برودواي وكورونا

برودواي وكورونا

العدد 675 صدر بتاريخ 3أغسطس2020

 خبر غير سعيد لعشاق المسرح فى الولايات المتحدة عن برودواي عاصمة المسرح الأمريكي بعد تفاقم أزمة كورونا. ففي الفترة الأخيرة يتم تشخيص أكثر من 50 ألف إصابة يوميا. ويقترب عدد الوفيات يقترب من حاجز الـ150 ألف حالة وفاة بعد أن تنبأ الرئيس دونالد ترامب فى البداية ألا يتجاوز عدد الوفيات 65 ألفا.
 كانت بلدية نيويورك قررت السماح باستئناف الأنشطة المسرحية في برودواي اعتبارا من مطلع الشهر القادم بعد أن قررت إغلاقها في 12 مارس الماضي. وعلى الفور قام عدد من الفرق المسرحية (16 فرقة) بإعداد عروض لتقديمها مع بدء الافتتاح وقامت بالدعاية لها وتجهيز المسارح وحقق بعضها مبيعات كبيرة لتذاكر العروض.
ومع الارتفاع الكبير فى أعداد المصابين وعودة بعض القيود الاحترازية أعلنت بلدية نيويورك تأجيل استئناف نشاط برودواي حتى مطلع العام القادم بصفة مبدئية.
وسبب قرار البلدية خسائر كبيرة للفرق المسرحية التي أنفقت مبالغ كبيرة في تجهيز عروضها. كما اضطرت هذه الفرق إلى إعادة قيمة التذاكر للحاجزين. وكان موقفا مؤثرا من جانب بعض حاجزي التذاكر عندما رفضوا استرداد قيمتها واكتفوا بأختام على التذاكر تتيح لهم الحصول على تذاكر اخرى عند استئناف العروض.
تبعث على الإعجاب
ويعلق على ذلك توماس شوميكر رئيس رابطة برودواي وهو اتحاد يمثل منتجي المسرح في برودواي، فيقول إنها ظاهرة تبعث على الإعجاب والتقدير عندما يرفض بضعة آلاف من حاجزي التذاكر استرداد قيمة تذاكرهم تعبيرا عن إيمانهم بقيمة المسرح وأهميته وثقتهم في أن ما يحدث حاليا أزمة طارئة ثم تنقشع.
ويبدي رغم ذلك أسفه لقرار البلدية الذي سبب خسائر كبيرة للفرق المسرحية التي أنفقت كثيرا من أجل اتباع الإجراءات الوقائية لضمان سلامة الممثلين والفنيين والإداريين، وقبل هذا وذاك الجمهور. ويشعر بالأسف أيضا بسبب إلغاء مسابقة توني المسرحية المرموقة التي تلعب دورا كبيرا في الحياة المسرحية الأمريكية مثل جائزة لورنس أوليفييه على الجانب الآخر من الأطلنطي في بريطانيا.
وتعبر عن أسفها أيضا نقابة ممثلي المسرح الأمريكية التي تمثل أيضا مديري الفرق المسرحية وممثلي الفنون الاستعراضية حيث قالت إن تمديد إغلاق المسارح سواء في برودواي أو غيرها يلحق ضررا بالغا بأعضائها ويجب أن تقدم لهم الدولة دعما لهم لمساعدتهم على الحياة. وقدرت النقابة تكلفة هذا الدعم بنحو 4 مليارات دولار يمكن تدبيرها عن طريق مجموعة من المؤسسات المعنية برعاية الفنون. ويمكن تدبيرها أيضا ببعض الإعفاءات الجمركية وغير ذلك من البدائل.
أوقفوا التسريح
ويقول المتحدث إنه يأمل في أن تتوقف أنباء قيام الفرق المسرحية بتسريح أعداد من الممثلين والفنيين وخفض أجور آخرين. وقد زاد إيقاع هذه القرارات بعد إعلان التأجيل الأخير.
من هذه الفرق على سبيل المثال لا الحصر فرقة هانتون التي يقع مقرها في بوسطن، وأعلنت عن تسريح ثلثي العاملين بها بشكل دائم أو في إجازات إجبارية بدون أجر وخفض أجور الباقين وخفض ميزانيتها بنسبة 50 % رغم إعلانها الالتزام بتقديم الأعمال المدرجة في خطتها لموسم 2020-2021. وكانت الفرقة قد فازت في 2013 بجائزة توني لأفضل فرقة مسرحية إقليمية عن مسرحية أوسكار وايلد “زوجي المثالي” التي كان من المقرر تقديمها الصيف الحالي بنفس البطلة التي فازت الفرقة بالجائزة عن طريقه وهي كاليستا فلوكهارت.
وهناك فرق أخرى أقدمت على قرارات مماثلة مثل فرقة ووتر تاون المتخصصة فى إعادة المسرحيات ويقع مقرها في بوسطن أيضا. وكانت الفرقة قد ناشدت الجماهير التبرع لها لكن التبرعات لم تكن كافية لتجنب القرارات الصعبة. ونفس القرارات تقريبا اتخذتها فرقة أخرى في بوسطن وهي سبيك إيزي التي تحتفل بمرور 30 عاما على تأسيسها بمسرحية “لعبة الاستبعاد”.
في بوسطن
