يوسف وهبي وسنوات القلق في فلسطين

يوسف وهبي وسنوات القلق في فلسطين

العدد 690 صدر بتاريخ 16نوفمبر2020

زارت فرقة رمسيس فلسطين في صيف عام 1935، ضمن رحلتها السنوية لبلاد الشام، وكتب الناقد «شمهورش» - وهو اسم رمزي - كلمة تفصيلية عن هذه الرحلة في جريدة «أبو الهول» المصرية، علمنا منها أن الفرقة أحيت ثلاث حفلات في يافا، ومثلها في القدس، وحفلة في نابلس، ثم عادت إلى يافا فأحيت حفلتين بناءً على إلحاح الأهالي هناك. والمسرحيات التي عرضتها الفرقة في هذه المدن، هي: «الفاجعة» و«أولاد الفقراء» و«القبلة القاتلة» و«صندوق الدنيا» و«الأميرة الروسية». وقد أقيمت عدة حفلات تكريمية للأستاذ يوسف وهبي في أنحاء فلسطين، فكان يلبي بعضها، خصوصاً إذا كانت الدعوة من نادٍ أو جمعية أدبية أو وطنية، ويعتذر عن حضور حفلات التكريم الأخرى، ناهيك عن دعوات كبار القوم أمثال «المندوب السامي» الذي أقام حفل غذاء للفرقة بأكملها في منزله بالقدس. أما الإقبال الجماهيري على حضور العروض - خصوصاً في يافا - فحدث ولا حرج، حيث كان البعض يبيع تذاكره بأضعاف ثمنها الأصلي [السوق السوداء]، حتى بلغ سعر التذكرة جنيهاً إنجليزياً، مما يعني نجاح العروض نجاحاً كبيراً، بفضل المتعهدين «رضوان الحلاق ومحمد زكي عبده»، وكذلك بفضل ممثلي الفرقة وممثلاتها، ومنهم: أمينة رزق، فردوس حسن، أمينة محمد، علوية جميل، جانيت حبيب، حسين رياض، أنور وجدي، فتوح نشاطي، سراج منير، فؤاد شفيق، فؤاد فهيم.
صندوق الدنيا
وجدت مقالة عن عرض مسرحية «صندوق الدنيا»، نشرها «بولس شحادة» في يونية 1935 في جريدته «مرآة الشرق» التي تصدر في القدس، عنوانها (الأستاذ يوسف بك وهبي في روايته صندوق الدنيا)، قال فيها: ... لقد كانت الطريقة في تمثيل هذه الرواية وفي كيفية إخراجها جديدة، فالرواية تتألف من عشرين منظراً. ولكن كلا من هذه المناظر يختلف عن الآخر، وليس للواحد علاقة بالثاني. والشيء الذي يجدر ذكره إن كل منظر كان يقوم مقام رواية لما فيه من المغزى البديع، والانتقاد الفني اللاذع، إذا استثنينا ثلاثة أو أربعة منها لم يكن لها التأثير المرغوب. أما التمثيل فمتقن جد الاتقان، وقد أجاد فيه الأستاذ يوسف وهبي كالعادة. ولا آخذ عليه سوى شيء واحد ظنه تافهاً لا يلاحظه الجمهور، وهذا الشيء هو أنه لما كان بالسجن وجاءه الكاهن ليعرفه، لأن الحكم بالإعدام يقتضي ذلك، كان ينتعل حذاءه الاعتيادي بدلاً من تغييره بآخر للسجناء المحكوم عليهم بالإعدام. ومما يستحق الذكر أن المناظر كانت تتوالى بسرعة هائلة وبظرف دقيقتين بين واحد وآخر مما يدل على استعداد هذه الفرقة. وأود أن آتي على وصف منظر من المناظر التي عُرضت ليتكون لدى الجمهور رأي عن مغازي وانتقادات هذا الممثل العالمي الفذ. رُفع الستار عن تمثال لأحد العظماء يحوطه جمع من الأغنياء والوجهاء، وقد وقف بينهم خطيب مفوه أخذ يعدد مناقب الفقيد صاحب التمثال، وخدماته الجمة للعربية والعلم. وبعد أن أنهى الخطيب خطبته مرّت بالقرب من الجمع فتاة بصحبة أمها، وأخذتا تستجديان من هؤلاء الوجهاء. فما تكرم أحدهم بملٍ واحد يتقوتان به، وما هي إلا لحظات حتى ظهرت الحقيقة أمام الجميع! فالأم التي تستجدي من الناس، ما هي إلا زوجة صاحب التمثال، والفتاة التي بصحبتها وتسجدي معها هي ابنتها وابنة صاحب التمثال المُكرم! وأمام هول المفاجأة صرخت الأم في وجوه المحتفلين قائلة: ماذا تصنعون هنا أيها المراؤون؟ إنكم تنتهزون الفرص لتطلبوا الشهرة الكاذبة والصيت الخلاب، وبعد هذا وذاك وصلت بكم القحة والجرأة إلى طلب الشهرة على ظهور الأموات؟ هل تسعون حقيقة لتكريم صاحب هذا التمثال أم لتكريم أنفسكم؟ لو كان عندكم مقدار ذرة من العطف على صاحب هذا التمثال لسعيتم لتكريم عائلته، لتكريم امرأته وابنته اللتين تبيتان على الطوى وفي الأزقة بعد العز والترف. لقد كرّس الفقيد كل حياته لخدمتكم، لقد رفع اسمكم عالياً بين الأمم، لقد ضحى بزهرة شبابه ونعيم حياته وهنائه في سبيلكم فقمتم بعد أن تناساه العالم تشيعون ذكره من جديد كما تدعون، لتحيوا معه مع أنه خالد إلى الأبد على الرغم منكم وسيأتي يوم تفضح فيه أسراركم. ومجمل القول إن العظة كانت بليغة والانتقاد لاذع شديد، ولعل الأستاذ عُني في منظره الانتقادي هذا سعي بعضهم في مصر لإقامة تمثال للشيخ سلامة حجازي فهذا ما يدور على الألسن». وربما كان صحيحاً هذا التفسير؛ لأنني وجدت خبراً منشوراً في جريدة «أبو الهول» المصرية في مايو 1934، عنوانه «تمثال الشيخ سلامة»، جاء فيه: «جاءنا من دمنهور أن مجموع القائمة الثانية للاكتتاب لتمثال المرحوم الشيخ سلامة حجازي بلغ 625 قرشاً».
عاد يوسف وهبي وفرقته إلى مصر، فحاورته مجلة «الصباح» المصرية، ونشرت حوارها معه في يوليو 1935، ومن أهم الأسئلة التي وجهتها المجلة إليه: «هل فكرت في وضع رواية تمثل فكرة الوحدة العربية، التي يتحدث بها كبار المفكرين من العرب ويعقدون عليها أعذب الأماني؟»، فأجاب قائلاً: لقد خلدت ذكر البطل المجاهد الأمير عبد الكريم [الخطابي] في رواية «الاستعباد»، وكتبت رواية «الصحراء»، التي مغزاها أن العرب لن يموتوا أبداً. أما عن موضوع يحوي «الوحدة العربية» عامة، فهو صعب التأليف من جهة، ومن جهة أخرى عدم ثقتنا من أن حكومات العرب تُصرح بإخراجه على المسارح! إذ أنه لا يخفاك، أن كل أو جُلّ الممالك العربية تقريباً محكومة بالنفوذ الأوروبي، غير أن هذا لا يمنع مطلقاً من إخراج هذه الفكرة إلى عالم الوجود، وجدير بالمؤلفين والمؤرخين، فلعل بعضهم يفكر في وضع رواية من هذا النوع. أما مؤلفاتي أنا شخصياً فأميل إلى تهذيب الشعب من الوجهة الخلقية أولاً؛ فإن نكبة الشرق كانت بسبب نبذه مبادئ أجداده القومية. فلو أننا رفعنا مستوى الشعوب الشرقية وعلمناهم التكاتف والتضامن لوصلنا إلى غرضنا بطريقة أسهل بكثير من الروايات الوطنية، التي ينظرون إليها فقط من الوجهة الحماسية بينما الأخلاق كما هي. ولكل مؤلف نوع من المواضيع يميل إليه خاصة. ثم طرحت عليه المجلة سؤالاً آخر، قالت فيه: «ما رأيكم في الشعب الفلسطيني من حيث الإقبال على التمثيل؟» فأجاب قائلاً: أجد منه إقبالاً كبيراً وحباً عظيماً لفرقة رمسيس، وهذا دليل على تذوقهم فن التمثيل، وحبهم للروايات القيمة ذات العظات البالغة، والدروس الاجتماعية. أما سؤال المجلة الثالث، فقالت فيه: «ماذا تركت زيارتكم لفلسطين من الأثر في نفسكم؟»