التفاصيل المجهولة لأول معهد مسرحي في مصر (24) العام الثاني لمعهد التمثيل بكلية الآداب

التفاصيل المجهولة لأول معهد مسرحي في مصر (24) العام الثاني لمعهد التمثيل بكلية الآداب

العدد 674 صدر بتاريخ 27يوليو2020

في أواخر أكتوبر 1937، عاد طلاب المعهد الستة من إنجلترا، وهم أعضاء أول بعثة مسرحية لطلاب معهد التمثيل التابع للفرقة القومية .. عادوا إلى القاهرة لاستكمال عامهم الثاني في مقر معهدهم المؤقت بكلية الآداب بالجامعة المصرية. وهؤلاء الطلاب، هم: محمد توفيق، عباس يونس، محمد الغزاوي، حسن حلمي، محمود السباع، حسن سالم. وتقرر أن تبدأ الدراسة في الأول من نوفمبر، وتنتهي في مايو 1938، ثم يُعقد للجميع امتحان، يتم على ضوئه اختيار المتفوقين لإرسالهم إلى الخارج في بعثة طويلة الأمد!!
هذا الدافع الجديد، جعل بعض الممثلات بالفرقة القومية، يطالبن بالانضمام إلى المعهد كطالبات، مثل «زوزو حمدي الحكيم»، و«أمينة نور الدين» الشهيرة باسم «شورى نور الدين». كما تضاربت الأقوال حول موضوع البعثة طويلة الأمد .. هل سيذهب إليها كل من سينجح في الامتحان، مثلما حدث في البعثة السابقة، أم سيتم اختيار المتفوقين فقط، أم سيتم الاختيار بدون معايير؟! فمجلة «المصور» نشرت أن الفرقة القومية – التابع لها المعهد – ستختار طالبين فقط لهذه البعثة! وقالت أيضاً باحتمالية إيفاد طالبتين، هما: «سامية فهمي» و«راقية إبراهيم» .. والأولى سيتم إيفادها إلى إنجلترا لدراسة الفن المسرحي الإنجليزي، والأخرى سيتم إيفادها إلى فرنسا! وحسم خليل مطران هذا اللغط – في حوار نشرته جريدة «البلاغ»، وفيه أجاب على سؤال حول زيادة عدد الطلاب والطالبات، قائلاً: “نعم سيزداد عدد الطالبات والطلبة. فهناك بعض ممثلات الفرقة يرون اللحاق بالمعهد، ليكون لهن نصيب في البعثات الخارجية لإتمام الثقافة المسرحية. ولن أحول بينهن وبين ما يطلبن. فهؤلاء يرغبن في اختصار الطريق إلى الغاية السامية التي ننشدها. أما الطلبة فهناك بعض الهواة يرون في أنفسهم الجدارة، ويطلبون إلحاقهم بالمعهد فوق العدد المقرر. ولن أحول أيضاً بينهم وبين ما يريدون؛ ولكنهم سيعاملون كمنتسبين فقط. ولن تُعطى لهم مرتبات كبقية الطلبة الأساسيين في المعهد، غير أننا سوف لا نحرمهم من دخول الامتحان الذي سيرسل الناجحون فيه إلى إنجلترا في بعثة فنية لأن غرضنا هو انتقاء المتقدمين”. ومع بداية الدراسة، أعلنت مجلة «الجامعة» أسماء الطالبات، مع تصنيفاتهن .. هكذا: طالبات المعهد «راقية إبراهيم، سامية فهمي، سحر»، والمنتسبات «زوزو حمدي الحكيم، روحية خالد، أمينة نور الدين».
كما نشرت مجلة «الجامعة» أيضاً البرنامج التدريسي في المعهد بكلية الآداب، وتمثل في: مقررات «علم النفس، وتدريس مبادئ، والأدب المسرحي» وسيقوم بتدريسها الدكتور عبد الواحد – وهو الدكتور علي عبد الواحد وافي – وكان من المفترض أن يقوم الدكتور طه حسين بتدريس «الأدب المسرحي»؛ ولكنه اعتذر لأسباب خاصة!! وكان من المفترض أيضاً أن يدرس الطلاب مقررات فرنسية، ولكن قسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب ما زال يبحث الأمر!! أما المقررات الدراسية الإنجليزية، فهي: «تطورات الدراما»، ويقوم بتدريسها «مستر سكيف»، ومقرر «برنامج مسرحي خاص» - وهو يشبه المشاريع الآن – ويقوم بتدريسه كل من: «مستر إيرفن، ومستر وليمز، ومستر سكيف»، وهؤلاء الثلاثة سيقومون أيضاً بتدريس مقرري «الشعر الإنجليزي والإنشاء». أما الدراسة العربية، فتتمثل في: مقررات «إلقاء وتعبير، ودراسة الأدب في العهد الجديد، وتراجم، ودراسة تحليلية وتطبيقية للمسرحيات النموذجية مترجمة ومؤلفة».
