جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 713 صدر بتاريخ 26أبريل2021

كانت مدينة سان فرانسيسكو على موعد مع عرض مسرحى متميز على أكبر مسارحها. كان العرض هو «مدرسة الزوجات» للأديب الفرنسى الشهير موليير (1622 - 1673).
والمسرحية كما هو معروف من عيون الأدب الفرنسى. وتدور فكرتها حول رجل يربى فتاة تعمل خادمة لديه ويحاول أن يجعل منها فتاة جاهلة لا تعرف شيئا من حقائق الحياة .ويسعى بعد ذلك إلي الزواج منها كى تكون زوجة مطيعة ولاستغلالها فى أعمال غير مشروعة. لكن يتبين له أنه فاشل وأن هذه الفتاة في حقيقة الأمر أكثر وعيا ونضوجا مما كان يظن ولا يتم الزواج.
وهذه الفكرة استوحتها أعمال فنية عديدة في جميع أنحاء العالم، بل استوحاها الأديب الشهير جورج برنارد شو في مسرحيته «سيدتى الجميلة» واستوحتها السينما المصرية في فيلم «أيام الحب» لأحمد مظهر ونادية لطفى واستوحاها المسرح المصرى في مسرحية سيدتى الجميلة.
وكان هذا هو التحدى الحقيقى أمام مخرجة المسرحية «لوسى يبريان». كيف تجذب الجمهور إلي نص مسرحى كلاسيكى شاهدوه عددا غير محدود من المرات سواء في شكله المباشر أو شاهدوا أعمالا مقتبسة منه. وكانت الإجابة تقدم العرض بصورة مبتكرة تمثلت في أن يكون كل طاقم الممثلين من السود ومن الجنس اللطيف حتى الأدوار الرجالية.
وعلى ذلك عهدت «بارنولوفى» الشخصية الرئيسية في العمل إلي الممثلة الفائزة بجائزة تونى «تونيا بنكنز» التى قامت بدور الرجل.وعهدت بدور اجنى إلي مارى سيتهول. وعهدت بشخصية الخطيب هورا إلي كاليسوا برويستر. وهكذا مع بقية الشخصيات. وكنوع من التجديد تم تقديم المسرحية بصياغة شعرية للشاعر الأمريكي الراحل ريتشارد ويلبور (1921 - 2017)بدلا من الصياغة النثرية. كما حفلت المسرحية ببعض اللمسات الفكاهية. كما تمت العناية بالديكور وملابس الممثلين بشكل كبير جعلها متعة بصرية تضاف إلي المتعة الدرامية.
لابد أن يقام في موعده
احضروا ولا تخافوا
بعد أن تم إلغاء مهرجان أدنبرة الدولى المسرحى في إسكتلندا العام الماضى بسبب كورونا، رفض المسئولون عن المهرجان فكرة إلغاءه هذا العام وتقرر أن يقام المهرجان في موعده هذا العام في الفترة من 7 إلي 29 أغسطس القادم. ورغم وصف المهرجان بالمسرحى إلا أن الأعمال الفنية المقدمة فيه لا تقتصر على المسرح بل تشمل أيضا الرقص والموسيقى. وسوف يقام المهرجان بشكل مباشر في حضور الجماهير  بفضل ثلاثة أجنحة تمت إقامتها خصيصا بشكل  يحقق قواعد التباعد الاجتماعى ويحافظ على التهوية الجيدة أثناء العروض. كما أن فعالياته سوف يتم بثها عبر الشبكة العنكبوتية لمن يريد كما ذكرت اللجنة المنظمة.
ويقول رئيس اللجنة أن المدينة كانت تشهد عادة حركة سياحية مزدهرة من داخل بريطانيا وخارجها خلال الأسابيع الثلاثة التى يستغرقها المهرجان. ويرجو أن تزدهر الحركة السياحية هذا العام أيضا. ويضيف أن برنامج المهرجان لم يتحدد بعد ومن غير المتوقع أن يعلن قبل يونيو. كما تنتظر اللجنة رد حكومة إسكتلندا على طلب بتحديد عدد الأفراد الذين سوف يسمح لهم بحضور المهرجان خاصة في ضوء التجميد المفروض على الأنشطة الثقافية حتى 17 مايو القادم.
ويقول أن اللجنة المنظمة تصر على إقامة المهرجان في موعده رغم علمها بأن الأعداد التى تشهد المهرجان سوف تكون أقل بسبب قيود كورونا على الطيران القادم من الخارج ومخاوف البريطانيين انفسهم من كورونا. كما أن هناك بعض الفرق الأجنبية التى اعتادت الحضور قد لا تحضر هذا العام فرقة أوبرا باريس وفرقة كوميشا الألمانية  وبعض الفرق المسرحية الأمريكية التى اعتادت الحضور كل عام وكانت تجذب جمهورا كبيرا.  لكنها مصرة على إقامة المهرجان حتى لو حضره شخص واحد لأنه يرتبط بالمدينة.  
