ما كل هذا الوجع ...؟.. أعوام الفقد خمسة عشر عاما .. 2020 عام الفقد الأكبر

ما  كل هذا الوجع ...؟.. أعوام الفقد خمسة عشر عاما .. 2020 عام الفقد الأكبر

مدينة يافا التي شهت أول عرض مسرحي مصري

العدد 679 صدر بتاريخ 31أغسطس2020

منذ العام 2005 م ، وبالتحديد في 5 سبتمبر منه ، فقدت الساحة الثقافية الفنية المصرية والعربية ، مرة واحدة ، وفي حادثة واحدة ، اكثر من خمسين انسانا مصريًا من مختلف الاجيال العمرية، وذلك في حريق مسرح قصر ثقافة بني  سويف ، وفي اطار المهرجان الاقليمي لنوادي المسرح ،فيما يعرف ب “ محرقة بني سويف “ وللآن – ورغم مرور خمسة عشر عامًا – لم يتم التوصل لمعرفة السبب الحقيقي وراء هذا الحدث الجلل المروع ،الذي راح ضحيته نخبة كبيرة من فناني وصحفيين ومثقفين وطلاب مسرح واساتذة للمسرح المصري، منهم على سبيل المثال – لا الحصر – د0محسن مصيلحي المؤلف المسرحي وأستاذ النقد والدراما بأكاديمية الفنون ، د. مدحت أبو بكر الشاعر والصحفي والناقد الاعلامي المخضرم بجريدة الجمهورية ، أحمد عبدالحميد المخرج المسرحي النابه ، بهاء المرغني المخرج بالثقافة الجماهيرية ، د. صالح سعد المخرج والباحث والمؤلف المسرحي والروائي ، حازم شحاته المؤلف والناقد المسرحي الجاد ، والناقد الرزين الهادئ / نزار سمك ، المخرج الشاب بالثقافة الجماهيرية / علاء المصري ، المخرج الشاب ومدير نوادي المسرح –وقتها-حسن عبده ، والمؤلف الشاب السكندري الواعد مؤمن عبده ، والعديد من شباب وكبار فناني المحافظات منهم : المخرج الفيومي الكبير / صلاح حامد وولده محمد ،  والممثل الشاب وطالب الفنون المسرحية قسم التمثيل والاخراج/ شادي منير الوسيمي،وزميله من المنصورة طالب قسم التمثيل الموهوب / محمد شوقي ، والصحفي بالأهرام ابراهيم الدسوقي .. ، والعديد من شباب وفتيات المسرح الاقليمي ومن معظم محافظات مصر ...، كان الوجع كبيرًا وجسيمًا وقتها ، حتى ان كل مسرحي حقيقي منا ، تمني وقتها ان يكون واحدًا من هؤلاء الشهداء الابرار ، شهداء الكلمة / المسرح / الحياة .
وتمر الأعوام ، ونعبر – على مضض – تلك المحنة العسيرة ، لنصطدم بثورة يناير 2011م وتداعياتها ، ويكثر الموت وتفوح رائحته، ويحصد الموت الكثير من شباب ورجال ونساء وشيوخ مصر والوطن العربي ، فيما يعرف بثورات الربيع العربي ، لتهدأ الأمور نسبيًا منذ العام 2014 وتولي الرئيس الوطني/ عبدالفتاح السيسي رئاسة مصرنا الغالية ، لنرى بأم اعيننا – ومعنا العالم أجمع – كمية الانجازات غير المسبوقة وفي زمن قياسي ، من قناة السويس الجديدة ، والطرق والمحاور المرورية الجديدة الكبرى ، والعاصمة الادارية الجديدة ، واسكان الشباب وما إلى ذلك من مشروعات طموحة ، ستنقل مصر ومواطنها ، نقلة نوعية ضخمة ، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا وأمنيًا .
غير أن طائر الموت الاسود الكئيب لم يتركنا في حالنا ، ففي اغسطس 2014م يأخذ منا عملاق التمثيل المصري والعربي، وفرعونه ، الصديق الفنان الكبير د. خليل مرسي استاذ التمثيل والاخراج المسرحي باداب حلوان وجامعة 6 اكتوبر ... ، ومن بعده استاذ النقد والدراما باكاديمية الفنون د . عامر علي عامر ...، واستاذ التمثيل والاخراج ومدير مسرح الطفل السابق د. عبداللطيف الشيتي .
