المسرح العربي في بوادر الثقافة الخديوية إعادة النظر في مسرح يعقوب صنوع (1868- 1872)(3-3)

المسرح العربي في بوادر الثقافة الخديوية إعادة النظر في مسرح يعقوب صنوع (1868- 1872)(3-3)

العدد 688 صدر بتاريخ 2نوفمبر2020

الذخيرة الفنية لفرقة صنوع وقصور تاريخ العروض المسرحية
يمكن أن تحدد دراسة الذخيرة الفنية ما إذا كانت إيديولوجية هذا المشروع تعبيرًا مبكرًا في الشرق الأوسط عن الأفكار الراديكالية أو على الأقل عن القومية المعادية للخديوية كما يفترض غالبًا. حتى إذا سمحت لنا عملية الإحياء التاريخية بمشاهدة الفرقة في إطار الثقافة الخديوية فإن المسرحيات قد تشهد على أجندة تخريبية.100 أقترح أن يؤخذ في الاعتبار التقنية النخبوية للمسرح عند الاقتراب من ذخيرة الفرقة الفنية. فالسمة الأساسية والمركزية لهذه التقنية هي استحضار حدث سابق (معركة ، بطل ، أسطورة ، شهادة أي استشهاد) كنقطة مرجعية لتوحيد الهوية العاطفية التي من خلالها تتم وتتأكد الوحدة الوطنية أو على الأقل تجربة واختبار شيء من قبيل تلك الوحدة المتخيلة التي قد تظهر. ليس من الضروري  أن تكون تاريخية لكن  يكفي أن تكون مرتبطة بالتاريخ. ربما كانت الأوبرا هي الضرب الرئيسي لهذا النوع من القومية الثقافية في القرن التاسع عشر والتي تمثلت في أعمال ريتشارد فاجنر((Richard Wagner وجوسيبي فيردي( Giuseppe Verdi ) وبيد ريتش سامنتانا (Bedrich Smetana. ). يتم تقديم وتمثيل الأساطير والمعارك والأبطال للطبقة الوسطى أو حتى للنخبة بلغة وطنية وموسيقية موحدة وغالبًا ما يتم استخلاص نتيجة أو قيمة أخلاقية. لايجد  “الخيال الوطني” في الروايات موطنه فحسب,101 لكن من الممكن أيضا أن يتم اختباره وتجربته بشكل جماعي في المسرح.  لكن ترى هل نجد هذه التقنية في المسرحيات التي تؤديها فرقة صنوع؟
كانت هناك مسرحية واحدة في المجموعة استخدمت ووظفت تلك التقنية.  إنها مسرحية “ ليلى “ لمؤلفها  محمد عبد الفتاح ، فليلى هي قصة حب قبلية عربية تاريخية أدت إلى حمام من الدماء. هذه المأساة بلغتها الفصحى (رغم أنها احتوت علي وتخللها بعض الكلمات العامية ، مثل كلمة “أشوف” ) كما تضمنت اقتباس من الشاعر القديم عنترة بن شداد يستحضر مفهومًا أخلاقيًا للعروبة. على سبيل المثال ، يحذر الأب أمير زيدان البطل حسن من عدم استخدام أي خدعة ضد منافسه لأن الخيانة ليست من شيم العرب ولا من طبائع الفرسان. 102عندما يكذب ويتلاعب الحبيب المنافس الأمير عمران يتهمه الأمير زيدان بعدم كونه عربيًا لأن العرب “لا يتصرفون بهذه الطريقة ويسأله أخبرني هل جن جنونك؟ 103 تحتوي هذه المأساة على نفس المبادئ الفكرية التي تم التعبير عنها في اقتراح أنسي عام 1872حين قال : “استخدام  الفصحى والتراث الأدبي العربي العظيم.” يمكن أن تنسجم وتتناسب هذه الصياغة المصرية الأولى للعروبة الأخلاقية في هذه المأساة مع الشكل المثالي للدراما الوطنية وقد تمت بالفعل كتابتها ، كما علق عبد الفتاح “لأبناء الوطن”. 104 دلالة على ذلك القصد وتعبيرا عن تلك النية هو النشر الفوري السريع لمسرحية  ليلى ، على عكس مسرحيات صنوع باللغة العربية ، والتي ظلت مخطوطة فقط.
