «كل شيئ جامد يذوب في الهواء«. فقد كانت نهاية القرن هي عصر نهاية العالم . وأصبحت حياة الإنسان قضية.
 تلك الظروف الثقافية أنجبت الفينومينولوجيا. وإذا كان لا بد لهذه الأخيرة أن تقدم علاجا للأزمة، فلا بد أن تملك الفينومينولوجيا أقصى الأهداف. فهي العلم الدقيق الذي يكتشف الحقيقة المطلقة. ولكن كيف يمكن ذلك إذا كانت الحقيقة مجرد ظاهرة وتخيل؟ وكما يقول نيتشه، أن لم توجد حقيقة وراء الظاهرة، فالظاهرة نفسها حقيقة. كما أن الرد علي أزمة الثقافة لا يمكن أن يعتمد علي الإصرار علي تأكيد حقيقة ما تكمن وراء الظاهرة. فالمتعالي خيال. وما يتبقى إذن هو مجال الذاتية immanence. فكيف إذن يمكن تعريف الشيء الذي يبدو حقيقيا تماما من خلال ما هو ظاهري؟.
 يبدو أن المبدأ الميتافيزيقي المتضمن في الفينومينولوجيا يتوافق مع تشخيص نيتشة استنفاد موارد الحقيقة الترانسندنتالية. إذ يقول المبدأ «لا توجد كينونة إلا بقدر ما توجد ظاهرة«. وقد عبر هوسرل عن نفس الحقيقة بقوله «في المجال الذهني لا يوجد فرق بين الظاهرة الوجود «. وهذا لا يعني أننا عندما نحصر تحليلنا في ظواهر محضة، لا يبقى سوى وصف مجزأ لحقيقة دائمة التغير. ففي هذه الظاهرة، يدرك هوسرل إمكانية الوصول إلي جوهرها، حيث من المحتمل أن يكون الجوهر قابلا للإدراك. والجوهر ليس هو الحقيقة. انه الاحتمال الداخلي للأشياء. ومجال الفينومينولوجيا هو الاحتمال، وعنصرها الحيوي هو التصور. وبالتالي، يمكننا أن نقول ان الطريق للحقيقة يمر من خلال المظهر. ورغم ذلك – في رأي هوسرل – بهذه الطريقة فقط يمكننا أن ننشئ قيما موضوعية راسخة و وإنقاذ الإنسان الأوروبي.
 وجرتوفسكي يفهم الأمر علي هذا النحو. ولكن لم يكن علاجه للأزمة مفهوما باعتباره وصفا لجوهر الظاهرة، بل بالأحرى وصفا للفن والمسرح. وفي هذا الصدد، يظل بالتأكيد أقرب إلي نيتشه منه إلي هوسرل. ورغم ذلك، فان منطق الثلاثة متشابه جدا في الواقع.
 في عالم الظواهر يصبح كل شيء لعبة ومسرح. وهذا هو السبب في أن استعارة الدنيا مسرح انتشرت في القرن العشرين. وهذا هو السبب أيضا الذي جعل مفهوم اللعبة في القرن العشرين مفهوما شائعا، حتى في الفلسفة الجادة. فالمسرح هو مجال الوهم والكذب والخداع والمحاكاة. ويوضح جروتوفسكي أن فن التمثيل في العصور القديمة لم يكن محترما، وأن أولئك اشتغلوا به عاشوا علي هامش المجتمع. وكما قال هوسرل في تحليلاته، كل شيء يحدث علي المسرح «وكأنه«. فهذا هو مجال الخيال والوهم. ولذلك كيف يمكن في عالم المظهر هذا أن نصل شيء مثل الحقيقة؟. وتثير إمكانية الوصول إليها – وفقا لجروتوفسكي – تأمل الجوهر – جوهر المسرح. فهو يسأل: ما هو المسرح في جوهره الأعمق؟. وبموجب هذا السؤال، وبالتناغم مع الممارسة المسرحية، يفتح جروتوفسكي منظورا جديدا للبحث عن الحقيقة في هذه الظاهرة.
.....................................................................................
دانييل رولاند سوبوتا : يعمل أستاذا في معهد الفلسفة وعلم الاجتماع في أكاديمية العلوم البولندية.
نشرت هذه المقالة في مجلةAnalliza i Egzystencija، 49 (2020).


ترجمة أحمد عبد الفتاح