وفي عام 2015 م يحط طائر الموت البغيض على الناقد المسرحي الشاب والموظف بمسرح الغد ايمن فاروق ، كما يحط على الروائية البورسعيدية المقيمة بالقاهرة ابتهال سالم ، ثم الروائي الكبير عبدالوهاب الاسواني ، والشاعر الكبير محمد التهامي ...، ويأتي العام 2016 ليأخذ منا طائر الموت الكريه الممثل النجم ممدوح عبدالعليم قبل ان يكمل عامه الستين ، ويجئ العام 2017 ليأخذ منا هذا الطائر البغيض ، الفنان ابن المنصورة النجم ابراهيم يسري ...، ويجئ العام 2018 لياخذ منا هذا الطائر الكريه ، استاذة النقد والدراما باكاديمية الفنون د. نهاد صليحة ، واستاذ النقد والدراما بالاكاديمية ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة قبل ان يكمل عامه الخمسين د. سيد خطاب ...، ويخطف مني هذا الطائر البغيض ، أحب الاصدقاء إلى قلبي ، وهو الروائي العراقي  محمود جاسم النجار المقيم بهولندا ، وصاحب مؤسسة “ اوطان الثقافية “ والذي أقام فرعًا لها بمصر ، أصدر منه بعض مؤلفاته الروائية والشعرية ، ولأنه كان يعيش بقلب بديل ، وحذره الاطباء من كثرة التنقل والسفر والترحال ، إلا انه لم يمتثل لأوامر اطبائه ، وفضل الموت في موطنه الثاني مصر ، التي كان يقول عنها : “ مصر خالتي – والعراق أمي – “ ، كان  ذلك في السابع من مايو عام 2018 م ...، ويأتي العام 2019 م ليخطف منا هذا الطائر الكريه الناقد والمؤلف واستاذ النقد والدراما باكاديمية الفنون د . أحمد سخسوخ ...، والمخرج الشاب / المنتج الفني / أحمد السيد مدير المسرح الكوميدي ...، والمخرج المسرحي الكبير / محسن حلمي مدير عام مسرح الطليعة السابق .
أما عامنا الحالي 2020 م ...، فهو العام الاكبر في الوجع والفقد ، وفي حصد الارواح الحبيبة إلى قلبي بشكل خاص وقلوبنا بشكل عام ، خاصة بعد انتشار فيروس “ كورونا “ العالمي منذ مطلع مارس الماضي وحتى الان ...، ففي الخامس من مايو من عام 2020 م وبعد رحلة قصيرة من المرض ، لم تتجاوز الشهرين ، يرحل شقيقي الشاعر الكبير واستاذ الادب الحديث بجامعة بنها د. يسري العزب ، في نفس اليوم الذي رحل فيه والدنا الشاعر والازهري الحصيف / عبدالعزيز العزب ، وهو الموافق الثاني عشر من رمضان 1441هجريا / 5 مايو 2020 م ، اي بعد 21 عام بالتمام والكمال من رحيل الوالد الحبيب ...، 12 رمضان الموافق 31 ديسمبر 1998 م ...، وكأنه الميعاد بينهما ، ولم لا ؟! و د . يسري العزب هو أول الاسماء في حديقة ابيه / عبدالعزيز العزب “ رحمهما الله “ والفنان الكبير الذي لم يأخذ حقه محمود مسعود والفنان ابراهيم الشرقاوي 
ويتوالى الوجع والفقد الأكبر في خطف الأحبة من المسرحيين والفنانين والأدباء والشعراء، فيخطف الموت منا الشاعر الكبير ورئيس رابطة الزجالين / محمد البهنساوي ، والمخرج التليفزيوني الكبير / احمد خضير ، ليرفرف ثانية – هذا الطائر المتوحش المخيف ، ليخطف منا د.حسن عطية أستاذي وأستاذ النقد والدراما بأكاديمية الفنون ، ليختتم جولاته السوداء ويحط على أستاذ التمثيل والاخراج المسرحي وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية السابق د. سناء شافع ...،
ومن قبله كان طائر الموت المتوحش قد حط على ايقونة السينما المصرية في العقدين الاخيرين ، الكوميديان الكبير / الممثل البارع حسن حسني ...، ثم الفنانة الكبيرة رجاء الجداوي ومن بعدها الفنانة الكوميديانة التي طالما امتعتنا بروحها الخفيفة الجميلة شويكار ...، ليحول حومته على الفنان المطرب المصري الوطني الكبير / سمير الاسكندراني وأخيرا مفجع بموت واحد من نجوم السينما المصرية ألا وهو الفنان الكبير يسري مصطفى .
ألا أيها الطائر البغيض ... هل لنا منك هدنة قصيرة نستجمع فيها شتات ارواحنا ، لنلملم جروحها جراء كل هذا الفقد وكل هذا الوجع ... ؟! رحمهم الله جميعًا وأعاننا على تذكرهم دائمًا طالما بقينا ..


محسن العزب