كتب صنوع الجزء الأكبر من الذخيرة أو الأعمال الفنية التي أدتها فرقته. لقد كتب أفلامه الكوميدية بالعامية (ممزوجة بالفرنسية والإيطالية واليونانية والعربية الفصحى). بعد التحليل النقدي للوقا  وموسى وبدوي  وسادجروف ، يمكن إعادة تجميع  تلك المسرحيات  لندرك  أنها كانت حوالي اثني عشر نصًا مع الأغاني. طبعت سبعة منها بعد وفاته. 105 كان مصدر الفكاهة يكمن في الأخطاء اللغوية وسوء الفهم المتبادل. لم يكن هناك أبطال ولا معارك ولا أساطير. يسخر حوار قصير من سائح إنجليزي على غرار الحوارات الإيطالية في مسرحية “ العربي العجوز” ( L’Arabo Anziano. هناك ستة مسرحيات كوميدية ??عن الحب والزواج.  كانت الشخصيات الرئيسية من الحضر السوريين والمصريين ممن ينتمون لعائلات تجارية عربية ثرية ومتواضعة تتفاعل مع الفرنسيين واليونانيين والإنجليز. تعتبر مسرحية “ الدرتين” كما كتبها صنوع  أو “ الضرتين” كما يجب أن تكتب  استثناء حيث بطل الرواية من الذكور مدمن حشيش وتتناول المسرحية قضية تعدد الزوجات. بشكل عام ، لم تذكر الشخصيات المصرية أفكارًا تخريبية كما ينطبق بشكل خاص على الخدم (هناك أيضًا خادمتان أوروبيتان) ، يتم تصويرهما بشكل محايد .106على العكس من ذلك نرى أن مسرحية  الصداقة الكوميدية  تشيد بالحكومة لتشجيعها الاستثمار الأجنبي. 107 تؤكد شخصية مصرية في مسرحية  “الأميرة الإسكندرانية” أنه سيتخلى عن وضعه كحامل للحماية الفرنسية ليصبح من رعايا الخديوي مرة أخرى. هناك شخص آخر يعجب بحقيقة أن “حاكم مصر حول عاصمة مملكته إلى حديقة.108  ومع ذلك ليست هذه النصوص بعيدة بصورة كلية في موضوعاتها عن السياسة على عكس تفسيرات موريه وسادجروف. 109 تسخر تلك المسرحيات من الجهل وتمتدح الخديوي. من وجهة نظري ، تتناسب هذه المسرحيات مع السياق التاريخي الذي أعيد بناؤه وتؤكد أن صنوع إنما بذل جهدًا لإرضاء الحاكم.
على الرغم من ادعاءات غنيم وموسى ومؤخراً فهمي ، فإن استخدام صنوع للعامية ليس دليلاً على أنه “كتب مسرحياته للجماهير”. 11أشارت صحيفة  وادي النيل في مقدمة عن  الأداء الذي تم  أمام إسماعيل باشا في (يوليو عام 1871حيث قالت “كانت قطع صنوع القصيرة بالعامية (الدارجة) “من أجل تسهيل الأداء على الشباب المثابر الذي يؤدي المسرحيات” قبل وضع وصياغة العملين الأدبيين المنقحين .111 لم تكن الجماهير في حاجة لاستخدام العامية لكن الممثلين من الشباب ممن تدربوا على عجل هم من كانوا في حاجة إلى استخدام العامية. هناك عدد محدود جدًا من المصريين ممن كان يمكنهم حضور العروض في القاهرة. من المحتمل أن الأغاني والنكات أصبحت شائعة كجزء من الثقافة الحضرية الشفاهية ولكن لا يوجد دليل على هذا التعميم حتى الآن. أما بالنسبة لنوايا صنوع  فقد طبع بالفعل بعض من نصوصه المترجمة في أوائل سبعينيات القرن التاسع عشر مثل الترجمة الإيطالية لمسرحيته الأميرة الإسكندرانية (1875)  لكنه لم يغامر بطبعات عربية.
