«عرايس قماش» لمجدي مرعي بمركز توثيق أدب الطفل

«عرايس قماش» لمجدي مرعي بمركز توثيق أدب الطفل

العدد 636 صدر بتاريخ 4نوفمبر2019

تحت رعاية د. إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة والدكتور هشام عزمي رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، عقد مركز توثيق وبحوث أدب الطفل بالإدارة المركزية للمراكز العلمية برئاسة الدكتور أشرف قادوس، الملتقى الشهري لمبدعي ونقاد أدب الطفل حول نص مسرحية “عرايس قماش” تأليف مجدي مرعى أدار الملتقى الكاتب إيهاب قسطاوى،
ناقش الكتاب د. كمال الدين عيد أستاذ المسرح بكلية الطفولة المبكرة، جامعة القاهرة، والناقدان المسرحيان أحمد خميس وأحمد هاشم.
أشار د. أشرف قادوس إلى أن هدف الملتقى هو عمل لقاءات بين المبدع والناقد وبين الكاتب والرسام والمتلقي، وما بين المتخصصين وغير المتخصصين، حتى تعم الاستفادة الجميع. أضاف: مناقشة الأعمال الأدبية للطفل تثري الحركة الأدبية للطفل وتسفر عن إنتاج أعمال جديدة، كما أن رأى المناقشين يعد إضافة حقيقية للعمل المقدم.
وأكد على أن وجود نقاد لمناقشة الأعمال الخاصة بالطفل أمر في غاية الأهمية، لقلة الكتابات النقدية في مجال أدب الطفل.
وأشاد الكاتب إيهاب قسطاوي بالجهد المبذول من قبل القائمين على العمل في مركز توثيق وبحوث أدب الطفل، مشيرا إلى أنهم يتمتعون بخبرة كبيرة. وأوضح خلال حديثه أن أحد أهم المفاجآت السارة إصدار المركز لسلسة كتب الأطفال خلال الفترة القادمة ستتخصص في توثيق تاريخ مصر بشكل معاصر يناسب أبناءنا الذين أصبحوا في أمس الحاجة إلى قيمة حقيقية نفتقدها بعيدا عن النماذج المستوردة.
وتابع قائلا: نعاني من أزمة كبيرة تشتد معها وتيرة العنف في شوارعنا وبيوتنا وهذا ناتج من افتقاد للقيم الحقيقية داخل مؤسساتنا التربوية.
أوضح أن الطفل المصري في حاجة إلى إعادة صياغته من جديد، وهو ما يقوم به مركز توثيق وبحوث أدب الطفل من خلال هذه السنة الحميدة التي يتبعها شهريا بمناقشة أحدث الإصدارات واستضافة أساتذة مشهود لهم بالكفاءة.
فيما قال الناقد أحمد هاشم: اطلعت على إصدارات الكاتب مجدي مرعي الأولى للطفل وقمت بكتابة مقدمة لمجموعة له عام 2010 مؤكدا اهتمام الكاتب الخاص بمسرح الطفل في مدارس الإسماعيلية حتى أصبح على رأس التوجيه المسرحي بها وهو ما يؤكده أيضا إخراجه في مسارح الثقافة الجماهيرية ومؤخرا نشره لهذه المجموعة «عرائس قماش» التي لمست عقب قراءتها تواصل جهوده لمسرح الطفل الذي يعاني من قصور شديد يتمثل في قلة عدد كتابه وقلة الجيد مما ينشر، وهو ما ينعكس على العروض المسرحية التي نشاهدها في القاهرة وخارجها.
أشار هاشم إلى أن الثقافة الجماهيرية تقدم ما يقرب من 70 عرضا مسرحيا للأطفال سنويا في كل المحافظات، وهو كم كبير ولكن الكثير منه لا يناسب الملتقي الذي يتم إنتاج هذه العروض من أجله وهو الطفل، وهذا يرجع لعدة أسباب منها عدم وجود كاتب واعٍ بأدب الطفل ومسرح الطفل تحديدا، وذكر هاشم أن الكاتب توفيق الحكيم عندما عرض عليه كتابة مسرح للأطفال قال إنه أصعب من مسرح الكبار لأنه يحتاج إلى مواهب وقدرات خاصة لا تتوفر لأحد إلا إذا كان كاتبا موهوبا ولديه جرأة.
وعن مجموعته الأخيرة “عرايس قماش” قال: تضمن الكتاب خمس مسرحيات تتسم بإحساس المخرج أيضا، مشيرا إلى أنه عندما يقوم مؤلف بالإخراج فإنه يرى أفكاره تتحرك على خشبة المسرح، وهي إشكالية كل مؤلف يقوم بالإخراج، إذ لا يقوم بالكتابة بشكل منفصل، لأنه يرى الصورة التي ستقدم على خشبة المسرح. وهذه هي النقطة الأولى التي وضعت يدي عليها في «عرايس قماش».
وعن المسرحية الأولى التي تحمل عنوان “مؤثرات صوتية” قال هاشم: هذه المسرحية تعتمد على تيمة أساسية وهي أن الأمانة شيء مهم، وفي نفس التوقيت وضع تيمة فرعية أخرى وهي تيمة الحرية، كما أنه يلفت الأنظار إلى أهمية المكتبة في حياة الأطفال. وأشار إلى الطفلة التي تقرأ كتابا عن الحرية قبل نومها، وهو ما يجعلها تجيد لتعامل مع اللص الذي جاء ليسرقها.
