محمد كسبر: سيف الحارس يتناول أهمية الوحدة العربية وضرورة التصدي للدجل

محمد كسبر: سيف الحارس يتناول أهمية الوحدة العربية وضرورة التصدي للدجل

العدد 709 صدر بتاريخ 29مارس2021

محمد كسبر كاتب حاصل على ماجستير في العلوم السياسية من جامعة أتانومة بإسبانيا، له رواية بعنوان «مسيرة فلان العلاني في برشلونة» صدرت عن الدار المصرية اللبنانية، وحصل على جائزة التأليف المسرحي من وزارة الثقافة المصرية عن نصه «فريدة»، والكاتب عضو لجنة مشاهدة في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير وله عدة مقالات في مجال النقد السينمائي، وشارك في تحرير نشرة الأقصر للفيلم الأفريقي عام 2020، كلما أراد الابتعاد عن المسرح وجد أحد نصوصه يحصل على جائزة وكأن القدر يسطر طريقه للاستمرار، وها هو يحصل على جائزة أفضل نص مسرحي للأطفال «سيف الحارس» للمرة الثانية من الهيئة العربية للمسرح، والذي كان لنا معه هذا الحوار..
في البداية لنتحدث عن الجائزة وأهميتها بالنسبة لك خاصة وأنها ليست الأولى من الهيئة العربية للمسرح؟
الجائزة تمثل أهمية كبرى لأنها جاءت  من مؤسسة لها قدرها مثل مؤسسة الهيئة العربية للمسرح، كما أنني  أحصل على الجائزة للمرة الثانية في مجال النص المسرحي الموجه للطفل والاهتمام بالطفل ومسرح الطفل نادر في عالمنا العربي من الجيد اهتمام المؤسسة بالطفل فهو أمر يستحق كل اهتمام وتقدير لذا اعتز بهذه الجائزة كثيرا وهي فارقة في مسيرتي الإبداعية.
حدثني عن نص “سيف الحارس” الحاصل على الجائزة وسبب تسميته بهذا الاسم؟
“سيف الحارس” هو نص مسرحي موجه للطفل، يدور حول العراف فرفور الذي يحاول النصب على شعب مدينة بغداد ويستغل خوفهم من المغول في سرقة أموالهم ويوظفه لصالحه فيتصدى له «معقول» وبهلول لمحاولة إنقاذ المدينة، والنص تفاعلي حيث أن للجمهور دور أساسي في تطور الأحداث، أما سبب التسمية؛ فهي تسمية مزدوجة فالسيف يشير هنا إلي السيف الذي يحمله حارس المدينة وابن الحارس يدعى سيف في نفس الوقت.
ما الرسالة التي أردت طرحها من خلال النص؟
النص يتناول أهمية الوحدة العربية والمعنى الحقيقي للحداثة وضرورة التصدي للدجل والشعوذة.
وماذا عن النصوص الأخرى التي حصلت من خلالها على جوائز؟
حصلت على جائزة أفضل نص مسرحي من وزارة الثقافة عن نصي “فريدة”، وهو نص للكبار يدور حول ليلة سقوط بغداد وحياة المعسكر الأمريكي هناك، والمسرحية تتشابك مع الحرب ومعناها عند الجندي الذي ذهب إلى هناك ولا يدري أين بغداد على الخريطة، كما حصلت على جائزة الهيئىة العامة لقصور الثقافة عن نص للأطفال، بالإضافة إلي وصولي إلي القائمة القصيرة للهيئة العربية للمسرح العام السابق، كما فاز نصي “مندور والقلم المسحور” بجائزة أفضل نص مسرحي مركز ثالث في 2019، وهو نص للأطفال يتناول مندور الذي يتعرض للتنمر من أصدقائه؛ فيهديه والده قلم سحري يصحبه في جولة سحرية، والنص يتناول عدة نماذج سلبية كالعالم الذي يسخر علمه في تجارب نووية، والكاتب الذي يبييع قلمه في  سبيل من يدفع أكثر.
لماذا من وجهة نظرك تختفي دائما النصوص الفائزة بالجوائز في مختلف المسابقات ولا نشاهدها على خشبة المسرح؟
لا أعلم، وأعتقد أنها أزمة إدارة بالأساس ولا يوجد تنسيق للاهتمام بالنصوص الفائزة وهي كثيرة.
