العدد 667 صدر بتاريخ 8يونيو2020
أنهينا مقالتنا السابقة بمعلومة أن «قاعة محاضرات فن التمثيل» – في عامها الأول - لم يدرس فيها الطلاب إلا مقرر «تاريخ الأدب المسرحي» على يد الأستاذ علي عبد الواحد!! وتوضيح هذه المعلومة، تتمثل في أن جميع المقررات الباقية، كان امتحانها شفوياً، عدا مقرر «تاريخ الأدب المسرحي» كان تحريرياً. وإذا علمنا أن الطلاب لم يدرسوا طوال العام الدراسي سوى أقلّ من ثلاثة أشهر، سنتخيل الصورة العامة للدراسة في هذه القاعة!! فالعام الدراسي بدأ في يناير، والامتحانات النهائية كانت في مايو 1932!! ولو عدنا إلى ما ذكرناه، بأن الدراسة لم تكن منتظمة طوال الشهر الأول، وأن مجلة الصباح ذكرت بأن بعض المقررات لم تبدأ إلا بعد شهرين من بدء الدراسة!! بل وهناك معلومة جديدة، تقول: إن جورج أبيض تغيب عن التدريس شهراً كاملاً، بسبب سفره إلى باريس لتصوير فيلم «أنشودة الفؤاد»!! لهذا كله، كان الأستاذ علي عبد الواحد هو الأنشط تدريساً!!
علي عبد الواحد
وقف القدر ضد هذا الأستاذ وقفة عجيبة!! فمقرر «تاريخ الأدب المسرحي» كان سيدرسه في القاعة الدكتور طه حسين - كما كان يدرسه سابقاً في «معهد فن التمثيل» - ولكنه اعتذر اعتراضاً على تحويل المعهد إلى قاعة!! فانتدبت الوزارة الأستاذ علي عبد الواحد من دار العلوم، ليُدرس هذا المقرر، بدلاً من الدكتور طه حسين! وبالطبع سيقوم بتدريسه إلى طلاب وطالبات «معهد فن التمثيل»، الذين درسوا المقرر نفسه مع الدكتور طه حسين من قبل، ومن هنا كانت المقارنة، التي جاءت في صالح طه حسين! وبذلك وضعنا أيدينا على سرّ هجوم طلبة «فن معهد التمثيل» على الأستاذ علي عبد الواحد – الذي قرأنا عنه في المقالة السابقة – ونقلوا هذا الشعور إلى الطلاب المستجدين، الذين كانت لهم صولات وجولات مع هذا الأستاذ!!
ومنها على سبيل المثال: ما ذكرته مجلة «الصباح» - في أوائل يونية 1932، أي بعد الامتحانات مباشرة – قائلة: “قد شكا إلينا كثير من طلبة السنة الأولى والسنة الثانية من أسئلة تاريخ الأدب المسرحي”. وبعد أسبوعين تحدثت جريدة «أبو الهول» عن درجات الطالب أحمد البدوي في مادة «تاريخ الأدب المسرحي»، وأن تقريراً بخصوص هذا الموضوع، يتم بحثه في الوزارة!! وطوال شهري أغسطس وسبتمبر، نشرت مجلة «الصباح» عدة خطابات ومذكرات وشكاوى، كتبها الطالب «توفيق الخطيب» - وهو أيضاً طالب بمدرسة التجارة المتوسطة بالحلمية - يتظلم فيها من رسوبه في مقرر الأدب المسرحي، ويطالب بإعادة تقييم امتحانه مرة أخرى، ويقترح تشكيل لجنة لامتحانات مقرر «الأدب المسرحي» .. إلخ هذه الأمور، التي لم تسفر عن أية نتيجة.
