العروض عبر الإنترنت ...مرفوضة فى المغرب أيضا

العروض عبر الإنترنت ...مرفوضة فى المغرب أيضا

العدد 716 صدر بتاريخ 17مايو2021

قامت العديد من الفرق المسرحية المغربية في الفترة الأخيرة بتقديم العروض المسرحية الملتزمة بها مع وزارة الثقافة، من دون جمهور وفي مختلف المدن والجهات بالمغرب، بسبب الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا، وبسبب سياسة الدعم المسرحي، التي لم تراع هذا الظرف، وأغلقت المسارح في وجه الجمهور، وأصابت أبو الفنون في مقتل.
 وكانت الحكومة المغربية سعت الى تعويض الفرق المسرحية المغربية بعدة سبل منها اعتماد البث المباشر لعروضها على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعى باشراف مديريات الثقافة فى مختلف محافظات المغرب. ويمكن للفرق نفسها عرض اعمالها دون اعتراض من الحكومة على صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفى اكثر من مناسبة تدعو الفرق المسرحية الدولة الى وقف هذا الاسلوب الذى تسميه الصحافة المغربية «الفرجة الافتراضية» ولاتعتبره الفرق المسرحية اسلوبا ناجحا ولا ترى فيه بديلا عن اللقاء المباشر مع الجمهور، الذي يعد المكون الرئيسي للفن المسرحي.
فلا يمكن للمسرح كما يقول المخرجة المسرحية المغربية البارزة نعيمة زيطان أن يقوم من دون جمهور، فعموده الأساسي هو هذا الجمهور، ومن دونه يكون العرض بائساومظلما وباردا. فإن كانت بعض المسابقات الرياضية تقدم أحيانا من دون جمهور كعقاب وزجر للفريق الرياضي أو لجمهوره المشاغب، فإن المسرح لا تقوم له قائمة من دون جمهور، وقمة العبث الاعتقاد بأنه يمكن أن يعيش في غياب الجمهور، إن غياب الجمهور هو قتل وتدمير له.
 وتقول زيطان إنها كانت مضطرة لتقديم أربعة عروض في الفترة الأخيرة، عرضين في الدار البيضاء، وعرضين بالرباط لمسرحيتها «طرز الحساب»، وذلك حتى يحصل الفنانون المشتغلون معها في فرقة «مسرح أكواريوم» على 50 بالمئة من مستحقاتهم المتبقية، لأنه من دون تقديم تلك العروض لا يمكن لوزارة المالية صرف تلك التعويضات.
شعور غريب
وأكدت زيطان أنها شعرت بإحساس غريب هي والفريق الذي يعمل معها، لأن تفاعل الجمهور وهمساته، بل وحتى أنفاسه كانت غائبة، وهو ما جعل تلك العروض ناقصة، بل «لحظات موت قاسية». ورغم ذلك فهى لاترفضها تماما بل مجرد تدريبات وتسخينات في انتظار ان يعانق الجمهور خشبة المسرح على حد تعبرها. ذلك ان الجوهر الحقيقي للمسرح هو الجمهور، والتواصل معه متعة لا تضاهيها أي متعة،. وأضافت «الجائحة أثرت على كل القطاعات، وخاصة القطاعات التي تعتمد على الجمهور ولابد ان تكون هناك رؤية مسبقة وواضحة لمثل هذه الأزمات”.
وأوضحت زيطان أن الفرق المسرحية الوطنية التي حظيت بالدعم الاستثنائي، قدمت بتوجيه من وزارة الثقافة عروضها المسرحية أمام كراسي فارغة، وهو قرار أملته الظروف التي تجتازها الفرق المسرحية، وذلك حتى لا تؤخر حالة الاستثناء ومنع تقديم العروض، ما تبقى من الحقوق المالية للفنانين وتوفير دخل يساعدهم على تجاوز هذه المحنة، التي يبدو أنها ستطول.
وأشارت زيطان إلى أن النقابة المغربية للفنانين حاولت الدخول في نقاش مع وزارة الثقافة، الوزارة المسئولة عن القطاع، ولكنها للأسف لم تسفر عن أي نتائج ملموسة.
رفض أخر
ومن جهته، رأى الفنان والمخرج المسرحي المغربي بوسلهام الضعيف، أن ما قامت به الفرق المسرحية مؤخرا من تقديم عروض من دون جمهور، هو «شيء ضد المسرح والفرجة المسرحية، وهذا نقد ذاتي بالنسبة لي شخصيا أيضا، ولو أنني اعتبرت هذا مجرد تدريب للفرق وتواصل مع الخشبات بعد طول غياب”.
وأضاف أن الفرق فرض عليها هذا الأمر نظرا لأنها ملتزمة بعقد مع وزارة الثقافة، وبعقود مع العاملين من ممثلين وفنيين، فأصبحت في وضع محرج.
ويضيف أن هذه الظاهرة كشفت مجموعة من الاختلالات، أهمها غياب سياسة مسرحية حقيقية، وعدم فعالية الإطارات النقابية التي كان من المفروض أن تتفاوض مع الوزارة وتفرض تصورا يتفق مع طبيعة المسرح.
