«وداعا .. الأستاذ .. والمعلم .. وعاشق المسرح» فهمي الخولي

«وداعا .. الأستاذ .. والمعلم .. وعاشق المسرح»  فهمي الخولي

العدد 701 صدر بتاريخ 1فبراير2021

رحل عن عالمنا الأسبوع الماضي المخرج القدير فهمي الخولى عن عمر يناهز 81 عاما بعد صراع مع المرض. الخولي احد أعمدة المسرح المصري منذ ستينيات القرن الماضى، قدم للمسرح المصرى إرثا مسرحيا كبيرا من الأعمال المتميزة التي شكلت بصمة وعلامة فى تاريخ المسرح المصري والعربي. تميز باشتباكه مع القضايا الهامة والشائكة وكان له أسلوبه الخاص الذى ميزه عن مخرجي جيله.
اكتشف وقدم  كثير من النجوم وكان له  دوره البارز فى حركة المسرح الجامعي منذ سبعينيات القرن الماضي. حصل «الخولي» على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية في 1971، وحصل على منحة علمية من الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة المسرح الأمريكي في 1987. عمل مخرجا في أكثر من دولة عربية . أخرج 103 عرضا مسرحيا لمسارح الدولة والقطاع الخاص ومسرح التلفزيون، وقصور الثقافة، والمسرح الجامعي، والعمالي والمستقل من بينها: «الوزير العاشق»، «سالومي»، «لن تسقط القدس»، «الرهائن»، «شكسبير في العتبة»، «حمرى جمري»، «باب الفتوح»، «الأرض»، «المحروسة»،»رسول من قرية تميرة»، «العمر قضية»، «ليلى والمجنون» وغيرها.
حظيت أعماله بالعديد من الدراسات النقدية والأبحاث العلمية، أعد المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بالتعاون مع قطاع صندوق التنمية الثقافية فيلما عنه كأحد رواد الإخراج المسرحي الحديث. حصل على عدد من جوائز الدولة، إلى جانب العديد من التكريمات والأوسمة داخل مصر وخارجها، وكان آخر تكريم له من قبل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في احتفالية يوم المسرح المصري.   مسرحنا وهي تودعه التقت بمجموعة من المسرحيين للحديث عن تجربته   .

نعت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة الفنان والمخرج الكبير فهمي الخولى وقالت ان الراحل مثل علامة فارقة في تاريخ المسرح المصري، وتمتع بخيال خلاق ميز تجربته الفنية، وأشارت إلى أن  أعماله نجحت فى تأصيل الكثير من قيم المجتمع النبيلة، وتوجهت عبد الدايم بالعزاء لأسرته وأصدقائه ومحبيه، داعية الله أن يتغمد الفقيد برحمته.                                    
و قال المخرج صبحي يوسف:
 عندما افتتح قسم المسرح بكلية الآداب جامعة الإسكندرية في العام 1981، كنت من أوائل الملتحقين به ، ووافق هذا قيام إدارة الكلية باستقدام المخرج فهمي الخولي لإخراج عمل مسرحي لمنافسات مسرح الجامعات كذلك  قام الدكتور لطفي عبد الوهاب مؤسس القسم ورئيسه بالاتفاق مع الأستاذ  لتدريس مادة إعداد الممثل في هذا القسم الوليد ، كنا كهواة صغار قد تعرفنا قبل سنوات على اسم ( فهمي الخولي ) من خلال عرض له بالمسرح القومي كان بطولة الأساتذة توفيق الدقن وعبد السلام محمد واحمد الناغي، بعنوان ليلة جواز سبرتو. و سرعان ما أسرنا فهمي الخولي بأسلوبه ومفاهيمه حول فن الممثل و المسرح بشكل عام ولأن عددنا كان محدودا جدا اقتربنا منه أكثر وأكثر , وعندما شاهدنا عرض ليلى والمجنون الذي أخرجه لطلاب النشاط بالكلية على خشبة مسرح سيد درويش بالإسكندرية ، كانت النقطة الفارقة بالنسبة لي شخصيا في حياتي . أدركت معنى ان يكون المخرج صاحب رؤية متسعة ويستطيع إخراجها للنور كما أراد ولو بممثلين هواة . وأدركت كيف يكون المخرج صانعا لممثلين متميزين. قال النقاد عن هذا العرض انه أفضل تناول تم لنص صلاح عبد الصبور بما في ذلك عرض المسرح القومي الذي أخرجه الأستاذ الزرقاني .