هذه هي صورة علي عبد الواحد أستاذ مادة «تاريخ الأدب المسرحي»، وهذا هو شعور الطلبة وتصرفاتهم تجاهه في أول أعوام تدريسه في «قاعة محاضرات فن التمثيل»!! وبهذه الصورة، بدأ العام الدراسي الثاني، وأصبح الأستاذ علي عبد الواحد ومحاضراته وامتحاناته، مادة إعلامية خصبة، تتسارع الصحف والمجلات في نقلها، والحديث عنها، ومنها جريدة «الأهالي»، التي نشرت تفاصيل محاضرة له في نوفمبر 1932 بعنوان «الدراما المسرحية»؛ قالت فيها:
“ محاضرة ألقاها الأستاذ علي عبد الواحد في قاعة المحاضرات للسنة الأولى والثانية، فرأينا أن نلخصها إلى القراء، لما فيها من الفائدة لكُتّاب مسرح المستقبل .. كلمة درام تُطلق على كل قطعة مسرحية، خلافاً لما يظنه الناس من أنها خاصة بالروايات المحزنة. وللرواية نوعان: جدّية وغير جدّية، فالجدية ما توفرت فيها الشروط الفنية المسرحية، بما فيها من المُضحك والمُحزن. وغير الجدية ما لم تتوفر فيها تلك الشروط. وكل درام جدي يشتمل على ثلاثة أجزاء: «المقدمة» وفيها يعطي المؤلف للجمهور فكرة عامة عن أشخاص الرواية البارزين، ويشير إلى عقدة الرواية، وهي في الغالب لا تتجاوز الفصل الأول. «العقدة أو الحبكة» وهي قلب الرواية، يستعرض بها المؤلف حوادثه المشتبكة، وموضوعه المعقد، ويبعث في الجمهور الشوق لحل هذه العقدة بأسلوب طبيعي جميل جذاب. «الحل أو النتيجة» وهي حل عقدة الرواية وظهور نتيجتها، ويجتمع فيها تلك الطرق المختلفة التي تفرعت في العقدة. أما «أقسام الدراما الجدية» من حيث «تأثيرها على العواطف» تكون «تراجيديا»، وهو كل درام محزن، كانتقام شريف، أو زود عن الحق. ويجب في حلها أن يكون محزناً. ومثلها مثل جميع الروايات، التي تُعرض في مسارحنا الجدية تقريباً. «الكوميدي» درام مفرحة سارة من نشأتها إلى منتهاها. «الكوميدي دراماتيك» حوادثها مخلوط من التراجيديا والكوميدي، بها المُحزن والسار؛ ولكنها مفرحة النهاية. ومن حيث «طريقة تمثيلها» فلها أربع طرق: «الأوبرا» وهي تراجيديا كلها غنائية وتكون شعراً. «أوبرا كوميك» وهي الكوميدي والكوميدي دراماتيك، ولكن كلها غنائية. «أوبريت» وهي خليط من الكلام والغناء، تكون من الأنواع الثلاثة، تراجيدي وكوميدي وكوميدي دراماتيك. «دراما كلامية» وهي التي ليس بها غناء كأغلب الروايات التي تراها بمصر. ومن حيث «ما اقتبست منه»، وهي نوعان: «قصة» وتكون من أصل تاريخي كروايات المرحوم أحمد شوقي. «رواية» وهو ما أنشأها المؤلف من مخيلته، وشكّلها حسب مراده. ومن حيث «العصور التمثيلية»، نجد «العصر الكلاسيكي» وكان في عصور الإغريق والرومان والعصر السابع عشر تقريباً وأكثر رواياته من نوع القصة. و«العصر الرومانتيكي» وكان من القرن التاسع عشر، وأكثر رواياته من الرواية. وهذا النوع كان سائداً إلى وقت قريب، حتى تغلبت عليها الروايات العصرية البسكيولوجية”.
محاور هذه المحاضرة، عكست لنا قدرة الأستاذ العلمية على تدريس مقرر «تاريخ الأدب المسرحي»، وفقاً لظرف هذا العصر!! فالأستاذ اجتهد وقرأ وترجم، وأصبح أستاذاً قديراً باجتهاده الشخصي وسط اضطهاد إعلامي وطلابي من أجل إفشاله؛ لأنه النقطة المضيئة في قاعة المحاضرات، التي يسعى كثيرون إلى إفشالها وغلقها؛ حتى لا تصبح واقعاً مفروضاً، يُبعدهم عن أملهم في عودة المعهد مرة أخرى!! والدليل على ذلك ما نشرته مجلة «الصباح» - في مايو 1933 – قائلة: “ تحدد يوم 27 مايو الجاري لامتحان طلبة قاعة المحاضرات، وقد بدأ الطلبة يعلنون تذمرهم من الآن من امتحان الأدب المسرحي وصعوبته، واقترح بعض الطلبة أن يتضامنوا جميعاً لتنفيذ خطة معينة في حالة ما إذا كانت أسئلة الامتحان في مادة الأدب المسرحي ستكون في صعوبة العام الماضي”.
