مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى عودة المعارك النقدية

مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى عودة المعارك النقدية

العدد 689 صدر بتاريخ 9نوفمبر2020

أثناء دراستي بكليةدار العلوم كنت أتعرض لكثير من الظواهر الخلافية فى الأدب عبر عصوره لما يسمي بالمحافظين والمجددين، الأمر الذى كان يتعار ض بشدة مع الواقع الذى نعيشه ولا أجد أيا من تلك الخلافات على الساحة ومنذ أن قررت أن يكون الفن هو مجال وأسلوب حياة خاص بى والتحقت بالمعهد العالى للفنون المسرحية رأيت داخل التاريخ المسرحي قواعد تبني وتعيش ثم يظهر من يعارضها وتبدأ رحلة ومعركة المحافظين والمجدين وكالعادة أنظر لواقع مسرحنا المصرى وتحديدا منذ عام 2010 وحتي الان لا وجود للأمر وكأن المسرحيين ارتضوا ماهو موجود بالفعل 
كانت هناك معركة وحيدة تتجدد منذ عودة المهرجان التجريبى بمسماه التجريبى والمعاصر كانت تلك المعركة تتلخص فى مفهوم التجريبى وإضافة المعاصر وتنبثق منها معركة صغرى هل ما يقدم فى المهرجان ينتمى لمصطلح التجريبى أم لا وكل من دخل المعركة فشل فى تحديد مصطلح تجريبي جامعا مانعا بل ونوعية العروض التى تندرج نحوه 
جاءت الكورونا وفرضت قواعد جديدة ومع الجائحة ظهر اعلان المهرجان التجريبى 2020 بلجنة وإدارة جديدة وجاءت الإدارة الجديدة تحاول شق الطريق من داخل هذه الجائحة وأعلن عن مسابقة مسرح الحظر ومسابقة المسرح المصور ..هدف اللجنة الذى أعلنته هو كسر حاجز الركود الذى ظل لشهور وتحريك أمور المسرحيين وفقا قواعد التباعد وعدم وجود مسارح ثم ومع قرارات الدولة بفتح المسارح بسعة قليلة نسبيا ظهرت مسابقة المسرح الحي 
هنا وهنا تحديدا بدأت المعركة النقدية فى الظهور كما لم أرها فى حياتي . mfuv hkوبعد انتهاء المهرجان وجدت أن مجتمع المسرح فى خضم معركته بين من يقول أن ما يقدم ليس مسرحا فهو يفتقد لأهم عنصر من عناصر المسرح وهو الجمهور الحي ..فمسابقة مسرح الحظر تتشابك مع وسيط السينما وتحديدا الأفلام القصيرة كما أن مسابقة المسرح المصور والعروض الحية عادت لنقطة الخلاف هل يطلق عليها عروضا تجريبية ام لا ؟
 هذا هو الأمر فى مجمله وكان لابد من عرضه قبل ابداء وجهة نظرى بعد رؤية كل فعاليات المهرجان بمسابقاته الثلاث بل والمشاركة داخل نشرته لأكون قريبا من التجربة وأستطع دراستها ..لقد وجدت نفسي أمام معركة نقدية حقيقية  بين فريق يرى أن ما يحدث لا ينتمي للمسرح وان كان البعض مسرحأ فهو لا ينتمي لما يسمى بالمسرح التجريبى وفريق أخر يرى أن العالم بأكمله يتجه ذلك الإتجاه بل وهناك تجارب فعلية عالمية فى ذلك السياق 
من خلال ما رأيته داخل تجربتنا يمكننى أن أقول:
أولا: يجب على أساتذتى المسرحيين القدامى والجدد أن يناقشوا الأمر فى إطاره الصحيح وهو أننا أمام تجربة أثارت وحركت مياه راكدة كادت أن تخفي ملامح النقد لدينا وندرسها على هذا الأساس دون تهكم وتجريح وتخوين واتهامات بتستيف الأوراق فقط .
ثانيا يجب أن يتفهم أصحاب التجربة أنهم بتجربتهم وكأى تجربة سوف يتعرضون للمناقشة والنقد والهجوم بل والهجوم الشديد فهذا حال التجارب الجديدة على أى حال 