وخلاصة القول أن فرقة يعقوب صنوع قد أوجدت مكانًا لأداء المسرحيات العربية. كانت نيته في ذلك الوقت ، بقدر ما يمكن استحضاره ، أن يقدم عرضًا مخلصًا للخديو باستخدام تقنيات الترفيه الساخرة. لم يفهم أو لم يستطع استخدام التاريخ أو التأريخية التي تعد الأداة الرئيسية للخيال الوطني. لكن استطاع  الطالب الأزهري عبد الفتاح أن يستخدم حبكة تاريخية في مسرحية “ليلى”. لو كانت قد امتدت وطالت فترة وجودالفرقة المسرحية لوقت أطول ، لكانت قد أدت المزيد من المسرحيات باستخدام موضوعات تاريخية أو تأريخية. على الرغم من أن صنوع قاد الفرقة ، إلا أنه كان بإمكانها أن تصبح منتدى لكتاب مسرحيين آخرين باللغة العربية. هل كان لهذه الإمكانية حساسية سياسية وهل أدى هذا الأمر إلى حل الفرقة؟
النهاية
اذا كانت البداية غامضة فالنهاية أكثر غموضا. لقد تم حل فرقة صنوع في وقت ما في صيف أو خريف عام 1872. في المنح الدراسية غالبًا ما يُقبل الباحثون أن الخديوي “حظر” الفرقة ومنعها من الاستمرار.112 هذا الادعاء مهم لأنه  إذا كان صحيحًا  سيكون بمثابة دليل على أن الفرقة انتقدت الحاكم بالفعل. ومع ذلك ، نظرًا لعدم وجود بيانات أرشيفية أو غيرها من المعلومات  حول مثل هذا التدخل من جانب الخديوي يرى سادجروف “Sadgrove”  أن الأسباب المالية هى التي أدت إلى حل و توقف نشاط الفرقة المسرحية .113 أذهب أنا مع تلك الفرضية : إذ ربما يرجع السبب إلى الاستبعاد من الرعاية الخديوية وعدم وجود رأس المال الخاص الذي يضمن استمرار عمل الفرقة.
طبقًا لمقالة سابقة لصنوع  قال فيها: “إن الخديوي أمر بإغلاق المسرح العربي ولم يمنحني المال الذي استثمرته فيه”. 114 أما  في مذكراته المتأخرة ، كتب أنه بعد الأداء أمام الخديوي في المسرح الكوميدي عام 1872 ، قام الحاكم، مقتنعًا بـرأي “البريطانيين” بشأن المحتوى المناهض للخديوية ومصدقا للتأكيد والوشاية الحاسدة من جانب دارنيت بك وعلي باشا مبارك, بغلق المسرح وحل الفرقة. ربما كان مرجع هذا الأمر إلى أداء مسرحية “ الضرتين” لأنه تم  في نفس الليلة. .115يؤرخ سادجروف لهذا الحدث ويرى أنه تم في  خريف عام 1872. 116 ولكن كما رأينا فقد تم تداول أخبار أن الفرقة أعدت نفسها لتقديم عرض في المسرح الكوميدي في أبريل وتم تقديم مسرحية “ليلى “ في حديقة الأزبكية في يوليو من عام 1872. وعلى ذلك فبعد أن شاهدها الخديوي في المسرح الكوميدي استمرت الفرقة في تقديم عروضها في حديقة الأزبكية حتى منتصف الصيف عام 1872.كانت مسرحية “ليلي” هي آخر مسرحية يتم عرضها على المسرح وذلك طبقا  للمصادر المعاصرة تلك المسرحية التي تعد مأساة عربية. لم يستطع اسماعيل في هذا الوقت منع أو حظر الفرقة، على الأقل ليس بشكل مباشر، لأنه في نهاية يونيو وصل إلى اسطنبول حيث قضى بقية الصيف. (117) لم يدرج الخديوي  أو دارنيت بك الفرقة ضمن  وسائل الترفيه المدعومة من الدولة. أيضًا من المؤكد أن عملية فرض رسوم  في يونيو 1872 على دخول  حديقة الأزبكية قد أدت إلى تناقص أعداد الجمهور بشكل كبير. بحث أعضاء الفرقة عن وسائل أخرى يتعيشون منها خاصة بعد غياب الرعاية الخديوية وقصور رأس المال الخاص.