الامتحانات ونتائجها
مرت شهور الدراسة هادئة، فلم نقرأ عن المعهد كثيراً، ولم يلفت نظرنا أية أخبار غريبة، حتى أعلنت مجلة «الصباح» جداول الامتحانات وأسماء الطلبة، حيث لاحظنا أن المقررات الدراسية المُعلن عن مواعيد امتحاناتها تختلف عن أسماء المقررات التي تحدثنا عنها سابقاً!! ولعلهم أدمجوا مقررات في أخرى، أو استبدلوا مقررات بأخرى!! فقد أخبرتنا المجلة أن المقررات التي سيمتحن فيها الطلاب، وفقاً للترتيب الزمني، هي: عربي تحريري، إنجليزي وفرنساوي تحريري، تاريخ الدراما والمسرح في جميع أنحاء العالم منذ البداية حتى الآن، عربي شفوي، إنجليزي وفرنساوي شفوي. أما أسماء الطلبة، فهم: عباس يونس، محمد الغزاوي، حسن علي سالم، حسن حلمي، محمد توفيق، محمود السباع، عبد العليم خطاب، ومن الهاويات الآنستان: سحر وسامية، ومن الممثلات بالفرقة القومية السيدتان: زوزو حمدي الحكيم، راقية إبراهيم.
قبل ظهور نتيجة الامتحانات، انتشرت «شائعة» أشعلت النار في صدور الطلاب، فكتبوا جميعاً شكوى، تحدثت عنها مجلة «الصباح» في يونية 1938 - تحت عنوان «من طلبة معهد فن التمثيل إلى أعضاء لجنة ترقية التمثيل» - قائلة: “ عندما فكرت الفرقة القومية في تأسيس معهد فن التمثيل، نشرت إعلانات لاختيار خمسة من الهواة، يكونون نواة لتأسيس المعهد! يسافرون إلى إنجلترا لدراسة التمثيل بعد الامتحان الأول. واختير هؤلاء الهواة للمعهد بالفعل، وهم الذين يدرسون بالمعهد الآن. ولكن بعد أن انتهى الامتحان اتجهت النية – كما أشيع في الوسط المسرحي – إلى تسفير بعض الطلبة إلى إنجلترا لا جميعهم. فقدم الطلبة إلى أعضاء لجنة ترقية التمثيل شكوى، يتمسكون فيها بالإعلان المبدئي، الذي دخلوا المعهد على أساسه، وهو ضرورة سفرهم جميعاً إلى إنجلترا. ومن أهم ما جاء في هذه الشكوى أن أغلبية طلبة المعهد من الموظفين، وأنهم ضحوا بوظائفهم من أجل الدراسة في المعهد، سواء كانت هذه الدراسة في مصر أو في أوروبا. فليس من المعقول بعد هذه التضحية، أن يسافر بعض الطلبة إلى إنجلترا دون الآخرين”.
هذا الأمر لم يمرّ بسهولة!! فجميع الطلاب ظنوا أن نجاحهم هو جواز المرور للبعثة الكبرى إلى إنجلترا، كما حدث العام الماضي، وذهب جميع الناجحين في البعثة الصيفية!! ومن الواضح أن الوزارة قررت أن تنتقي بعض الطلاب، وهذا الانتقاء – من المفترض – أن يكون طبقاً للتفوق والتميز في الدرجات!! ولكن الواقع كان مختلفاً، فهناك احتمال أن الاختيار سيتم وفقاً لإجابات الطلاب في بعض الموضوعات الشائكة!! وربما مجلة «آخر ساعة» لمّحت بذلك في خبرها المنشور في يونية 1938، عندما قالت: “عقد في الأسبوع الماضي امتحان طلبة وطالبات معهد التمثيل. ومن بين الأسئلة التي وجهت إلى الطلبة سؤال طلب إليهم فيه «أن يقارنوا بين الروايات المحلية المؤلفة والروايات الأجنبية المعربة، وأيهما أحسن ليكون نواة صالحة لنهضة المسرح المصري». وأجاب الطلبة كلهم بأن الروايات الأجنبية هي نواة المسرح المصري. ولكن طالباً واحداً قال بأن الرواية المصرية الضعيفة خير من الرواية الأجنبية القوية! وهذا الطالب الشجاع هو «عبد العليم خطاب». ونحن لا نعرف هل نجح هذا الطالب في الامتحان أم رسب؟ وإن كنا نعرف أن رأيه هذا خير من آراء أعضاء لجنة ترقية التمثيل!”.
