آليات فهم الأداء المسرحي (2)

آليات فهم الأداء المسرحي (2)

العدد 684 صدر بتاريخ 5أكتوبر2020

المقولة المؤقتة للرؤية :
تتكون المقولة الأولية للرؤية التسلسلية لما أسميه « الفهم المسرحي الأساسي» من الجمع بين المتطلبات الخمسة التالية .
أولا، فهم المسرحية كما تحدث، علي حد تعبير (ليفنسون)، هو في جوهره مسألة فهم أجزاء الحوار المستقلة والفعل علي خشبة المسرح والتطور الفوري من جزء إلى جزء . 
ثانيا، علامات الفهم المسرحي الأساسي سوف تتضمن علي الأقل القدرة علي حكي القصة التي سمعناها، والقدرة علي التحدث بشكل مقنع إلى الآخرين عن الأفراد الذين تكون حياتهم أجزاء من تلك القصة، والقدرة علي تذكر أجزاء من الحوار، وطريقة إلقائها الخاصة وأهميتها في القصة، والاستغلال الفوري للأحداث علي خشبة المسرح، وتوقعها . 
ثالثا، سوف أقول ان موضوعات الفهم المسرحي الأساسي عموما هي : 
 (أ) أجزاء الحوار لحظة بلحظة وحدث خشبة المسرح والانتقال بينهما .
 (ب) أجزاء ذلك الحوار وحدث خشبة المسرح المعدة والتي يتم إلقائها بطريقة متاحة للفهم فيما بعد في المسرحية . ولكن موضوع الفهم  المسرحي الأساسي باعتباره موضوعا يتطور علي مدار تجربة  مشاهد المسرحية، هو القصة . 
رابعا، فهم ما يحدث في الأداء لا يتطلب، وفقا ل(ليفنسنون) شيئا أكثر من التركيز علي الأجزاء كما تحدث، وعلي ربط هذه الأجزاء بسابقها ولاحقها فورا . 
خامسا، نحدد ما إذا كان ما يحدث منطقيا عن طريق استشعار ما إذا كانت الأجزاء والانتقالات بينها مقنعة لحظة بلحظة . 
 الأفكار الأساسية وراء اعتبارات الفهم المسرحي الأساسي هي : أولا، فهم ما يحدث في المسرحية عندما نشاهدها في الأداء لا يهم في إدراك ظواهر مثل البنية ذات الفصول الثلاثة مقابل ذات الفصول الخمسة، والبنية العامة للحبكة، مثلا، وما إذا كانت الحبكة خفية أو جيدة الصنع، مع تطور العقدة ولحظة الذروة وحل العقدة، أو أي ملا ملامح واسعة المجال يمكن أن تنسب بشكل صحيح الي المسرحية عند تأملها، وربما المزيد من دراسة نص الأداء . ثانيا، ما يتم فهمه علي مدار المسرحية هو القصة . ( وهنا يختلف الأمر عما يقدمه نموذج ليفنسون ). لا يجب أن يعني أننا ننكر أن المسرحيات والقصص التي ترويها هذه الملامح والبنيات واسعة المجال مهمة لصياغة نص ( كتابة نص) لعرض المسرحية . ما يتم إنكاره هو أن الحصول على فهم للمسرحية أو حتى جزء منها هو أمر مطلوب . 
 وفي تسمية ما يمكن اكتسابه عند المشاهدة الأولية للمسرحية « الفهم المسرحي الأساسي «، فإنني ألتزم بمسار ( ليفنسون) الاصطلاحي . ففكرة أن هناك شيئا يمكن اكتسابه بالتأكيد عند المواجهة الأولى مع المقطوعة الموسيقية التي يجري أداءها يعد فهما للموسيقى، ولكن هناك بالتأكيد ما يسميه ( ليفنسون) “ الفهم الأكثر ثراء” لنفس هذا الأداء الموسيقي . ويرى ( ليفنسون ) أن هذا الأخير يفوق الفهم السابق . ولسوء الحظ لم يتم تطوير هذه النقطة في سرد ( ليفنسون) . علاوة علي ذلك، ربما نواجه مشاكل خطيرة عندما نحاول تنفيذ أي اعتبار للتفوق عند محاولة تطويره إلى حالة فهم العروض المسرحية . ولكن لا توجد مساحة كافية في المقال الحالي لمعالجة هذه القضايا . ولأغراض المقالة الحالية، يكفي أن نمنح اهتمامنا الحالي إلى أن الفهم المسرحي الأساسي لا يستبعد أن يكون هناك فهما أكثر ثراء للأداء المسرحي الذي يرى فيه الشخص الذي يحصل علي هذا الفهم ما هو موجود ببساطة بشكل أكبر من الشخص الذي يمكن أن يكون لديه فهما فسرحيا أساسيا . 