شاهدت المسرح يموج بالحركة طوال الوقت ولم يعد الجرس الشعري هو المسيطر بل طوعه فهمي الخولي لأداء عصري، فلم يقف سعيد وحيدا يتلو على مسامعنا المونولوج الأشهر « يوميات نبي مهزوم « بل كانت الجموع في حركة دائمة تؤكد معانيه وتجملها فتصبح مفردة « الدودة في أصل الشجرة « بطلا يرددها الناس بعد خروجهم من المسرح ، وما أعظم أن يتحول فستان زفاف ليلى الأبيض الى فستان اسود ممزق بعد أن نهشت الغربان جسدها بالتوازي مع جملة « حريق القاهرة « .. كان عملا فارقا بالنسبة لي كطالب عاشق للمسرح ، كما كان فارقا للمسرح المصري. أضاف : هو مخرج لا يفسر النصوص بل يترجمها مرئية منطوقة في سينوغرافيا إبداعية حقيقية، مستخدما كل عناصر الفرجة، وهو صانع لفن الممثل في قاعة الدرس وعلى خشبة المسرح. قال لي : « انت حتكون مخرج كويس جدا « فظللت أتردد على القاهرة ، احضر بروفاته وأعماله المختلفة وكان كريما جدا معي، وكانت رائعته « الرهائن « للدكتور عبد العزيز حمودة محطة جديدة بالنسبة لي.
كان الأستاذ يحتفظ في منزله بماكيت لديكور الرهائن وأخذ يشرح لي كيف أن الفنانة سوزان أمين استطاعت التقاطع مع فكرته وحولتها إلى تصميم رائع حيث جاءت الجزيرة على شكل حذاء مجسم تدور فوقه الأحداث .. هنا تعلمت كيف يكون للمخرج رؤية في الديكور وكيف يكون الديكور معادلا موضوعيا لا بصريا للعمل وكيف ينطلق بناء الحركة لدى المخرج من بناء المنظر.
تابع : وجدت فهمي الخولي ثائرا على العديد من المفاهيم، باحثا دءوبا عن التغيير . محفزا رائعا للهواة الجادين، مدربا متمكنا للممثلين في كل المواقع المصرية، و لا يخلو عمل من إسقاطات فهمي الخولي الثائر دوما والمهموم بقضايا وطنه ، وقد أسعدني زماني بالعمل مع الأستاذ في رائعته الكبيرة التي نال عنها جائزة الدولة في الإخراج « سالومي « تأليف محمد سلماوي.
أدى دوره بجدارة
فيما قال الكاتب والناقد د. أسامة أبو طالب: برحيل المخرج القدير فهمي الخولي افتقدنا فنانا كبيرا أبدع كثيرا وأدى دوره في الحياة المسرحية بجدارة. وأضاف للحركة المسرحية إضافات مؤثرة وقدم أعمالا كثيرة ومتنوعة مثل «جبل المغماطيس» و»الوزير العاشق» و»سالومي» و»الرهائن, و»اتنين تحت الأرض».  وهو كمخرج ليس له سمات موحدة مميزة فليس مثلا مثل المخرج/ كرم مطاوع أو المخرج/ سمير العصفوري. لكن يمكن أن نقول أنه برع في أعمال الميلودراما. كما أعطى فرصا كبيرة لشباب جدد ولمسرحيين صاروا نجوما بعد ذلك, كان له اهتمام خاص بمسرح الجامعات واكتشف من خلاله العديد من المواهب الشابة, وقدم للمسرح الجامعي عروضا متفردة مثل «تاجر البندقية» و»باب الفتوح». و كان من أهم ومن أوائل من اهتموا بالمسرح العمالي فقدم عروضا كثيرة مميزة لمسرح الشركات منها «رسول من قرية تميرة», و»المحروسة 15», و»بلدي يابلدي», و»نقول تور». كما لا ننسى له تجربته الفريدة والمتميزة في مسرح الفلاحين حينما أخرج مسرحية «أول المشوار» في قرية «كفر الشرفا». رحم الله الفقيد الذي ظل حتى آخر أيامه يعطي للمسرح ولم يبخل بأي جهد أو عطاء, لأهله الصبر والسلوان.