وفي أوائل يونية 1933، نشرت جريدة «أبو الهول» أسئلة امتحان مادة «تاريخ الأدب المسرحي»، مع التنويه بأن طلاب السنة الأولى، وجدوها أسئلة صعبة؛ لذلك قامت الجريدة بنشرها تأكيداً على صعوبتها، وهي كالآتي: “ (1) تكلم عما يشترط في القطعة التمثيلية بصدد الأمور الآتية: لغتها وأسلوبها، حوادثها، عدد فصولها، عدد ممثليها، أبطالها ولونها المحلي. (2) تكلم عن أظهر الأخطاء الفنية التي ارتكبها المرحوم شوقي بك في قصصه التمثيلية ممثلاً لما تقول. (3) تكلم عن نظام المسابقات التراجيديا عند قدماء الإغريق، وبيّن إلى أي حد أثرت هذه المسابقات في النهوض بالمسرح الأثيني”.
كان السؤال الثاني – الخاص بمسرحيات أحمد شوقي – موفقاً جداً، حيث إنه سؤال يُحفز الطلاب على العصف الذهني والتفكير الناقد .. إلخ أساليب التعليم المتطورة الآن، والتي ظهرت بوادرها في أوروبا في تلك الفترة، والتي تتناسب من قدرات الأستاذ علي عبد الواحد، كما سيتضح لنا فيما بعد!! ومن وجهة نظر مخالفة، نجد أن هذا السؤال غير موفق، لا سيما بعد عام واحد من وفاة أمير الشعراء أحمد شوقي!! وهذا هو غرض الجريدة من نشر الأسئلة، لأنها وجهت سهامها إلى الأستاذ علي عبد الواحد، قائلة:
“هذه هي الأسئلة التي وجهت إلى طلبة السنة الأولى، ولا نفهم مطلقاً ما هو الغرض من تحريض الطلبة على نبش قبر المغفور له شوقي بك، بدعوتهم إلى إظهار الأخطاء الفنية، التي ارتكبها! وقد يكون هذا السؤال بعيداً عن الغرض، لو وُضع في صيغة غير هذه؛ كأن يُقال مثلاً: هل لاحظت في روايات شوقي بك نقصاً فنياً؟ وما هو؟ أما الدعوة إلى الكلام عن أظهر الأخطاء، فهي بمثابة تقرير وجود أخطاء كثيرة، يُطلب الكلام عن أظهرها! والطالب حيال ذلك، يرى نفسه ملزماً بذكر ما يعتقد أنه خطأ، أو يذكر أي شيء يُنسب إليه الخطأ. ولقد كنا نود من حضرة الأستاذ عبد الواحد مدرس الأدب المسرحي بالقاعة، لو حفظ لشوقي بك ذكراه، فلم يعرض قصصه لنقد طلبة مهما كانت دراستهم فهم طلبة على كل حال!”.
بعد أيام قليلة، أرسل الطالب «عبد العظيم حجاج» ردّاً إلى الجريدة، التي نشرت منه ما يتناسب مع غرضها، قائلة وبأسلوبها: “ نشرنا نص أسئلة امتحان الأدب المسرحي لطلبة السنة الأولى بقاعة المحاضرات، وأخذنا على الأستاذ الفاضل علي عبد الواحد اقتراحه على الطلبة أن يدلوه على أظهر الأخطاء الفنية في روايات المغفور له أمير الشعراء، وقلنا إن الطلبة ليسوا في صف واحد مع أمير الشعراء حتى يجوز لهم نقده. وبمناسبة ما نشرناه وصلت إلينا رسالة بإمضاء عبد العظيم حجاج طالب بالقاعة، يدافع فيها دفاعاً حاراً عن نظرية الأستاذ علي عبد الواحد، ويجعله في مرتبة أعلى من مرتبة أمير الشعراء. ويقول إن شفقة الأستاذ عبد الواحد على كرامة شاعر العرب في قبره، جعلته يكتفي بالحديث عن رواياته، ولم يتعرض لشعره ولو فعل لما أبقى له شيئاً. وبلغت الجرأة بصاحب الرسالة أن يقول عن شوقي في رسالته إلينا، إنه وإن كان شاعراً إلا أنه لا يدري شيئاً عن قواعد المسرح! وقد كنا نقبل هذا القول، لو صدر عن الأستاذ يوسف وهبي، أو الأستاذ عزيز عيد. أما أن يصدر عن صاحب الرسالة المذكورة، فهذا ما لا يجب أن يكون، لا سيما وأنه ما زال يجلس مع الطلبة في قاعة تتبع وزارة المعارف، التي عرفت لأمير الشعراء قدره، فاحتفلت برئاسة معالي وزيرها بتأبينه، وقررت تدريس رواياته”.