، فأجاب يوسف وهبي بقوله: أجمل وأحسن أثر! كيف لا وقد رأيت إخواننا الفلسطينيين ينظرون إلينا نظرة الأخ الشقيق، لا نظرة الضعيف الغريب. ويعملون كل ما في وسعهم لضمان راحتنا. وآمل أن يأتي اليوم الذي نعرف فيه أن لا حياة لنا بغير التكاتف والتضامن والاتحاد الأدبي والروحي بكل معانيه، إنني لا أكاد أشعر إلا أنني في مصر لا فرق بالطبع فمصر بلدي وفلسطين بلدي، وكل عربي يحل في بلد عربي فهي بلده، حقق الله الآمال وجمع كلمة العرب. أما آخر سؤال طرحته المجلة، فجاءت صياغته هكذا: «في فلسطين كثير من النوادي التمثيلية، وبصفتكم كبير ممثلي الشرق فما هي أفضل نصيحة تسدونها إلى هواة التمثيل عندنا؟» فأجاب يوسف بقوله: يجب أن يتم راغب الاحتراف في التمثيل ثقافته العلمية أولاً، فهي أكبر أساسات نجاح الممثل، ومن المحال أن يصل أحد الممثلين إلى مكانة ما، ما لم يكن واسع الاطلاع الأدبي والثقافي، ثم يجب عليه أن ييمم شطر أوروبا أو شطر مصر حيث نبراسها، ليسهل له الأخذ من ينابيع الفن. وإذ ذاك يستطيع بعدها أن يبدأ كمحترف على أن يبدأ صغيراً في الأدوار الصغيرة، كي يصعد السلم بالتدريج وعلى أساس متين.
الثورة الكبرى
في أبريل عام 1936، قررت فرقة رمسيس – كالمعتاد – السفر إلى فلسطين وبلاد الشام، وبالفعل أعلنت جريدة «البلاغ» عن ذلك! وبعد أيام وجدنا الجريدة تستدرك الأمر قائلة: « نشرنا من قبل أن فرقة الأستاذ يوسف وهبي ستقوم برحلة تمثيلية إلى فلسطين والعراق .. ولكن نظراً للاضطرابات الموجودة في فلسطين، علمنا أنه تم الاتفاق على إلغاء هذه الحفلات إلى أن تهدأ الحالة في فلسطين». وبعد أربعة أشهر – وتحديداً في سبتمبر – قالت مجلة «المصور»: «عادت فرقة رمسيس المسرحية التي يرأسها الأستاذ يوسف وهبي إلى القاهرة، بعد أن قضت شهرين في رحلتها الأخيرة إلى سوريا والعراق. وقد كان من المقرر أن يعود أفراد الفرقة عن طريق السكة الحديد، إلا أن الاضطرابات القائمة الآن في فلسطين، جعلت أفراد الفرقة يفضلون السفر عن طريق البحر».
وجدير بالذكر إن الاضطرابات المقصودة بفلسطين في هذا العام، هي التي أدت إلى ما عُرف فيما بعد بالثورة الكبرى ضد الإنجليز، بسبب مقتل الشيخ «عز الدين القسام»، وسياسة الهجرة اليهودية المفتوحة إلى فلسطين، وظاهرة شراء الأراضي من أجل إنشاء بيت وطني يهودي .. إلخ! وتجسدت مظاهر هذه الاضطرابات – أو الثورة الكبرى – في الامتناع عن العمل، ومهاجمة المستعمرات الإنجليزية واليهودية، وتدمير خطوط السكة الحديد، ومهاجمة المطارات الإنجليزية، وإسقاط بعض الجسور، ومنع هجرة اليهود إلى فلسطين بمهاجمة وسائل نقلهم من الحافلات .. إلخ، مما جعل «الحاج أمين الحسيني» يطلق على يوم 16 مايو «يوم فلسطين».