 ينص البند الثاني في الاقتراح الثالث علي أن أهداف الفهم المسرحي الأساسي لا تشمل فقط أجزاء من الحوار والحدث الدرامي والتحولات بينهما، ولكن أيضا أجزاء الحوار والفعل علي خشبة المسرح الذي تم إعداده وإلقاءه بطريقة متاحة للإدراك فيما بعد في المسرحية . ويجب أن نفهم هذا جيدا بالطريقة التي نفهم بها كيفية إعداد النكتة وإلقاءها فيما بعد . وهذا في الواقع هو الرابط بين الفقرة الأولى، وهو أن أهداف الفهم المسرحي الأساسي هي الأجزاء نفسها، والمكان الذي يجب أن نختلف فيه مع نموذج (ليفنسون)، فالفكرة هي أن هدف الفهم الأساسي هو القصة في نهاية المطاف . 
 فيما يتعلق بمسألة قوة الإقناع، فقد يكون الموقف المبدئي المستعار من (ليفنسون) مباشرة كالتالي : لا حاجة لفهم واع للعلاقة الشكلية التي تكون فيها الأجزاء والتحولات مقدمة بالترتيب للمستمع لفهم قوة الإقناع داخل الأجزاء وفيما بينها . وقد نقبل أيضا، رهنا بمراجعة لاحقة، أن الشكل الحقيقي للأداء المسرحي يتكون من، مع ما يلزم تعديل، أصغر الوحدات الفردية، أي العبرات والألحان، بعيدا عن العناصر التي لا شكل لها، وبالطريقة المحددة التي تؤدي بها كل وحدة الي الوحدة التالية، والادعاء الترابطي بأنه لا يوجد شكل كلي للمطوعة الموسيقية الممتدة، بل يوجد فقط تشكيل أو قوة إقناع داخل الأجزاء المفهومة بشكل متتابع . 
 ولكن السهولة التي يمكننا أن نطبق بها السرد المتسلسل للفهم الموسيقي علي فهم المسرحيات، كما تٌقدم علي خشبة المسرح،، حتى في الشكل المعدل الذي تبنيناه حتى الآن، يتعثر في بعض التفاصيل المهمة : 
( أ ) لا يمكن أن نقبل ارتباط مسرحي بادعاء (ليفنسون) بأن الفهم الموسيقي الأساسي يسترشد في مجمله بأفكار أو قواعد الاستمرارية والتطور والتقدم والاتجاه. 
(ب) كما لاحظنا سابقا، ربما لا نستطيع أن نقبل رؤية أن “ تتفوق مفاهيم الفهم الأكثر ثراء علي حالات الفهم ( أو الاستماع). 
(ج) لا يمكننا أن نقبل كل الروابط المسرحية في صيغة ( ليفنسون ) في الاختبار الأساسي لقوة الإقناع أثناء سماع الأعمال الموسيقية، وتحديدا أن قوة إقناع التتابع هي أن كل جزء يؤدي بشكل مقنع الي الجزء التالي، وكل نتيجة تظهر طبيعية، عند التعود عليها، بل أيضا كاستمرار حتمي لكل ما سبقها . وفيما يلي سوف أركز علي النقطتين الأولى والثالثة في هذا الاختلاف . 
      مراجعات تحفيزية للوصف : 
تدفعنا بعض الحقائق المألوفة عن العرض المسرحي الي مزيد من الانحراف عن التقييد بالنموذج التسلسلي الذي يقدمه لنا ( ليفنسون) . أولا، في الأداء الموسيقي، فان الانتباه إلى المؤدين يكون اختياريا لاكتساب الفهم الموسيقي بشكل ما، ولا يكون الأمر كذلك لاكتساب فهما مسرحيا للمسرحية . إذ لن تكون أصوات المؤدين المسرحيين وأجسامهم هي وسائلهم فحسب، مع أن هذا يبدو صحيحا مادام الأداء يجري . علاوة علي ذلك، فان ما يتم نقله في التجسيد المسرحي يتم نقله بواسطة انتباه المشاهدين إلى أجسام وأصوات المؤدين (10) . والحقيقة المهمة فيما يتعلق بالمسرح هي أن أصوات المؤدين وأجسامهم لا تبالي بالمشاهدين . 
 ثانيا، ربما يختلف ما يتلقاه مختلف أنواع المشاهدين نسبيا، ومع ذلك يحافظ لهم علي نفس الفهم المسرحي الأساسي . ويقدم ( بول زيف Paul Ziff) فكرة مماثلة عن كل من المسرح والرقص، ولاسيما فيما يتعلق بما يمكن تلقيه عند أي مرة استماع . تأمل المثال البسيط لشخصين يستمعان إلى نفس الأداء ولكن من مكانين مختلفين . ففي ترتيبات مسرح معين يمكن للموضع الذي يرى منه الناس العرض أن يحدث فرقا فيما يتلقونه . وحتى في الحالة المثالية عندما يكون أغلب المشاهدين تحت سيطرة المؤدين، اعتمادا علي مدى اختلاف تلك التجارب، فربما نصل إلى النقطة التي نقول عندها إن التجربة مختلفة وأنه لا يمكنهم فهمها بنفس الطريقة . ولكن الشيء المثير هو أن الأمر لا يكون كذلك عادة رغم أن المستمعين ربما تكون لديهم تجارب كيفية مختلفة تماما عن العرض . 