هذا السؤال تحديداً، استثمرته إعلامياً مجلة «الصباح» في أحاديث فنية مع طلاب المعهد حول الامتحان، وطرحت عليهم جميعاً هذه الأسئلة: «ما هو استعدادك للامتحان؟ وما هي المفاجآت والحوادث التي واجهتك بسبب ذلك؟ وعلى ماذا اعتمدت في تهيئة نفسك للنجاح؟ وماذا قلت في الإجابة على موضوع اللغة العربية، وأيهما فضلت: الرواية المحلية المؤلفة أم الرواية الأجنبية المعربة؟».
إجابات الطلاب
أول من أجاب على هذه الأسئلة، كان «عباس يونس»، فقال: لقد انقطعت للامتحان في أول الأمر، حيث تمكنت من كل ما كان علينا علمه ودرسه من روايات أو تاريخ، ثم رجعت مطمئناً إلى الأصدقاء أناقشهم في كل شيء إلا ما يتعلق بفننا وامتحاننا! إذ كنت أمقت ذلك كل المقت، ثم عدت أستذكر مرة أخرى. أما عن الحوادث والمفاجآت فكثيرة، منها أنني كنت كثير القراءة والاندماج في الروايات الإنجليزية أو المعربة، ولا يحلو لي ذلك إلا في مركبات الترام والأوتوبيس. ولطالما نشأ عن ذلك سوء تفاهم وضياع للمواعيد. ولم آسف على شيء من كل ما فاتني بسبب ذلك، غير فوات فرصة حضوري في اجتماع الجمعية العمومية بالمعهد الملكي للموسيقى العربية. وأصارحك القول بأني إنما أعلل نفسي بالنجاح لشيئين، أولهما إشباع رغبتي في الانتصار وحبي للمجد، وثانيهما نفع المجتمع بمواهبي وعلمي وتوفير الفرصة للاشتراك في بناء النهضة المرجوة للمسرح المصري وفنونه. وفي الامتحان انتصرت للروايات المعربة والتأليف الأجنبي وقلت بصلاحية الرواية الأجنبية، لأن تكون حجر أساس في بناء النهضة المسرحية، معللاً ذلك بسبق الغرب في هذا المضمار مستنداً إلى الأدلة التاريخية والأدبية، مُظهراً نقص كتابنا المحليين وافتقارهم إلى التجائهم إلى الدرس وتمحيص الروايات الكبيرة من أعمال أقدر مؤلفي الغرب، واتخاذهم منها مدارس تعلمهم أصول هذه الصناعة، وتمكنهم من قواعدها وتوقفهم على أسرارها .. ولكني رغم ذلك اختتمت كلامي بشكر لجنة ترقية المسرح على إفساحها المجال للمؤلفين المصريين حتى لا تخمد عزائمهم ولا يرتد ماء تفكيرهم. بل يظل يجري ولو متعثراً في منعرج قنواته حتى يأخذوا عن هؤلاء الفحول من الغربين أهل السبق، فيدفعوا صائب فكرهم بقوة من العلم والعرفان، فيتسع المجرى ويستقيم ويعذب المنهل ويرده الواردون، فيفيدون منه ما يثقف عقولهم، وييسر لنفوسهم أجواء الجمال فيحيوا كاملين، وتكمل باكتمالهم دولتنا مصر.