عين خبيرة
 وقال المخرج حمدي أبو العلا: لن أتكلم عنه بصفته مخرجا مسرحيا  له مدرسة خاصة في الإخراج المسرحي وعين خبيرة في صنع الحالة المسرحية المبهرة والمعبرة عن مكنون المسرحية والدالة عن وعيه كمخرج بالواقع الاجتماعي والسياسي،  ولن أتكلم عن كونه ممثلا له سمت خاص في الأداء، ولكني أتكلم عنه كونه مديرا ومنتجا لكم كبير من المسرحيات التي قدمت على مسرح السلام حينما كان مديرا لفرقة المسرح الحديث وكم الكتاب والمخرجين الذين قدمهم فهمى الخولي وأعطاهم الفرصة الأولى، وكذلك قيادته لفرقة الغد، ولن أتكلم عن كونه نقابيا قدم العديد من الرؤى في العمل النقابي وأيضا لن أتكلم عن كونه وطنيا قوميا عروبيا، فهذه مجالات يتحدث فيها من هم أفضل مني ولكني سوف أتحدث عن البعد الإنساني فيه رحمة الله عليه فقد عرفته وكنت طالبا بكلية الآداب جامعه الإسكندرية حيث أخرج لنا مسرحية ليلي والمجنون للراحل صلاح عبد الصبور وكنت بجانب دراستي اعمل بأحد شركات الإسكندرية ولكنه أصر أن أترك العمل بالشركة وأن التحق بالعمل بالثقافة الجماهيرية وكلم الدكتور سمير سرحان عني ودعاه لمشاهدة العرض وعرفني به وتم نقلي للعمل ممثلا ومخرجا بالثقافة الجماهيرية ثم مديرا بعد ذلك للفرقة القومية بالإسكندرية وكان يتصل بي على الدوام ويصر على أن أنتقل للعمل بالقاهرة و يصر حينما أتى إلى القاهره أن أنزل ضيفا عليه ثم توالت السنين وكان يتابع أعمالي وحياتي، فقد كان سندا وظهرا لكل من أحبه.
محب للجميع
وقال نقيب المهن التمثيلية وعميد المعهد العالي لفنون المسرحية د. أشرف زكي: الراحل القدير فهمي الخولي أول من احتضننا في بداياتنا ووقف معنا وقدمت في عهده أهم مسرحية في حياتي اسمها «شفيقة ومتولي» في مسرح الغد.  لقد كان إنسانا يهتم بالجميع ويسأل عنهم. ودوره كمخرج مسرحي كان مهما جدا للحركة المسرحية في مصر والوطن العربي. وكذلك دوره كصديق وإنسان، فهو من القلائل الذين نشهد لهم بالوفاء والإنسانية وإنكار الذات وحب الآخر والسؤال عنه.
كلنا نعرف قدره
  قال:  لقد  ترك لنا إرثا كبيرا وكل من عمل معه يعرف قدره جيدا. لم يكن بمثابة مخرج فقط بل كان معلما. لديه إحساس لا يتوفر لكثير من المخرجين، بكيف تقال الجملة وكيف تعبر الحركة عن الكلمة. لديه إحساس بالجمهور ويدرك متى ينفعل معه ومتى يشرد منه فيقوم بتنبيه الممثلين للاهتمام بتوصيل الكلمة بالحركة. لا يوجد مخرج مثل فهمي الخولي في رسم الحركة. فقد كان متفردا في رسم الحركة في الفراغ المسرحي. وكيفية تواصل الممثلين في الإحساس مع بعضهم البعض.
أضاف العدل: تعلمت منه الكثير. كثيرا ما كنا نجلس معا في منزلي أو منزله أو عند أحد الأصدقاء. أو في أي مقهى من المقاهي التي كنا نجتمع فيها. وكانت جلساته عبارة عن محاضرات شيقة ومفيدة لمن يسمعها. كل من تعامل معه تعلم منه،  فهو يستشف من الورق إن كان سينجح أم لا من القراءة الأولى. لم يكن يخرج المسرحية كما هي مكتوبة بالضبط لأن له رؤيته ووجهة نظره دون أن يبتعد عن الهدف الأساسي الذي تتحدث عنه المسرحية، كان له دور في بناء العمل المسرحي من ناحية الكتابة أيضا. تابع : رحمه الله ترك فراغا كبيرا وستظل أعماله كثيرا. وقد كان  متنوعا لا يتعالى على خشبة المسرح. وكان مفعما بالحماس والفكر و كان كمخرج قادرا على ان يبرز المجاميع الموجودة بالعرض فما بالك بالشخوص الأساسية بالمسرحية.