 ثالثا، علي الرغم من أن ممثلي المسرحيات يحاولون أن يركزوا انتباهنا علي عناصر أصواتهم، ومظهرهم، وإلقائهم، الفعل الذي يهتم مباشرة بتوصيل الحبكة أو توصيل إحساس الشخصيات الرئيسية ، فان ما نراه بالفعل في العروض المسرحية ما يزال يختلف بدرجة عالية، وأن السيطرة التي يمارسها المؤدون علي ما نشاهده هي سيطرة هشة وضعيفة . في الحضور أمام المؤدين يجد أحدنا نفسه يركز علي يدي أحد المؤدين الغريبة، ويجد نفسه يتابع أحداث المسرحية وكأنها تنعكس في سكنات وحركات هاتان اليدان . وفي نفس الوقت ربما يتنبه مشاهد آخر للملامح الخاصة بالمؤدين والأداء الذي يتوقع المؤدون أن يتابعه المشاهدون . بوضوح، أثناء الأداء ربما يكون هناك انزلاق كبير بين ما يسجله أعضاء المشاهدين سواء بوعي أو بدون وعي، وبين فهمهم الفوري والمتزايد للمسرحية . 
 كل هذا هو النوع الذي دفع (نلسون جودمان Nelson Goodman) إلى تأكيد أولوية النص الأدبي علي ملامح الأداء الأخرى . إذ أكد ( جودمان) أنه في حالة الدراما : 
 العمل هو درجة الالتزام في العروض المسرحية . ورغم ذلك   فان نــص المســرحية هو مركــب من الســجل ونــص الأداء.
 والحوار عمليا في نسق تدويني، والنطق موافق له . هذا الجزء   من النـص هو ســجل، والأداء المتـوافق معه ينـشئ العـمــل .
 وإرشادات خشبة المسرح ووصف المشاهد . الخ، هي نصوص 
 أداء بلغة لا تتوافق مع أي من المتطلبات السيمانطيقية للتدوين، ولا يحدد الأداء بشكل فريد ذلك النص أو فئة النصوص الشاملة.
 ونظرا للأداء، يمكن نسخ الحوار بشكل لا لبس فيه : مختلــف   طرق كتابته الصحيحة لها نفس الأداء باعتبارها متوافقة. ولكن  هذا لا ينطبق علي باقي النص (12) . 
ولكن هذا يجانب الصواب . فنظرا لنوع الانزلاق والاختلاف اللذان ناقشتهما، فليس من المتوقع أن ينسخ حوار المسرحية بشكل لا لبس فيه من الأداء . فأقصى أملنا هو أن يخرج المشاهد بنفس القصة جوهريا . كما أنه لا يمكن تجنب انحراف هذه القصص . ولا يجب أن تكون كذلك . ولا يجب أن نهتم لهذا الأمر . يكفي أن نؤكد ببساطة الفهم الأساسي المشترك بأن المشاهدين يخرجون جوهريا بنفس القصة. 
 رابعا، يمكن وضع التقاليد المسرحية في المقدمة صراحة للمشاهدين بواسطة المؤدين، كجزء من تجربة الأداء المباشرة، سواء قبلوها أو رفضوها . ففي لحظة ما من الزمن، لست متأكدا متى بالضبط، بدأت الفرق الانجليزية والأمريكية في أداء المسرحيات الإليزابيثية واليعقوبية بملابس القرن العشرين . وعندما عرضوا مثل الشيء علي جمهورهم، تساءل الجمهور عن الفكرة من وراء ذلك . ففي بعض الحالات، وربما أغلبها، كان يتم مكافأتهم بتقديم شيء ما في باقي خيارات الأداء يوضح التقاليد من وراء استخدام الأزياء الجديدة غير التقليدية (13) . وسواء في هذا المثال البسيط إلى حد ما أو في الأمثلة الأكثر تطرفا التي يمكن تخيلها أو تذكرها، فمن المهم أن نلاحظ أنه عندما تكون التقاليد غير مألوفة للجمهور بالقدر الكافي، فان مغزاها لن يكون مفهوما تماما حتى لو قبلوها في سياق أداء بعينه . وربما يستمرون في فهم المسرحية بالمعنى الأساسي الذي وصفته . 
 أخيرا، كثيرا ما يتم استغلال إحساسنا اليومي المنتظم المتماسك ل « ماذا يلي ماذا « في الفعل الإنساني، ولكن يتم هدمه في كثير من الأحيان في المسرحيات بواسطة المؤلفين والمؤدين . وهذه الطريقة الأخرى التي يكون فيها الأداء المسرحي فنا زمنيا . فالأداء المسرحي يسمح باللعب بالزمن : ربما يتغير زمن الأحداث في القصة أو يتبدل، وربما يشار إلى زمن الأداء نفسه ويتم اللعب ضده، ويمكن مد الزمن المستغرق لفعل حدث واحد أو جعله سريعا بشكل غير طبيعي (14) . ولكن رغم كل ذلك، ما يزال يسمح لنا مثل هذا الهدم بالحصول علي الأشياء المخزنة جيدا . فتأثير هذا الاستغلال والهدم يعتمد عادة علي قدرتنا علي فعل ذلك . 