البداية
وتعود بداية المهرجان إلي عام 1947 بهدف توحيد الشعوب من خلال الثقافة بوجه عام في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وتم اختيار أدنبرة لهذا المهرجان بسبب العروض الموسيقية الضخمة التى كانت تشتهر بها لكبار المبدعين أمثال بيتهوفن وموزار وباخ وفاجنر. وكان المهرجان في بدايته يركز فقط على الموسيقى ثم اتسع نشاطه إلي الرقص والمسرح. وتوارى الرقص والموسيقى وأصبحا يقدمان على هامش أعماله المسرحية.
وكان السبب أن الخشبات التى تقدم عليها العروض لم تعد تتسع لأعداد كبيرة من العازفين أو الراقصين مثلما تحتاج الأعمال الملحمية والأوبرالية الضخمة. ولحل هذه المشكلة سوف تسعى اللجنة إلي قبول أعمال صغيرة لفرق صغيرة تقدم بطريقة مبتكرة ..والمهم إقامة هذا الحدث الفنى الثقافى فى موعده.
وحرصا من اللجنة على أن يستمتع بالمهرجان من يريد سوف يتم بث كل فعاليات المهرجان على الإنترنت. وسوف يكون بعضها مجانا والبعض الأخر بمقابل معقول. وسوف تحاول اللجنة تشجيع عدد كبير من المسرحيات القصيرة والكوميدية لتعويض الغياب المتوقع لعدد من الفرق الكبيرة.
ويعود رئيس اللجنة المنظمة فيناشد الجماهير حضور المهرجان. يقول أن حالات كورونا انحسرت كثيرا في المقاطعة البريطانية. وفى الأيام الأخيرة تم تشخيص 200 حالة إيجابية يوميا وهو رقم بسيط للغاية بالمقارنة بعدد سكان المقاطعة البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة. كما أن هناك أحداثا ثقافية أخرى سوف تشهدها أدنبرة في وقت متزامن مثل معرض أدنبرة للكتاب ومهرجان موسيقى القرب. ويأمل أن ترفع باقى القيود المفروضة على الحياة الثقافية بسبب كورونا.  
ويؤكد في النهاية أن المهرجان لا يحقق أى ربح للجنة لكن المهم أن يقام.
أنا ممثلة مسرحية
كانت الممثلة البريطانية هيلين ماكرورى التى رحلت إلي العالم الأخر قبل أيام عن عمر 52 عاما، صاحبة إبداعات غزيرة في المسرح والسينما والتليفزيون على حد سواء تفوق كثيرا سنوات عمرها القصير (أكثر من مائة عمل في الوسائط الثلاثة). وكانت إبداعاتها في السينما والتليفزيون اشهر من إبداعاتها في المسرح. فقد اشتهرت بأعمال تلفزيونية عديدة منها  مسلسل «الأقنعة الهزيلة». كما اشتهرت بشخصية «نارسيسا مالفوى» في ثلاثة من سلسلة أفلام هارى بوتر التى حققت لها الشهرة على مستوى العالم عام 2008.
لكنها كانت تطلق على نفسها دائما لقب «الممثلة المسرحية» باعتبار أن المسرح كان الوسيط الذى شهد أول إبداعاتها على خشبته عندما كانت في الحادية والعشرين من عمرها عام 1990 على مسرح «هاروجيت» الشهير في لندن.
كان ذلك عندما شاركت في مسرحية «أهمية أن تكون ايرنست» للأديب البريطانى أوسكار وايلد (1854- 1900). وكان ذلك بمناسبة مرور 95 عاما على عرض المسرحية لأول مرة في حياة مؤلفها. وقد قامت بدور البطولة وهو مسز «فيرفاكس» وجذبت إجادتها للشخصية أنظار المنتجين والمخرجين في السينما والتليفزيون لتبدأ حياة فنية حافلة فيهما دون أن تترك المسرح الذى قدمت فيه مجموعة متنوعة من الأعمال. وكان أخرها مسرحية «البحر الأزرق العميق» للأديب البريطانى «تيرنس راتيجان» (1911- 1977).
 وبين هذا وذاك شاركت في عروض لمجموعة من عيون الأدب المسرحى الإنجليزي والعالمى مثل مسرحيات شكسبير والروسى تشيكوف والنرويجى أبسن (1828- 1906) والإسباني لوركا (1898–1936) وغيرها. وكانت من أشد المعجبين بالكاتب الروسى تشيكوف (1860 – 1904) وجسدت أدوار البطولة في عدد من مسرحياته مثل العم فانيا والنورس. وحصلت على مجموعة متنوعة من الجوائز في الوسائط الثلاث منها أرفع جائزة مسرحية وهى جائزة «لورنس أوليفييه» عن تجسيدها لشخصية روزاليند في مسرحية شكسبير «كما تهوى». وكانت تتألق بشكل خاص في أدوار الشر ومثلت عددًا من الأعمال البوليسية.
  وكأنها كانت تعرف أن حياتها لن تكون طويلة اندفعت في العمل بلا حدود حتى تقاعدت من كل الوسائط في أواخر العام الماضى عندما اشتد بها المرض ويرفع الأطباء الراية البيضاء وترحل بعدها بشهور بعد حياة فنية حافلة كما أعلن زوجها الممثل دامين لويس.
وقد جسدت على المسرح والتليفزيون شيرى بلير زوجة رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير في مسرحية ومسلسل الملكة.


ترجمة هشام عبد الرءوف