كورونا والمسرح

كورونا والمسرح

العدد 660 صدر بتاريخ 20أبريل2020

  • الكتاب والخيال.. بديلا لمقاعد المتفرجين

  • العرض عبر الإنترنت والدورات التدريبية أفكار أخرى

هل تفتقد المسرح في زمن الكورونا؟ بالتأكيد، فالمسرح فن له عشاقه باعتباره فنا تعبيريا يتفاعل فيه الممثلون مع الجماهير ويتفاعل الجميع مع الأضواء والمؤثرات البصرية والصوتية وعوامل الجذب الأخرى التي يتمتع بها المسرح. ولا بد أن عشاقه يشعرون بالحزن بسبب وباء كورونا الذي منعت التجمعات بسببه.

في الولايات المتحدة التي هي أكثر الدول تضررا من هذا الوباء أو الجائحة كما يسمى في الشام ودول الخليج، لفت ذلك نظر الناقدة المسرحية لجريدة نيويورك تايمز فاقترحت البديل على عشاق المسرح. وكان البديل غير تقليدي. تقول الناقدة إنه لا توجد مشكلة لعشاق المسرح إذا أرادوا أن يشاهدوا المسرحيات في بيوتهم. فمعظم المسرحيات التي تعرض في الولايات المتحدة تسجل وتباع على أقراص مدمجة أو تعرض على مواقع على الشبكة العنكبوتية مثل نتفلكس لمن يريد بمقابل. ولا توجد مواقع تتيح المسرحيات مجانا كما هو الحال في مصر مثلا لأن المسرح فن له نفقات مرتفعة.

