مسرح «أون لاين» تكشف الوجه الآخر للمبدعين

مسرح «أون لاين» تكشف الوجه الآخر للمبدعين

العدد 659 صدر بتاريخ 13أبريل2020

«أيام العزلة» تلك المحنة التي يمر بها العالم في الآونة الأخيرة، جعلت الجميع يمكثون في منازلهم، دون حراك، كُتاب ، أدباء، حتى المسرحيون فرض عليهم ترك «أبو الفنون» ليظلون في منازلهم، منتظرين انتهاء تلك المحنة، ولكن بعض المسرحيون رأوا في العزلة والعزل ملاذًا آخر، وهو القيام بدورهم، كفانين لا يستطيعون الجلوس هكذا مكتوفي الأيدي، وأن يستمر حبهم واخلاصهم لأبو الفنون حتى في أيام العزل .
وهو ما جعل الثلاثى المخرج سامح بسيوني والمخرج محمد الطايع والفنان محمد عبد الصبور، يقوموا بعمل مقاطع تمثيلية كوميدية، وذلك لترفيه متابعينهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وايضًا في ظل العديد من المبادرات التي تحث على الالتزام بالمنزل وعدم الخروج.
فالمسرحيون أينما كانوا لديهم طاقات ابداعيه دائمة ومتجدة لا يمكن لأي وباء أن يقيدها، وفي هذا السياق يقول المخرج والممثل المسرحي سامح بسيوني:» أن دوره كفنان يحتم عليه ألا يقف هكذا مكتوفي الأيدي، وفي بداية أيام العزل ظهرت العديد من المبادرات في تحدي التمثيل، واظهار مهارات كل ممثل، وبدأت اللعبة المسرحية المنزلية بالتحدي، وبالفعل انخرطت أنا ومجموعة من الفنانين والمسرحيين في هذه التحديات، وظهر عدد كبير من الفنانين في مونولوجات درامية ، وكوميدية أظهرت حرفيتهم الفنية»
وتابع بسيوني مؤكدًا على أن المبادرة التي يقوم بها وهو وزملائه طايع وعبد الصبور هي قائمة على فكرة الترفيه والتسلية، وفي نفس الوقت تقديم محتوى فني جيد، وهو الأمر ليس بالهين أو السهل،فيسبق كل «فيديو» فترة من التحضير والتجهيز قد تستغرق عدة أيام وجلسات».
وعن مدى استقبال الجمهور لهذه الفيديوهات الكوميدية أكد سامح أنه لم يكن يتوقع كل هذا التفاعل من قبل الجمهور، وقد استطاعت الفيديوهات تحقيق نسب مشاهدة عاليه، حيث قال :» أن ما نقوم به الأن هو مشاركة مننا كفانين نحب المسرح، ونرفض البعد عنه، وأن الجميع يجب أن يشاركوا لأن دور الفنان لا يختلف عن دور الطبيب والمهندس والعالم في مثل تلك هذه الظروف التي يمر بها العالم».
وفي سياق متصل أوضح الفنان محمد عبد الصبور سوليت فرقة فرسان الشرق في دار  الأوبرا ومصمم الرقصات وأيضًا أحد المخرجين المعتمدين في الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن الجلوس في المنزل في ظل تلك الأزمة ما جعله يعمل على تطوير مهارته، لاسيما في ظل عدم وجود تجمعات، وهو ما جلعه يشارك مع صديقيه المخرج سامح بسيوني والمخرج محمد الطايع، في هذه الاسكتشات الكوميدية، أولاً من جانب تطوير مهارته، ومن جهة آخرى مشاركة الجمهور في أوقات العزلة والحظر والترفيه عنهم».
ويقول عبد الصبور أن هذه الاسكتشات التمثيلية تستغرق وقتًا كبيرًا لخروجها والتي تبدأ بطرح الأفكار المختلفة وابتكار الشخصيات واختيار الاكسسوارات والملابس التي تساعد على خروجها بشكل جيد، ومن الممكن أن يتم طرح أفكار عديدة، وفي النهاية وبالعمل الجماعي تخرج أفكار ومشاهد أخرى، وهذا هو فائدة العمل الجماعي، فكل منا يحاول أن يقدم أفضل ما لديه من أفكار تحمل معها مشاعر بهجة ورسالة في نفس الوقت».
مشيرًا إلى أنهم يجتمعون في أضيق الحدود ،إذا قال:» نحن نتفق على مواعيد محددة للمقابلة، وذلك بعد أن يكون كل منا قد قام بتحضير عدد كبير من الأفكار التي يمكن طرحها، كما أننا نقوم بتصوير المشاهد بكاميرا الموابيل «وان شوت» ولكننا نقوم بتصوير المشهد أكثر من مرة ، وبعد ذلك نقوم باختيار الأفضل ليتم نشره للجمهور عبر صفاحتنا بموقع التواصل الاجتماعي».
وعن سؤاله عن كيف خرجت الفكرة، وعما إذا ماكنوا يفكرون في استمرارها حتى بعد وقت العزلة  أوضح عبد الصبور :»أننا تعلمنا من الأساتذه الكبار أنه من قلب المحن تولد التجارب الابداعية ، وأننا الأن جزء من المحنة، فإذا رجعنا لأي تجربة لاسيما وإن كانت تجربة مسرحية أو فرقة نجدها ولدت وخرجت للنور بعد عناء كبير، مثل يوسف وهبي وزكي طليمات، فالعمل تحت ضغط قد يجعل التجربة أكثر ثراءً، واكثر تأثيرًا «