آخر رحلات الثلاثينيات
في العام التالي 1937، سافرت الفرقة إلى فلسطين، وأحيت حفلات مسرحية كثيرة، كان أهمها – كما أخبرتنا جريدة «البلاغ» في يونية – «الحفلة التي أقامتها في يافا، احتفالاً بافتتاح دار السينما الجديدة. فقد حضرها عدد كبير من رجال الحكومتين الإنجليزية والفلسطينية والأعيان، ومثلت الفرقة رواية من رواياتها القيمة». ولحسن الحظ أنني وجدت إعلانات كثيرة منشورة في الصحف الفلسطينية، بها تفصيلات كثيرة عن هذه الحفلة، وغيرها من الحفلات، مثل هذا الإعلان، المنشور في جريدتي «الدفاع وفلسطين»، والذي يقول:
«الأستاذ يوسف وهبي بطل التمثيل العالمي في الشرق، بناء على طلب أهالي يافا الكرام وما جاورها، يُحيي حفلتين بالاشتراك مع جميع ممثلي فرقة رمسيس على مسرح «سينما الحمراء». خمسة وثلاثون ممثلاً وممثلة، ويقوم بأهم الأدوار: يوسف وهبي، أمينة رزق، علوية جميل، فردوس محمد. الحفلة الثانية «صرخة الدم» مساء الأحد. وزعيم المسرح العربي الأستاذ يوسف وهبي يودع القدس بحفلتين عظيمتين على مسرح جمعية الشبان المسيحية الاثنين في 21 حزيران والثلاثاء في 22 حزيران الساعة التاسعة مساء بالروايتين المصريتين العظيمتين لأول مرة في فلسطين «المظلوم» قصة درامية ومأساة عنيفة، و«صرخة الدم» ما يفعله وخز الضمير في حياة شاب درس القانون. فرقة رمسيس الذائعة الصيت تجمع أبطال المسرح وعلى رأسهم أمينة رزق وعلوية جميل. الأسعار: 300 مل، 250 ملاً، 200 ملاً، 150 ملاً، 100 مل، الألواج خاصة للسيدات. بادر بحجز مكانك من مكتب جمعية الشبان المسيحية تليفون 579، تيودر أسدامان قرب البوسطة – داود دجاني تليفون 550».
صلابة شعب
وفي يوليو 1937، نشرت جريدة «البلاغ» المصرية حواراً مع يوسف وهبي – أجرته بعد عودته من رحلته الفنية – وعندما تطرق الحوار إلى يافا في فلسطين، قال يوسف وهبي: «هنا أقف وقفة المعجب، وأحني هامتي أمام شعب فلسطين الكريم، الذي برهن على أنه أشد منّا صلابة وقوة في الذود عن الكرامة وأرض الوطن. إن الفلسطيني اليوم هو بطل الساعة، والمرأة الفلسطينية لا تقل عظمة ومجداً عن «جان دارك»، فهي المحرك للثورة والهاتف بالوطنية». وهذا التعليق، ذكره يوسف وهبي دون بيان لأسبابه، لأنها أسباب معروفة في ذلك الوقت للقاصي والداني، حيث إن الفلسطينيين انتفضوا وثاروا، ضد توصية اللجنة الملكية، التي رفعتها إلى إنجلترا في يونية، المتضمنة تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما عربية والأخرى يهودية، مما أدى إلى موجة سخط، تحولت إلى ثورة عارمة!! وهذا ما شاهده يوسف وهبي بنفسه في يافا، وعلق عليه بتعليقه السابق!
ومن طرائف الإجابات التي ذكرها يوسف وهبي في الحوار، «إن أهل الأقطار الشقيقة يفضلون اللغة العامية على العربية الفصحى، وفي هذا دليل جديد على فشل الفكرة التي تنادي بوجوب جعل الروايات المصرية الحديثة باللغة الفصحى، فهم يعشقون اللهجة المصرية العامية، ويطربون لسماعها، ويترنمون بألفاظها؛ كأنها قطع من الموسيقى. وهناك ظاهرة غريبة لاحظتها في أهل حيفا .. يفهمون النكتة المصرية البلدية بدرجة لا يصدقها العقل. ولا أكون مبالغاً إذا قلت لك إنهم يفهمونها أكثر مما يفهمها أهل كثير من بلدان القطر المصري! بل إنهم يستسيغونها كسكان مدينة القاهرة!! وأعظم رواية ناجحة باللغة الفصحى هي «كرسي الاعتراف»، وباللغة الدارجة «بنات الريف» و«أولاد الفقراء» و«رجل الساعة»».