وخلص الضعيف إلى أن الثقافة بتعدد أشكالها بالمغرب لا تجد من يدافع عنها، وقد ظهر هذا جليا مع السياسات الحكومية المتعاقبة في المغرب، والتي أبانت عن فشل ذريع في تدبيرها للشأن الثقافي والفني.
وكشفت أن «الثقافة ليست من أولوياتها، وهذه حقيقة تتطلب منا اليوم أن نتساءل عن هذا الوضع بشكل جدي، فما معنى الثقافة في مغرب اليوم؟ وما هو مستقبل الثقافة المغربية؟”.
اغتيال شاعر مسرحى فى ميانمار
منعوه من اكمال “البذور “
الشعراء هدف رئيسى لماذا
كلماته من القلب الى القلب
روعت الجماهير فى ميانمار او بورما كما يقول اسمها القديم بالاعلان عن مقتل الشاعر المسرحى “خيت ثى” على ايدى سلطات الانقلاب العسكرى الذى وقع هناك فى أول فبراير الماضى واطاح بالحكومة المنتخبة.
وحسبما تقول زوجته داهم مسلحون مجهولون بيته فى احدى ضواحى يانجون العاصمة الاقتصادية لميانمار بعد منتصف الليل واقتادوه الى مكان مجهول. وبعد 48 ساعة فوجئت الزوجة باحدى المستشفيات تتصل بها وتطلب منها الحضور لتسلم جثته. وكانت الصدمة قاسية عندما ذهبت الى المستشفى فوجدت جثته وقد انتزعت منها اعضاؤها الاساسية بما فيها الكبد والكليتان والعينان. وشيع جثمانه فى جنازة حافلة حتى تم احراقه حيث يدين الشاعر الراحل بالبوذية.
ولم يكن من الصعب معرفة الجانى وهو النظام العسكرى الحاكم الذى قتل حتى الان اكثر من الف مواطن. كما انه يستهدف المثقفين والادباء ورجال الفكر بشكل اساسى.
الاول والرابع
وكان ثى اول كاتب مسرحى او شاعر مسرحى بمعنى اصح ورابع شاعر تغتاله سلطات الانقلاب فى ميانمار خلال نحو ثلاثة شهور من الانقلاب .
ولم تكن هناك حاجة لاعمال الذهن كثيرا للوصول الى سبب اغتياله مثلما تم اغتيال الثلاثة الاخرين. وهناك اكثر من 30 شاعرا معتقلون فى سجون النظام العسكرى ويتعرضون للتعذيب الوحشى. وهناك اخرون فضلوا الاختفاء او توقفوا عن نظم الشعر.
وعندما يجمع المعارض بين موهبة نظم الشعر والكتابة للمسرح يصبح الامر خطرا لابد من التعامل معه...بأى شكل ..وقد كان.
فمنذ اليوم الاول للانقلاب كان يقود المظاهرات المعارضة له ويلقى قصائده الشعرية المؤثرة التى كانت تلهب حماس الجماهير بطريقة مسرحية كما لو كان يقف على خشبة المسرح .
 وكان بصدد وضع مسرحية شعرية تهاجم الانقلاب وتدافع عن حرية الشعب كى تقدم فى الهواء الطلق قبل ان تعاجله سلطات الانقلاب بالاغتيال الوحشى. وكان ينوى القيام باخراجها بنفسه بشكل مبسط وتجسيد شخصية او اثنتين من شخصياتها. وكان اسم المسرحية البذور . واستمد اسمها من عبارته الشهيرة ..لاتحاولوا ان تدفنونا تحت الارض ...لاننا نحن البذور . اما الشعراء الثلاثة الاخرون فقد قتل اثنان منهم رميا بالرصاص. وقتل الثالث عندما هاجمه مجهول وسكب عليه زجاجة بنزين واشعل فيه النار ثم هرب ليلقى الضحية مصرعه متاثرا باصاباته الخطيرة. وزعمت سلطات الانقلاب انه اضرم النار فى نفسه حيث كان راهبا بوذيا سابقا.
الجنس الرئيسى
 ويعد الشعر بمثابة الجنس الادبى الرئيسى فى الادب البورمى بسبب طبيعة اللغة وتراكيبها ذات الجرس الموسيقى التى تشجع الشعراء على الابداع. وقد لعب الشعراء دورا بارزا فى التاريخ البورمى وحتى فى حقبة الاستعمار البريطانى والحكم العسكرى السابق وفى القضايا والاحداث العامة التى شهدتها البلاد.
وكان ثى(50 سنة – مهندس – ينتمى الى عرقة البامار كبرى عرقيات بورما ) نفسه من عشاق الشعر حتى انه ترك وظيفته التى كانت تدر عليه دخلا طيبا عام 2012 ليتفرغ لقرض الشعر وفتح كشكا صغيرا للحلوى والمرطبات قرب بيته للحصول على ايراد للانفاق على اسرته. وكان دخله يتكون فقط من ايراد الكشك وحصيلة بيع دواوينه ومسرحياته الشعرية والتى كانت تحقق ارقاما طيبة فى مبيعاتها. وسبق اعتقاله لمدة عام فى عهد النظام العسكرى السابق عام 2015 وهو ينحدر من اسرة فقيرة تمتلك معصرة للفول السودانى.
وقال عنه شاعر اخر هو «كوكو ثيت» ان اشعاره ومسرحياته كانت مزيجا من «الشعر والشخصية القوية والشجاعة» وكانت تخرج من قلبه. وكان من معارضى الحكم العسكرى السابق.


ترجمة هشام عبد الرءوف