كما عبر عبد الصبور عن سعادته بردود الأفعال عن الفيديوهات الكوميدية ، مؤكدًا على أنه لم يكن يتوقع كل هذا الحجم من المشاهدة والمتابعة، حيث قال :»أن التجربة قد نالت اعجاب عدد كبير من المخرجين والنقاد، ومنتجي الإعلانات، وأعتقد أن ذلك بسبب المصداقية التي نقدم بها الحلقات، فكل ما يكتب من القلب يدخل إلى القلب».
وفي سياق متصل قال المخرج المسرحي محمد الطايع  عن خوضه لتجربة التمثيل :»أنه في الأصل ممثل وعمل في الكثير من العروض المسرحية وبعض الأفلام الروائية القصيرة، وبعض المسلسلات والتي كان أخرها مشاركته في مسلسل عوالم خفية، ولكن الإخراج هو الأكثر جذبًا له، وقد حققت الكثير من الإنجازات بالنسبة لمسيرتي الإخراجية».
وعن أسباب انضمامه لصديقيه «بسيوني وعبد الصبور» قال: «أن الجميع أصبحوا في منازلهم بسبب الأزمة الحالية، حتى نحن الفنانون، نلتزم المنزل بعد إغلاق المسارح وتوقف الأنشطة كلها، وهو ما جعلنا نفكر في كيفية ممارسة هوايتنا كفنانين ونحب الفن والمسرح في فكرة نتجتمع فيها سويًّا لنفيد الناس وفي نفس الوقت نقوم بممارسة هوايتنا التي تسير في عروقنا ولا نستطيع الاستغناء عنها بالرغم من العزلة والحظر الذي يتم في اطار التدابير الاحترازية في مواجهة فيروس كرونا، وهو ما جعلنا نفكر في كيفية اسعاد الناس وتوعيتهم في الوقت ذاته من خلال تمرير رسائل توعوية عبر الفيديوهات أو المشاهد التمثيلية» .
وعن طريقة العمل قال :»أننا في البداية نقوم بطرح عدة أفكار والتي يجب أن تكون قابلة للتصوير والعرض وفقًا لقلة الامكانيات المتاحة، ولهذا نقوم باستخدام كل ما يتوفر لدينا، ولهذا قمنا بابتكار شخصيات جديدة، والتي تظهر بالشكل الذي يتم عرضه، عن طريق استخدام بعض الاكسسوارات مثل الباروكة والطاربوس وبعض المساكات، بالإضافة إلى استخدام بعض المؤثرات المختلفة والتصوير الأبيض والأسود، وأعتقد أن ردود الأفعال على ما نقدمه هي جيدة».
وعن رأيه في التدابير الاحترازية في مواجهة فيروس كرونا أو «كوفيد -19» قال :» أننا لسنا من نمر بتلك الأزمة فالعالم كله يمر بأزمة كبيرة قد تهدد البشرية، ولكننا في نفس الوقت نريد ممارسة هوايتنا، فقد يستمر الوضع هكذا لمدة طويلة ولا نعرف متى سيخرج علاج للفيروس حتى نستطيع العودة لحياتنا مرة أخرى وممارسة أنشطتنا، وفي النهاية أن ما نقدمه نحن الثلاثة أو حتى المباريات الفنية التي تقدم من خلال العديد من المسرحيين في تحدي التمثيل كلها تُعد بمثابة تنفيس عن الطاقات الإبداعية الكامنة بداخل كل منا، كما أنها تًعد شيء جيد لطرح الممثلين أنفسهم بشكل مغاير عمَّا اشتهروا به» .
وعن رأيه في المبادرة التي أطلقتها وزارة الثقافة المصرية «خليك في البيت الثقافة بين غيديك» والتي يتم فيها عرض بعض العروض المسرحية النادرة، قال :» أعتقد أن المبادرة التي دشنتها وزارة الثقافة مهمة جدًا في ظل تلك الأزمة، وكل الشكل لجهود الدكتورة ايناس عبد الدايم على ما تقدمه من أفكار متطورة في ظل تلك الأزمة التي نمر بها، بأن تذهب الثقافة لكل المنازل وكل المترددين على مواقع التواصل الاجتماعي، كما انها تُعد فرصة كبيرة لمشاهدة عروض الأوبرا التي لا يستطيع الكثيرون في الذهاب إليها، وفرصة لنشر قيم الفن الراقي بداخل المجتمع»
وتابع طايع اعتقد أن تلك المحنة تجعلنا نفكر مجددًا في موضوع توثيق العروض المسرحية لاسيما عروض الشباب ، وعروض البيت الفني للمسرح، كما أن تلك الفترة هامة جدًا لظهور وجوه جديدة مما قاموا بالتمثيل في تلك العروض، وهذا ما يجعلنا أيضًا نلتقت لعملية توثيق عروض الثقافة الجماهيرية والتي يتخطي حجم انتاجها السنوي ما يقارب الـ 200 عرضًا مسرحيًّا سواء في التجارب النوعية أو تجارب القصور ونوادي المسرح، والتي ترفد الساحة المسرحية بالعديد من الشباب المبدعين والموهبين ، ولكن لا يتم تسليط الضوء عليهم بالقدر الكافي، وأعتقد أن الفنان ياسر صادق رئيس المجلس القومي للمرسح والموسيقى والفنون الشعبية منذ توليه منصبه وهو يقوم بدور كبير في هذا الشأن، وأعتقد أننا من الممكن على ايجاد صيغة قانونية تتيح عرض تلك المسرحيات عبر شاشات التليفزيون والفضائيات المختلفة، على نفس الطريقة التي يتم بها عرض عروض مركز الإبداع للمخرج الكبير خالد جلال»


سمية أحمد