جولة فى مسارح العالم

جولة فى مسارح العالم

العدد 629 صدر بتاريخ 16سبتمبر2019

فى عام 1997 خرجت شركة ديزنى على جمهور السينما فى الولايات المتحدة والعالم بفيلم الرسوم المتحركة الشهير هرقل الذى يدور حول الأسطورة اليونانية الخاصة برجل مجنون يعتقد أنه نصف بشر ونصف إله. وكان فيلما بذل فيه مجهود كبير حتى أن إنتاجه استغرق خمس سنوات. ولتحقيق أعلى درجات الجودة ساهم فى كتابة القصة  لهذا الفيلم 12 كاتبا وقام خمسة أخرون بكتابة السيناريو. وهذا الرقم يزيد بأكثر من الضعف عن عدد الممثلين الذين قاموا بالأداء الصوتى للشخصيات الرئيسية (خمسة ممثلين فقط). هذا بالإضافة إلى طاقم الرسامين وتحريك الرسوم.

تكلف الفيلم وقتها 85 مليون دولار. ولم يزد إيراده عن 250 مليونا مما كان باعثا على الإحباط حيث رأى المنتج أنه إيراد يقل كثيرا عما كان يستحقه الفيلم الذى استغرق عرضه 93 دقيقة ، والمجهود الذى بذل فيه.
وما زاد من إحباط المنتج أن الفيلم لم يرشح سوى لجائزة واحدة فقط من جوائز الأوسكار. وكان ترشيحه عن أغنية “اقطع الطريق الطويل”. وحتى هذه الجائزة لم يفز بها الفيلم بل آلت إلى أغنية “قلبى سوف يمضى” التى جاءت فى فيلم تايتانيك.
التحدي على المسرح
والآن، وبعد أكثر من عشرين عاما جاءت فرقة ديزنى المسرحية وقررت خوض التحدى وتحويل هذه القصة إلى عمل مسرحى قادر على تحقيق النجاح الذى لم يحققه الفيلم قبل 22 سنة.
وقد بدأ بالفعل عرض المعالجة المسرحية على مسرح ديلاكورت فى برودواى. وحتى الآن تحقق هذه المعالجة نجاحا طيبا يفوق ما تحققه مسرحيات موسيقية أخرى تقدم على برودواى بميزانيات كبيرة.
  التزم  العرض المسرحى بسرعة الإيقاع التى تميز بها الفيلم الأصلى والتزم بنفس مدة الفيلم (90 دقيقة). كما أضيفت إلى المسرحية خمس أغان لم تكن فى الفيلم الأصلى. واحتفظ بأسلوب الراوية الذى تميز به الفيلم وبنفس الراوي وهو تشارلتون هيستون حيث استعان بصوته فقط لأنه رحل إلى العالم الأخر عام 2008.
الجديد فى المعالجة المسرحية التى كتبها كريستوفر دياز أنها تناولت أساس الأسطورة اليونانية بالسخرية الكوميدية وهو شخصية هرقل حيث كانت الشخصية تسخر من نفسها.  وجسد شخصية هرقل الممثل الأسمر الشاب “جيلانى علاء الدين” (27 سنة) وهو فى الوقت نفسه لاعب أكروبات وراقص تألق فى مسرحية فروزن العام الماضى فى دور كريستوف. وشارك فى المسرحية أيضا جيمس مونرو إيجلهارت الذى سبق وفاز بجائزة نوبل عن دور الجنى فى مسرحية علاء الدين. وقام بدور مدرب هرقل.  
فكرة جديدة
وكان روجر بارت الممثل الوحيد المشارك فى المسرحية من بين من شاركوا فى الأداء الصوتى للفيلم أيضا. وفى المسرحية يقوم بدور الملك الشرير هاديس الذى يسعى إلى إحتلال شعاب الأوليمب وقتل هرقل ابن شقيقه زيوس. ويتم تهريب الطفل الرضيع ليعثر عليه أبوان يعرفان حقيقته فيحنوان عليه ويقومان بتربيته حتى يكبر ويخبرانه بحقيقة ما حدث لأبيه على أيدى عمه. وبالإضافة إلى ذلك شارك فى العرض عدد من الهواة زاد عددهم عن المائتين وتراوحت أعمارهم بين 5 سنوات إلى 80 سنة. وتم اختيار هؤلاء من ثمانى مجموعات عرقية من المقيمين فى نيويورك وهم يتقاضون أجورا رمزية أو لا يتقاضون أجورا على الاطلاق.
وتميز الإنتاج بالبساطة رغم بعض الإضافات التقليدية مثل الهياكل العظمية والدمى الكبيرة. واستبعد المخرج ظهور هرقل على حصانه المجنح لصعوبة ذلك من الناحية الفنية ولو عن طريق الخدع البصرية المسرحية. وتضمنت المعالجة المسرحية بعض الإضافات حيث حاولت الإجابة عن سؤال مهم للغاية ...هل تكفى عضلات هرقل القوية كى تجعل منه بطلا أم لابد من إجادة استخدام هذه القوة فى الخير؟. كما يجب أن يهتم القائد بتوفير حاجات شعبه وتوفير الأمن له وهو ما تجسد فى إنقاذه لحبيبته من أسر عمه ومساعدة بارت فى استرداد أمواله. وتجلى ذلك فى أغنية طريفة يخاطب فيها أفراد الكورس هرقل قائلين “هل تستطيع عضلاتك أن توفر لنا مسكنا رخيصا”. وعالجت نفس السؤال أغنية طريفة أخرى بعنوان “يوم بارد فى الجحيم”. وساهم الأطفال وأغانيهم البسيطة فى إضفاء بعض الحيوية على العرض.