أما «محمد الغزاوي» فقال: كان استعدادي للامتحان كما يستعد كل طالب للإجابة .. وكنت من شدة عنائي أذاكر مستلقياً على فراشي فيغلبني النعاس ثم أذهب إلى عالم الأحلام. وطلبت في إجابتي على سؤال التأليف والتعريب، أن تسير الرواية المؤلفة جنباً إلى جنب مع الرواية المترجمة، حتى نصل في تأليفنا إلى درجة الكمال. وحينئذ لا نترجم من الروايات الأجنبية إلا ما حوت فكرة غريبة لم نطرقها، أو ما يدخل عنصراً جديداً في طريقة التأليف.
وقال «محمد توفيق»: لم أستعد للامتحان استعداداً خاصاً، فقد تعودت إنجاز عملي يوماً فيوماً فلم تواجهني صعوبات في نهاية الأمر .. والمفاجأة الوحيدة التي تعرضت لها كانت أثناء تأديتي لامتحان الأدب المسرحي، فقد اندمجت في السؤال الخاص بالمؤلف النرويجي إبسن وأثره في تطور الدراما في أوروبا، فلم أشعر إلا والأستاذ المراقب يجذبني من يدي لينبهني إلى مضي ثلثي الوقت المخصص للإجابة! فبذلت جهود الجبابرة لكي أجيب على باقي الأسئلة في الوقت المحدد لها، وقد وفقت والحمد لله. وأعلل النفس بالنجاح لاستكمال دراستي في الناحية التي أميل إليها. ناحية الأدب المسرحي. كما أعللها بأن تحوز يوماً شرف العمل تحت لواء المجاهدين في سبيل نشر الثقافة المسرحية والأدب المسرحي في مصر. ورأيي ألا نترجم من المسرحيات إلا ما يرى أدباء المسرح صلاحيته، كما أنه يُحاسب المترجم على أمانته وأسلوبه حساباً دقيقاً .. على أن يكون للقصة المؤلفة وافر الحظ من الدعاية والتشجيع، حتى تصل إلى الكمال من ناحيتها الفنية والأدبية.
وأجاب «حسن علي سالم» على أسئلة المجلة، قائلاً: الاستعداد للشيء نتيجة منطقية فلا تزد حفظك الله من أوجاع الامتحان. أما النجاح فإنني ألح في طلبه كآلاف الطلبة .. أما علة ذلك فتختلف عن كل نفس .. فأنا مثلاً أرى أو بتعبير أصح أتنبأ بانقلاب كبير .. لا في عالم السياسة .. بل في دنيا الفن .. ثورة بين الكواليس والمناظر وتحت الأنوار وخلف الستائر .. التوجيه الجديد للعمل الذي سيحتضنني حتى آخر حياتي .. إنه ليس هدماً أو تمرداً على البيئة الفنية .. حاشا .. ولكنه إصلاح .. أو تحسين .. أو بعبارة أخرى محاولات شاب ناشئ مفعم بالنشاط والأمل في رفع شأن المسرح .. لن أسكت على القديم .. ولن أرضى بالجديد .. وسوف أصعد على الفن إلى مدارج الرقي. أما الإجابة على التأليف والتعريب فقد اختلفت فيه الآراء. وأما ما كتبت أنا في ورقة الإجابة فهو “ إن نهضتنا المسرحية يجب أن تبنى على مزيج من الفن الأوروبي والطابع المصري. لن نقتصر على الترجمة لئلا نصبح مقلدين لا أكثر ولا أقل .. فتنعدم الملكات والقرائح .. وتزول قوميتنا .. ولن نقتصر على التأليف فهو الآن في مهده في حاجة إلى الرعاية والعناية .. فشيء من هنا وشيء من هناك .. وقليل من طوبنا الأحمر مع أسمنتهم المسلح تنشأ العمارة الضخمة”. هذا قولي ولقد ذكرته لحضرة الأستاذ الممتحن!
وقال «حسن حلمي» انكببت على استذكار المحاضرات في اللغتين العربية والإنكليزية، حتى أيقنت أنني قد أرضيت ضميري، وأديت الواجب الملقى على عاتقي. وأعتقد أنه لم تكن هناك حوادث أو مفاجآت تُذكر سوى حادثة واحدة، وهي إنني كنت حينما أستعيد ما قرأته أعتقد تماماً أنني نسيت كل شيء، وهذا ما كان يكدرني دائماً؛ ولكن ما حان وقت الامتحان، ووزعت علينا أوراق الأسئلة حتى تراكمت الإجابة على أفكاري، وكنت في حيرة بأي أبدأ بالإجابة. ولقد بنيت تعليلي بالنجاح على عدة أمور: الذاكرة، واعتمادي على نفسي وعلى الله في كل أموري، وميلي الشديد لهذا الفن وما يتعلق به. ولأن الموضوع متصل بنهضة المسرح بمصر لذا قلت رأيي الشخصي، وهو أن يمر المسرح المصري بفترة الترجمة أولاً، ثم التأليف! وبذلك يتحسن ذوق التأليف عن ذي قبل، ويزداد المحصول، فنخطو بالمسرح خطوات واسعة نحو النجاح والكمال.