وقال متحدث باسم النقابة إنها تأمل أن تعيد بلدية نيويورك النظر في قرارها لأنه لم يعد هناك مبرر لإطالة فترة تجميد نشاط برودواي. وهناك مراكز أخرى من مراكز العمل المسرحي في البلاد بدأت تعيد نشاطها مثل بوسطن التي سمحت النقابة لاثنتين من فرقها المسرحية بتقديم عروض مسرحية بدأ تقديمها بالفعل مع الالتزام بالتدابير الوقائية أو الاحترازية.
والمسرحية الأولى هي “جودسبيل” أو “سحر الآلهة” التي سمحت بتقديمها في مسرح مكشوف الهواء الطلق وهي عبارة عن مسرحية غنائية موسيقية من مسرحيات البطل الواحد تقدمها فرقة بيركشاير. وهناك عرض آخر لفرقة أخرى من عروض الممثل الواحد هو “هاري كلارك” لكنه سوف يقدم في مسرح مغلق. وفي المسرح المغلق سوف يتم خفض عدد المشاهدين من 500 وهو عدد مقاعد المسرح إلى الثلث. أما المسرح المكشوف فلن يزيد عدد المشاهدين عن 100 مشاهد. كما تم إجراء تعقيم وتنظيف يومي للمسرحين. وتم إجراء اختبار كورونا للممثلين والإداريين بما فيهم موظفو التذاكر وموظف إرشاد الجمهور (البلاسير).
ويأمل المتحدث أن يكون العرضان بمثابة تجربة ناجحة لإمكانية استئناف العروض المسرحية بلا مشاكل في ظل الإجراءات الوقائية لتكون بمثابة ضوء أخضر للعروض المسرحية في كل المدن الأمريكية.
وهناك عروض تقدم حاليا دون تصريح رسمى لن تكون النقابة مسئولة عنها.
المتفائل
ومع هذا التشاؤم واليأس في الأوساط المسرحية الأمريكية نجد بعض الأصوات التي تدعو إلى التفاؤل تتردد مؤمنة بأن ما يحدث أزمة مؤقتة لا بد وأن تنتهي يوما ما. من هذه الأصوات “جيسون كيم” الكاتب المسرحي والسنيمائي الكوري المقيم في الولايات المتحدة.
يمضي كيم (39 سنة) قدما في الإعداد للمسرحية الموسيقية “كي بوب” وهي مسرحية تدور أحداثها في مسقط رأسه في كوريا الجنوبية وتسعى لإبراز جوانب الفن الشعبي لبلاده. كانت المسرحية قدمت بالفعل خارج برودواي في عام 2017 وحققت نجاحا كبيرا. ورأى كيم أن يعيد تقديمها على مسارح برودواي هذه المرة برؤية جديدة وأن يتولى إخراجها بنفسه.
وبدأ بالفعل في الإعداد لها حتى جاء قرار إغلاق برودواي في مارس ولم يعد فتح مسارحه حتى الآن. لكنه رغم ذلك لم يتوقف عن الإعداد للمسرحية.
ويقول كيم إنه يراعي في الإعداد للمسرحية أو لعرضها الثاني توسيع قاعدة الاختيار. ومن أجل تحقيق هذا الهدف قام بنشر إعلانات على مواقع عديدة على الإنترنت طلب فيها راقصين وراقصات قادرين أيضا على التمثيل باللغتين الكورية والإنجليزية وأن يكونوا في العشرينيات. ويشترط على المتسابقين إرسال تسجيلات فيديو لمشاهد راقصة وغنائية باللغتين الإنجليزية والكورية لتقيمها لجنة الاختيار التي يرأسها. وإذا نالت التسجيلات الإعجاب يتم إرسال مشهد قصير خمس أو عشر دقائق من عرض 2017 إلى المتسابق ليقوم بأدائه ثم إرساله عبر شريط فيديو إلى اللجنة انتظارا لتصفية نهائية إذا حاز أداؤه القبول. وسوف تكون التصفية النهائية بحضور المتسابق إلى مقر المسرح وأداء المشهد شخصيا.
مشكلة
وهنا سوف تكون المشكلة لأن هناك عددا لا يستهان به من المتسابقين من كوريا الجنوبية والصين واليابان وعدة دول آسيوية. ولن تكون الفرقة قادرة على تحمل نفقات حضورهم ولن يكون أكثرهم قادرين على تحمل نفقات الحضور إلى الولايات المتحدة. وكان المعتقد في البداية أن الاهتمام بالمسابقة سوف يقتصر على ذوي الأصول الكورية المقيمين في الولايات المتحدة وكندا.
والمهم في رأي كيم أن العرض سوف يكون جاهزا بمجرد السماح بعودة النشاط المسرحي إلى برودواي. ويعتزم كيم الذي يرفض حمل الجنسية الأمريكية ويكتفي بجنسيته الكورية الجنوبية أن العرض في شكله الجديد سوف يتضمن عرضا لبعض فنون شعوب آسيوية أخرى مثل منغوليا وكازاخستان والصين واليابان. ومن العروض التي كان من المزمع افتتاحها مجموعة من عيون المسرح الأمريكي مثل “هاملتون” و”ماري بوبنز” و”البؤساء” لفيكتور هوجو و”الرجل الموسيقي” و”من يخاف من فرجينيا وولف” و”الثور الأمريكي”.
وتقول إحصائية مهمة إن مسارح برودواي حققت في الموسم الشتوي قبل إغلاقها إيرادات تقترب من ملياري دولار دفعها أكثر من 15 مليون متفرج.


ترجمة هشام عبد الرءوف