الأسباب الأعمق لمراجعة الوصف : 
ربما يساعدنا التدرب علي الحقائق المألوفة السابق ذكرها في معرفة فائدة بعض ملاحظات (لودفيج فيتجنشتاين Ludwig Wittgenstein) التي يربط فيها بين الأحلام ونقل الأحلام وفهمنا لمسرحيات معينة . ففي أحد الفقرات يلفت (فيتجنشتاين) انتباهنا الي الطريقة المعينة التي تثير بها مسرحيات شكسبير شخصا ما (15) . 
 شكسبير والمسرحيات . الحلم خاطئ وعبثي ومركب، مع أنه صحيح تماما في نفس الوقت : تجمعـه بهـذه الطريقـة الغريبة يترك انطباعا . لا أعرف لماذا . فاذا كان شكسبير عظيما، كما يقال، فلا بد أنه يمكننا أن نقول ذلك عنه :
 كل ذلك خطأ، فالأمور ليست كذلك – مع أنها صحيحة  في نفس الوقت وفقا لقانونها (16) . 
في ملاحظة أخرى يتحدث (فيتجنشتاين) عن “رواية الحلم “ باعتباره “ مزيج من الذكريات “ التي تشكل غالبا كلا مهما وغامضا “ . ثم يضيف “ إنها تشكل، إن جاز التعبير، انه جزء يصنع انطباعا قويا لنا ( وأحيانا علي أية حال)، حتى نبحث عن تفسير للتواصل . 
 وفي نهاية ملاحظة أخرى، يلاحظ (فيتجنشتاين) أن التحليل الفرويدي للأحلام يفكك الحلم لدرجة أن معنى الحلم الأصلي يضيع . ويشّيه عملية التحليل هذه بمشاهدة مسرحية علي خشبة المسرح « ذات حبكة غير مفهومة تارة وواضحة تماما تارة أخرى، أو تبدو كذلك، ثم تنقسم إلى أجزاء صغيرة ويعطى كل جزء منها معنى جديدا تماما . وباستخدام شكل مختلف، لصورة مطوية لكي تشكل صورة جديدة، يلاحظ ( فيتجنشتاين) أنه ليس من الصعب تخيل الحلم الذي يتم توضيحه في التحليل الفرويدي والذي يثير انتباه شخص ما علي أنه «الحل «، محتوى الحلم مطروحا منه الفراغات . ويلاحظ (فيتجنشتاين ) أن «هذا هو الحال بالتحديد بفضل اعتراف (الحالم) به علي هذا النحو « بنفس الطريقة التي تبحث فيها عن كلمة، « فقبولنا للكلمة (التي نستخدمها) يشهد بأنه قد تم العثور علي الكلمة « . ويستمر ( فيتجنشتاين ) في التأكيد بأن « ما يثير الفضول فيما يتعلق بالحلم ليس ارتباطه السببي بالأحداث في حياتنا، الخ، بل بالأحرى الانطباع الذي يتركه لكونه جزء من قصة ...التي يظل الجزء الباقي منها غامضا . في الواقع، يعتقد (فيتجنشتاين)، علي عكس قصة الحلم الأصلية، أن تحليل الحلم مخيب للآمال إلى حد ما . إذ يقول إن قصة الحلم « مثل اللوحة التي تجذبنا وتلهمنا ... فالحلم يؤثر فينا كما تفعل الفكرة المحملة بتطورات محتملة . فمن الصعب عدم التفكير في أن العلاقة التي تقترحها هذه الملاحظات بين الانطباع عن الحلم باعتباره قصة «جزء» وقصة الحلم باعتبار أن لها جاذبية تحدث بسبب الشعور بأن الاحتمالات التي لم يتم توضيحها، يمكن أن يكون لها بعض الآثار علي رؤية الفهم المسرحي الأساسي الذي قدمناه في الجزء السابق (17) . 
 يمكن أن تستخدم ملاحظات ( فيتجنشتاين) هذه لاقتراح بعض الطرق التي يمكن أن توضح الصعوبات التي لدينا في نشر وصف التسلسل الذي يقدمه (ليفنسون) للفهم الموسيقي كنموذج لتطوير الفهم المسرحي الأساسي . 