المشكلة الحقيقية
لكن المشكلة أن الكثير من عشاق المسرح لا يقتنعون بذلك ولا يرضون بأقل من التفاعل الطبيعي بين الممثل والمشاهد الجالس في مقاعد المتفرجين. هنا تقترح عليهم الناقدة المسرحية حلا بديلا وغير تقليدي وهو اللجوء إلى أبسط أداة ثقافية عرفها الإنسان وهي الكتاب. تنصح الناقدة بقراءة نصوص مسرحية جيدة أو أعمال أدبية خالدة تحولت إلى أعمال مسرحية أو دارت حول المسرح. فهي تقدم لعشاق المسرح أفضل بديل ممكن وتجعل الواحد منهم يشاهد المسرحية في ذهنه كما تقول الناقدة.
وتمضي إلى حد بعيد في توجيه هذه النصيحة فتقول إنه ينبغي على من يقتنع بهذا البديل غير التقليدي أن يجلس في غرفة هادئة وكأنه يجلس في مقاعد المشاهدين في المسرح ويمارس هذا الأمر في نفس مواعيد عرض المسرحيات في المسارح ويقوم باستراحات بين الفصول كما يحدث في المسارح الفعلية ثم يطلق العنان لخياله. وتقول إنها كعاشقة للمسرح قبل أن تكون ناقدة مسرحية قامت بهذه التجربة بنفسها وحققت نجاحا لا بأس به.
وحتى لا يجهد القارئ نفسه كثيرا في اختيار القصص تقدم له الناقدة أعمالا مقترحة يمارس معها هذا البديل.
مانسفيلد بارك
وكانت أولى الأعمال التي رشحتها قصة “مانسفيلد بارك” للأديبة البريطانية جين أوستن (1775 – 1817). وتعرف أوستن بلقب صاحبة القصص الست حيث إنها ألفت ست قصص فقط آخرها مانسفيلد بارك التي كتبتها قبل وفاتها بثلاث سنوات. وكانت تهتم في أعمالها بحياة الطبقة الراقية في بريطانيا. وتحولت قصصها إلى مسرحيات وأفلام كثيرة سواء كانت مأخوذة عنها مباشرة أو معالجات لها بلغات كثيرة.
ويأتي بعد ذلك قصة «المسرحية» لسومرست موم (1874 - 1965). وهي قصة وليست مسرحية اختار لها موم الشكل القصصي رغم أنه كان كاتبا مسرحيا أيضا. وقد تحولت إلى فيلم عدة مرات بعد وفاة موم. وهي قصة فكاهية كتبها عام 1937 تدور حول قصة نجمة مسرحية في لندن تواجه منافسة غير شريفة من فنانة صغيرة في الفن وفي الحياة الاجتماعية، حيث تسعى إلى خطف خطيبها الشاب الذي ارتبطت به بصعوبة بعد أن كاد يفوتها قطار الزواج.
وتأتي بعد ذلك قصة “حفيف الستائر” للأديبة البريطانية باميلا براون (1924 – 1989) التي كتبتها عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها. والقصة للأطفال أصلا وتدور أيضا حول المسرح. وتدور أحداثها حول سبعة أطفال يقومون برحلة في الغابة ويعثرون على مسرح مهجور فيقومون بإعداده ويقدمون عليه بعض المشاهد المسرحية المبسطة.
وهناك أيضا مسرحية «الفصل القادم» للأديب المسرحي والممثل والمخرج الأسترالي مايكل بلاك مور (92 سنة) الفائز بجائزة توني المسرحية عدة مرات عن مسرحيته «كوبنهاجن». وتدور المسرحية حول ممثل مغمور يشعر بالحزن لتجاهل الجمهور والنقاد له رغم موهبته أو ما يظنها كذلك.
وتأتي ضمن النصيحة قراءة قصة “أطفال حكماء” لأنجيلا كارتر. وكانت آخر قصة لها قبل رحيلها عام 1992 متأثرة بسرطان الرئة عن 51 عاما. والقصة من نوع الكوميديا وتدور حول ممثلة مسرحية عجوز تروي ذكرياتها.
قلب القطيفة
وهناك أيضا “قلب القطيفة” للكاتبة الويلزية سارة ووترز (54 سنة). وتدور القصة حول صياد يحب فتاة تغني في ملابس الرجال. وتأتي كذلك مسرحية “البقية” لتوم مكارثي (54 سنة) وهو كاتب ومخرج وممثل مسرحي، وتدور حول رجل يصاب في حادث ويحصل على تعويض فينفقه على أصدقاء ليمثلوا أمامه مشاهد من حياته.
وتوالي الناقدة اقتراحاتها فتختار قصة «منحنى واحد مناسب» للأديبة الاسكوتلندية «كيت أتكنز» (70 سنة). وهي أديبة متأخرة الإبداع حيث نشر أول إنتاجها وهي في الخامسة والأربعين. وهذه القصة من القصص البوليسية على غرار قصص أجاثا كريستي. وهي تدور حول حادث مرور يقع عند مفترق للطرق ويؤثر على حياة كل أطرافه. ويقوم بالتحقيق مفتش المباحث جاكسون برودي الذي يكتشف أنها جريمة مدبرة تقف وراءها صديقته النجمة الشهيرة.