ختام السنة الثانية
ظلت جريدة «أبو الهول» تهاجم القاعة وأستاذها علي عبد الواحد، ولم تتوقف عن هذا الهجوم، حتى وهي تنشر نتائج الطلبة، حيث قامت بتقديم العزاء لهم، بدلاً من التهنئة، فقالت ساخرة: “وأخيراً ظهرت نتيجة الامتحان في قاعة المحاضرات، فإذا بالناجحين من السنة الأولى 6 من 26 طالباً، وعدد الناجحين من السنة الثانية 9 من 17 طالباً. ولما كان ليس لطلبة هذه القاعة أي جزاء عن نجاحهم، غير أن تُنشر أسماؤهم؛ فإننا ننشرها هنا كعزاء لهم على ما تحملوا من عناء مدة عام كامل”.
ثم ذكرت الجريدة الأسماء وفقاً لترتيبهم من حيث التفوق، وهذه أسماء طلاب السنة الثانية: محمود سعيد السباع [الفنان المعروف]، عبد العليم خطاب [الفنان المعروف]، مصطفى البنداري، أحمد علي الظن، حسين صدقي [الفنان المعروف]، حسين محمد فياض، حسن لطفي المنفلوطي، محمد عبد العظيم، محمد أبو هاشم. أما أسماء طلاب السنة الأولى، فهم: عباس علي الأزهري، هلال عبد الحميد، عبد العظيم حجاج، قناوي إبراهيم، أحمد علي سالم [الفنان المعروف أحمد سالم]، محمود سعيد. وبمناسبة أسماء الناجحين نشرت الجريدة، خبراً قالت فيه: “ كان أساتذة التدريس بقاعة المحاضرات التمثيلية، قد أرفقوا مع نتيجة الامتحان طلباً موقعاً عليه بإمضاءاتهم إلى وزارة المعارف، يقترحون فيه منح الثلاثة الأول من الناجحين جوائز مالية. وقد نفذت وزارة المعارف هذا الاقتراح فعلاً، فمنحت محمود سعيد السباع الناجح الأول 5 جنيهات، وعبد العليم خطاب الناجح الثاني مبلغ 3 جنيهات، ومصطفى البنداري الناجح الثالث جنيهين”.
والجدير بالذكر إن جريدة «أبو الهول»، لم تفوت أية فرصة للنيل من القاعة وتشويه عملها، حيث قالت بعد نشر أسماء الناجحين: “ما أن ظهرت النتيجة، حتى تكرر في هذا العام ما حدث في العام الماضي، فالطلبة جميعاً، سواء منهم من نجح ومن سقط، يوجهون الانتقادات إلى القاعة ونظامها وامتحانها. فأحد الطلبة أرسل إلينا رسالة، يقول فيها: إن القاعة فاجأت طلبة السنة الثانية بدعوتهم إلى تأدية الامتحان في فن الإخراج، مع إنهم لم يدرسوه طوال العام!!”. واختتمت الجريدة موضوعها بتعليق قالت فيه: “لقد سبق أن وجهنا القول إلى وزارة المعارف لتلغي هذه القاعة، والآن نتوجه لأولياء أمور الطلبة ليحولوا بينهم وبين ضياع وقتهم في دروس، يقولون هم أنفسهم إنها تعلمهم الكسل والتواكل والثرثرة، وتفسد عليهم مستقبلهم، فيصبحون بلا عمل يمكن لهم مزاولته”.