 يمكن أن تكون تجربة محاولة تتبع الأداء المسرحي مثل تجربة متابعة الحلم المليئة بالثغرات بينما لا تزال تبدو مفهومة تماما . ويمكن أن يحدث نوع من تجربة « التتبع المزدوج» بعدة طرق . والحقيقة المألوفة بشأن الانزلاق بين ما نعايشه عند الحضور أمام أجسام وأصوات المؤدين، وإحساسنا بتتبع القصة، يمكن أن يجعلنا ندرك في نفس الوقت تتبع الأشياء المفقودة جيدا . والحقيقة المألوفة أننا نشارك في بعض التقاليد أو في الاستخدام غير المتوقع لتقاليد معروفة، يمكن أن تجعلنا ندرك في الوقت نفسه أننا نتجاهل التقاليد ونتتبع القصة بطريقة ربما تجعلنا نشعر بأننا نحصل عليها ولكنها ما تزال مفقودة أو متعثرة في شيء ما . 
 المحاولات الأولية التي نقوم بها لنحكي ما رأيناه قد تبدأ بأنها ليست إلا مزيج من الذكريات التي تختار ما هو مهم وقوي في التجربة . ولأننا ننتبه إلى أصوات المؤدين وأجسامهم، فقد تستقر ملامح المؤدين أنفسهم في داخلنا بشكل مباشر أكثر من القصة التي سوف نحصل عليها من الانتباه إليهم . فالقصص التي نرويها يكون بها فجوات لسبب آخر مهم، هو أننا لا نستطيع أن نحكي كل ما رأيناه . ومع ذلك، لكل هذا، غالبا ما تبدو القصص كاملة كما نرويها، حتى عندما نعرف أننا أسقطنا ما رأيناه . 
 وفي كثير من الحالات نكون مدفوعين لمزيد من التفكير في تجربتنا ي المسرح علي وجه التحديد، لأن ما تم استبعاده، وما رأيناه ولكن لم نتمكن من سرده، يبدو لنا مهما وقويا مثل ذلك الذي نستطيع أن نسرده علي الفور . تحفزنا الأهمية والقوة للبحث عن الروابط لشيء ما مثل القصة الشارحة وكيف وصلنا لسرد قصة المسرحية التي رأيناها . وقد لا تكون الروابط التي نبحث عنها موجودة تماما في متناول أيدينا، ومع ذلك قد نشعر أنها يجب أن تكون موجودة بعيدا عن متناول أيدينا . 
 أخيرا، التحليل الذي نقدمه عند التفكير وعندما نحاول شرح ما رأيناه، غالبا ما يكون بناء نضعه في القصة لكي يعطينا مضمون المسرحية بدون الفجوات، ان جاز التعبير . ولكن يمكن أن يبدو التحليل، بالمقارنة مع معنى الفهم الذي عايشناه في المسرح، مشوها وخيبا للآمال . 
 كل هذا يمكن المبالغة فيه . وأنا لا أقترح أن نٌشّبه التجربة المسحية بالحلم من جميع النواحي . فأنا أوضح أن بعض السمات الدقيقة في تجربة الحلم وإعادة سرد الأحلام وتحليلها، يمكن أن تكون مماثلة لمعايشتنا للأداء المسرحي عندما نفهمه، وأن هذه التشابهات تعكس نفسها في بعض علامات أننا فهمنا الأداء علي الأقل، وأن أوجه التشابه هذه تظهر أيضا في رد الفعل اللاحق الذي نشارك فيه علي الأقل فيما يتعلق بالعروض التي شاهدناها . وفكرتي الرئيسية هي أن هذه الاحتمالات تدفعنا الي تعديل صيغة ( ليفنسون) في التسلسل لكي نحصل منها علي وسف مقنع للفهم المسرحي الأساسي . 
مراجعة الرؤية : 
الفكرة الأساسية من الوصف المبدئي الذي قدمته للفهم المسرحي الأساسي هو أن فهم المسرحية كما تحدث هو أساسا مسألة فهم أجزاء الحوار المستقلة وحدث خشبة المسرح والتقدم الفوري من جزء إلى جزء . وترتبط هذه، ويتم تدعيمها، بردود الفعل علي نوعية السلوكيات التي يمكن تناولها كعلامات للفهم المسرحي الأساسي . إذ لا يبدو أن أي من علامات الفهم الأساسي تحتاج أن يرتبط ذلك الفهم بادراك الملامح البنيوية واسعة المجال في المسرحيات . فما يتم فهمه، علي الأقل في البداية، هي الأجزاء، والأحداث التي تصنع التتابع، بمعنى الأداء والتوتر بين الأجزاء . وبهذه الطريقة يمكن أن يكون هذا الوصف اقتصاديا بشكل جزئي لأنه يسمح بحقيقة أن استيعاب بعض الأجزاء، وربما العديد منها، سوف تتطلب ذاكرة للأجزاء السابقة . 
 وحتى في هذا الشكل الأولي غير المعدل نسبيا، يتطلب الوصف الحالي اختلافا واحدا مهما عن النموذج الذي قدمه لنا (ليفنسون) . بينما يظل صحيحا أن فهم المسرحية لا يحتاج شيئا أكثر من التركيز علي الأجزاء نفسها وتكون النقلات مقنعة، من لحظة إلى أخرى، فما يتم بناءه في عملية التركيز هذه ويحدد متى نفهم العروض المسرحية هو القصة . ولا يوجد شيء يتطابق مع هذا في وصف (ليفنسنون) التسلسلي للفهم الموسيقي . فحتى الآن، مازلنا نتبنى نموذج وصف (ليفنسون) للفهم الموسيقي كنموذج للفهم المسرحي الأساسي في هذه المراجعة فقط، حتى ولو كانت مراجعة عامة . 