الأب والمعلم
أما الفنان إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح فقال: كان أبا ومعلما لنا، فهو أحد المبدعين الذين أثروا في وفي جيل كامل سواء على الساحة الفنية أو بإدارته لمسرح الغد باقتدار لفترة استطاع فيها ان يستكمل مشوار كل من الفنان عبد الغفار عودة ود. حسين عبد القادر. أضاف: كنا قريبين جدا منه على المستويين الفني والشخصي، وكنا نذهب معه لمشاهدة عروضه التي كان يقدمها لشركة النصر للسيارات وعروضه في القومي والطليعة وحتى في القطاع الخاص. وكنا دائما معه وهو كان يحب أن نتجمع حوله وكان يسألنا عن أرائنا حتى في الأمور الفنية سواء أنا أو سامح مجاهد أو جلال عثمان أو وفاء الحكيم ومجموعة مسرح الغد بشكل عام.
تابع : كان له منجز كبير كقيادة في وزارة الثقافة خصوصا في مسرح السلام ومسرح الغد وهذه المنجزات تتحدث عن نفسها. أما على المستوى الإبداعي فهو من الرعيل الأول الذي استطاع أن يضع بموهبته أعمالا كثيرة على مستوى عالمي يكفي سالومي والوزير العاشق ولن تسقط القدس. خصوصا سالومي وقد كان بها شق تجريبي . وهو أحد الذين وضعوا حجر الأساس مع د. فوزي فهمي ود. حمدي الجابري والأستاذ سلماوي للمهرجان التجريبي الذي أحدث نقلة نوعية في المنتج المسرحي في مصر، ويعتبر واحدا من أهم المهرجانات في الشرق الأوسط. رحمه الله كان قريبا منا جدا وكان مكتبه مفتوح باستمرار للجميع حيث كنا نجلس معه ونتبادل الآراء والحوارات. ومازلت أذكر جلوسه معنا على المقهى أمام مسرح السلام وهو يسألني عن أحد عروضه لشركة النصر للسيارات، و يستقبل رأيي بشكل جميل ويناقشني فيما أطرح من وجهة نظر. حتى في عروضه للقطاع الخاص كان يحاول أن يطرح فنا له معنى وهدف.
وختم بالقول: نحن في البيت الفني للمسرح سوف نقيم حفلا لتأبينه بإذن الله على المسرح القومي بالتعاون مع المركز القومي للمسرح بما يليق بقيمته وبمكانته،  ليتجمع زملاؤه محبوه وأصدقاؤه مثل الفنانة سميحة أيوب والمخرج سمير العصفوري والمخرج ناصر عبد المنعم والمخرج عصام السيد وغيرهم ممن عاشروه وعاصروه وليلقي كل منهم بشهادته نحوه، رحمه الله.
تنبأ لي  
وقال المخرج مازن الغرباوي:برحيل الأستاذ فهمي الخولي فقدنا قيمة كبيرة جدا من قامات الإخراج المسرحي والفني في مصر و الوطن العربي. و فقدت الساحة المسرحية المصرية والعربية  اسما كبيرا جدا وعلما من علامات الإخراج الذين كان لهم تأثير كبير جدا في الحركة المسرحية في مصر.
