أضواء على المسرح الأمريكي

أضواء على المسرح الأمريكي

العدد 711 صدر بتاريخ 12أبريل2021

ولا تزال قضية حقوق السود تفرض نفسها على عالم المسرح الامريكى  مثلما تفرض نفسها فى مجالات اخرى. كان احدث الامثلة على ذلك فى ولاية منيسوتا حث قررت فرقة”دينر” المسرحية فى الولاية الغاء العرض المسرحى الموسيقى “سندريللا “ المأخوذ عن الاسطورة المعروفة .
 وكان سبب الالغاء ان معظم ممثلى العرض والمشاركين فيه من البيض (98%)مما يجعل السود والجماعات العرقية الاخرى غير ممثلين تمثيلا عادلا فى العرض المسرحى.  وقال مدير الفرقة انه يشعر بالاحباط الذى اصاب طاقم العمل من جراء القرار بعد ان بذلوا جهدا كبيرا فى البروفات . لكنه كان مضطرا لانه يعتبر ذلك وضعا لايناسب الجهود التى يشهدها عالم المسرح الامريكى لتحقيق التنويع العرقى  على خشبة المسرح وفى كواليسه ايضا.  وهنا يصبح من المناسب تأجيل العرض حتى يتحقق له هذا الشرط خاصة ان الفرقة تلتزم بمبدا التنويع فى تلك الولاية التى تقيم بها جاليات كبيرة من الجماعات العرقية المختلفة مثل السود  خاصة الصوماليين والاسيويين والهنود. وتمثل النائبة الصومالية الاصل الحان عمر احدى دوائر الولاية .
موائد ...لا مقاعد
وأضاف ان الفرقة سوف تعمل على علاج هذه المشكلة . كما انها تستعد فى الوقت نفسه بمسرحية اخرى للعام القادم باسم «الطلوقة «LOOSEFOOT سوف تراعى فيه المساواة العرقية. وقد تمت الاستعانة بمستشار «للمساواة العرقية» لهذا الغرض سبق ان استعانت به فرق أخرى.
ويذكر ان فرقة “دينر” المسرحية لها من اسمها نصيب حيث ان مسرحها لاتوجد به مقاعد ،بل موائد يجلس عليها المشاهدون ويتناولون طعام العشاء وهم يشاهدون  العرض المسرحى. ويعود انشاء الفرقة الى عام 1968. وكان انشاؤها تجربة فريدة ناجحة لكنها لم تتكرر فى اى ولاية اخرى حتى الان.
أودرا صاحبة الفكرة
وهناك اسلوب اخر فى الدفاع عن حقوق السود فى المسرح الامريكى وهو الغناء.  كان ذلك فى اعقاب قضية المواطن الاسود جورج فلويد على ايدى ضابط شرطة  جثم على رقبته بركبته فأودى بحياته.  وكان السبب مجرد خلاف حول ورقة بعشرين دولار ظن بائع فى احد المتاجر انها مزيفة .
اتسعت حركة الحقوق المدنية المطالبة  بحقوق السود وامتدت الى مجال المسرح كما قلنا. وكان من ضمن مظاهر هذه الحركة نشأة  عدة تجمعات  للفنانين السود  منها تجمع لممثلى المسرح السود باسم «المسرح الاسود متحدون « للدفاع عن حقوق السود فى المسرح.
اطلقت فكرة تأسيس الفرقة الممثلة الزنجية اودرا ماكدونالد (51 سنة ) وهى ممثلة مسرحية ومغنية  فازت بجائزة تونى ست مرات.
وقالت ان هذا التجمع سوف يعمل فى الوقت نفسه على تشجيع السود على ارتياد المسارح بشكل اكبر وتشجيعهم على الاستثمار فى المسرح  أو جلب الدولارات السوداء  الى المسرح على حد تعبيرها. وهو لن  يركز على المسرح فقط بل سيهتم بكافة القضايا الاجتماعية للسود وغيرهم من الاقليات المظلومة.
وكانت باكورة اعمال «المسرح الاسود متحدون «اغنية جماعية باسم «نقف من اجل التغيير» . شاركت ماكدونالد فى الاغنية مع 12 اخرين من السود فى الاغنية وقالت انه يتم طبعها وبيعها وتخصص ايراداتها للقضايا الاجتماعية. وقالت ان الاغنية تم انتاجها بتدابير وقائية لتحاشى اى عدوى بكورونا حث سجل كل واحد الجزء الخاص به من الاغنية على حدى ثم تم التوليف بين الاجزاء حت يشعر المستمع بانهم جميعا يغنون فى وقت واحد.
دفاع