من سيسافر؟!
ظهرت النتيجة، وأعلنتها جريدة «المصري»، قائلة: “ نجح في امتحان المسابقة الذي عقدته الفرقة القومية لطلبة معهد التمثيل الأفندية: محمد حسن توفيق، وحسن حلمي، ومحمد أحمد الغزاوي، والآنسة سامية، وسيسافرون إلى لندن في بعثة سنتين في أواخر شهر سبتمبر القادم للتخصص في فن التمثيل”.
شككت مجلة «روز اليوسف» في هذه النتيجة، وقالت في أغسطس 1938 تحت عنوان «مهزلة ما يدعونه معهد التمثيل .. معهد الوساطات وجبر الخاطر!!»: “ ظهرت نتيجة امتحان طلبة المعهد المذكور .. وطلبة المعهد عددهم سبعة ذكور وثلاث فتيات لا أكثر ولا أقل، فإذا بالنجاح يتأبط ذراع كل واحد منهم وحصوة في عين العواذل والحساد!! ونتيجة كهذه إذا دلت على شيء فعلى أن الامتحان أمر صوري، وعلى أن المعهد كذلك .. ولا فخر! ونتجاوز عن هذا لنقول: إنه ما أن تقرر إرسال بعثة إلى الخارج من طلبة المعهد، حتى قامت الوساطات تهز الوسط والساق، كعهدها في إلحاق الطلبة بالمعهد المذكور! فكان أن انتخب الأستاذ مطران – بطل التمثيل في هذا الزمان – ثلاثة من الشبان، وهم محمد حسن توفيق، وحسن حلمي، ومحمد الغزاوي، وترتيبهم بين الناجحين الأول فالثالث فالرابع، وتجاوز الثاني بين الناجحين وهو الجدع الغلبان «حسن علي سالم» .. وليه؟؟ لأنه ليست له واسطة، وليس النقيب خاله أو زوج والدته!! والأستاذ مطران لا يؤمن إلا بالوساطات من أصحاب المقام الكبير؛ لأنه هو بذاته مدين للواسطة ببقائه في إدارة الفرقة القومية. وإتماماً للفائدة نسجل هنا أسماء المبعوثين من الطلبة مع ذكر «الواسطة» التي ألحقت كلاً منهم بالمعهد، ثم ها هي تعمل على إرساله إلى الخارج: «محمد حسن توفيق» وواسطته فضيلة الأستاذ الكبير الشيخ المراغي!! «حسن حلمي» وواسطته سعادة حافظ عفيفي باشا!! «محمد الغزاوي» وواسطته رجال وزارة المعارف من الساعي الواقف على الباب إلى أكبر كبير!!”.
لم يثمر هذا الهجوم أية نتيجة، ولم يلتفت إليه أحد، وسارت الأمور في مسارها الطبيعي، ونشرت جريدة «البلاغ» خبراً، علمنا منه أن سليمان نجيب مدير الفرقة القومية بالنيابة، حدد للطلبة المسافرين موعد سفرهم في يوم 31 أغسطس! وقد تقرر لهم صرف مبلغ من النقود لكي يشتروا منه الأشياء التي يحتاجون إليها قبل مغادرتهم البلاد. أما مجلة «الشعاع» فقد حددت أن سفر الطلاب سيكون على مرحلتين، الأولى سيسافر فيها «محمد توفيق» و«سامية فهمي». وبعد أيام سيسافر الطالبان الآخران. كما ذكرت المجلة: إن محمد توفيق وسامية فهمي، سيتم ابتعاثهما “إلى معهد التمثيل في إنجلترا لدراسة العلوم النظرية فقط، وذلك استعداداً ليعودا مدرسين في المعهد الحكومي المصري أو في وزارة المعارف”.


سيد علي إسماعيل