هل مايصلح للقراءة لا يصلح بالضرورة للعرض على خشبة المسرح؟
لا أعتقد ذلك، قد يحتاج النص بعض التعديلات، وهذه مهمة المخرج بعد التشاور مع الكاتب، وأتذكر أن توفيق الحكيم وافق في حياته على إدخال بعض التعديلات على نصوصه المسرحية لتصبح صالحة للعرض فتم تعديل الحوار مثلا ليصبح بالعامية، فانا أؤمن أن بعض النصوص تحتاج إلي تعديل لكن أن يقر مخرج باستحالة عرض نص ما فهذا يعني فشل تعامله مع هذا النص ولا يعيب ذلك في قدراته فقد يوفق مع نص آخر.
في وقت معين كان مرهون إبداع الكاتب بحالته وإلهامه وربما يستغرق سنوات لكتابة نص مسرحي أو سيناريو مسلسل بينما الآن أصبح الأمر سريعا فما السبب وهل يمكن للمبدع أن يكتب فقط بالطلب أو للجائزة؟
لا يوجد قانون للكتابة، وبطئ الكتابة لا يعني الجودة، فدوستويفسكي أنجز بعض رواياته في بضعة أيام، ونجيب محفوظ كان يصدر رواية كل سنة، وكذلك الكاتب جمال الغيطاني، فالعبرة في النهاية بالمنتج النهائي وهناك  كتاب ينجزون رواياتهم في وقت قصير ثم يطلبون من الناشر أن يؤجل النشر؛ حتى يتظاهروا أن العمل استغرق منهم وقت طويل، فالعمل من الممكن أن يتدفق ويسير بسلاسة وينجز في غضون شهور قليلة ومن الممكن أن يستغرق وقت أطول، وهذا لا يعني أي شئ المهم المنتج النهائي كما أوضحت، أما الجائزة فهي خطوة للتعريف باعمال الكاتب، فمثلا سيتعامل المخرج باهتمام مع نص مسرحي حاصل على جائزة مرموقة ومن الممكن أن يتجاهل نفس الكاتب لو تقدم له بنفس النص دون أن ينال جائزة فالمعاملة تختلف هنا، بالاضافة إلي أن الجائزة تعطي للكاتب أمان مادي يساعده على انجاز نصوص تالية.
متى كانت بداياتك مع الكتابة المسرحية؟
حبي للمسرح وتعلقي به بدأ منذ الصغر عندما قرأت لتوفيق الحكيم وفتنت به ففتنت بالمسرح بالتبعية، أما كتابتي للمسرح بدأت في أيام الكلية فلقد شاركت في كتابة عدة مسرحيات عرضت في مكتبة إسكندرية آنذاك.
نعلم أن البيئة دائما لها تأثيرها في المبدع فكيف اثرت اسكندرية فيك؟
بالتأكيد اثرت في كتاباتي، لكنني بكل صراحة لا أحب أن اضخم من الأمر ولا أحرص على أن يكون هناك قصدية لإظهار الإسكندرية في نصوصي، فكما يقولب الغرب الأعمال العربية والترجمة تقتصر على الأعمال التي تتناول قهر المرأة أو الاستبداد السياسي، هناك أيضا من يقولب كتاب الإسكندرية ويتوقع منهم دائما أن يسردوا تاريخ المدينة ويبرزوا التناقض بين المناخ المتسامح سابقا واختفاؤه حاليا، وأنا لا أجد مانع في هذه الأعمال  لكنني أكره القولبة فقط.
لماذ مسرح الطفل الذي كان له الحيز الأكبر من كتاباتك؟
أنا أكتب في مجالات عديدة، وأكتب لمسرح الطفل وللكبار أيضا، لكن التوفيق جاءني عندما كتبت لمسرح الطفل وجميع النصوص التي كتبتها حازت على تقدير وإشادة بفضل الله وتوفيقه، فالكاتب يكتب وهناك عين خارجية تقول له أنت أفضل في هذا المجال.
من وجهة نظرك أين تكمن الأزمة في مسرح الطفل؟
الأزمة تكمن في عدم الاهتمام بأدب الطفل عموما واعتباره أدب درجة ثانية رغم أن الكتابة للطفل كتابة لها حساسية خاصة ومن أصعب الفنون الكتابية، ولا يوجد محتوى جيد للطفل سواء سينما أو مسرح أو قناة تلفزيونية متخصصة للطفل.