لم يواصل صنوع عرض المسرحيات مع مجموعة جديدة بعد هذا الصيف. من المحتمل أن يكون قد قام بمحاولة عام 1873 وقدم مسرحية كوميدية إيطالية في القاهرة عام 1877 لكن تم النظر لهذه العودة على أنها فشلًا بائسًا في أعين الجمهور. 118وقد قام بنشر بعض المسرحيات الجديدة باللغة العربية في جريدته “أبو نضارة” عام 1878 وظل الحوار كما هو من النمط الشائع الاستخدام. 119 في الواقع، بالنظر إلى حواراته الإيطالية في مسرحيته “ العربي العجوز” L’arabo anziano” “ التي يبدو أنها كانت تمثل الابتكار والإبداع  الأدبي المفضل لديه. واصل المصريون الآخرون المهتمون بالمسرح باللغة العربية من أمثال علي باشا مبارك وعثمان جلال وعبد الفتاح المصري إنتاج نصوص مسرحية باللغة العربية. ومع ذلك ، لم يرد أي رد للخديوي على التماس محمد أنسي كما توقفت جريدته “ وادي النيل “  في وقت معاصر لهذا التوقيت تقريبًا.
الحضارة الخديوية المبكرة والآفاق الوطنية
1868 - 1872
 السؤال الذي يطرح نفسه عن ماهية السبب الذي جعل كل من صنوع وأنسي يطلبان دعما من الخديوي من أجل إنشاء وتأسيس مسرح. لماذا لم يؤسسوا فرقة مسرحية خاصة لأداء المسرحيات باللغة العربية  كما حدث في بيروت (وتمشيا مع الفرق الخاصة التي تؤدي باللغة التركية في اسطنبول والفرنسية والإيطالية والإنجليزية والمجرية والتشيكية في العواصم الأوروبية)  لماذا طلبوا دعم أعضاء مهمين في البلاط الخديوي ؟ لماذا ، كما قلت ، كانت فرقة صنوع عرضًا للخديوي؟
أولاً ، لأنه لم يكن هناك مباني لمسارح خاصة في القاهرة في ذلك الوقت. لو كانت البداية في الإسكندرية ، حيث كان هناك عدد من المباني المسرحية الخاصة ، لكانت قد ظهرت نتيجة مختلفة جدًا. الأمر الثاني هو احتمالية أن تكون قد ساورتهما شكوكا في قدرة فرقة خاصة على تحقيق أرباح نظرًا لعدم وجود ممارسة راسخة لتواجد المسرح بين المصريين. ربما كان يأمل صنوع أو أنسي في الحصول على هبات ومنح خديوية لأنه في هذه السنوات المبكرة كان يتم الاحتفاء بإسماعيل باشا في الصحافة وتقديمه كقائد للحداثة ورائد للتطوير.لقد كتب صنوع في الواقع في وقت لاحق أنه كان يعتقد خلال تلك الفترة أن إسماعيل كان قائد التقدم ورائد التحديث قال عنه أنه “رجل مليح” (120) حتى عبد الله النديم الخطيب المفوه المناهض للخديوية قام في وقت لاحق بتأليف كتاب باللغة العربية عام 1872 يمدح فيه الأسرة الحاكمة ويمجدها. 121  وأخيرًا فقد كانت رعاية الحكومة أمر متوقع لأن المسرح لم يكن يُنظر إليه على أنه مجرد وسيلة ترفيه  أو مجرد وسيلة للتربية العامة والتنشئة  ولكن كما رأينا كوسيلة للتعليم العام. في تلك السنوات المبكرة كان يجب أن يرتبط المسرح العربي كمشروع عام في العاصمة بالخديوية في مخيلة أولئك الذين فهموا هذه الدولة التي تحكمها هذه الأسرة الجديدة ناظرين إليها باعتبارها ملكية وطنية تقدمية مصرية. ربما تغير هذا التصور بعد ذلك بوقت قصير ولكن وجوده في ذلك الوقت لا يمكن إنكاره ، وكان ملائم ومحبب للحاكم الذي كان من المتوقع أن يصبح عضوًا وقائدًا في النظام الثقافي الجديد.