كتبت أتكنز قصتها في شكل قصصي رغم أنها كاتبة مسرحية. وترى الناقدة أنه يمكن تحويل هذه القصة إلى مسرحية على غرار بعض روايات أجاثا كريستي مصيدة الفئران لأنها تحوي عناصر كثيرة للتشويق والإثارة.
ويبدو أن الناقدة تميل إلى الأدب البريطاني بدليل أن كل من نصحت بقراءة أعمالهم تقريبا كانوا من البريطانيين. لكنها لم تقتصر عليهم. ضمنت رواياتها المقترحة قصة «في الليل نسير في دوائر» للأديب الأمريكي البيروفي المولد الشاب دانييل ألاركون. وهو في الوقت نفسه صحفي ومنتج إذاعي وشريك في محطة إذاعة تبث بالإسبانية في الولايات المتحدة.
وتدور الرواية حول ممثل صغير في دولة في أمريكا اللاتينية لم يرد اسمها في الرواية ينضم إلى فرقة مسرحية شكلها المتمردون على حكومة هذه الدولة. وتقرر الفرقة عرض مسرحية مثيرة للجدل باسم الرئيس الأحمق ويقدمها ثلاثة ممثلين في الميادين والتجمعات الجماهيرية تحت حراسة مسلحة من المتمردين ثم يختفون. وتتوالى الأحداث. وهذه القصة صدرت عام 2013 ولم تحول إلى أي شكل درامي بعد.
وتتوالى الروايات التي تنصح الناقدة قراءها بقراءتها ونعرض بعضها بسرعة حتى لا نطيل على القارئ. فهناك قصة «العفريت» للكاتبة والناشطة البيئية الكندية مارجريت أتوود (81 سنة) والمأخوذة عن مسرحية العاصفة لشكسبير (صدرت في 2016). وكذلك قصة “ثق في التمرينات الرياضية” للأديبة الأمريكية ذات الأصول الكورية سوزان شوا (51 سنة).
وهناك قصة «اللطيف» لابنة شيكاغو الشابة لايني فارجو وتدور حول فرقة مسرحية في شيكاغو يسيء مديرها معاملة الممثلين ثم تتطور الأحداث فيقتنع بأهمية المعاملة الحسنة والتفاهم معهم.
رأي آخر
وكانت تلك هي النصيحة التي قدمتها ناقدة النيويورك تايمز، لكن البعض الآخر كان له رأي آخر.
هناك مسرح ويليامز تاون في مدينة تحمل نفس الاسم في ولاية ماساسوشتس الذي اقترب موعد مهرجانه السنوي الصيفي. قرر المسئولون عن المسرح إقامة المهرجان في موعده مع نقله على الهواء عبر الإنترنت مقابل اشتراك لمن يدفع لموقع AUDIBLE التابع لشركة أمازون. وقد تأسس هذا الموقع منذ ثلاث سنوات وتخصص في المسرح فقط وبث حتى الآن 36 مسرحية. وهو يقدم المسرحيات ببث مباشر ويسعى لتوفير أجواء شبيهة بجو المسرح. وكان الاتجاه في البداية بثه عن طريق عدد من محطات الإذاعة والتلفزيون في الولاية لكن تم استبعاد الفكرة بسبب ارتفاع التكاليف وحجب التمويل من جانب هيئة الفنون الاستعراضية.
وتقول ماندي جرينفيلد المدير الفني للفرقة إن هذا النقل لن يصل إلى درجة التفاعل الكامل لكنه أفضل البدائل المتاحة وبدلا من إلغاء المهرجان الذي تقدم فيه سبع مسرحيات تبدأ «بعربة اسمها الرغبة» لتنيسي ويليامز. وسوف يكون أول مهرجان يطبق هذا المبدأ.
وتبنت رؤية مختلفة بعض الشيء فرقة «مورزتاون» المسرحية بمدينة تحمل نفس الاسم في نيوجيرسي. استغلت الفرقة فترة التوقف في تنظيم ورش عمل وتدريب لمن يرغب حول جوانب مختلفة من الفن المسرحي مثل الرقص والموسيقى والمسرح الموسيقي ومسرح العرائس وقبل هذا وذاك التمثيل والإخراج.
وتأمل الفرقة في تقديم مسرحيتين موسيقيتين تم الإعداد لتقديمهما في الربيع. ويقول المدير الفني للفرقة إنه لا قيمة للعرض المسرحي عندما يقدم لجماهير عن بعد. لكنه أمر وارد إذا لم ترفع القيود على التجمعات.
ويقول إن هذه الدورات لا تهدف إلى الربح بل إلى نشر هذا الفن الجميل. وسوف تكون الرسوم 13 دولارا فقط في الساعة ولن تزيد المجموعة عن ثمانية متدربين.


ترجمة هشام عبد الرءوف