أضاف : لي ذكريات كثيرة وجميلة مع الأستاذ فهمي الخولي، أولها عندما كنت طالبا في كلية الآداب جامعة عين شمس عام 2001  وكنت رئيسا لفريق التمثيل بالكلية. حينها تعرفت عليه واقترحت عليه ان يخرج لنا عرضا بالجامعة وحينها لم يقبل لكنه أشار إلى أنه يمكن أن يساعدني بأن تقوم ابنته بالإخراج ويكون المشروع تحت إشرافه وبالفعل شرعنا في عمل مسرحية باب الفتوح. و أخرجتها بسمة فهمي الخولي.. وكان يحضر البروفات ليتابعنا ويشاهدنا وقد تنبأ لي ولأكثر من زميل بالفريق بمستقبل كبير في مجال التمثيل والإخراج، وهذه كانت نقطة البداية في علاقتي به كأستاذ ومخرج كبير وكعلم من أعلام الحركة المسرحية. تابع : بعدها ساعدته في الإخراج في عرض الجميلة و الأندال من تأليف محمود الطوخي وإنتاج مسرح التليفزيون. و استمرت علاقتنا بشكل طيب حتى وفاته. وكان حريصا على متابعة تطوراتي وخطواتي الفنية والمسرحية، و كان لديه دأب شديد في متابعة كل ما يقدم من جديد في المسرح و يحب أن يحتفي بمساعديه وتلاميذه كنت واحدا منهم،
وربنا يقدرنا كجيل شاب ان نكمل مسيرة الأساتذة الكبار بعد أن فقدت مصر خلال عامي 20 و21 عددا كبيرا من الرموز المسرحية.
تاجر البندقية أول لقاء
وقال المخرج إيمان الصيرفي : علاقتي بالمخرج فهمي الخولى بدأت منذ أربعين عاما، وكان أول لقاء لي معه في عرض « تاجر البندقية « بجامعة القاهرة مع مجموعة كبيرة من الفنانين، هم الفنانة عبلة كامل والفنان أحمد كامل وناصر عبد المنعم وياسر على ماهر وكنت آنذاك فى الفرقة الثالثة بالمعهد العالي للفنون المسرحية وكان هو يحتاج إلى منفذ للعرض فرشحني الفنان ياسر على ماهر له وسعدت كثيرا بمشاركتي فى هذا العرض،  وأتذكر فيها مشهدا مهما وهو محاكمة الدوق و قد جعل المخرج فهمي الخولى المحكمة في شكل شعار لهيئة الأمم المتحدة،  كإسقاط على القضية الفلسطينية بشكل مباشر، وقد أحببت هذه الحالة التفسيرية للموضوع و استمتعت بالعمل بكل وجداني.
أضاف الصيرفي:  ربطتني به صداقة وطيدة فكنا نلتقي فى عدد كبير من العروض المسرحية، وبعد تخرجي من المعهد العالى للفنون المسرحية عدت إلى الإسكندرية لأحقق حلمي  و واجبي تجاه مسقط رأسي فى نقل خبراتي وكل ما تعلمته وفى ذلك التوقيت كان المخرج فهمي الخولى يخرج عرضا لكلية الآداب جامعة الإسكندرية وهو «ليلى والمجنون « وكنت أخرج لكلية الهندسة و يصاحبني فى هذا الوقت الفنان القدير عبد العزيز مكاوي رحمه الله عليه وكان ذلك عام 1981 وكنا  نلتقي نحن الثلاثة . رحمه الله  كان مهموما بالمسرح ومخلصا له، فعلى الرغم من مرضه الشديد في أخر أيامه كان يوجه المخرجين، ويسأل عنهم .

التشكيل  بالجسد
فيما أشار المخرج عصام السيد إلى أن علاقته بالمخرج فهمي الخولى بدأت منذ أوائل السبعينيات أضاف: هو صديق وأستاذ ومعلم  دمس الخلق ومحب للحياة وطيب القلب ومعطاء، أهم ما يميزه هو عمله على التشكيلات بالجسد والتقنيات الجسدية  واختياره للنصوص التي تتميز بالجرأة،  حيث كان يتعرض للنصوص الممنوعة فى ذلك الوقت. وتابع : أخرج لنا في منتخب جامعة عين شمس عرض «باب الفتوح « التي قدمها لفريق كلية الحقوق ، وعندما أعيدت كان الفريق يضم المخرج محسن حلمي والفنان سامي المغاورى والفنان محمود حميدة ، وفاروق الفيشاوي والفنان أحمد عبد العزيز ومجموعة ضخمة هم من كبار الفنانين الآن على الساحة الفنية والمسرحية  رحمه الله عليه وأسكنه فسيح جناته.                                                                                                                

مع القضية الفلسطينية
وقال المخرج أميل شوقي : « فقدنا احد أعمدة المسرح المصري، أفنى حياته لخدمة المسرح . أضاف:  ترجع علاقتي بالراحل منذ عام 1975 عندما التحقت بجامعة عين شمس، وكان يقدم آنذاك عرض «باب الفتوح» لفريق كلية التجارة جامعة عين شمس ،وكان بمثابة الأخ الأكبر لنا، كان يوجهنا وكنا نستفيد من توجيهاته وقد فتح لنا مجال الاحتراف بعمل مسرحي يعد من أهم أعماله وهو عرض «شكسبير في السبتية « الذي قدمه عام 1976 . وتابع شوقي: كان معطاءا لدرجة كبيرة ولم يبخل بأي معلومة،  وقبل وفاته بشهر ذهبنا لمشاهدة العرض المسرحى « إيزيس» للمخرجة كريمة بدير وطلب منى التقاط بعض الصور، تكون خلفيتها خشبة المسرح وكأنه كان يودع المسرح الذي عشقه وأفنى عمره به.