تذاكر المسرح للجميع
حوافز  بالنقاط  لحضور العروض
كورى تملك 15 بطاقة وشبكات الحوافز فى الطريق
ظاهرة بدأت تحير بعض المختصين بالمسرح وربما بعض علماء الاجتماع فى الولايات المتحدة. وقد تكون الظاهرة مالوفة فى المجال التجارى أو فى شركات الطيران أو الفنادق وغيرها. لكن عندما يكون ذلك فى المسرح يصبح الأمر بحاجة إلى دراسة متعمقة.
بدأت بعض الفرق المسرحية فى تطبيق نظام بطاقات الولاء أو حوافز المشاهدين Audience Rewards. وحسب هذا النظام يمنح حامل البطاقة نقاطا يصبح من حقه بمقتضاها  كل من يحضر عرضا أخر للفرقة بتخفيض. وإذا حضر العرض أكثر من مرة يحصل على نقاط تراكمية تتيح له دخول العرض مجانا ولقاء أبطال العرض ومصافحتهم. ومع تكرار حضور العروض المسرحية للفرقة سواء العرض الواحد أو العروض التالية  يمكن أن تزيد الجائزة لتصل إلى حضور بروفات عرض مسرحى قادم أو الجلوس فى الكواليس أو حضور دورات تنظمها الفرق المسرحية فى فن المسرح بجوانبه المختلفة من إخراج وكتابة للمسرح وتمثيل وملابس وإضاءة وغيرها وفى النقد المسرحى. ويحضر صاحب بطاقة الولاء هذه المحاضرات التى يحاضر فيها مشاهير المسرح  مجانا. وأحيانا يسمح لحامل البطاقة بدعوة صديق له ليدخل بسعر مخفض. وعلاوة على ذلك يمكن لحامل بطاقة الولاء الحصول على تخفيض فى عدد من متاجر السلسلة الشهيرة والمطاعم وغيرها.
إقبال كبير
وتلقى بطاقات الولاء إقبالا من جمهور المسرح حتى أن التقديرات تشير إلى أن عدة ملايين فى نيويورك وحدها يحملون بطاقات ولاء.  ويرى البعض أن هناك مبالغة فى الرقم حيث يوجد أشخاص يحملون بطاقات ولاء لأكثر من فرقة. وقد يحمل الواحد بعضهم أكثر من عشر بطاقات.
ويعكف البعض على دراسة تلك الظاهرة من عدة جوانب أهمها أن الإنتاج المسرحى مكلف ولا يشجع على تقديم هذه المزايا. والأصل أن الشخص العادى يشهد العرض المسرحى مرة أو مرتين فى المتوسط  مهما منحته الفرقة المسرحية من نقاط وحوافز. ويبرر المسئولون ذلك بأن المسرح من حق الجميع ويجب تسهيل مشاهدته بصرف النظر عن الأرباح.
وتتداول الصحافة الأمريكية عدة حالات من حملة بطاقات الولاء مثل حالة دونا كورى. وكورى مدرسة رقص تصف نفسها بأنها مدمنة مسرح وتحمل 15 بطاقة. وكان أحدث العروض التى شاهدتها باستخدام إحدى البطاقات مسرحية أوكلاهوما وهى مسرحية موسيقية من عيون الإنتاج المسرحى الأمريكى كتبها الشاعر الأمريكى لين ريجز (1899 - 1954)عام 1931 وعرضت لأول مرة عام 1943 ولا تزال تعرض منذ ذلك التاريخ بواسطة فرق مسرحية مختلفة وإن لم تعرض خارج الولايات المتحدة حتى الآن. المسرحية تدور أحداثها فى مزارع ولاية أوكلاهوما فى مطلع القرن التاسع عشر.
 وتقول كورى أنها شاهدت المسرحية عدة مرات فى عدة مدن، وهى تقدم أحيانا بطاقاتها للمتفوقين من تلاميذها لمشاهدة المسرحيات بأجور مخفضة حيث تعتبر الأمر نوعا من التدريب فى الوقت نفسه.
ويختلف نظام حساب النقط من فرقة لأخرى حيث يحصل المشاهد فى المتوسط على نقطتين مقابل كل دولار يدفعه. وأحيانا تبالغ بعض الفرق فتعطى حافزا مرتفعا يتراوح بين ألف إلى ثلاثة ألاف نقطة عن العرض الواحد خاصة فى بداية عروضها.
وتقول إحصائية مهمة أن هذا الأسلوب بدأ قبل عشر سنوات. ويستفيد منه حاليا فى نيويورك 2,6 مليون شخص مقابل 14 مليونا يحضرون العروض المسرحية فى برودواى وخارجها سنويا.
وتجرى حاليا دراسات لتطوير هذا النظام بحيث يمكن أن تشترك أكثر من فرقة مسرحية فى تقديم الحوافز بحيث يمكن للمشاهد أن يستفيد من الحوافز التى يحصل عليها من فرقة فى مشاهدة عروض فرقة أخرى. ويشير مسئول باحدى الفرق أنه تم حتى الآن تشكيل شبكة للحوافز تضم 41 فرقة فى برودواى وخارجها.


ترجمة هشام عبد الرءوف