 وقالت ان الفرقة تعرضت للسخرية باعتبار ان مشكلة السود فى امريكا بالغة التعقيد ولا تحلها  مجرد اغنية . لكنها رأت ان المجتمع مستعد للتغيير ويمكن لاغنية جيدة تتعامل مع جوهر الامور ان تسرع من ايقاعه. وهى واثقة من ان مبيعات الاغنية سوف تحقق ارقاما كبيرة خلال الفترة القادمة رغم بدايتها المتواضعة.
وتقول ان كل الارقام تؤكد ضرورة انشاء هذا التجمع حيث ان 80 % من المخرجين و85 % من المخرجين  و91 % من مصممى الديكورات والملابس من البيض. وتذهب 61 % من الادوار المسرحية فى برودواى الى البيض وهو ضعف نسبتهم بين سكان نيويورك.
وتقول فى النهاية ان التنوع حقيقة قائمة فى المجتمع الامريكى ولابد ان يجد طريقه الى كل المجالات.
 ابداع بلا جوائز
لم يكن الكاتب المسرحى الامريكى  “ارثر كوبيت “الذى رحل عن عالمنا منذ ايام عن عمر يناهز 84 عاما مجرد كاتب مسرحى عادى بدأ رحلته مع الابداع المسرحى فى فترة مبكرة واستمرت اكثر من ستين عاما.  وقد ابدع  اول اعماله المسرحية وهو لا يزال طالبا فى جامعة هارفارد يدرس الهندسة  الكيميائية التى تخصص فيها وتركها الى الادب بعد تخرجه.
ولم يكن كوبيت مجرد كاتب مسرحى مقل ومجيد فى ان واحد  لم يبدع  اكثر من 30 مسرحية عبر هذه الحياة المسرحية الطويلة بمعدل مسرحية كل عامين.
ولم يكن مجرد كاتب صاحب رأى استغل موهبته المسرحية   فى الدفاع عما يؤمن به من اراء.  كان من معارضى حرب فيتنام  وهو ما عبر عنه فى مسرحيته “الاجنحة” التى عرضت عام 1968.وكان من المدافعين عن حقوق الهنود الحمر او السكان الاصليين كما يطلق عليهم فى الولايات المتحدة  فى مسرحية “ الهنود “ التى عرضت عام1970. وعارض سباق التسلح النووى فى مسرحيته “نهاية العالم “.
ولم يكن مجرد كاتب يلجأ الى اساليب مسرحية غير تقليدية للتعبير عن رأيه مثل مسرح العبث او الكوميديا السوداء.
السبب الذى يجعله يحتل مكانا متميزا فى عالم المسرح الامريكى انه لم يفز باى جائزة عن مسرحياته رغم هذا العمر الطويل فى المسرح ورغم اشادة النقاد بها والنجاح الجماهيرى الذى لاقته تلك المسرحيات .
20 ترشيحا
رشح حوالى 20 مرة لجوائز مختلفة مسرحية ودرامية كان ابرزها جائزة تونى المسرحية الامريكية المرموقة التى رشح لها ست مرات ولم يفز بها. ورشح 3 مرات لجائزة السير لورانس اوليفييه البريطانية  المرموقة. ورشح مرتان لجائزة ايمى ولم يفز بها. حصل فقط على بعض الجوائز تقديرا لمجمل اعماله وهى جوائز روتينية.
وكان من المفارقات انه رشح عن احدى مسرحياته “تسعة” لجائزة تونى كأفضل نص مسرحى عام1982 ولم يفز رغم فوز المسرحية نفسها بعدة جوائز . واعيد عرض المسرحية عام 2003 وتم ترشيحها لجائزة تونى ففازت بجائزة احسن مسرحية معادة ولم يفز هو باى جائزة. وقد تحولت المسرحية بعد ذلك الى فيلم من اخراج المخرج العالمى روبرت مارشال  للاستفادة من نجاحها على المسرح.
ولم يكن هذا الامر يثير لديه  اى غضب بل كان يجعله مادة للتندر حتى ايامه الاخيرة قبل رحيله المفاجئ لسبب  غير معروف. وكان يقول ان اشادة النقاد وحضور الجماهير افضل جائزة يعتز بها وانه يعتبر مجرد الترشيح فى حد ذاته جائزة.
أطول اسم
 وتم عرض اول مسرحية له على مسارح برودواى عام 1963 عندما كان فى السادسة والعشرين من عمره قبل تخرجه. وكان اسم المسرحية طويلا “  ابى يا ابى المسكين..علقتك امى فى دولاب الملابس واشعر بالحزن من اجلك “.
ويقول كوبيت ان اهم ما اثر فى حياته واثر فى كتاباته طلاق امه من ابيه عندما كان فى الثانية من عمره وزواج امه بأخر حمل اسمه كأب قانونى.وقال ان زوج امه كان يعامله  معاملة طيبة  لكن حياته بعيدا عن الاب الحقيقى اثرت فى ادبه .


ترجمة هشام عبد الرءوف