وتابع:  « لفهمي الخولى موقف سياسي مع القضية الفلسطينية وهو يعد أبو التشكيل المسرحى فكان يستخدم الأجساد البشرية في التشكيل مع التشكيل بالديكورات ، كما كانت  له بصمة مميزة بمسرح القطاع الخاص ، حيث كان يقدم عروضا تحمل وجهة نظر ورؤى ، وكان يقدم الفنانين للساحة المسرحية والفنية ويكتشف المواهب وهو من قدم الفنان صلاح عبد الله والفنان ممدوح وافى وغيرهما.                                                                                        
خيال خصب ورؤية مميزة
و قال الفنان القدير محمود الحدينى « كانت بدايتنا في فرقة دمنهور المسرحية وعندما التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية لم يحالفه الحظ لأنه كان حاصل على أحد الدبلومات الفنية، وكان المعهد يقبل الحاصلين على الثانوية العامة.
أضاف: بدأ رحلته في مسرح التلفزيون وطلبني لأقدم معه أحد الأعمال وكان معنا فى هذا التوقيت مجموع الأصدقاء من فرقة دمنهور المسرحية وهم الفنان محمد نوح وجميل برسوم وسمير فهمي، وعندما توليت إدارة المسرح الحديث قدم أهم أعماله وهى مسرحية «الوزير العاشق» بطولة الفنانة سهير المرشدي والفنان عبد الله غيث التي حققت نجاحا كبيرا.  
تابع « تميز الخولى بخياله الخصب، كانت له رؤية إخراجية مميزة فى جميع أعماله التى قدمها، لم يتدخل بالحذف والإضافة الى النصوص التي قدمها وإنما كان خياله سباقا فى التعبير عن العرض كرؤية يراها قبل خروجها على خشبة المسرح، و كان مخرجا مهوما بقضايا الوطن، فلم يكن يقدم أعمالا دون أن يكون دافعه قضية تشغله.                                                                                                                    
الملك هو الملك
وقال المخرج منير مراد «قلبي تمزق ولم اصدق ان صديق العمر فهمي الحبيب اختار سماء أخرى ليرحل إليها ، فهمي الخولى لولاك ياصديقى ما شهدت الدنيا مسرحية الملك هو الملك التي أنتجتها بكل الحب. إلى اللقاء يا صديقي
                                                                                   
بارع  في التمثيل
و نعاه المخرج خالد جلال، رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي، قائلا :المخرج فهمي الخولى كان له أسلوبه المميز في عالم الإخراج، إلى جانب براعته في التمثيل، وأعماله تعد علامات ومحطات في تاريخ المسرح، وسيظل بفنه وخلقه خالدا في قلوبنا جميعا، داعيا الله أن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وأصدقاءه ومحبينه الصبر والسلوان.

مخرج طليعي
فيما تحدث المخرج ناصر عبد المنعم فقال» فقدت صديقا مهما لي على المستوى الفني والإنساني،  كان له بالغ الأثر فى تكويني، فقد تجاوزت علاقتي الإنسانية به الأربعين عاما، وكانت بدايتي معه فى الجامعة، حيث أخرج لي عرضين  هامين الأول بعنوان «العمر قضية « الذي تناول قصة عميد الأدب العربي طه حسين ، وكان من تأليف د. سمير سرحان ود. محمد عناني معا، وكانت المسرحية تتناول حياة طه حسين منذ البداية، وكنا آنذاك نشعر بالفخر لمشاركتنا فى هذا العمل الذي كان يضم ممثلين مهمين منهم الفنان صلاح عبد الله والفنان فتوح أحمد وكان العرض يطرح قضايا تنويرية . وعملي الثاني معه هو «تاجر البندقة « لشكسبير، التي قدمها برؤية معاصرة. و كان عملا متميزا وشديد الأهمية فيما يخص الكيان الصهيوني ومحاولة تغلغله في حياتنا العربية. كان يتميز بأنه مخرج طليعي تقدمي يشتبك مع القضايا، كما كان له آثر كبير على الحركة المسرحية الجامعية وعلى تكويننا الفني.