لماذا إذن لم يمول الخديوي إسماعيل تجربة صنوع؟ هذا لأن التهكم أوالسخرية  التي مارسها صنوع باللغة الإيطالية ومن ثم في العامية المصرية ، لم يكن شكلًا مقبولًا للتعبير الوطني في عصر فرض فيه النخبة والمثقفون شروطهم على شكل بناء الأمة. جعل غياب التاريخ أو الافتقار الي التأريخية المسرحيات غير متوافقة مع ثقافة الدولة الرسمية. كمثال مضاد تمت ملاحظته بالفعل فقد كان المشروع الرئيسي لإسماعيل في هذه الفترة هو أوبرا عايدة التي كانت  أوبرا كبيرة تتناول الإمبراطورية المصرية القديمة ، والتي كانت في قناعته وتصوره  هو ودرانيت أوبرا “وطنية”. 122على الرغم من أن الافتقار إلى التاريخ نفسه يمكن فهمه كدليل على الثورة في مواجهة هذه التقنية المهيمنة حيث لا تحتوي الخلفية والسياق التاريخي والنصوص على أي إشارة أخرى إلى هذا الموقف الأيديولوجي. يحتوي مفهوم أنسي لفكرة  المسرح العربي الخالص وتراجيديا  عبد الفتاح الأخلاقية على خيال أكثر تعقيدًا ربما كان أكثر ملاءمة للثقافة الخديوية باللغة العربية. ربما كان توقيت وسرعة انتهاء تجربة صنوع قد منعا هذه الأفكار والأهداف الوطنية المبكرة من بلوغ النضج وجذب رعاية الخديوية.
خاتمة
 لقد أوضح هذا المقال كيف قامت فرقة مسرحية بقيادة يعقوب صنوع بعمل متقطع ناطق باللغة العربية في سياق الاهتمام الفكري المصري الحي بالمسرح وذلك في الفترة من صيف عام 1871 حتى صيف عام 1872. كانت جميع أعماله المطبوعة في هذه الفترة باللغة الإيطالية، وبالتالي فإن عرضه للمسرحيات العربية العامية كان أمرا ملحوظا وبارزا. كما قامت الفرقة بأداء مسرحية “ليلى”  لمحمد عبد الفتاح المصري. لكن في نهاية المطاف  لم يستثمر الخديوي الأموال في هذه التجربة وتم حل الفرقة. يشير تحليلي إلى أن هذه الفرقة كانت عرضًا مخلصًا للخديوي لإدراج المسرح العربي في فنون الدولة الخديوية.  لا يوجد دليل على أن صنوع أراد نشر دعاية مناهضة للخديوية باللغة العربية في هذا الوقت. بقيت الفرقة معزولة بسبب تمسكها وتعلقها بالبلاط العثماني المصري ولم يكن صنوع على علاقة جيدة بالمثقفين المصريين ولم يطبع مسرحياته العربية وبعد ذلك سيطر صناع المسرح السوري على المشهد في مصر التي احتلتها بريطانيا. تفسر هذه العزلة الاجتماعية والزمانية الغياب التام لفرقة صنوع قصيرة العمر من الذاكرة الثقافية المصرية ومكانتها الغريبة في تاريخ المسرح العربي. ومع ذلك فإن تطهير أو إغفال صنوع وتجربته من التاريخ المصري يؤدي أيضًا إلى فقدان سياق المبادرات المصرية الأخرى التي لم يكتب لها النجاح.
في حين عكست كوميديا صنوع قضايا محلية معاصرة في مصر ، فإن تراجيديا عبد الفتاح واقتراح أنسي مبنيان إلى حد كبير على الماضي وعلى التراث العربي. ومع ذلك ، لا يمكن تصنيف عبد الفتاح وأنسي كممثلين مبكرين للعروبية الثقافية  ، حيث عبر فهمهما  للتاريخ العربي واللغة المكتسبة عن حبهما لمصر الإقليمية. تحتوي تعبيراتهما الثقافية على تلميحات لمصر العربية أو العروبة تاريخياً. كتقنية ثالثة لإيجاد المسرحيات، يجب أيضًا عدم إغفال حركة التمصير التي قام بها  عثمان جلال للدراما الفرنسية.  تلك هي ثلاث طرق مختلفة بشكل واضح لتحقيق وإنجاز النصوص المسرحية. لكن كل ذلك ألمح إلى إسماعيل باشا كقائد للتقدم في مصر. بينما أدرجت الثقافة الخديوية المبكرة مصر في النظام العالمي للفن ، تكشف هذه القصة عن لحظات حاولت فيها الخطابات المحلية حول الوطن والمسرح باللغة العربية إدراج الخديوي العثماني داخل الهيئات الثقافية المتعددة في مصر.
