مسرح إبراهيم الحسيني في رسالة دكتوراه

مسرح إبراهيم الحسيني  في رسالة دكتوراه

العدد 708 صدر بتاريخ 22مارس2021

ناقش الباحث / محمد علاء عبد الله الخطيب
بجامعه طنطا  كلية التربية النوعية  قسم الإعلام التربوى 2021
رسالته للدكتوراه وهي بعنوان معاناة الطبقة الوسطى فى مسرح إبراهيم الحسينى فى ضوء التغيرات الاجتماعية فى الفترة من 1999 حتى 2018م
وتكونت لجنه المناقشة والحكم من  ا.د/ كمال الدين حسين  ( عليه رحمة الله ) و أ.م.د/ هالة فوزى عبد الخالق  و أ.م.د/ مايسة على زيدان و  ا د / نبيله حسن  و ا د / عزة الملط
يمثل إبراهيم الحسيني مرحله مهمه في مسيره الكاتب المسرحي المصري اذ بدأ مسيرته الإبداعية منذ بداية التسعينيات ومازال النبع مستمرا ، فقد خط لنفسه اطارا مميزا مع فعل الكتابه ذاك الفعل الذي يؤشر الي فعل اكبر وهو دلالات القبض علي اللحظه المهمه ، ومن لعبه القبض علي اللحظات المهمه اعتقد كانت رؤية الباحث الذي اخترق عوالم إبراهيم الحسيني بحس نقدي مكنه من تقديم قراءة مميزة لتلك العوالم والتي تستوعب العيديد من القراءات الأخرى فمسرح إبراهيم الحسيني غني باسراره
اما عن الرساله وجهد الباحث فهو يسعي الي تأكيد  ارتباط الفن ارتباطًا وثقًا بقضايا المجتمع ومشكلاته وانفعالاته سواءٌ كانت السياسية، أو الاقتصادية، أو العقائدية، ويمثل المسرح أقدم الوسائل الاتصالية والتعبيرية التى ارتبطت بقضايا المجتمع، فالمسرح - كظاهرةٍ اجتماعيةٍ- يعبر عن قضايا المجتمع، ويخضغ بدوره لكل ما يصيب المجتمع من تغييرٍ، ومن ثَمَ يتأثر بعوامل التغير الاجتماعى التى تصيب البنية الاجتماعية، بالقدر الذى قد يساعد على تطوره ونموه من جهةٍ، أو تدهوره وانهياره من جهةٍ أخرى، كما أنه يؤثر فى هذه البنية ويساعد على تدعيم التغيير أو نقده.
لذا شكلت قضايا الإنسان وصراعاته محوراهتمام الآداب والفنون منذ نشأتها
لذا فهناك ارتباطٌ حتمىٌ بين الكاتب المسرحى والواقع المحيط به، مما يجعل تفاعله مع هذا الواقع وكتاباته محاولةً دائمةً لقراءة التجربة الإنسانية بأبعادها المتعددة السياسية والثقافية وخاصةً الاجتماعية؛ فالكتابة المسرحية محاولةٌ جادةٌ للإضافة إلى الواقع الذى يحياه الإنسان ليس فقط من خلال طرح آماله وأفكاره وقضاياه من خلال النص المسرحى، بل وعلى الكاتب الواعى تقديم حلولٍ سواءٌ كانت مباشرةً أو غير مباشرةٍ بما يتحقق مع طبيعة ومضمون النص المسرحى، وهو ما حاول أن يظهره لنا الكاتب المعاصر “إبراهيم الحسينى”* من خلال كتاباته والتى تطرقت لفترة من أصعب الفترات على المجتمع المصرى، “فالحسينى” يعد أحد أبرز كتاب المسرح المعاصرين المهمومين بقضايا المجتمع خاصة الطبقة الوسطى التى تُعد الطبقة الأكثر تأثيرًا وتأثرًا فى المجتمع.
ويتضح ذلك من خلال باكورة الأعمال المسرحية المنشورة والغير منشورة للكاتب، والتى بدأت منذ عام 1995م بمسرحية “سكات شرقى”، لكن تعد مسرحية “الغواية” والتى حصل من خلالها على جائزة “محمود تيمور” للإبداع المسرحى هى الإنطلاقة الفعلية “للحسينى”، والتى قد عُرضت على عديد من المسارح برؤىً إخراجية مختلفة، مرورًا بمسرحية أيام أخناتون عام 2003م حصل من خلالها على “جائزة المجلس الاعلى للثقافة”، وصولاً إلى مسرحية “كوميديا الأحزان” والتى قد كُتبت عقب ثورة 25 يناير 2011م ونُشرت فى عام 2013م، والتى قد تُرجمت إلى اللغة الانجليزية وقدمت على مسرح سان سيجال بأمريكا، بالأضافة إلى عديد المسارح فى أمريكا ومصر .
ولقد عاصر “الحسينى” فترة مهمه من الفترات التى مرت على المجتمع المصرى، وذلك فى فترة ما قبل ثورة 25 يناير2011م، وحتى 30يونيو 2013م، وقد إنعكاست حالة المجتمع المصرى والتغيرات الاجتماعية التى مر بها فى نصوص الكاتب بشكلٍ واضحٍ، سواءٌ بالتعرض المباشر أو الغير مباشر لقضايا الطبقة الوسطى فى المجتمع أو حتى الاستشراف بالمستقبل وتوقع الثورة كما حدث فى مسرحيات ( مراكب الشمس، الغواية، سجن فايف ستارز )، أو من خلال الواقعية فى التعبير عن وضع الاجتماعى والسياسي كما حدث فى مسرحية «كوميديا الأحزان» التى كتُبت بعد قيام ثورة 25 يناير 2011م. والتى وصفتها “نهاد صليحه” بأنها «كانت تعتمد على البساطة فى المفهوم والمباشرة فى التعبير مع القليل من الدرما المتقطعة التفاعلية والشعرية، الأمر الذى أنقذ المسرحية من السقوط فى فخ ترديد الشعارات الرخصية».
من ثم فإن الدراسة الحالية تهتم بدارسة معاناة الطبقة الوسطى فى مسرح “إبراهيم الحسينى” فى ضوء التغيرات الاجتماعية للمجتمع المصرى أثناء فترة إسهامات الكاتب الإبداعية، وهو ما يستدعى دراسة دقيقة لأعمال هذا الكاتب والتى تقدم وصفًا دقيقًا وتحليلًا عميقًا لقضايا المجتمع المصرى فى فترةٍ من أهم الفترات التى مر بها المجتمع المصرى .