تابع عبد المنعم « تعاونت معه في عمل من أهم الأعمال المسرحية التى حققت نجاحا جماهيريا فى القطاع الخاص وهي مسرحية «حمري جمري « كنت مخرجا منفذا للعرض وكان أهم من علاقتنا الفنية علاقتنا الإنسانية. وبفقده  فقدت صديقا على المستوى الفني ومخرجا أثر في تكوينى .                                                                                                                    
تعلمت علي يديه تكنيك الممثل
 فيما قال الفنان والمخرج مجدي عبيد:  « بدأت معرفتي بالراحل بالسبعينات في عروض مركز الرواد في الثقافة الجماهيرية ثم تطورت علاقتي الشخصية به
وقت العمل معه في عرض من إخراجه للفرقة النموذجية للثقافة الجماهيرية، وتعلمت علي يديه تكنيك الممثل، وتابعته في  رحلاته في أقاليم مصر مخرجا ومحكما في مهرجاناتنا الختامية الإقليمية.
عضو مؤثر
فيما قال الكاتب المسرحى أبو العلا السلامونى إن برحيل المخرج فهمي الخولى فقدت الحركة المسرحية عمودا من أعمدتها الرئيسية منذ ستينيات القرن الماضي حتى وقتنا الحالي. أضاف: تشرفت بزمالته فى لجنة المهرجان التجريبي حيث  كان عضوا مؤثرا بعد ثورة يناير عندما أسسنا وأعدنا بناء المهرجان ،وقد كانت رحلته الفنية زاخرة بالعديد من الأعمال المهمة منها عرض «سالومى « ،» واتنين تحت الأرض» و « الوزير العاشق « والعديد من الأعمال التي كان لها آثر كبير فى الحركة المسرحية المصرية.                                                                                                             
فرقة المسرح الحديث
وأعرب المخرج هشام جمعه عن حزنه وأسفه وقال « لم يكن الأستاذ فهمي الخولى مجرد مخرج مسرحي،  فهو إنسان عظيم، وفور تخرجي من المعهد العالى للفنون المسرحية أواخر عام 1987 ، سعى هو  إلى، لم أر من هو فى سمو أخلاقه وحبه للفن. فقد علم من البعض ان هناك فنانا شابا واعدا حديث التخرج فسعى عندما كان مدير عام فرقة المسرح الحديث  لأقدم  تجربة مسرحية و إستدعانى  وطلب منى أن أجهز عرضا ضمن خطة عروض البيت الفني للمسرح وتحديدا فرقة المسرح الحديث فكان أول أعمالي المسرحية على مستوى الاحتراف ، وقدمت عرض «برلمان الستات « عام 1988 ولم أكتف بعلاقتي به فنيا فتعرفت  عليه إنسانيا، حيث كان صديقا  لوالدي رحمه الله المخرج د. حسين جمعه، وكان يشجعني لتقديم أعمال فقدمت خلال إدارته للمسرح الحديث ثلاثة أعمال، فكان مشجعا ومحفزا يستفز طاقتي وملكاتي وكان يضيف لنا على المستوى الفني والإنساني. تابع جمعة :  كان مخرجا مغامرا يتطرق لكل جديد وكان لا يفضل تقديم العروض التقليدية وكان له الفضل فى تعيني فى فرقة المسرح الحديث ، وكان تجربتي الثانية عام 1989 « أصل وكذا صورة» عن «فاوست والأميرة الصلعاء « ، وفى عام 1994 قدمت عرض «للأمام قف» تأليف نبيل بدران وبطولة سهير المرشدي وسامي المغاورى، وطوال هذه الفترة وبعد تركه لفرقة المسرح الحديث ظل صديقا وأستاذا وأبا .