الهوامش:
(101) Benedict Anderson, Imagined Communities: Reflections on the Origins and Spread of Nationalism, rev.ed. (London: Verso Books, 2006), 30, 198.
(102) _Abd al-Fattah al-Misri, Lu_bat Layla, 33.
(103) Ibid., 44.
(104) Ibid., 4.
(105) This is similar to the number given by _Abd al-Fattah, who wrote that his friend composed “more than twelve plays.” _Abd al-Fattah al-Misri, Lu_bat Layla, 3; Sadgrove, “Leyla—The First Egyptian Tragedy,” 164. An often mentioned lost play is Patrie et Libert´e or al-Watan wa-l-Hurriyya (for instance, Moosa, “Ya_qub Sanu_,” 408; and Moreh and Sadgrove, Jewish Contributions, 23) but so far nothing affirms its existence or performance. The play Mulyir Misr (1912) must be excluded from the performed works in 1871–72. Badawi, “The Father of the Modern Egyptian Theater,” 143; Sadgrove, The Egyptian Theatre, 113; Levy, “Jewish Writers,” 161. Because of the absence of publication, it is not certain that all of Sanua’s works in manuscript were performed and vice versa. The printed works include Mulyir Misr and six comedies with one short dialogue (manuscripts discovered by Luqa, published by Najm, 1963). A number of theatrical texts appeared in Sanua’s various journals; Najwa Ibrahim _Anus collected these in Ya_qub Sanu_, al-Lu_bat al Tiyatriyya (Cairo: al-Hay_a al-Misriyya al-_Amma li-l-Kitab, 1987); see Ettm¨uller, The Construct, 101.
(106) Sadgrove, The Egyptian Theatre, 114, repeats Moosa, “Ya_qub Sanu_,” 430.
( 107) Al-Sadaqa, in Najm, Ya_qub Sannu_, 128.
(108) Al-Amira al-Iskandaraniyya, in Najm, Ya_qub Sannu_, 154, 167.
(109) Moreh and Sadgrove, Jewish Contributions, 22.
(110) Moosa, “Ya_qub Sanu_,” 418; Fahmy, Ordinary Egyptians, 46.
(111) Wadi al-Nil, quoted in al-Jawa_ib, 27 August 1871, 3. In Sadgrove’s translation (The Egyptian Theatre, 98) the difference between d¯arija and adabiyya is the difference between colloquial and literary Arabic. I slightly modified the translation.
(112) For example, Moosa, “Ya_qub Sanu_,” 406; and Fahmy, Ordinary Egyptians, 46.
(113) Sadgrove, The Egyptian Theatre, 111. He bases this explanation on Jerrold’s report about the promised financial support and on Mulyir Misr, in which the actors constantly ask for payment. LouisAwad hypothesized that Khedive Ismail denied financial aid because of Sanua’s support of his uncle Abd¨ulhalim. Louis Awad, The Literature of Ideas in Egypt, Part 1 (Atlanta, Ga.: Scholars Press, 1986), 71. Although after 1878 Sanua  indeed favored Abd¨ulhalim, there is no evidence for this in those early years.
(114) Abu Nazzara Zarqa, 1 July 1879, 2.
(115) Sanua, “Ma vie,” in Sadgrove, The Egyptian Theatre, 178.
(116) Sadgrove, The Egyptian Theatre, 109.
(117) The Levant Times and Shipping Gazette, 26 June 1872, 2.
(118) Sadgrove, The Egyptian Theatre, 137–38.
(119) Ettm¨uller, The Construct, 86.
(120) Abu Nazzara Zarqa, 1 July 1879, 2.
(121)_Abd al-Fattah Nadim, ed., Sulafat al-Nadim fi al-Muntakhabat al-Sayyid _Abd Allah al-Nadim, 2 vols. (Cairo: Matba_a Hindiyya, 1914), 1:37.
(122) William Weaver, Verdi: A Documentary Study (London: Thames and Hudson, 1977), 225

دراسة بقلم : أدم مستيان


نشأت باخوم