ثالثا يجب أن تكون هناك حلقة أو مجموعة حلقات لتحديد مفهوم التجريب وما يدخل فى إطاره لكى يكون للمهرجان معناه ولكى لا يبقي مجرد مهرجان تنافسي فقط وما أقوله هنا أن التجريب موجود منذ عصور فما فعله كورنى مثلا فى مسرحيته السيد يعد خروجا هما هو متبع لدى عصره إذا فقد جرب وما كتبه هوجو فى مقدمته يعتبر تجريبا عما سبقه كما كانت حركات الأفانجارد سواء على مستوى كتاباتهم أو إخراج عروضهم كانوا تجريبين وفى كل مرة من هؤلاء نرى المعركة النقدية فهل يمكن أن نضع مفهوما محددا لهذه الكلمة الان .
النقطة الأكثر جدلا هنا فى هذه المعركة هى نقطة افتقاد مسابقتين من مسابقات المهرجان لعنصر الجمهور الحى على خشبة المسرح هنا  وبالنظر للتاريخ كان العنصر الوحيد الذى بقي دون تغير هو الجمهور الحى فالممثل رأيناه يختفي أحيانا لنرى عروضا مسرحية تعتمد على الإضاءة فقط مع بقية العناصر ورأينا النص المكتوب يختفي مقابل نصا مرتجلا ورأينا عروضا تعتمد بأكملها على الفراغ دون ديكور ومناظر مسرحية وهكذا على مستوى كل العناصر حتي خشبة المسرح وجدنا مسرحيين يستخدمون الشوارع مسرحا لكن ظل الجمهور باقيا رغم كل هذا وهنا لدى وجهة نظر إن كان كل العناصر تغيرت وتلونت فلما لا يطرأ التغير أيضا علي عنصر الجمهور فالعالم بأكمله حاليا يعتمد على عالمه الافتراضى والتى توازى فى الفن شكل المحاكاة فلما لا يصبح الجمهور أيضا جمهورا افتراضيا يشاهد العرض على مواقع التواصل الاجتماعى وينفعل ويبدى رأيه ونقده  ويبقي المسرح الحي كما هو وينبثق منه مسرح العالم الافتراضي والتصنيف هنا سيتم وفقا لجمهوره كما صنفت الكتب الى ورقية والكترونية 
رابعا بخصوص مسابقة الحظر والتى كان لها النصيب الأكبر من سهام النقد نظرا لأن عروضها كانت بطبيعة الحال أشبه بالأفلام القصيرة فأصبحت ذات طبيعة ووسيط وشكل مختلف كليا عن مفهوم المسرح بأشكاله سواء المصورة أو الحية هنا يمكن القول أن هذه التجربة الأولى للأمر يمكن التعديل والاقتراح لتوظيفها بشكل صحيح لا هدمها من الأساس كما أن بعض عروضها توافر بها عناصر مسرحية تلك المسابقة تحتاج للتطوير خصوصا وأنه ليس مضمونا أن تعود الحياة كما كانت ونتعرض لجائحات أخرى فهل سنوقف الحياة أم نفكر فى المستقبل .
خامسا كانت إدارة المهرجان صائبة بشكل كبير بإضافة فعالية من ذاكرة المهرجان فلقد جعلنا هذا نطلع على بعض العروض التى قد تكون قد فاتتنا من قبل .
سادسا عن نشرة المهرجان التجريبى والتى شرفت بالاشتراك بها وأعلم مدى الجهد المبذول لكى تكون بتلك الصورة المشرفة كنت أتمنى أن يتواجد بها بابا يوضع من خلاله اراء المتخصصين حول تجربة المهرجان سواء كانت مع أو ضد خصوصا وأن القائمين عليها من أساتذة وشباب أثبتوا وجودهم على الساحة الفنية من أكثر المتفتحين الذين رأيتهم يتقبلون النقاش والنقد مهما كان وهو الأمر الذى كان سيحول الأمر من هجوم فقط لخلاف نقدى حقيقي 
هكذا يجب أن يتم الأمر بين المسرحيين حين ظهور شئ جديد يحدث داخل المسرح المصرى وربما كانت تلك المعارك هى ما ستدفعه من ثباته العميق الذى غفى فيه لكثير من السنوات جعلتنا نتعطش لأى عرض يقدم جديدا وليس لحركة وتيار قد تكون تجربته هى البداية 
العملية المسرحية لن تتم دون النظر إليها كتجربة تسمح بالتعديل والمناقشة والأخذ والرد وألا نحول الأمر لجريمة يستحق فاعلوها الشنق 
 وإن كنت أرى أن هناك معركة أخرى قديمة ظهرت على الساحة مؤخرا وأثارها د. مصطفى سليم حول أن المسرح نشأ عند المصريين القدماء وليس اليونان وفى انتظار ظهورها على الساحة


محمد عبد الوارث