غير شكل خشبة المسرح
د. محمد الشافعي وصفه بأنه مخرج جريء تميز بتقديم رؤى مختلفة وغير تقليدية وأضاف: التقيت بالمخرج فهمي الخولى فى أحد العروض وكنت طفلا صغيرا وكان بطلا لعرض سيد درويش من إخراج والدي المخرج عبد الرحمن الشافعي، وكان يؤدى شخصية سيد درويش و العرض يقدم بشهر رمضان. أضاف: لقد حصل مؤخرا على جائزة الدولة على الرغم من أنه يستحق الجائزة من فترة طويلة،  ومؤخرا تشرفت بزمالته بمجلس إدارة المهرجان التجريبي أثناء تولى د. سامح مهران رئاسته وهو شخصية تتمتع بطيبة القلب والكرم والعطاء .
تحمس لى وشجعني
المخرج عبد الرحمن المصري قال « التقيت بالمخرج فهمي الخولى ثلاثة مرات ، الأولى فى التسعينيات وبالتحديد فى فترة تصنيف فرق الأقاليم وكنت أقوم بأداء اختبارات وهى عبارة عن مجموعة من المشاهد، وكانت لجنة التحكيم تضمه مع والمخرج احمد عبد الجليل، وقد أثنى علي.  وكان لقائي الثاني به فى عرض «الدكتور زعتر « وكان عضو لجنة التحكيم، وقد سعد كثيرا بالعرض وأثنى عليه وصرنا أصدقاء. أما لقائي الثالث به فكان في أحد عروض مخرجي فرقة غزل المحلة.
الداعم المحب  المحب للجمال
و وصفته الكاتبة رشا عبد المنعم بأنه كان داعما وسندا ونموذجا فى حب الحياة والجمال ، ينتصر لقيمة الإنسان ولا يضن بأى شىء يمتلكه، و قريب من كل الأجيال ،و يحتضن كل من لديه موهبة ، شاغله الشاغل البحث عن الحق.. والخير.. والجمال،  ولكن معه كان الترتيب هو  الجمال .. الخير..  الحق، كما كان يشاهد ويتابع كل المسرحيين وينبهر بإى عمل فني جيد و ويدعمه دعما كبيرا.
 
فرص عديدة
فيما أشارت الفنانة لقاء سويدان إلى أن المخرج فهمي الخولى كان صاحب فضل كبير عليها منذ ان كانت طالبة بالمعهد العالي للفنون المسرحية وأضافت:  منحنى فرصة كبيرة لبطولة عدد من العروض، فقد قدمت معه بطولة عرض على خشبة المسرح القومي، علاوة على مشاركتي فى عروض مسارح الشركات التى حصدنا خلالها مجموعة كبيرة من الجوائز. وقد  كان مؤمنا بموهبتى ويعاملني كابنته، وهو طيب القلب ومعطاء ، يحب منح الفرص وتشجيع المواهب، وعندما كنت أواجه اى مشكلة كان يساندنى ويعطيني طاقة إيجابية كبيرة، قدمت معه أهم أعمالي المسرحية وهى «لن تسقط القدس» بطولة النجم نور الشريف  التى استمر عرضها ثلاثة سنوات منذ 2000 حتى عام 2003 وقمنا بالعديد من الجولات فى الوطن العربي.
مثال للمعلم والفنان ذو الضمير الحي
و وصفت النجمة صابرين الراحل بأنه إنسان دمس الخلق وذو أخلاق كريمة ومعلم وأستاذ هادئ الطباع ،خلوق للغاية ، يقدر مهنته ويعمل فى صمت تام ، ويعد من أساطين اللغة العربية. أضافت:  قدمت معه مسلسلا بعنوان « أوراق التوت» ، وكان يلعب دور أحد الكهنة فى الإمبراطورية وكنت ألعب دور الإمبراطورة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي أقدم فيها عملا باللغة العربية، فكان معلما وكانت أستاذيته تجبر الجميع على أن يتعلم منه، علاوة على طريقته البارعة في إلقاء اللغة، التي كانت تحمل جرسا موسيقيا وشجنا.. فهو مثال للمعلم والفنان ذو الضمير الحي
، مثل علامة فارقة في تاريخ المسرح المصري وتمتع بخيال خلاق ميز تجربته الفنية.


رنا رأفت - أحمد الشريف