 بالإضافة إلى أن صيغة التسلسل عند ( ليفنسون)، رغم ذلك، تقدم ادعاءات جوهرية حول ( أ) كيف ترشد تقاليد التوقعات الفهم الموسيقي الأساسي، (ب) كيف يرتبط الفهم الموسيقي للأداء بالفهم الأساسي له ، (ج) كيف تتحدد قوة إقناع الأجزاء والتنقلات . وهنا نجد أن نقل نموذج التسلسل الذي يقدمه (ليفنسون) للفهم الموسيقي إلى حالة فهم العروض المسرحية يصطدم بمقاومة شديدة . تجيء المقاومة، كما رأيناها تتطور، في شكل إدراك بعض الحقائق المألوفة عن العروض المسرحية والتفكير اللاحق في كيفية مساهمة هذه الحقائق في الشعور بأن تجربة العروض المسرحية، ببعض الطرق المحددة ، يمكن أن تكون مثل تجربة الحلم . 
 أخلص الآن إلى أن أمامنا سبب للشك يجعلنا نعتقد أن الفهم المسرحي الأساسي يسترشد في معظمه بأفكار أو معايير مسرحية معادلة للاستمرار والتقدم والتطور والتوجه . وحيث توجد مثل هذه المعايير في المسرح، فإنها لا توجه الفهم، أو تتحكم فيه، بنفس الطريقة التي تعمل بها هذه المعايير في الفهم الموسيقي الأساسي. وهذا يتضح في حقيقة أننا مازلنا نفهم المسرحية حتى لو لم نكن متأكدين تماما أننا فهمنا كل المواقع الزمنية للأحداث في التتابع التي يتكون منه الأداء . اذ يمكننا علي سبيل المثال، أن نجد نوع العرض، الذي يتضمن ترتيبا عشوائيا للمشاهد، مفهوما، مثل ذلك الذي وصفناه في بداية المقال، علي الرغم من أن تسلسله الزمني، في كل مناسبات الأداء المحتملة، ينتهك التوقعات القياسية فيما يتعلق بالاستمرار و التقدم والتطور والتوجه . 
 ولأسباب مماثلة، لا يمكن أن تتشابه اختبارات قوة الإقناع فيما يتعلق بالفهم المسرحي الأساسي مع المطلوب للفهم الموسيقي الأساسي . فقوة إقناع التتابع الموسيقي، في وصف (ليفنسنون)، هي أن “ كل جزء يؤدي بشكل مقنع الي الجزء التالي، وكل تتابع يبدو طبيعيا، واستمرار حتمي لكل سابق عليه « . أول شيء نلاحظه هنا هو أن هناك عنصرين في تحليل (ليفنسون) لقوة الإقناع، الجزء الذي يجعل كل مقطع يؤدي إلى التالي بشكل مقنع والجزء المتعلق بكل مقطع تال يبدو استمرارا طبيعيا أو حتميا للجزء السابق . وتقترح رؤية الفهم المسرحي الأساسي التي أقدمها أن هناك مزيد من المساحة لعدم التجانس في جزء قوة الإقناع أو الانتقال في المسرح أكثر من المسموح به في الموسيقي . وبالتالي من المفيد لرؤيتي أن ينفصل هذان العنصران . 
 فما يمكن أو ما ينبغي أن يكون يتضح في الاعتبارات التالية . أولا، إذا كان الانتقال من تتابع إلى تتابع مقنعا لبعض المشاهدين في العرض المسرحي، فعندئذ، (1) لا يعترض المشاهدون بشكل ما علي الانتقال، (2) أن يستطيع المشاهد أن يحكي قصة هذا الجزء من المسرحية دون أن يعوقه الانتقال، (3) أن يستطيع المشاهد، عندما يتم سؤاله، أن يتابع علي الأقل بعض العلاقات، الفكرية أو التصويرية بين التتابعين السابق واللاحق . وقد يشعر المشاهد بشيء ما، شيء مقنع، وربما كان هذا الشيء نموذجيا، ولكني لست متأكدا من أن هذا الشعور يمكن أن يكون موجودا عند المشاهد ليكون مقتنعا . بالمقارنة، إذا رأي المشاهد تسلسلا واحد كنتيجة طبيعية أو حتمية لسابقه، فيجب أن يكون قادرا علي تتبع بعض الروابط بين التسلسلات عندما يٌطلب إليه ذلك . ويجب أن يكون قادرا علي تتبع، الروابط السببية أو التي تحكمها القواعد، والروابط التي تنطوي علي طبيعة أو حتمية، أو يمكنه التفكير في ذلك علي الأقل . 