إلى أي مدى نجح كاتب مسرح الطفل في مواكبة طفل هذا العصر وهل هناك فجوة بين المبدع والطفل؟
لابد للكاتب أن يضع في اعتباره التغييرات الحادثة وطفل اليوم لا يقبل التوجيه المباشر، ويجب على كاتب الأطفال أن يقف في صف الطفل ويسانده؛ فالطفل يفقد الثقة في الكاتب عندما يشعر أنه مجرد بوق أو مردد لكلام والديه، وهذا لا يتحقق للكاتب إلا إذا تخلى عن وعيه في الكتابة وأخرج الطفل الذي بداخله.
البعض مازال يلجأ لفكرة اضفاء الحالة الإنسانية على الجماد واستخدام العناصر الخرافية فكيف ترى مناسبة ذلك لطفل اليوم، وكيف يمكن توظيف هذه العناصر ليخرج لنا مسرح طفل متكامل ومؤثر في الأطفال دون الاستخفاف بعقولهم؟
هذا يتوقف على النص  وطريقة المعالجة، فهناك نصوص جيدة استخدمت العناصر الخرافية، وهناك نصوص استخدمتها ولم تحظى بالتوفيق فلا يوجد معادلة يلتزم بها جميع الكتاب لضمان نجاح العمل، فأنا مثلا استخدمت العناصر الخرافية في نصي “مندور والقلم المسحور” وكانت الأشجار والأقلام تتحدث، أما في نصي “سيف الحارس” لم ألجأ إلي هذه الحيلة فالعناصر الخرافية ليست غاية في ذاتها، ومثلا مؤلفة “هاري بوتر” نجحت رواياتها  واكتسحت  الأسواق عندما تناولت عالم موازي من السحرة والتعاويذ لكن ذلك لا يعني أن كل عمل يسير على نهجها يحظى بنفس النجاح؛ فالعبرة ببناء عالم متماسك يحتوي على منطقه الخاص.
انغرس الطفل رغما عنه في الأحداث التي تدور حول العالم من فقر وحروب ونزوح لماذا لا نجد كتابات خاصة بالطفل بعيدا عما كتب للكبار تتناول تلك الموضوعات وما الذي يمكن أن تحمله هذه الأعمال من رسائل ترى أنه من المهم إيصالها للطفل؟
بلنسبة لي تناولت كل ذلك في نصوصي فنصي “مندور والقلم المسحور” تناول الأثر السلبي للحروب ونصي الحالي “سيف الحارس” تناول الوحدة العربية وضرورة التكاتف والمعنى الحقيقي للحداثة، وحتى نصي “عهد الأسد” تناول قضايا الجندر وضرورة مساواة الرجل والمرأة ولقد حرصت قدر الإمكان الابتعاد على المباشرة في هذه النصوص، فأنا لا اكتب بقصدية معينة  واكتشف هذه القضايا بعد كتابة النص وقراءته.
وهل بالفعل الكتابة للطفل من أصعب الكتابات وما السمات التي يجب أن يتسم بها النص المسرحي للطفل؟
نعم من أصعب الكتابات وهناك نصوص توقفت عن كتابتها وأجلتها لأجل غير مسمى، وهذا لا يحدث معي في نصوص الكبار، فالكتابة للأطفال لابد أن تمتاز بالبساطة لكن لا تجنح للتبسيط وأن تحتوي على رسالة لكن لا يجب أن تكون رسالة مباشرة.
كنت تبحث عن بحوث أو كتابات عن ألعاب الأطفال “الاستغماية وشد الكوبس” فما حاجتك إليها وأهميتها مع كل التقدم الذي يمر به العالم اليوم هل هو اهتمام بجمع التراث ام محاولة لتوظيف تلك الألعاب دراميا؟
كان هذا لعمل روائي مازال في طور التكوين والعمل يتناول عصر قديم سابق على كل هذه التطورات التقنية.
أنت كتبت الرواية والنص المسرحي فأيهما الاصعب وأيهما تفضله؟
أفضل العمل الذي اكتبه في اللحظة الحالية، فعندما أكتب رواية لا أقرأ إلا روايات، وعندما أكتب مسرحية أكثف من قراءاتي المسرحية، ولا يوجد أصعب وأسهل هنا لكن الرواية فن ينفر من القواعد وكلما تحررت من القواعد زادت جودة العمل، لكن النص المسرحي يحتاج إلي الإلمام ببعض القواعد وإذا غابت هذه القواعد تعرض النص للترهل.