مشكلة الدراسة :
تعد الطبقة الوسطى القاعدة العريضة فى المجتمع المصرى وصمام الأمان له، وكذلك الحال بالنسبة للمجتمع المصرى، فالطبقة الوسطى هى التى تحقق التوازن بين طبقات المجتمع، وكلما تحقق الاستقرار لهذه الطبقة من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كلما كان المجتمع أكثر استقرارًا .
ويعد المسرح – سواءٌ كان متمثلًا فى النصوص المسرحية أو العروض الحية على خشبة المسرح – أحد أهم المنابر الفنية لطرح ومناقشة ما تعانية الطبقات الوسطى فى المجتمعات المختلفة خاصة فى المجتمع المصرى، فالمسرح وسيط هام من وسائط الثقافة والفنون لكشف النقاب عن المشكلات والأزمات التى تتعرض لها تلك الطبقة بمختلف مستوياتها، فالعديد من المسرحيات المصرية -التراثية والمعاصرة- طرحت قضايا الطبقة الوسطى بصورةٍ مباشرة وغير مباشرة من خلال الأحداث أو نماذج الشخصيات مثل أو (خريجي الجامعات – الموظفين الحكوميين – المعلمين –أصحاب المهن الصغيرة ) تلك النماذج التى تعانى وتكافح باستمرارٍ للبقاء فى حيز الطبقة الوسطى على أمل الترقى الطبقى فيما بعد.
مما دفع الباحث إلى التعرف على قضايا الطبقة الوسطى فى نصوص الكاتب “إبراهيم الحسينى”، خاصةً وأن الكاتب يعد أحد الكتاب المعاصرين لتلك القضايا والأزمات التى تعرضت لها الطبقة الوسطى المصرية منذ أوائل تسعينيات القرن الماضى حتى الوقت الحالى.  
وبالتالى تتحد مشكلة الدراسة فى التساؤل التالى: إلى أى مدى استطاع «إبراهيم الحسينى» بلورة وتقديم معاناة الطبقة الوسطى فى نصوصه المسرحية ؟ ، وقد وجد الباحث أن هناك نُدرةً فى الدراسات التى تعرضت لمعاناة الطبقة الوسطى فى المسرح المصرى فى نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، كذلك ندرة الدراسات التى تعرضت بالتحليل لنصوص الكاتب المسرحى “إبراهيم الحسينى”.