 تأمل عرضين لمسرحية « هاملت «، أحدهما ترى فيه الفرقة نفسها بأنها لا تقدم شيئا أكثر من التوضيح المنطقي المباشر للنص، والثاني تسعى الفرقة من خلاله إلى التأكيد علي الشعور بالاغتراب الذي تتعرض له الشخصية، وتجلبه إلى نفسها . وفي الأخير كصيغة لتأكيد الضغط الفكري، تؤدي الفرقة مشهد الغرفة (الفصل الثالث- المشهد الرابع) علي النحو التالي : منذ بداية المشهد وحتى اللحظة التي يرى فيها « هاملت» أنه قتل « بولونيوس”، يوجد ستة مؤدين علي خشبة المسرح، كل من الثلاثة – هاملت وجرترود وبولونيوس – مزدوجين ؛ إذ يقف المؤدون الذين يلعبون الشخصيات الثلاثة في ثلاث بقع ضوء منفصلة وهم يؤدون سطور النص، أما الثلاثة مؤدون الآخرون يقف كل منهم أو يركع بالقرب من المؤدي الذي تنعكس شخصيته بطريقة ملائمة وربما منمقة، يصغي ويلوح بالسيف، ثم يمسك مرآة في فزع ويهرب بعيدا، وهو يطعن ويسقط ويموت الخ . فربما كان أمل الفرقة أن ترى أن كل شخصية معزولة عن الآخرين فصلها جسديا عن أفعالها، سوف يساعد الجمهور في التأكيد علي العزلة النفسية التي تشكل الأساس الفكري للعرض . المثال خيالي وناقص، وقد لا يكون مثالا ملهما، ولكنه ملهم . وذلك كافي . لأنه، إذا اقتنع المشاهد بالانتقال من تسلسل إلى آخر في مثل هذا العرض، من الواضح أن هذا غير ممكن، لأن كل حدث يبدو أنه يلي سابقه بشكل طبيعي أو حتمي في داخل سلسلة هذه الانتقالات . 
 وأخلص إلى أنه، بينما تحتاج قوة الإقناع، من وجهة نظري، أن يؤدي كل جزء بشكل مقنع إلى الجزء التالي، فان ذلك لن يتطلب أن يبدو كل تسلسل في الحوار والحدث الدرامي طبيعيا أو لا مفر منه نتيجة للتسلسل أو التسلسلات التي تليه . لأنه، علي الرغم من أنه قد تنشأ مساحة لعدم حتمية قوة إقناع الانتقالات المقدمة في العروض المسرحية، لأن قوة الإقناع ربما تحدث بشكل عام كشرط مقنع في السرديات، فقد تحدث أيضا بسبب الدور الذي يلعبه إدراكنا للآخرين عند فهم المسرحيات،وطرق إدراكنا للآخرين التي يقدمها لنا المؤدون علي خشبة المسرح، وحتى عندما لا يقدمونها، فمن الممكن أن تكون خشنة ومشتتة بينما تسمح لنا بالحصول علي الأشياء المختزنة . لذلك، أعتقد أن هذا ليس مجرد ملمح لحقيقة أننا نتحدث عن المسرحيات والعروض المسرحية وتقاليد السرد، ولكنها في حد ذاتها خاصية للأداء المسرحي . 
 وربما يجدر أن نضيف بشكل مستقل تماما، أنه في حين أن وجهة نظر الفهم المسرحي الأساسي تتطلب خلفية ملائمة، وهنا مرة أخرى هناك فرق كبير . فلا يحتاج المشاهد ذو الخلفية عن المسرحية إلى امتلاك معرفة متخصصة عن دائما عن أشياء مثل طبيعة العمل الذي يشاهده وفترته ونوعه وأدواته، أو معادلها المسرحي ( في حالة وجود معادل ) . وبدلا من ذلك، فان المطلوب، في الغالب، فان المطلوب هو المعرفة العامة للبشر وسلوكهم . وعلي أية حال، إذا كانت هناك معرفة متخصصة مطلوبة في هذا السياق، فمن المحتمل أن تكون معرفة ذات معايير ثقافية واجتماعية أكثر من معرفة معايير التقاليد المسرحية أو الشكل السردي . 
اعتراضات وردود : 
لقد ركزت حصريا علي ما معنى فهم المسرحية أثناء حدوثها . وبذلك ربما نعتقد أننا أغفلنا الأهمية اللحظية في المسرح بقدر ما هو مستحيل أن نقدم وصفا لتذوقنا للمسرح . فتذوق الأداء يعتمد علي مستوى فهم بعينه، وهو مستوى امتلاك مفهوم لما نمارسه . ولكن وصف الفهم المسرحي الذي قدمته هنا ربما يبدو أضعف من أن يدعم فكرة أن يكون لدينا مفهوم لما نمارسه، وبالتالي، هو نوع هزيل من الفهم لا يمكنه أن يدعم التذوق بشكل كبير . ولنقول ذلك بطريقة أخرى، لقد جادلت بأننا لا داعي لأن نفهم البنيات واسعة المجال في المسرحية لكي نفهمها كما تحدث . ولكن لتقييم المسرحية، يمكننا أن نجادل، فان الأمر يتطلب فهما للكيفية التي تعمل بها المسرحية . وبالتأكيد يمكن أن يتطلب ذلك امتلاك فهم لبعض ملامحها واسعة المجال . 