ومن المحتمل أن مصطفى القشاشي – صاحب جريدة «أبو الهول»، ومجلة «الصباح» وغيرهما – استعان بآخرين في هجومه على القاعة! والاحتمال الأكبر إنه كان يكتب لهم، أو يكتب باسمهم، أو يكتب بأسماء وهمية لا وجود لها!! ففي أغسطس 1933، نشرت جريدة «أبو الهول» مقالة تحت عنوان «شكاوى واقتراحات إلى وزارة المعارف عن قاعة المحاضرات التمثيلية»، كتبها أو كتبتها «نور عابد»، وعرّفت نفسها، أو عرّف نفسه بهذه العبارة «نور عابد بقاعة المحاضرات التمثيلية»، وهذا نص المقالة:
“ذهبنا وذهبنا إلى القاعة، وواظبنا الحضور، وأخيراً تقدمنا للامتحان، ثم ظهرت النتيجة، ونجح البعض، ورسب البعض، ونشرت بعض المجلات أسماء الناجحين مقروناً بسيل من كلمات السخرية والاستهزاء. ورجع الذين رسبوا إلى منازلهم غير آسفين! لماذا سخرت المجلات بالناجحين؟؟ ثم لماذا لم يأسف الراسبون لرسوبهم؟ الجواب لأنه لا توجد نتيجة! لماذا ندرس؟ يقولون للتمرين؛ ولكن ما فائدة التمرين إذا لم يكن له نتيجة؟ ولنفرض أن أحد الطلبة استفاد من التمرين أكبر فائدة، وأصبح شيخ الممثلين! فأين يُمثل؟؟ المسارح لا تقبله لأنها مملؤة بالممثلين البارزين، فأين يشبع هوايته بالتمثيل؟ وهل يبني مسرحاً في منزله، ويدعي الخدم والحشم لمشاهدته، ثم يمثل لهم دور أبو زيد الهلالي، أو الشاطر حسن، أو ماذا؟ أجبني يا من خلقت ما يُسمى قاعة محاضرات! ثم ما معنى أنه مُصرح بدخول القاعة لأي إنسان؟ وعلى ذلك تجد الأُوسطا فلان جالساً بجوار الأستاذ فلان، وتجد فلاناً الذي لا يعرف يُفك الخط، جالساً بجوار فلان حامل الحقوق. ما معنى هذا؟؟ أجبني يا من خلقت القاعة؟ واقتراحاتي هي: يجب على إدارة القاعة ألا تقبل إلا حاملي الشهادة الابتدائية وما فوق، ويجب أن تجعل الوزارة نتيجة لعمل الطلبة في القاعة طول هذه السنين، فتكوّن من المتخرجين فرقة تمثيلية تطلق عليها اسم الفرقة الحكومية، وتعهد إلى الأستاذين زكي طليمات وجورج أبيض بإخراج روايات تنتخبها الوزارة لهذه الفرقة، ثم تمثل هذه الروايات على مسرح الأوبرا الملكية، ويحضرها الشعب والطلبة والموظفون بأجور مخفضة. ويجب أن تسمح الإدارة بدخول العنصر النسائي. لأنه لا يتم وجود مسرح وتمثيل روايات إلا بوجود العنصر النسائي. وهذه اقتراحاتي على وزارة المعارف وعلى إدارة القاعة، وأعتقد أن الجميع يوافقني عليها، وأرجو بل وألح في الرجاء أن تنفذ هذه الاقتراحات، وإلا فسيأتي اليوم الذي لا تجد القاعة فيه طالباً واحداً، ونجد جميع مقاعد الطلبة خاوية على عروشها”.
أسلوب هذه المقالة أرقى بكثير من أسلوب طالب من طلاب القاعة، كما أنها تحمل أفكار مصطفى القشاشي!! والغريب أنني لم أقرأ شيئاً عن هذا الطالب – أو الطالبة – ضمن أخبار القاعة وأحداثها! بل ولم أقرأ اسمه ضمن الناجحين!! ومن الممكن أن يكون من الطلاب المستمعين، أو من غير المقيدين!! والحق يُقال، فقد وجدت هذا الاسم بهذه الصفة «نور عابد بقاعة المحاضرات التمثيلية» منشوراً في جريدة «أبو الهول» مع خبر عنوانه «ميمي شكيب في رواية الهاوية»!! ولا يوجد وجه مقارنة واحد بينه وبين ما نُشر سابقة باسم «نور عابد»، مما يؤكد أن هذا الاسم، لا وجود له، ويستخدمه صاحب الجريدة حسبما يريد!! وهذا هو نص الخبر المنشور، والمكتوب بأسلوب «نور عابد»:
“أقامت جمعية أنصار التمثيل والسينما يوم الخميس الماضي على مسرح رمسيس، حفلة مثلت فيها رواية «الهاوية» للمرحوم محمد تيمور. واشتركت مع الجمعية لأول مرة السيدة أمينة شكيب، فمثلت الدور الأول في الرواية «رتيبة هانم». وهذه قفزة هائلة لها؛ ولكنها قفزتها بكل ثبات وهدوء، فقد مثلت تمثيلاً طبيعياً بديعاً للغاية، فسجلت بذلك رقماً مرتفعاً في عالم البطولة. وأنا أهنئها بهذا النجاح وأبشرها بمستقبل باهر في عالم المسرح. ورأينا أيضاً الآنسة زينب شكيب شقيقة ميمي، تمثل دور الخادمة. وقد أدت دورها على ما يرام. وبعد انتهاء الفصل الثاني من الرواية ظهر الدكتور فؤاد رشيد رئيس الجمعية، ومعه أغلب أعضاء الجمعية، وظهرت بجانبهم أربع باقات كبيرة من الورد الجميل، أهديت إلى السيدة ميمي شكيب من المعجبين بفنها ونجاحها [توقيع] نور عابد بقاعة المحاضرات التمثيلية”.