منهج الدراسة :   
أعتمد الباحث فى هذه الدراسة على منهج النقد البنيوى التكوينى والذى يقوم على رصد العلاقة بين الابداع المسرحى والمجتمع، وتسليط الضوء على الأبعاد الاجتماعية فى أعمال الكاتب. «حيث أظهر المنهج البنيوى التكوينى أهمية الإفادة من المرجعيات التاريخية والاجتماعية، حتى يتمكن الناقد من الوعى بالمضامين الفكرية التى يكونها النص الأدبى“ .

فصول الدراسة :   
 اشتملت الدراسة على أربعة فصول على النحو التالى: الفصل الأول ( الإطار المنهجى للدراسة) حدد من خلاله الباحث مشكلة الدراسة، وأهم التساؤلات وأهمية الدراسة، والمنهج المتبع،  ومجتمع الدراسة والعينة، كما أشتمل على حدود الدراسة، والدراسات السابقة والتعليق عليها.
بينما جاء الفصل الثانى بعنوان ( الطبقة الوسطى والتغيرات الاجتماعية) شمل التعريف بالطبقة الوسطى، ونشأتها وتطورها، وأهميتها، وحجم وبنية الطبقة الوسطى المصرية، وأهم المشكلات والقضايا التى تعرضت لها .
وكان الفصل الثالث بعنوان (قضايا الطبقة الوسطى فى إبراهيم الحسينى) ركز على أهم القضايا الاجتماعية التى طرحها الكاتب «إبراهيم الحسينى» فى نصوصه المسرحية، وتمثلت فى قضية ( القهر، الفقر، التهميش، الفساد، الاستخدام النفعى للدين، الاعتقاد فى الخرافات).
ثم جاء الفصل الرابع بعنوان (تقنيات الكتابة فى مسرح إبراهيم الحسينى)الذى شمل على أهم السمات الفنية التى أعتمد عليها الكاتب المسرحى «إبراهيم الحسينى» فى بلورة نصوصه المسرحية(عينة الدراسة)، وتمثلت فى ( سمات المذهب الملحمى، التعبيرى، الرمزى، الاستلهام من التراث، التمثيل الصامت).