 أعتقد أن هذه فكرة مثيرة، ولكني أشك أنها ولكني أشك في أنه لا يمثل مشكلة بالنسبة للرؤية التي أقدمها أكثر من حقيقة أننا، في الوقت الحاضر، في حاجة إلى تحليل دقيق للعلاقة بين الفهم المسرحي الأساسي والفهم الأكثر ثراء . وإذا كان هناك فهما أكثر ثراء وفهما أساسيا، كما أعتقد أنهما موجودين بالفعل، فمن الممكن أيضا أن يكون هناك تقييما أساسيا وتقييما أكثر ثراء . في الحقيقة، اليس من الشائع أن يكون لدي بعض الناس تقييم أكثر ثراء لفن ما أو لبعض الناس أو لبعض الموقف من تقييم آخرين ؟ أليس هذا بشكل مباشر هو نتيجة فهمهم الأكثر ثراء لأمور ذات صلة ؟ . والإجابة الأولى علي هذا السؤال هي أن ما يتضح أنه ضعف هو في الواقع قوة وجهة النظر، أي أنه يتطلب أنواعا مختلفة من التقييم تستند إلى أنواع فهم مختلفة، حتى لو لم نفهم قصة كيفية ارتباط الفهم الأكثر ثراء والفهم الأساسي بكل منهما الآخر . 
 الإجابة الثانية علي هذا هي أن الفكرة من وراء الاعتراض هنا يمكن أن تكون أن أي ملمح في العمل غير موجود في الوعي عند فهم هذا العمل لا يمكن أن نقول انه جزء مما يتم تقييمه بواسطتنا نحن الذين نقيم العمل الذي يقوم علي هذا الفهم . فمثلا، إذا كنت غير واع بتقاليد معينة، ثم إذا كان وجود هذه التقاليد مسئول عن بعض الملامح الجمالية الموجودة للتقييم، فلن استطيع ببساطة أن أقيم ذلك العمل، علي الأقل لن استطيع ذلك بالنسبة لهذه الملامح . 
 ومره أخرى، هذا أمر مثير ولكني لا أعتقد أنه حاسم (10) . ولنتأمل مثال التقاليد بمزيد من التفصيل . الذي يجعل التقاليد مفيدة في الأعمال الفنية والمسرح خصوصا هو أنها طرق لتقديم بؤرة تركيز معين علي مضمون ما أو تقديم دفعة لردود الفعل التي تدعم طريقة معينة في فهم مضامين ما (22) . ففي كثير من الحالات لا يدرك المشاهدون تماما التقاليد التي تستخدم كذلك . وفي بعض الحالات، حيث تهدف التقاليد إلي إحداث ردود أفعال غير واعية في المشاهدين، وحيث يعتمد نجاح الأداء علي المشاهدين الذين لديهم ردود الفعل تلك، فان التقييم يهدم وعي المشاهدين بالتقاليد المنتشرة . وتكفي حالة بسيطة . لا يعي المشاهدون عموما تقاليد المذهب الطبيعي في الحركة، ووضع مجموعات من الممثلين التي تهدف إلى الحث علي القبول السلبي للقصص التي يتم أدائها . بالطبع، إذا أصبح الجمهور مدركا للحقيقة، فسوف يتفاعل بشكل مختلف تماما، ولن يتم تقييم المسرحيات، أو علي الأقل لن يتم تقييمهم كما يقصد المؤلفون والمؤدون . 
 كثير مما يصدق علي التقاليد يصدق أيضا علي ملامح العروض المسرحية الأخرى . وبينما قد يكون هذا هو الفشل في فهم وجود بعض الملامح واسعة النطاق في المسرحية، فان هذا ليس قيدا مهما . ففي كثر من الحالات، لا يدرك المشاهدون الملامح المنتشرة واسعة المجال . وفي بعض الحالات علي الأقل، حيث تنتشر الملامح لحث ردود الفعل اللاواعية في المشاهدين وحيث يعتمد نجاح الأداء علي المشاهدين الذين لديهم ردود الأفعال تلك، فان التقييم يتقوض بالفعل بواسطة وعي المشاهد بالانتشار الواسع للملامح موضوع السؤال، سواء تم تحليلها بشكل ملائم في إطار نقد أدبي تقليدي أو في إطار رؤية بعد حداثية فيما يتعلق بكيفية قراءة المسرحية في أثناء الأداء .  
.......................................................................................
هذه المقالة تمثل الفصل الحادي عشر من كتاب « فلسفة العرض المسرحي : تقاطعات المسرح والأداء والفلسفة Staging Philosophy : Intersections of theater، performance and Philosophy” الصادر عن مطبوعات University of Mitchigan Press 2009 . 


ترجمة أحمد عبد الفتاح