رحلة عام 1938
في صيف العام التالي 1938، ذهب يوسف وهبي وفرقته في رحلته السنوية المعتادة إلى فلسطين وبلاد الشام، وانضم إلى الفرقة كل من: بشارة واكيم، وحسن البارودي، وروفائيل جبور. وقامت الصحف الفلسطينية، مثل جريدة «فلسطين» بنشر إعلان في منتصف أبريل، قالت فيه: « فرقة الأستاذ يوسف بك وهبي على مسرح سينما الحمراء الوطنية بيافا، تقدم الليلة الرواية الخالدة «الدم الملوث» آخر رواية تمثلها في يافا. ويشترك في التمثيل الآنسة أمينة رزق، علوية جميل، والأساتذة مختار عثمان، حسن البارودي، بشارة واكيم، و50 ممثلاً وممثلة. تباع التذاكر يومياً في شباك سينما الحمراء من الساعة التاسعة صباحاً، ومن محل أحمد ومصطفى الجندي. «ملحوظة»: لكل من يشتري ثلاث تذاكر لثلاث ليال خصم خصوصي في 18 و19 نيسان يمثل في القدس على مسرح جمعية الشبان المسيحية، وشركة سيارات غزة وشركة باصات الرملة اللد مستعدة لإرجاع المتفرجين على حفلات يوسف بك وهبي إلى غزة والمجدل والرملة واللد والقرى بعد انتهاء الحفلات».
أما جريدة «الدفاع» فنشرت إعلاناً للفرقة بعد أيام، قالت فيه: «بناء على رغبة الجمهور وإلحاحه تُمثل فرقة الأستاذ يوسف بك وهبي مساء هذه الليلة رواية «امرأة لها ماضي». وهي من أقوى الروايات وأعظمها، ويشترك في التمثيل الآنسة أمينة رزق وبشارة واكيم. تطلب التذاكر من محلات داود عمر الدجاني بالقدس، وشباك التذاكر على مسرح جمعية الشبان المسيحية، ابتداء الحفلة الساعة التاسعة».
وفي أواخر إبريل، نشر المراسل الفلسطيني لمجلة «الصباح» المصرية تغطية لنشاط الفرقة، جاء فيها: إن الفرقة قامت « بتمثيل ثلاث روايات هي: «زواج بلا حب، وامرأة لها ماضي، والدم الملوث»، وذلك على مسرح «سينما الحمراء» الوطنية في يافا، فكان الإقبال على حضور الحفلات الثلاث كبيراً جداً إلى درجة أن تذاكر الثلاث ليال نفد معظمها في اليوم الأول من قدوم فرقة رمسيس، وهذا على الرغم مما تقاسيه فلسطين من المحن والرزايا!! ويعود الفضل في نجاح هذه الحفلات إلى تعلق الشعب العربي النبيل بشيخ ممثلي العرب وعميد المرسح الأستاذ يوسف وهبي، الذي يلاقي أينما حل وارتحل أهلاً بأهل وإخواناً بإخوان. وقد دفعت الغيرة والحمية الأستاذ يوسف وهبي على مشاركة فلسطين الأبية في محنتها، فتبرع بإقامة حفلتين جديدتين على مرسح سينما الحمراء بيافا – بعد عودته من القدس وحيفا حيث مثل في كل بلد منها ثلاث روايات – على أن يرصد نصف ريع هاتين الحفلتين تبرعاً من فرقة رمسيس لملجأ أيتام شهداء فلسطين «ملجأ الرجاء». وقد أعلن ذلك بنفسه على مسرح سينما الحمراء، فقوطع خطابه بعواطف التصفيق والهتافات العالية. ولا يسعنا إلا أن نثني على الصديق الكريم الأستاذ «ممدوح بك النابلسي» مدير سينما الحمراء بيافا متعهد حفلات الأستاذ وهبي بفلسطين، فإليه يعود أكبر الفضل في نظام جميع الحفلات والدعاية إليها ونجاحها نجاحاً فائقاً، وهو المحبوب من الجماهير لأمانة أخلاقه وإنسانيته ولطفه وأدبه».


سيد علي إسماعيل