نتائج الدراسة :
وكانت من أهم نتائج الدراسة ما يلى :
الطبقة الوسطى المصرية وُجِدت منذ حقبة «محمد علي” وازدهرت سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا في عهد “عبد الناصر”.
جاءت قضية البطالة وتدنِّي الأجور في مقدمة القضايا التي عصفت بالطبقة الوسطى المصرية خلال العقود الأربعة الأخيرة.
فرضت قضايا الطبقة الوسطى طبيعتها على أذهان المبدعين، فظهرت في العديد من الإنتاج الإبداعي للكثير منهم، ومن ضمنهم الكاتب المسرحي «إبراهيم الحسيني”.
استطاع الحسينى أن يطرح قضية القهر بصورةٍ شاملةٍ وأبعادٍ مختلفةٍ؛ كونها القضية التى شغلت أكبر مساحة درامية فى نصوصه المسرحية .
جاءت قضية الفقر فى المرتبة الثانية كأكثر القضايا تناولًا فى نصوصا الكاتب «إبراهيم الحسينى” .
ركز الكاتب على قضية التهميش بصورةٍ واضحةٍ من خلال إظهرا شخصيات تحمل اسم (المهمش أو الميت أو الشحاذ) تتسم بكل سمات التهميش.
ارتبطت قضية التهميش بشكلٍ رئيس بكلٍ من قضية الفقر والقهر .
أعطى «الحسينى” قضية التهميش مساحة درامية متساوية مع باقى القضايا فى نصوصه المسرحية.
طرح الكاتب قضية «البيروقراطية” كواحدة من أوجه الفساد الإدارى التى يمكن أن تؤثر بشكل كبير فى تقدم المجتمع .
أبرز الكاتب عملية «الخصخصة” التى كانت تنفذ بصورةٍ خاطئةٍ فى المجتمع المصرى قبل ثورتى 25 يناير 2011م، و30 يونيه 2013م.
عرض الكاتب «قضية البطالة” كواحدة من النتائج الحتمية للفساد السياسى والإدارى فى المجتمع، الأمر الذى ظهر فى .
كما عمد الكاتب لطرح أزمة «هجرة العقول للخارج” من المجتمع كواحد من تداعيات قضية الفساد.
بينما حرص «الحسينى” على معالجة قضية “الاستخدام النفعى للدين” كواحده من أدوات الجماعات والافراد فى الوصول للسلطة .
على الرغم من طرح الكاتب لقضية الاعتقاد فى الخرافات فى أكثر من نص من نصوصه المسرحية إلا أنها لم تستحوذ على مساحة درامية معقوله مثل سابقتها من القضايا، عالج الكاتب فى طياتها الصراع بين التعليم الخرافات المنتشرة فى المجتمع.
كما يجب أن يشير الباحث أن النصوص المسرحية (عينة الدراسة) للكاتب «إبراهيم الحسينى” لم تتوقف فقط عند حد تضمنها لقضايا الطبقة الوسطى، بل تمكن الكاتب من خلال أكثر من نص استشراف المستقبل :
فحمل نص «الغواية” -الذى كُتب فى عام 1998م ونُشر فى عام 2002م- استشرافًا مهمًا بمستقبل ثورات الربيع العربى التى حدثت فى عام 2011م، وما وقعت فيه من أخطاء بفعل الغواية.
كما تمكن «الحسينى” من الاستشراف بثورتى 25يناير 2011م، و30 يونيه 2013م قبل حدوثهما بأكثر من ثمانية أعوام، وذلك من خلال نص «سجن فايف ستارز” الذى كُتب فى عام 2003م، ولم ينشر إلا فى عام 2013م، وذلك لما تضمنه النص من تجسيد واضح لمعاناة الطبقة الوسطى فى المجتمع المصرى مع بداية الألفية، والذى دفعه إلى القيام بالثورة.
لجأ «الحسينى” إلى العديد من السمات الفنية فى تحقيق التغريب فى نصوصه المسرحية، وهم (هدم الجدار الرابع، فضح اللعبة المسرحية، تغريب الشخصيات، التغريب الزمانى، تبديل الأدوار) .
اعتمد “الحسينى” على سمات الكتابة الفنية التعبيرية بصورة ملحوظة خلال نصوصه المسرحية (عينة الدراسة)، حيث عمد الحسينى استخدام كلًا من (الكاريكاتيرية، الحلم، المؤثرات البصرية، تعميم الأسماء)
تضمنت أغلب النصوص المسرحية (عينة الدراسة) رموزًا ذات دلالاتٍ دراميَّةٍ مهمَّة، وقد تباينت تلك الرموز من حيث طبيعتها وتوظيفها.
كما أبرزت الدراسة التناص التراثى فى نصوص الكاتب «إبراهيم الحسينى” موضع التحليل مثمثلًا فى ( الحكاية الشعبية، الأراجوز) .
اعتمد “الحسينى” فى بعضٍ من نصوصه المسرحية إلى استخدام تقنية التمثيل الصامت، وتوظيفها توظيفًا دراميًا أو ملحميًا .


محمود سعيد