وما رأيك في مسرحة الرواية وهل كل الروايات تصلح لمسرحتها أم  هناك مقومات معينة يجب أن تتسم بها الرواية لتكون صالحة للمسرح من وجهة نظرك؟
يجب أن يتميز العمل بالتكثيف ويوجد أزمة ونقطة ذروة وصراع داخلي وخارجي بين الشخصيات، لكن حتى لو غاب عن العمل الروائي هذه الأشياء فلا مانع من إضافة كاتب النص المسرحي لبعض الشخصيات وكتابة أحداث جديدة لكي تتلائم مع العرض المسرحي، لكن يجب  أن يمتاز بالأمانة ولا يخالف روح النص المقروء.
كلمني عن تجربتك باب 6شرق وهل نحتاج لمثل هذه المعسكرات أو البيوت التي تستضيف الفنانين من أجل التفرغ لأعمالهم الإبداعية كما في الخارج ؟
6باب شرق من أفضل التجارب التي مررت بها في عام 2020 ؛ فالقائمين على المشروع وفروا إقامة فنية بشكل احترافي ووفروا مناخ ملائم للكتابة في سيوة بعيدا عن صخب المدينة وتميز التجربة نابع من أن القائمين على التجربة كتاب ومترجمين في الأساس، فاحترامهم للكاتب نابع من دافع شخصي لا مهني فقط، وفي حدود علمي لا يوجد إقامة فنية للكتاب داخل مصر غير 6 باب شرق ومحظوظ باختياري فيها، وأرجوا أن تستفيد الإدارات الثقافية من تجربة 6 باب شرق، فالكاتب يحتاج للتفرغ لإنجاز مشروعه.
رأيك في ورش الكتابة التي يلجأ إليها البعض وهل الكتابة موهبة ام أمر يمكن اكتسابه من خلال الورشة؟
أي كتابة تحتاج إلي التعرف على بعض القواعد أولا وهذه القواعد يعرفها الكاتب من  قراءة الكتب و الاشتراك في ورش الكتابة المختلفة، ويوجد في الغرب كورس دراسي للكتابة الإبداعية يحصل الدارس فيه على ماجستير ودكتوراه، الموهبة تأتي من كسر هذه القواعد والتمرد عليها لكن قبل كسرها يجب معرفتها أولا.
أصبح لدينا مصطلحات جديدة أشرف على الإخراج وأشرف على الكتابة فما رأيك في هذه المصطلحات؟
الإشراف على الكتابة أمر قديم بمصطلحات مختلفة فهو الدارماتورج في المسرح وهو المحرر في الرواية، العبرة هنا أن تكون  أراؤه فنية لا أخلاقية أو أية اعتبارات لا علاقة لها بالفن.
لماذا لديك دائما رغبة الابتعاد عن المسرح ؟
لا يوجد رغبة للابتعاد عن المسرح لعلي أعلنت ذلك في لحظة غضب، فالمسرح يفتقد للاحترافية ولا مانع عندي من وجود مسرح للهواة، لكن أحلم بعودة المسرح الاحترافي مرة آخرى، لقد افتقدنا اليوم وجود أسرة تذهب في المساء لمشاهدة عرض مسرحي، فالمسرح في أغلبه هواه والجمهور هم أقارب الممثل وأصدقائه .
حدثني عن الدراما الإذاعية “لغز الجيلي الأزرق” ؟
هو عمل إذاعي اشتركت في كتابته من بطولة الفنان سامي مغاوري، ولقد انتهينا من كتابته في فترة كورونا وهو عمل “ظريف” للأطفال، وأتمنى أن يساهم في إثراء المحتوى المسموع للأطفال فهناك جيل من الأطفال لا يعرف معنى الإذاعة.
حدثنا عن “مسيرة فلان العلاني في برشلونه “وسبب اختارك لهذا الاسم الغريب؟
“فلان العلاني” هو بطل الرواية وهو شخص رفض ذكر اسمه في الرواية فتم تسميته بفلان العلاني كبديل، والرواية تتناول حياة عائلته والرحلة التي قام بها إلى برشلونة للحصول على شهادة الماجستير، والعمل يتماس مع بعض المواقف الحياتية التي تعرضت لها لكنه ليس سيرة ذاتية.
من تعجبك كتاباته سواء من جيل الشباب أو من جيل الكبار؟
الكثير على سبيل المثال لا الحصر، نائل الطوخي، ومحمد المنسي قنديل، وطارق إمام، وخيري شلبي، وفي المسرح أعشق علي سالم، ومسرحيات سمير عبد الباقي للأطفال، ومن الغرب يوجين يونسكو.


روفيدة خليفة