أما الناقد أحمد خميس فأكد على أننا نعاني في مصر من مشكلة عدم القدرة على تقديم عروض مسرحية مخصصة للطفل، حيث تعاني المؤسسات الكبيرة التي تتصدى للإنتاج المسرحي في مصر من عدة مشكلات تخص المباني والتقنيات الخاصة بإنتاج هذه النوعية من العروض وعلاقة العروض بالجمهور. أضاف: فعندما تنتج عروضا جيدة للأطفال لا تجد الجمهور العريض الذي من الممكن أن يتفاعل معها، مشيرا إلى أنه قدمت مؤخرا مجموعة من العروض في البيت الفني للمسرح والبيت الفني للفنون الشعبية بإنتاج سخي.
وأشار خميس إلى ضرورة أن تقوم المؤسسات بالاستعانة بالأجهزة التقنية المتطورة التي تناسب عروض الأطفال، خاصة وأن الطفل لديه الكثير من وسائل الترفيه وهو ما يمثل تحديا كبيرا ويتطلب مشاركة المؤسسة بقوة، كما يتطلب المساندة الإعلامية للإعلان عن ما ينتج وما يقدم للطفل.
وعلى الصعيد الفني أوضح الناقد أحمد خميس أن أغلب ما يقدم من نصوص مسرحية للطفل يغلب عليها الطابع التعليمي، وباهتة التكوين ولا تملك خيالا واسعا لجذب الطفل، مؤكدا أن قليلا من المؤلفين هم من يطلعون على الكتابات المختلفة والمتطورة، وأن «الآن وهنا» فكرة غائبة عن الكثير من الكتاب والمؤلفين لمسرح الطفل.
وعن نصوص الكاتب مجدي مرعي “مؤثرات صوتية” و”الصديق الأمثل” و”مونودراما فل يا فل” و”عرايس قماش”، تعتمد في المقام الأول على وجود طفل يعيش قصة بسيطة داخل الفكرة التي يقدمها.
وعن مونودراما «فل يا فل» قال خميس إنها تقدم حكاية فتاة تقف في الميادين لبيع الفل، وتحاول أن تطرح مأساتها ومشكلاتها، فهي تعاني الفقر ولكنها معتزة بنفسها، تجد حقيبة لسيدة عجوز بها مال فترد لها حقيبتها.
أضاف خميس: أحيي الكاتب لكتابة مونودراما لطفل، تحمل فكرة بسيطة، وهو شيء مميز ويعد جرأة شديدة من الكاتب مجدي مرعي، على الرغم من أن النص لم يقدم احتكاكا حقيقيا باللحظة الراهنة وبما يعانيه الكثير من الأطفال المشردين.
وتساءل خميس: لماذا لا تقترب النصوص من الموضوعات الحقيقية، مؤكدا على أنه كلما اقتربت النصوص الخاصة بالطفل من المشكلات والقضايا الخاصة بالمجتمع، كلما كان ذلك أفضل للمجتمع.
وتابع: كان هناك ضرورة لأن يقترب الكاتب أكثر من المجتمع ويتعرف على المشكلات والقضايا الخاصة بهؤلاء الأطفال، فهناك أبحاث اجتماعية تحدثت عن المآسي التي يعيشها هؤلاء الأطفال ومن المهم أن يقترب النص المسرحي ويتشابك مع هذه المشكلات ويطرحها.
وعن مسرحية “عرايس قماش” قال: اقترب الكاتب أكثر من المشكلات الخاصة بالأطفال وباللحظة الراهنة، فقدمها بوعي مناسب، مشيرا إلى أن شاغله كان: كيف يقدم الطفل بنفسه حكايته من خلال ألعاب درامية محببة، مثل فكرة الاستعانة بعروسة قماش، التي عرض من خلالها مشكلات الأطفال مع أسرهم والتسلط الحادث من بعض الأسر على أطفالهم.
أما الدكتور كمال الدين عيد فأشار إلى أن المونودراما عبارة عن موقف درامي يضم مجموعة من الصراعات الفكرية داخل الفرد يحاول أن يعبر عنها.. وأن أدب الأطفال هو النوع الأدبي الوحيد الذي لديه قصدية في كتابته.
أضاف: لذلك فعند الكتابة للأطفال فإن هناك عددا من الأسئلة يجب أن يقوم الكاتب بالإجابة عليها: لماذا يكتب وما هو هدف الكتابة التي يكتبها هل هو هدف معرفي؟ وهل ستكون الكتابة بشكل تربوي لتعليم سلوك بعينه أو قيمة اجتماعية أو مجموعة قواعد.
والتساؤل الثاني وهو الأكثر خطورة: لمن نكتب؟ هل سنكتب لمرحلة رياض الأطفال أم الطفولة المتوسطة أم الطفولة المتأخرة؟
وضرب د. كمال الدين عيد عدة أمثلة من الكتابات التي قدمها للمراحل المختلفة. وتابع: وهناك تساؤل ثالث وهو: من سأكتب عنه؟ وما هو النموذج الذي سأقدمه؟ وكيف تكون الشخصيات؟ وما علاقة كل ما سبق بالمتلقي.
وأخيرا: كيف نكتب؟ لأن لكل مرحلة عمرية طريقة في الكتابة، وأسلوب ولغة محددين، وكل ذلك في إطار من الترفيه المحبب المناسب.
 

 


رنا رأفت